د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية
من منا لا يحتاج الذهاب إلى الشهر العقاري على الأقل لعمل توكيل فأنت تحتاج التوكيل لتأسيس شركة أو لتمثيل أحد الأفراد أو الجهات أو للبيع والشراء إلى آخره من احتياجات المواطنين للذهاب لمكاتب الشهر العقاري وهنا تبدأ رحلة المعاناة وتتجسد تلك المعاناة في المظاهر التالية.
1. ضياع الوقت إذ إن عدد مكاتب الشهر العقاري أقل من احتياجات المواطنين وسير العمل بها عادة ينظمه مدير أو مديرة المكتب ويكون أحيانًا وفق المزاج العام وسلوك المواطنين.
وفي أرقى مكاتب الشهر العقاري يعطي المواطن رقمًا لدوره وينتظر ساعة أو ساعتين أو ثلاثًا ويمكن عند دور المواطن أن يفاجئه الموظف بأنه غير مستوفي الاوراق أو الشروط. بالإضافة إلى ما سبق فإن دورة عمل التوكيل من ملء النماذج بالبيانات ثم الذهاب للمدير للتأشير ثم الموظف المختص للمراجعة وموظف آخر لتقدير الرسوم والدفع في الخزينة والرجوع للموظف الأول>
وأخيرًا إن حالفك الحظ تصل لمرحلة التوثيق عند المدير مرة أخرى و»تنفد بجلدك» فرحًا بالحصول على المستند اللازم لإجراء مصالحك وحزينًا على ضيباع يوم عمل كامل على الأقل.
وإذا تم حساب قيمة الوقت للمواطنين المتكدسين بمكاتب الشهر العقاري يوميًّا مضروبًا في أجرة كل منهم نجد أننا نهدر الملايين بهذه الطريقة دون قصد.
2. منذ عامين تقريبًا أو أكثر صدر قرارًا بالبصم على صفحات التوكيل عدة بصمات بحبر عادة ما يحاول المواطن التخلص من آثاره بطرق غير حضارية بالمرة ولا أعلم من صاحب القرار لكن من المؤكد أنه غير متواكب مع القرن الحالي فلا يعقل أن نطلب من المواطن في القرن الحادي والعشرين البصم على الأوراق فتلك متطلبات قرن مضى ولا أعلم عن أي دولة في العالم المتحضر تطلب من مواطنيها البصم على الأوراق حتى الآن إلا مصر.
3. عدم وضوح وشفافية الطريقة التي تقدر بها الرسوم فهي في عقل الموظف ولا تكون معروفة مسبقًا للمواطن وهذا حقه فرسوم التوكيل تتوقف على متغيرات كثيرة وقد يغير لفظ واحد تلك الرسوم.
4. لا توجد قاعدة بيانات رقمية أو حتى ورقية للتوكيلات مما يجبر المواطن على التعامل مع مكتب بعينه ويتحكم مدير المكتب في المواطن حسب محل إقامته أو حسب مزاجه إن وقع محل الإقامة وسط عدة مكاتب. غياب قاعدة البيانات يجعل من الصعب جدًّا التحقق من صحة التوكيل أو سريانه عند تنفيذ الخدمات بموجب ذلك التوكيل.
هناك حلول كثيرة لنبدأ بالأبسط ثم الأكثر تعقيدًا وكلفة ولكن لا مفر من تطبيقه لخدمة المواطن ولوضع مصر في الصورة اللائقة بها ولإحراز تقدم في قوائم الدول الأكثر سهولة في إجراءات الأعمال.
أولًا: يمكن استخدام تطبيق لاختيار المكتب الأقرب لعنوان المواطن ثم اختيار الدور من التطبيق والذهاب إلى المكتب في الدور أو قبله بفترة قصيرة وتوفير وقت الانتظار وهذا التطبيق تكلفته لا تذكر في مقابل القيمة التي ستحصل عليها الدولة بتوفير المهدر من الوقت.
ثانيًا: توضيح كل المستندات المطلوبة لكل أنواع التوكيلات على موقع خاص وتوفير صور رقمية من النماذج الواجب استيفاؤها على ذلك الموقع حتى يتسنى للمواطن ملء تلك النماذج وإن كانت النماذج وسيلة لجمع الرسوم يمكن جمعها بصورة لانقدية من الموقع أيضًا وهذا توجه الدولة بصفة عامة.
ثالثًا: يجب فورًا وقف التعامل بالبصم وإن لزم الأمر هناك ماسح ضوئي إلكتروني لقراءة البصمات وهو غير مكلف وتتعامل به كل السفارات والمطارات في العالم وإزالة آثار تلك البصمات بإعادة طلاء الحوائط.
أخيرًا فالصورة التي نرغب الوصول إليها هو أن تكون تلك التوكيلات رقمية وتكون هناك قاعدة بيانات مركزية لتلك التوكيلات ويمكن تقديم المستندات مسبقا للموظف والدفع إلكترونيًّا والذهاب فقط للتحقق من المستندات واستلام التوكيل فقط. قاعدة البيانات ستقضي على عدد لانهائي من المشاكل التي تنتج من عدم التحقق من صحة وسريان التوكيل وتتيح للمواطن التعامل مع أي مكتب بغض النظر عن الموقع الجغرافي.
هذه هي الصورة التي أراها تليق بمكانة دولة بحجم مصر وتخفف عن المواطن والموظف أيضًا معاناة غير لازمة لكلاهما.