لسه فيه فايدة

د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية

تعرف الفائدة بأنها سعر الحصول على أموال وكأي سلعة هناك سعران سعر البيع وسعر الشراء والبيع هنا هو القروض والشراء هو سعر الودائع وكأي سلعة لأي تاجر يكون سعر البيع أعلى من سعر الشراء وما بينهما من المفترض أن يغطي نفقات التاجر ويحقق هامش الربح المطلوب.

E-Bank

ويعرف السعر بأنه نقطة تلاقي العرض والطلب فكلما زاد العرض وقل الطلب نقص السعر وكلما قل العرض وزاد الطلب زاد السعر.

في عالم البنوك هناك على الأقل ثلاثة مستويات أساسية من الأسعار «الفائدة» الأول هو سعر الخصم المعلن من البنك المركزي الذي له هدفان رئيسيان يتلخصان في حماية وتحفيز الاقتصاد القومي وحماية المتعاملين في سوق المال.

وسعر الخصم هو إحدى الأدوات الرئيسية التي يستخدمها البنك المركزي في السياسات الاقتصادية إذ إنه مؤثر جدًّا في زيادة ونقص السيولة المعروضة في سوق المال.

والبنك المركزي نظريًّا له القدرة على إقراض البنوك بكميات كبيرة لإنقاذها وتدخلاته معروفة في الأزمات المالية والاقتصادية ومن أشهرها أزمة 2008 التي ضخت فيها البنوك المركزية المليارات لإنقاذ البنوك والاقتصاد العالمي والمحلي من مشاكل نقص السيولة.

إلا أن البنوك المركزية تفضل أن تكون الملاذ الأخير للبنوك وتحبذ أن تقترض البنوك من بعضها أولًا قبل اللجوء إلى المركزي. هذا هو ثاني مستوى ويعرف بفائدة الإنتربنك.

وضعت أولى لبنات آليات تحديد أسعار الإنتربنك بمصر بأوائل الألفية الحالية بالتعاون مع رويترز التي شرفت بالعمل بها آنذاك وبالاشتراك في تلك الآلية. أما عن المستوى الثالث فهو سعر الفائدة الخاص بالعامة من الشركات والأفراد وهو سعر الودائع والقروض المقدمة من البنوك لعملائها.

في معظم الأحيان يقوم المستوى الثالث في تسعير وتحديد الفائدة على المستويين الأول والثاني ولذلك تترقب الدول إعلان بنوكها المركزية عن أسعار الفائدة بصفة دورية لأنها المحرك الرئيسي لسوق المال ويحاول الخبراء جاهدين التوقع والتنبؤ بما ستسفر عنه تلك الاجتماعات والإعلانات للجنة الفائدة بالبنوك المركزية.

وعلى أساس سعر الخصم وآليات العرض والطلب يتحدد يوميًّا سعر الإنتربنك. وعلى أساس سعر الخصم وأحيانًا الإنتربنك وآليات العرض والطلب تتحدد دوريًّا أسعار الودائع والقروض للأفراد والشركات.

ومن الطبيعي أن يرتفع السعر في كل مستوى عن المستوى السابق لتغطية النفقات وتحقيق هامش الربح أيضًا إذ تعتمد البنوك على الودائع والقروض من المركزي أو الإنتربنك في تمويل الطلب على القروض للأفراد والشركات.

كما سبق اختبرنا الفائدة المرتفعة جدًّا وكيف كانت غير محفزة للاستثمار والنشاط الاقتصادي للأسباب التالية:

1.قلة الاستثمارات المتاحة التي يمكنها أن تدر عائدًا أعلى كثيرًا من معدل الفائدة «20%» آنذاك مع وجود مخاطر الاستثمار في مقابل عائد مضمون تقريبًا خال من المخاطر في البنوك. مما أدى إلى أحجام الكثيرين ذوي الفوائض في رؤوس الأموال أمام العائد المغري الخالي من المخاطر.

2.ارتفاع تكلفة الاستثمار المبني على الاقتراض. فمعظم الأنشطة التجارية والصناعية تعتمد على الاقتراض للتمويل القصير والطويل الأجل. وارتفاع الفائدة هو ببساطة ارتفاع تكلفة التمويل وبالتالي ارتفاع الأسعار. وإن وصلت مستويات ارتفاع الأسعار إلى مستوى معين يقل أو ينعدم الطلب على السلع وتتحول الشركات إلى الخسارة ويقل عدد الوظائف المتاحة ويتم التخلص من جزء من العمالة وتزيد البطالة.

3.تعتمد أسواق السيارات والعقارات والسلع على التمويل المصرفي وارتفاع التمويل يعني ارتفاع التكلفة وركود تلك الأسواق والكيانات التي تغذيها.

4.الإحجام عن الإنفاق غير الضروري في مقابل الإغراء المقدم من العائد المرتفع فمن الأفضل أن يستثمر العميل أمواله ويؤجل شراء السلع غير الضرورية وبالتالي يعاني الاقتصاد من الركود نتيجة ردود أفعال العامة للفائدة المرتفعة.

قام المركزي يوم الخميس الماضي بالإعلان عن خفض الفائدة بمعدل واحد ونصف بالمئة وسط ترحيب الخبراء للأسباب التي سبق وذكرتها في وجود الفائدة المرتفعة.

وفي الوقت نفسه تخوف المستثمرون الذين يعتمدون في معيشتهم وإنفاقهم على عوائد مدخراتهم والتي سوف تنخفض عند تجديدها في ميعاد الاستحقاق.

معظم البنوك المملوكة للدولة قامت بتخفيض العائد على شهادات الأفراد والتي يدار كثير منها لصالح الدولة بمقدار واحد بالمائة على الرغم من تخفيض المركزي واحد ونصف بالمئة.

رأيي أن تلك الخطوة أيضًا محسوبة فعلى الرغم من حرص المركزي على تحفيز الاستثمار بخض الفائدة إلا أن الدولة حريصة على تقليل آثار تلك الخطوة بقدر الإمكان على الأفراد الذين عانوا طويلًا من التضخم المرتفع نتيجة السياسات المالية والنقدية والضريبية.

أخيرًا أتمنى انخفاض الأسعار لاحقًا استجابة لتلك الخطوة والتي تلت تحرك سعر الصرف أيضًا كما استجابت بسرعة فائقة لارتفاعهما في الماضي.

الرابط المختصر