أمنية إبراهيم
عقد مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، اجتماع دورته الاعتيادية الثالثة والأربعين، التي يستضيفها البنك المركزي المصري، يوم الأحد الماضي، في القاهرة، برعاية وحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء.
وافتتح اجتماع الدورة، طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، بكلمة ترحيبية، كما ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة في الجلسة الافتتاحية، ركزت على جهود الإصلاح الاقتصادي والمالي في مصر، ونتائجه.
وأكد طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، في كلمته، أن أعضاء مجلس محافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية، يحرصون على تبادل الخبرات داخل مجلس المحافظين، وتطوير السياسات لتلبية احتياجات الدول العربية ومواجهة التحديات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن هناك جهودًا حثيثة سعيًا لإنشاء مؤسسة تنظيمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية.
كما أكد أن صندوق النقد العربي ومجلس محافظي البنوك المركزية العربية، يدركان حجم التحديات والظروف التي تمر بها المنطقة، موضحًا أن البنوك المركزية تقوم بدورها لتنمية اقتصادات الدول العربية ومواجهة التحديات.
وقال محافظ البنك المركزي المصري، إن رحلة الإصلاح والتي أتت بثمارها على مستوى الاقتصاد الكلي وتعافي النمو ليصل إلى 5.5%، ما كان لها أن تتم لو لم تتوافر دعائم الاستقرار النقدي والمالي، إضافة إلى تطبيق أفضل الممارسات الدولية في الحوكمة.
الدعم الحكومي والتنسيق بين السياستين المالية والنقدية أبرز عوامل نجاح برنامج الإصلاح
وأضاف محافظ المركزي المصري، أن تجربة الإصلاح المصرية أكدت أن التنسيق بين الحكومات والبنك المركزي والسياستين النقدية والمالية، أمر هام وضروري، وانعكس ذلك في نتائج ومؤشرات الاقتصاد ونجاح البرنامج، مؤكدًا أن هذا التنسيق والدعم من الحكومة كان أحد أبرز أسباب نجاح برنامج الإصلاح.
وأشار عامر، إلى أنه على مستوى الاقتصاد الكلي، تعافى النمو الاقتصادي ليصل إلى 5.5%، كما حقق ميزان المدفوعات فائضًا كليُّا 12.8 مليار دولار في العام المالي 2017/2018، كما نجحت مصر في زيادة أرصدة الاحتياطي من النقد الأجنبي من 12.9 مليار دولار إلى 45 مليار دولار.
برنامج الإصلاح أتى بثماره وأرصدة البنوك في الخارج ارتفعت إلى 18.9 مليار دولار
وأضاف عامر، أن برنامج الإصلاح نجح في تحقيق الاستقرار المالي والنقدي بدعم من قراراته المتمثلة في تحرير سعر الصرف، بما دعم قدرة وزارة المالية، التي استطاعت وضع الموازنة تحت السيطرة، وتحقيق مستهدفاتها في العجز المالي، وزيادة معدلات التشغيل وانخفاض البطالة من 11.9% في 2017 إلى 9.9% في 2018، كما ارتفعت أرصدة البنوك المحلية بالخارج إلى 18.9 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي، مقارنة بحوالي 6 مليارات فقط قبل برنامج الإصلاح.
وأكد طارق عامر، محافظ البنك المركزي، أن التوسع في توفير منصات ومبادرات تمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، هدف رئيسي لمحاربة الفقر، اتساقًا مع الأهداف الرئيسية للحكومة والدولة المصرية.
مكافحة الفقر والبطالة دوافع رئيسية وراء التوسع في مبادرات المشروعات الصغيرة والمتوسطة
وأضاف عامر، أن الدافع الرئيسي للتوسع في توفير تمويل منخفض الفائدة وكل الاستثمارات والأموال التى تم توظيفها في هذا القطاع، هو محاربة الفقر عبر توفير فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة، وأكد حرص البنك المركزي على إيصال الخدمات المصرفية لكافة فئات المجتمع، في مختلف أنحاء القطر المصري.
وتابع: “الجهود الملموسة في نظم الدفع والتكنولوجيا تهدف لتوسيع نطاق الوساطة المالية بما يحقق تنمية مستدامة وعالية خاصة بعد تطبيق نظام التسوية اللحظية”.
فيما استهل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمته بالجلسة الافتتاحية، بالتأكيد على أن الاجتماع الذي تستضيفه مصر يساهم في تعزيز دور القطاعات المصرفية في الدول العربية، بما يعمل على تلبية الاحتياجات التنموية، ودمج القطاع الخاص بشكل أكبر في مشروعات التنمية، وذلك وفقًا لما تضطلع به البنوك المركزية العربية من مهام ومسؤوليات في اتخاذ التدابير التحوطية، ومواجهة التحديات التي تفرضها معطيات الواقع الاقتصادي العالمي، سعيًا للحفاظ على الاستقرار النقدي في الدول العربية.
وأكد رئيس مجلس الوزراء، أن مصر تستهدف رفع معدل النمو الاقتصادي إلى 8% بشكل تدريجي، بحلول عام 2022، في ضوء جهود البنك المركزي الذي أخذ على عاتقه مهمة اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لتهيئة البيئة المواتية لنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي طبقته مصر، وكذلك جهود أعضاء المجموعة الاقتصادية بالحكومة المصرية.
نهدف لتعزيز دور الاستثمار الخاص في النمو ومشروعات التنمية
وقال مدبولي، في كلمته، إن الحكومة تهدف إلى تعزيز دور الاستثمار الخاص في دفع النمو الاقتصادي، وذلك من خلال مواصلة الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال، خاصةً ما يتعلق بميكنة إجراءات تأسيس الشركات وتبسيطها وخفض تكلفتها، والتوسع في إنشاء مناطق استثمارية جديدة.
وأكد رئيس الوزراء، أن الحكومة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا بتحفيز بيئة ريادة الأعمال، وتعمل على توفير أربع دعائم أساسية، هي: التمويل، وتأهيل رواد الأعمال، ومراكز خدمة ريادة الأعمال، والإصلاحات التشريعية والتنظيمية الجديدة، إضافة إلى الاستمرار في تحديث الخريطة الاستثمارية، بما ينعكس بصورة إيجابية على معدلات جذب الاستثمارات الخاصة وزيادة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة القادمة.
تحفيز بيئة ريادة الأعمال بتوفير 4 دعائم رئيسية
وأشار مدبولي، إلى أن هناك حالة من التباطؤ تخيم على أجواء النمو الاقتصادي العالمي، مُقترنة بتصاعد حدة التوترات التجارية بين أكبر قوتين تجاريتين في العالم، حيث واصلت الولايات المتحدة الأمريكية والصين تبادل فرض الرسوم الجمركية.
وتابع أنه على الرغم من ذلك، فإنه يبدو أنه تم التوصل خلال انعقاد قمة مجموعة العشرين في شهر يونيو الماضي، بمدينة أوساكا في اليابان، إلى بعض المواءمات لتهدئة حِدة تلك التجاذبات التجارية، سعيًا للحفاظ على استقرار وتيرة النمو الاقتصادي العالمي.
مواصلة جهود تحسين بيئة الأعمال والتوسع في إنشاء مناطق استثمارية جديدة
وأوضح رئيس الوزراء، أن ضعف معدلات الاستثمار في اقتصادات الأسواق الصاعدة والدول النامية، أدى إلى تراجع إمكانيات النمو المحتملة، وأن تفاقم مشكلة المديونية في بعض الدول النامية من شأنه أن يعوق مساعي تلك الدول في مجال تمويل الاستثمارات اللازمة لتعزيز النمو الاقتصادي، الأمر الذي يتطلب ضرورة العمل على بناء وتدعيم الأرصدة الاحتياطية، والالتزام بالآليات والمعايير التَحوطية ضد مختلف أشكال المخاطر.
وأكد مدبولي، أن البنوك المركزية العربية تبذل جهودًا كبيرة في سبيل التحوط ضد المخاطر ومواجهة التحديات التي تفرضها معطيات الواقع الاقتصادي العالمي، والحفاظ على الاستقرار المالي، معبرًا عن تقديره لتلك الجهود.
أضاف أن الأمر يستدعي بذل مزيدٍ من الجهد في سبيل تقوية وتعزيز دور القطاعات المصرفية في تلبية الاحتياجات التنموية، ودمج القطاع الخاص بشكل أكبر في مشروعات التنمية.
وأكد رئيس الوزراء، أن اجتماع مجلس محافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية في دورته 43، يأتي في ظل العديد من المتغيرات والتحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه معظم مناطق العالم، وما لها من انعكاسات وآثار على مسيرة برامج النمو والتنمية في كثيرٍ من مجموعات الدول، لا سيما الدول النامية ومجموعة الدول ذات الاقتصادات الناشئة والصاعدة.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن الحكومة المصرية أطلقت استراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030” في فبراير 2016، لتكون بمثابة الإطار العام المنظم لبرامج العمل خلال السنوات المقبلة، لتحقيق التناسق والتناغم في البرامج والخطط التنموية على المدى الطويل.
وقال مدبولي، إن “رؤية مصر 2030” انبثق عنها برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي بدأت الحكومة في تنفيذه اعتبارًا من نوفمبر 2016، وقطعت الحكومة المصرية شوطًا لا بأس به في تنفيذ العديد من الإصلاحات الرامية إلى تحقيق النمو الشامل والمستدام، وزيادة القدرات التنافسية، وإعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، وتحفيز النمو الاقتصادي.
وأضاف رئيس الوزراء، أن الحكومة قامت أيضًا باتخاذ عدد من التدابير والإجراءات المتعلقة بدعم بيئة الأعمال لتصبح جاذبة للاستثمار، وبناء شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، مع المُضي قُدمًا في تنفيذ مشروعات كثيفة العمالة، وخفض عجز الموازنة، وتوسيع القاعدة الضريبية، ورفع كفاءة القطاع المالي، وتوجيه الدعم إلى مستحقيه، ومعالجة مشكلات البطالة والطاقة، وذلك من أجل ضمان ترسيخ دعائم التنمية المستدامة.
ومن جانبه قال زياد فريز، محافظ البنك المركزي الأردني، ورئيس مجلس محافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية للدورة الحالية، إن هناك عدة تحديات تواجه معدلات نمو الاقتصاد العربي، أبرزها العلاقة المتوترة بين الاقتصادات الكبرى، والتي من المتوقع أن تؤثر بالانخفاض على النمو الاقتصادي للعام الجاري، على أن يرتفع مجددًا العام المقبل.
2.4 % نموًّا متوقعًا للمنطقة في 2019 و3.4% في 2020
وأشار محافظ المركزي الأردني، إلى أنه من المتوقع أن يحقق النمو الاقتصادي للدول العربية 2.4% خلال العام الجاري، على أن يرتفع إلى 3.4% العام المقبل، مشددًا على أهمية الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي في مثل هذه الظروف الصعبة والتحديات التي يواجهها الوطن العربي ودول العالم.
فيما أكد الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي، المدير العام، رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، على أهمية الموضوعات التي يناقشها المجلس في دورته الثالثة والأربعين، في ضوء التطورات الاقتصادية والمالية والمصرفية الإقليمية والدولية، مشيدًا بفاعلية الدعم والاهتمام الذي يوليه محافظو المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية لتطوير أعمال وأنشطة المجلس.
تكثيف الجهود لإنشاء مقاصة تسوية المدفوعات العربية
وقال الحميدي، إن صندوق النقد العربي يكثف جهوده للانتهاء من إنشاء نظام مقاصة وتسوية المدفوعات العربية البينية بالتعاون مع البنوك المركزية العربية، مشيرًا إلى أن تعزيز الشمول المالي والاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة على رأس أولويات الصندوق.
ولفت الحميدي، إلى أن الاقتصادات العربية حققت ارتفاعًا في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي، ليصل إلى 2.6% مقارنة بنمو 1% في عام 2017، وأن ارتفاع وتيرة النمو جاءت نتيجة استفادة الاقتصادات المنتجة للنفط من ارتفاع أسعار برميل البترول في العام الماضي، الأمر الذي عزز ودعم أوضاع الموازنات العامة في عدد من هذه الدول، ومكنها من مواصلة الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية الأساسية والتنويع الاقتصادي.
اقتصاد المعرفة يفتح آفاقًا جديدة لتعزيز النمو وخلق فرص عمل للشباب
وأشاد الحميدي، بجهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في تحقيق الاستقرار المالي في المنطقة، فضلًا عن تمكنها من تطبيق معايير بازل 3، وأكد أن اقتصاد المعرفة يوفر فرصًا كبيرة لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق المزيد من فرص العمل للشباب في الدول العربية، خاصة في القطاعات التقليدية ومنها الزراعة والصناعة والخدمات التي يمكنها الاستفادة من التطور التقني المتسارع.
وانطلقت فعاليات اجتماع الدورة الاعتيادية الثالثة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، الذي افتتحه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بحضور طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، والدكتور عبد الرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، والدكتور زياد فريز محافظ البنك المركزي الأردني، رئيس مجلس الدورة الحالية، بحضور وزراء التضامن الاجتماعي، والبترول والثروة المعدنية، والعدل، والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، والمالية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتجارة والصناعة.
وحضر الاجتماع بصفة مراقب، كل من: جامعة الدول العربية والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية واتحاد المصارف العربية واتحاد هيئات الأوراق المالية العربية ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى المدراء التنفيذيين العرب في كل من صندوق النقد والبنك الدوليين.