مستقبل الاقتصاد ومستقبل الشركات

بقلم أحمد رضوان ـ رئيس تحرير جريدة حابي

هل من الممكنِ أن تختلفَ حركةُ الاقتصاد عن أداء الشركات؟ بكلّ تأكيد نعم، ففي أعقاب الأزمة المالية العالمية، واجه الاقتصادُ الأمريكي موجةَ ركود أدَّت إلى تراجعٍ كبير في الطلب على الوظائف، ولكن في الوقت نفسه، انتعشت أسهمُ الكثير من الشركات بفضل نموّ أرباحها.

E-Bank

ارتضت الحكومةُ الأمريكيةُ وقتها أن تدفع مقابل الحفاظِ على حياة الأرباح، ربما يكون مصطلحُ حياة الأرباح غير دارج، لكنه كان معبرًا بشدّة عن هدف الحكومة الأمريكية في هذا الوقت، ارتضت الحكومة أن تضخَّ حزم إنقاذ ضخمة في سبيل، ليس فقط حماية الشركات، وإنما أيضًا الحفاظ على نمو أرباحها.

السؤال الأهمُّ، هل من الممكن أن يحدثَ العكس؟ بمعنى هل ينمو الاقتصاد بصورة مطّردة وفي الوقت نفسه تتأزم الأوضاع المالية لقطاعات بعينها أو تتراجع الربحيةُ أو تتحول للخسارةِ؟

بالتأكيد أيضًا هذا الوضعُ من الممكن أن يحدث، وليس علينا في هذه الحالة البحث عن نماذج خارجية، ففي الوقت الذي تدور فيه معدلات نمو الاقتصاد المحلي حول 5.6%، وتتراجع معدلاتُ البطالة إلى حدود 8%، تعكس سوق المال أداء لا يعبِّر عن هذا النمو، وهناك قطاعات يفترض أنها تقع في قلب الرواج مثل صناعة الأسمنت والحديد وموادّ البناء، تشهد تحدياتٍ كبيرة في الوقت الذي ينتعش فيه قطاع البنية التحتية والإنشاءات والسوق العقارية عمومًا.

تابعنا على | Linkedin | instagram

ربما تكون هناك خصوصيةٌ وظروف استثنائية تمر بها هذه القطاعات، ولكنّ أسباب الرواج الذي يفترض أن تكون عليه استثنائية أيضًا، فليس من الطبيعي أن تشهد دولة هذه الكثافة في عمليات البناء في وقت وجيز، سواء على مستوى إنشاءات البنية التحتية أو بناء أكثر من 14 مدينة وتجمعًا عمرانيًّا جديدًا بخلاف توسعات المدن القائمة، النمو المطّرد في أسعار العقارات في حد ذاته عنصر مقاومة كبير لأي ركود محتمل في مبيعات هذه الشركات.

حركة الصادرات أيضًا تقدِّم زاوية أخرى ربما تكون أكثر تعبيرًا عن العلاقة بين النمو الاقتصادي ورواج مبيعات الشركات، فالتراجع الذي شهدته الصادرات غير البترولية في التسعة شهور الأولى من 2018/2019 لا يتناسبُ مع التنافسية التي اكتسبتها السلع بعد تعويم الجنيه وانخفاضِ قيمته لأكثر من النصف.

هل نحن في حاجةٍ لمؤشرات معبرة عن أداء الشركات بصورة أكبر؟ بكل تأكيد، هناك حاجة ملحّة لرصد حجم المخزون ونصيب الصادرات من إجمالي المبيعات، ودرجة التحسن في إنفاقِ المستهلكين واتجاهاته، والطلب المستقلبي على المواد الخام.. هذه البيانات ضرورية لاستكمال النمو وأوجهه واستدامته أيضًا.

الرابط المختصر