بقلم أحمد رضوان ـ رئيس تحرير جريدة حابي
كَشفت الجمعيةُ المصرية للأوراق المالية الأسبوع الماضي تفاصيل المقترحات التي قدمتها لوزارة المالية لتنشيطِ البورصةِ المصريةِ، وكان قوامُها الرئيسي خفض الالتزاماتِ الضريبية عن المستثمرين وكذلك الشركات المقبلة على القيد والطرحِ، ولمن لم يطلِّع على تفاصيل المقترحات، ففي قلب هذا المقال ملخصٌ بها.
لا شكَّ في أن الإعفاءاتِ والحوافزَ الضريبيةَ لها تأثيرها في مختلف القطاعات الاقتصادية وليس سوق المال وحدها، ولكن لا شكّ أيضًا في أن تأثير هذه الإعفاءاتِ سيظلُّ مرهونًا بأمرين على درجة تكاد تكون متساويةً في الأهمية، الأول هو مدى تأثير الضريبة فعليًّا على رواج قطاعٍ اقتصادي ما بالإيجاب أو السلب، وبوضوح أكثر يمكن أن نسأل هل الضريبة هي المعضلة الرئيسية في تراجع جاذبية سوق المال؟
أما الأمرالثاني الذي يجب مراعاته عند التعامل مع الالتزامات الضريبية هو المساواةُ في تطبيقها وعدم التفرقة بالتمييز على أساس جنسيةِ المُمول أو كما في حالتنا الآن جنسية المستثمر بالبورصة، بمعنى أنه لا يتمُّ فرض التزامٍ ما على المستثمر المصري يجعله أقل انجذابًا للبورصة من نظيره الأجنبي، أو العكس، أو التفرقة على أساس المقيمين وغير المقيمين.
وإذا كان هناك ما يشير إلى عدم ضرورة توحيد المعاملة الضريبية في أسواق المال بصورة تحقّق المساواةِ بين المستثمرين على اختلاف جنسياتهم وإقاماتهم، فلنفتح مناقشة واسعة حول ذلك، فربما لم يوفق كاتب هذا المقال في الوصول إلى ما يؤكد ارتفاع جاذبية أسواق المال حال تعاملها ضريبيًّا بأكثر من آليةٍ مع المستثمرين.
السوقُ الأمريكية تتعاملُ بضريبةِ الأرباح الرأسمالية بأسلوبٍ واضح يفرّق بين المستثمرين على أساس فترة الاحتفاظ بالأسهم، ويُقدم مزايا محددة وواضحة في مختلف الحالات، مَن يحتفظ بالسهم لفترة تزيد على العام يُحاسب على عوائده بأقل بنحو 20 نقطةً مئوية عن ضريبة الدخل المطبقة (يدفع نحو 15% ضريبة عن أرباحه الرأسمالية)، أما مَن يقرر بيع أسهمه قبل مرور عام فسيدفع ضريبة الدخل العادية كاملةً (ربما تصل إلى 35%). وفي الحالتين لا تحسب الضريبة إلا عند البيع فعليًّا ولا توجد ضريبةٌ عن إعادة تقييم الأسهم دون بيعها. وفي حالة الخسارة لا توجد ضريبة من الأساس.
هناك 4 مزايا ظهرت في الفقرة السابقة من شأنهم تنشيط البورصة، الأولى هي تشجيعُ المستثمرين على الاحتفاظ بالأسهم لمدة لا تقل عن عامٍ، الثانية أنه لا تمييز بين جنسيتك وأي جنسية أخرى أو كنت مقيما أو غير مقيم، وبالتالي ستستفيدُ السوق من السيولة الوافدة من الخارج، ثالثًا أنه لا ضريبة دون تنفيذ أو على جميع التعاملات حتى الخاسرة منها، أما الميزة الرابعة هي الوضوح وتقليل الإجراءات اللازمة للتحوّط والتتبع.
ربما يرى البعض أن السوق الأمريكية غير معبرة عن وضع الأسواق الناشئة التى تحتاج للمزيد من الحوافز، ولكن، هناك أسواق ناشئة تتمتع بنشاط وسيولة كبيرة رغم عدم وجود حوافز ضريبية للمتعاملين والشركات المقيدة بها، ومنها روسيا وجنوب أفريقيا.
لست هنا بصدد الدعوة إلى تطبيق أى من النماذج السابقة أو غيره، ولكن ما أدعو إليه هو الاستفادة من تجارب أسواق المال الراسخة بصورةٍ لا تجعل إجراءات تحقيق هدف ما مؤثرة بالسلب على أهداف أخرى، وأعتقد أنَّ المعاملة المختلفة بين المستثمرين حسب الجنسية -حتى لو لم تكن تفضيلية-، هي قرار غير قابل للحياةِ في هذا العالم الذي تتشابكُ قواعده وتشريعاتُه المالية يومًا بعد يومٍ.
نعود الآن إلى السؤالِ الرئيسي هل الضرائب هي المُعضلة الرئيسية في تراجع جاذبية سوق المالِ؟
عزيزي القارئ اسمحْ لي أن أجعلك تجيب بنفسك عن هذا السؤال بالمشاركة بالتعليق على هذا المقال عبر قيامك بترتيب العوامل الستة التالية حسب درجة تأثيرها على أداء سوق المالِ:
1 ـ منافسة أوراق الدين الحكومية في مختلف الأسواق على جذب أموال المستثمرين بأسعار فائدة مميزةٍ.
2 ـ تراجُع نمو أرباح وتوزيعات عدد كبير من الشركات.
3 ـ ارتفاعُ جاذبية العقارات كأداةٍ استثمارية وتنوّع برامج وآجال تمويلها.
4 ـ القواعد والتشريعات المنظّمة والمراقبة لسوق المال.
5 ـ ضريبة الدمغة النسبية.
6 ـ تأخر تفعيل المنتجات والأدوات المالية الجديدة مثل الشورت سيلنيج والتحوط والمشتقات.
ربما تكون هناك أسبابٌ أخرى أقلّ أو أكثر أهمية، ولكن هذا ما رآه كاتبُ المقال مهمًّا من وجهة نظره، ويمكنك عزيزي القارئ أيضًا أن توضّح وجهة نظرك، حتى نستفيدَ منها في المقالاتِ التالية، كما نرجو منك تقييم فترة أداء البورصة بعد الإعلان عن تثبيت سعر ضريبة الدمغة النسبية عند 1.5 في الألف.
ملخص مقترحات الجمعية المصرية للأوراق المالية
ــ إعفاء المستثمرين الأجانب من ضريبة الأرباح الرأسمالية بالكامل لتجنب التعقيدات الحسابية معهم .
ــ إعفاء المستثمرين المصريين والمقيمين من ضريبة الدمغة بالكامل.
ــ إعفاء كافة عمليات الشراء والبيع فى نفس الجلسة ومثيلتها من ضريبة الدمغة أو الأرباح الرأسمالية سواء للأجانب أو المصريين حسب الأحوال.
ــ تحصيل نسبة واحد في الألف فقط تحت حساب ضريبة الأرباح الرأسمالية للمصريين والمقيمين شريطة أن لا تتجاوز ما تم خصمه عن 10% من الأرباح الرأسمالية المحققة فعليا وليس دفتريا (ليس على ارباح غير محققة).
ــ تطبيق ضريبة الدمغة على الأجانب بواقع حد أقصى واحد في الألف.
ــ لن يفتح ملفات ضريبية مطلقا للمتعاملين فى سوق الاوراق المالية .
ــ مصر للمقاصة تقوم بالرد مرة أخرى للمستثمرين المصريين ما تم تحصيله من نسبة واحد في الالف الذي يزيد عن 10% من الأرباح المحققة فعليا وفى حالة غير ذلك يكون التوريد لمصر للمقاصة دون غيرها .
ــ تم تقديم مقترح لتنشيط سوق الطروحات للشركات الخاصة يشمل خفض ضريبى بواقع 50% من الضريبة العامة للشركات لمدة 7 سنوات فى حالة طرح أى شركة خاصة ما لا يقل عن 35% من أسهمها فى اكتتاب عام طبقا للشروط التي تضعها البورصة وتعتمدها الهيئة العامة للرقابة المالية .
ــ منح 50% إعفاء على ضريبة التوزيعات النقدية للشركات المقيدة فقط .
ــ معالجة التشوهات الضريبية في المادة 53 بما يبيح إعفاء عمليات اعادة الهيكلة بين الشركات التابعة والقابضة المملوكة لنفس المجموعة بغرض الطرح في البورصة.