رويترز
جاء ترشيح كريستين لاجارد لرئاسة البنك المركزي الأوروبي يوم الثلاثاء ليدفع صندوق النقد الدولي إلى الدخول في عملية بحث مبكرة وغير متوقعة عن مدير جديد للصندوق، وسط حرب تجارية مستعرة أدت إلى قتامة آفاق النمو العالمي.
وقالت لاجارد في تصريح مقتضب إنها ”شرفت“ بالترشيح، وإنها ستتخلى مؤقتا عن مهام منصبها كمديرة عامة لصندوق النقد الدولي خلال فترة ترشيحها.
ويتوقف تعيين لاجارد على موافقة البرلمان الأوروبي الذي يشهد انقسامات. وفي حال الموافقة، ستتولى لاجارد مهام منصبها رئيسة للبنك المركزي الأوروبي خلفا لماريو دراجي اعتبارا من 31 أكتوبر.
وتنتهي ولاية لاجارد الثانية، ومدتها خمس سنوات، في منصب مديرة صندوق النقد الدولي في يوليو 2021. وفي سبتمبر الماضي، سألت صحيفة فايننشال تايمز لاجارد عما إذا كانت مهتمة برئاسة البنك المركزي الأوروبي، فأجابت ”لا وألف لا“.
وقال مجلس إدارة صندوق النقد الدولي في بيان إنه قَبِل قرار لاجارد بالتنحي مؤقتا، وعين النائب الأول لمدير الصندوق ديفيد ليبتون مديرا له بالإنابة، معبرا عن ”ثقته الكاملة“ في الخبير الاقتصادي الأمريكي.
ولم يتضمن بيان المجلس أي تفاصيل حول البحث عمن سيخلف لاجارد في إدارة الصندوق.
* بدء التكهنات
غير أنه في واشنطن، تركزت التكهنات بشأن المرشحين المحتملين لخلافة لاجارد بالفعل على شخصيات أوروبية من بينها أولي رين محافظ بنك فنلندا المركزي، وفرانسوا فيليروي دي جالهاو محافظ البنك المركزي الفرنسي، وينس فايدمان رئيس البنك المركزي الألماني، وبنوا كور عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي.
ويشير بعض المحللين أيضا إلى أن دراجي، الذي سيكمل عامه الثاني والسبعين قبل مغادرته البنك المركزي الأوروبي، قد يكون مرشحا محتملا لرئاسة صندوق النقد الدولي في عملية مبادلة للمناصب مع لاجارد البالغة من العمر 63 عاما.
وعادة ما يكون مدير صندوق النقد الدولي أوروبيا، بينما يكون مدير المؤسسة الدولية الشقيقة البنك الدولي الذي أُنشئ أيضا في نهاية الحرب العالمية الثانية من الأمريكيين. وفي بعض الأوقات، سعت أسواق ناشئة كبيرة لكسر هذا الاحتكار الثنائي والتقدم بمرشحيها.
لكن مارك سوبيل، وهو أمريكي ومدير تنفيذي سابق بصندوق النقد الدولي، قال إنه لا يرى إمكانية حدوث تغيير هذه المرة، وبصفة خاصة بعدما نال ديفيد مالباس مرشح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئاسة البنك الدولي الموافقة بدون صعوبات في أبريل.
وتابع سوبيل ”الاحتكار الثنائي قائم.
”لم يعارض الأوروبيون مالباس لأنهم يتشبثون برئاسة صندوق النقد الدولي، والولايات المتحدة لن تعارض من سيختاره الأوروبيون للصندوق“.
وتتمتع الولايات المتحدة بقوة تصويت نسبتها 16.5% في مجلس صندوق النقد الدولي، ومن ثم تملك حق النقض (فيتو) الفعال على قرارات الصندوق.
لكن هيذر كونلي، نائبة الرئيس لشؤون أوروبا وأوراسيا لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ترى أنه في ضوء تقلص تأثير أوروبا في الاقتصاد العالمي فقد تضطر في نهاية المطاف إلى التخلي عن قيادة صندوق النقد الدولي.
وعرقل وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين دراسة إعادة تخصيص الحصص في صندوق النقد الدولي، وهو ما كان من شأنه أن يُزيد التمويل ويمنح الأسواق الناشئة الكبيرة مثل الصين والبرازيل والهند مزيدا من النفوذ.
وبرحيل لاجارد، سيفقد صندوق النقد الدولي مدافعا لا يعرف الكلل عن فوائد التجارة والنمو العالمي الذي يدعم الطبقات الفقيرة والوسطى وتمكين المرأة.
وأمضت لاجارد معظم هذا العام في التحذير من تباطؤ النمو العالمي الناجم عن حرب الرسوم بين الولايات المتحدة والصين، والتي يقدر صندوق النقد الدولي أنها ستخفض الناتج الاقتصادي العالمي بنحو 0.5%.