محسن عادل: المرحلة الثانية من الإصلاح أقوى .. وستشهد إجراءات وحوافز مختلفة
الدولة أعادت صياغة دورها بالاقتصاد وهيأت البنية التحتة والتشريعية والمالية خلال المرحلة الأولى.. ولديها الرغبة حاليًا في وضع نظرة جديدة للأداء الاقتصادي
ياسمين منير ورضوي إبراهيم
كشف محسن عادل الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة عن ملامح المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي والتي يرى أنها ستكون أقوى، ومن المرتقب أن تشهد اتخاذ إجراءات متعددة ومختلفة، وفقًا لرؤية مختلفة لوضع الأداء الاقتصادي وآليات وحوافز تنشيط الاستثمار.
وقال عادل في تصريحات خاصة لجريدة حابي: “أتصور أن الأمور حاليًا تحتاج أن ننظر إليها من عدة اتجاهات، يتصدرها ضرورة إعادة تطوير النظرة الشاملة الاقتصادية».
وأوضح عادل أن مصر استطاعت خلال السنوات الأخيرة تنفيذ بنية تحتية قوية وكذلك إعادة صياغة الدور الذي تلعبه الدولة داخل الاقتصاد، علاوة على وضع بنية تشريعية كبيرة وإعادة هيكلة المالية العامة، مع تحرير السياسة النقدية إلى حد كبير، قائلًا: “هذه الأمور معناها ببساطة أننا أصبحت لدينا الرغبة في وضع نظرة جديدة للأداء الاقتصادي».
التوسع في المناطق الصناعية بعد إعادة النظر في آليات تسعير الأراضي.. والاهتمام باقتصاد المعلومات على نطاق واسع
وأضاف عادل أن الفترة المقبلة تتطلب التوسع في المناطق الصناعية باعتبارها من الأمور الهامة خلال الوقت الحالي، ما يستدعي إعادة النظر في آليات تسعير الأراضي وهو ما تعمل الدولة حاليًا على إنجازه، كما لفت إلى أهمية التوسع في اقتصاد المعلومات بشكل واسع النطاق، وكذلك تشجيع الاستثمار في الصناعات التكنولوجية داخل مصر.
مراجعة الحوافز المنصوص عليها بقانون الاستثمار لربطها بالصناعات بدلًا من قصرها على المناطق جغرافية
وقال عادل: “نحتاج لإعادة النظر في آليات الحوافز المنصوص عليها بقانون الاستثمار، والعمل على ربطها بشكل أكبر بصناعات بدلًا من قصرها على مناطق جغرافية معينة مثلما هو الحال في الوقت الحالي، إلى جانب البدء في التفعيل السريع للإجراءات التي من شأنها تشجيع الشركات على التوسع بعمليات التصدير بالتزامن مع هيكلة منظومة دعم الصادرات، والعمل بصورة أكبر على تدعيم البنية اللوجيستية المتعلقة بالنقل وخاصة النقل البحري والجوي».
وأوضح أن الحوافز المستهدفة سترتبط بنوع الصناعة نفسه، وتتضمن توفر تسهيلات متعددة على صعيد تسهيل الحصول على الأراضي والمرافق وكذلك زيادة مساحة الخدمات المقدمة، وتدريبات متخصصة للعمالة وأشياء مماثلة أخرى.
تخفيض تكلفة التمويل عبر تنشيط سوق المال والأدوات المالية غير المصرفية بما في ذلك البورصة وسوق السندات والصكوك ومنصات التمويل الجديدة
وأضاف عادل أن المحور الثاني الواجب التركيز عليه خلال المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح يتمثل في آليات التمويل المتوافرة بالاقتصاد المصري، قائلًا: “الاقتصاد المصري يعاني معاناة طبيعية كغيره من الأسواق الناشئة في ظل الاعتماد بشكل أساسي على التمويل الذاتي أو الاقتراض المصرفي، وهذا الوضع يتسبب في ارتفاع التكلفة بشكل واضح جدًّا خلال الفترة الحالية، ما يستدعي التركيز بشكل أكبر على تخفيض تكلفة التمويل وامتصاص الضغوط».
وأشار إلى أن تخفيض تكلفة التمويل ستعتمد على تنشيط سوق المال والأدوات المالية غير المصرفية بما في ذلك البورصة وسوق السندات وصكوك التمويل ومنصات التمويل الجديدة في مصر، حتى تكون البديل الأنسب في عمليات التمويل، بما يساهم بشكل أكبر في تخفيض مستويات التكلفة على الشركات.
استهداف التضخم كاستراتيجية رئيسية للدولة حتى تنخفض معدلات الفائدة ويرتفع النمو لتخفيف الضغوط على المواطن
أما على صعيد المحور الثالث الواجب التركيز عليه خلال المرحلة الجديدة، قال رئيس الهيئة العامة للاستثمار: “نحتاج الاستمرار في استراتيجية استهداف التضخم، على أن تكون الاستراتيجية الرئيسية للدولة خلال الفترة المقبلة حتى ينخفض مستواه، وبالتبعية تخفيض معدلات الفائدة، وزيادة معدلات النمو بما يقلل من الضغوط والأعباء على المواطنين”.
وأضاف أن المحور الرابع يتمثل في ضرورة التشجيع القوي لصناعة المكونات والمنتجات الأساسية التي ما زلنا نفتقدها في مصر، موضحًا أن مصر لديها صناعات كبيرة وقوية ولكنها لا تمتلك الصناعات التي تبدأ من الصفر من خلال تصنيع مكوناتها، الأمر الذي يحتاج إلى قدر من إعادة الهيكلة.
تنقية التشريعات والاعتماد على التكنولوجيا بالجهاز الإداري وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وربطها بالاقتصاد العالمي.. محاور هامة
وشدد عادل على ضرورة الاستمرار في عملية تنقية البنية التشريعية بشكل عام خلال المرحلة الحالية، وكذلك الاعتماد بصورة أكبر على التكنولوجيا في الجهاز الإداري للدولة، معتبره من الأمور الهامة التي تتطلب تركيزًا كبيرًا خلال الوقت الحالي.
كما أكد عادل على أهمية تشجيع الصناعات الصغيرة المتوسطة وكذلك ربطها بالاقتصاد العالمي، قائلًا: “مصر حاليًا تمتلك إمكانيات كبيرة قادرة على ربطها بالاقتصاد العالمي، لكن هذا الأمر يحتاج إلى أكثر من ذلك».
وأضاف عادل أن مصر تروج نفسها الآن بصورة واضحة على كونها ملاذًا آمنًا للاستثمارات الهاربة من الأسواق المحيطة، وهو أمر يحتاج أن يدعم بشكل أكبر عبر التخفيف نسبيًّا من الإجراءات الإدارية بالإضافة إلى الإسراع والدفع بحوافز أكبر خلال الفترة المقبلة، إلى جانب إجراء المزيد من جولات الترويج التي تتم حاليًا لتنشيط عملية جذب الاستثمار”.
تحسين تصنيف مصر بتقرير سهولة ممارسة الأعمال على صعيد مؤشر التجارة عبر الحدود.. أولوية
كما أشار إلى أهمية العمل على تحسين تصنيف مصر بمؤشر سهولة ممارسة الأعمال، خاصة على صعيد مؤشر التجارة عبر الحدود، علاوة على ضرورة تشجيع ضخ السيولة المتوافرة في القطاع المصرفي بالاقتصاد في شكل استثمارات محلية.
الاستثمار الأجنبي المباشر لم يتراجع.. وإلغاء القيود على التحويلات وراء ارتفاع رصيد التدفقات الخارجة وتراجع الصافي
وحول أسباب تراجع رصيد صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالي 2018-2019 والبالغ نسبته نحو 22.7% وفقًا لتقرير ميزان المدفوعات الأخير الصادر عن البنك المركزي، قال عادل: «الاستثمارات لم تتراجع، فقد سجلت الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى مصر نحو 10.5 مليار دولار، وهو يعد من أعلى الأرقام التي حققتها مصر خلال الفترة الماضية، في حين يخضع هذا الرقم لخصم التدفقات الخارجة من مصر للوصول إلى صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يعطي مؤشرات غير صحيحة عن تراجع الاستثمارات».
وأشار عادل إلى أن إلغاء القيود التي كانت مفروضة على تحويلات الأموال للخارج، إلى جانب إلغاء العمل بصندوق ضمان خروج استثمارات الأجانب بالأوراق المالية، دفع شركات كثيرة لتحويل جزء من أموالها في صورة توزيعات أرباح أو تحصيل القروض المساندة التي قدمتها للشركات التابعة لها في مصر خلال الفترة الماضية، مما زاد من حجم الاستثمارات الخارجة من مصر ما أثر على الرصيد النهائي لصافي الاستثمارات رغم الزيادة التي شهدها حجم التدفقات الاستثمارية الوافدة مقارنة بالفترات السابقة.
وبلغ صافي الاستثمار المباشر في الفترة من يوليو 2018 إلى مارس 2019، نحو 4.65 مليار دولار، مقابل 6.02 مليار دولار في نفس الفترة من العام المالي السابق.