مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية: 11 محورا لدعم وتطوير التجارة الإلكترونية في المنطقة

الخوري: توقعات بنمو التجزئة الإلكترونية العالمية إلى 3.2 تريليون دولار بحلول 2020

أمنية إبراهيم

قال الدكتور المهندس علي محمد الخوري، مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، بجامعة الدول العربية، ورئيس مجلس إدارة الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، إن العالم يتغير بسرعة مذهلة، وأن أحد أهم محركات التغيير الأساسية هو التحول الرقمي، مشيرا إلى أن الرقمنة والتي تعني دمج التقنيات الرقمية في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، باتت ممارسة عالمية تحدث بوتيرة وسرعات مختلفة، وتتنوع أهدافها بين خفض التكاليف، وتحفيز الابتكار، وتطوير الخدمات وكفاءة العمليات، وتحسين الوصول إلى البيانات وإنشاء المعرفة.

E-Bank

وأوضح في كلمة ألقاها خلال فعاليات مؤتمر التجارة الإلكترونية ومنصات التسوق الإلكترونية العالمية، أن الفشل في تكيف المؤسسات والدول مع الرقمنة، يعني ببساطة الخسارة والخروج من اللعبة في هذا العصر الرقمي، مشيرا إلى أن انهيار شركة توماس كوك مؤخرا هو مثال واضح على هذا القول، بالإضافة إلى إغلاق 7 آلاف متجر للبيع بالتجزئة في الولايات المتحدة في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، بسبب عدة عوامل من بينها المنافسة عبر الإنترنت، وأن التحول الرقمي في الأعمال التجارية ومفاهيم التجارة الإلكترونية أصبح يدفع بنموذج معولم يغير القواعد التنظيمية التقليدية.

24 % متوسط نمو التجارة الإلكترونية العالمية

واستعرض الخوري، خلال كلمته عدد من مؤشرات التجارة الإلكترونية في المنطقة العربية والعالمية، مشيرا إلى أنه على الرغم من تباطؤ معدل نمو الاقتصادي العالمي الذي يتراوح بين 2 و3% في معظم البلدان، إلا أن متوسط نمو التجارة الإلكترونية العالمية يبلغ حوالي 24%.

تابعنا على | Linkedin | instagram

وتابع: “من المتوقع أن يصل سوق تجارة التجزئة الإلكترونية B2C إلى 3.2 تريليون دولار بحلول عام 2020، بالإضافة إلى نمو التجارة الإلكترونية بين الشركات B2B إلى 6.7 تريليون دولار، أي ما يمثل حوالي 8% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كما تشير إحصاءات أخرى إلى أن تجارة B2B العالمية ستكون حوالي 8 تريليون دولار”.

ملياري متسوق بالمتاجر الإلكترونية بحلول 2020

وأشار إلى أن الأسواق الإلكترونية ستمتلك أكثر ملياري متسوق عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم بحلول 2020 وهذا الرقم في تزايد مضطرد، مؤكداً أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعد واحدة من أسرع المناطق نمواً في التجارة الإلكترونية بنسبة نمو تبلغ 25٪، مع حوالي 100 مليون مشتري رقمي في المنطقة العربية، فيما تُقدر قيمة التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحوالي 60 إلى 70 مليار دولار اليوم.

70 مليار دولار قيمة التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

وأضاف الخوري، أن تجارة التجزئة الإلكترونية العربية تقدر بحوالي 30 إلى 35 مليار دولار، بينما لا توجد بيانات دقيقة حول التجارة الإلكترونية بين الشركات العربية، ويفترض أنها قريبة من حجم تجارة التجزئة.

22 مليار دولار حجم التجارة الإلكترونية بين المؤسسات في الشرق الأوسط وإفريقيا

وأكد أن على الرغم من أن المعدل العالمي للتجارة الإلكترونية بين المؤسسات هو ثلاثة أضعاف تجارة التجزئة، إلا أن الدول العربية متأخرة في تجارة في هذا القطاع، حيث تشير التقارير إلى أن التجارة الإلكترونية العابرة للحدود بين الدول العربية في تجارة التجزئة، قد ارتفعت بحوالي 3%، بين عامي 2014-2020، مقدراً قيمة التجارة الإلكترونية بين المؤسسات في الشرق الأوسط وإفريقيا بنحو 22 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 26 مليار دولار بحلول عام 2020.

التجزئة الإلكترونية تمثل 1.5% من الناتج المحلي العربي مقابل 4% المتوسط العالمي

وأشار الخوري، إلى أن تجارة التجزئة الإلكترونية العربية تشكل نسبة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع المتوسط العالمي البالغ 4%، وأن الفرصة تكمن في الحجم المحتمل للتجارة الإلكترونية العربية خلال 10 سنوات، والتي تقدر بأكثر من 500 مليار دولار، حسب دراسة نشرها مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في عام 2017، مما يعني مساحة وفرص نمو ضخمة واستثمارات كبيرة وواعدة في السوق العربية.

ووضع مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، إطار عمل يشتمل على 11 محورا، لفهم محركات التجارة الإلكترونية واستغلال الفرص المتاحة بالمنطقة، يتطلب انتباه متخذي القرار وراسمي السياسات، لدعم وتطوير التجارة الإلكترونية في المنطقة العربية.

واستطرد الخوري حديثة عن المحور الأول والذي يتمثل في وضع استراتيجية وطنية تضع الإطار القانوني والتنظيمي والسياسات التنفيذية لتعزيز نمو التجارة الإلكترونية، وتعالج التحديات والثغرات، مع التطرق إلى مسألة الاستثمارات الأجنبية في منصات التجارة الإلكترونية وضمان تكافؤ الفرص في الأسواق المحلية، لافتا إلى أن الصين خير مثال في وضع استراتيجيات مشابهة، فقد تمكنت من رفع مبيعات التجزئة عبر الإنترنت إلى أكثر من 1.33 تريليون دولار في عام 2018.

وأوضح أن المحور الثاني يرتبط بتشجيع وتحفيز الأعمال التجارية عبر الإنترنت، مشيرا إلى إعلان ماليزيا وإندونيسيا على سبيل المثال عن حوافز متعددة لدعم التجارة الإلكترونية والشركات الناشئة في هذا المجال، لتشمل برامجهم على إعفاءات ضريبية وفرص تمويل استثمارية.

وأضاف أن المحور الثالث يدور حول برامج التعليم والتدريب الرقمية التي تركز على معالجة نقص الخبرات والمهارات، ومتطلبات النمو في القوى العاملة الحالية، وكيف أن الولايات المتحدة والهند والصين قد عالجت ذلك من خلال برامج تعليمية وإنشاء معاهد وجامعات إلكترونية تهدف إلى زيادة الوعي الثقافي العام ونسب الإنتاجية والإبداع وتشجيع مبادرات ريادة الأعمال.

وأشار إلى أن المحور الرابع يتمثل في ضرورة اتجاه الحكومات إلى تطوير خطط للاستثمارات الاستراتيجية في مؤسسات ومنصات التجارة الإلكترونية والتي يمكن اعتبارها كمسرعات لممارسات التجارة الإلكترونية، حيث يمكن رؤية دول في مقدمتها الولايات المتحدة والصين تستثمر بكثافة في شركات التكنولوجيا، حيث تهيمن شركتي أمازون وعلي بابا اليوم على 80% من الحصة العالمية لأسواق التجارة الإلكترونية، ولا يمكن الاعتقاد بأن هذه الشركات كانت لتصل إلى هذه النسب دون شكل من أشكال الدعم من حكوماتها.

وأكد أن المحور الخامس يتعلق بأهمية دعم وتمويل الحكومات للشركات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، والشركات الناشئة، لما توفره من فرص عمل، مشيراً إلى أن الحكومة الإندونيسية تتوقع مساهمة التجارة الإلكترونية في توفير 26 مليون وظيفة بحلول عام 2022، فيما تبلغ مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة حوالي 66% من إجمالي الصادرات في دولة إستونيا، وتوفر ما نسبته 75% من فرص العمل.

كما تهتم دول الاتحاد الأوروبي بدعم مشاريع التحول الرقمي في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ووفقا للإحصاءات الرسمية، فإن هذا القطاع يساهم في توفير 66% من فرص العمل الإجمالية لدول الاتحاد الأوروبي.

ويرتبط المحور السادس بضمان توفر أنظمة التجارة الإلكترونية الأساسية والبنية التحتية الضرورية، مثل خدمات الدفع الإلكتروني والشحن، حيث يفضل 70 إلى 80% من المشترين الرقميين في الدول العربية خيارات الدفع عند الاستلام، وذلك يعد من التحديات الرئيسية والمعيقة للتجارة الإلكترونية على المدى الطويل، ومن هنا يجب أن يكون لدى الحكومات لوائح وسياسات خاصة لرفع مستوى ثقة المجتمع في النظم المالية الرقمية، وتظل خدمات الشحن والتوصيل عنصرا رئيسيا في نجاح المنظومة، حيث لا يتم اعتبار الخدمات اللوجستية كقطاع صناعي في المنطقة العربية، وهناك حاجة إلى تركيز الحكومات لتطويره باعتباره العمود الفقري والمحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي والصناعي، بحسب ما ذكره الدكتور علي الخوري خلال كلمته.

وتابع: “توفر برامج الحكومة الإلكترونية مثل المشتريات الإلكترونية eProcurement فرصا للاستفادة من التجارة الإلكترونية، وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن توفير نسبة 1% من خلال أنظمة المشتريات الرقمية سيمثل وفورات تصل قيمتها إلى 43 مليار يورو سنويا في البلدان الأعضاء”.

وقال الخوري، إنه يتعين على الحكومات تحديث قوانين حماية المستهلك لتوفير مستويات حماية مشابهة على الأقل لما هو الحال في المعاملات التقليدية، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي قام بتطوير سلسلة من اللوائح لضمان مستويات عالية من حماية ورضا المستهلكين، وأنها قامت بتخصيص موازنات ضخمة بحوالي 200 مليون يورو للأعوام 2014-2020.

مؤكدا على أهمية عنصر الثقة الذي يعد من المعوقات الرئيسية للتجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط والبلدان الإفريقية، وفقا لتقرير دولي نشر في عام 2018.

وأوضح أن المحور التاسع يتمثل في الحد من إجراءات التخليص الحدودية، خاصة تلك المتعلقة بالتجارة العابرة للحدود، لافتا إلى ما قامت به كوريا الجنوبية، حيث أطلقت مبادرات لتطوير إدارة المنافذ الحدودية واللوائح الجمركية، ليستغرق تخليص الواردات 1.5 ساعة تقريبا، فيما يستغرق تخليص الصادرات أقل من دقيقتين.

وأكد أن التجارة الإلكترونية عبر الحدود في دول شرق آسيا تصل إلى 53%، مقابل أقل من 3% بين الدول العربية، وهو ما يعني أن كل زيادة بالتجارة الخارجية الآسيوية بمقدار دولارين، كان منها دولاراً بالتجارة الإلكترونية.

مشددا على أهمية الانتباه إلى حقيقة أن العمليات والإجراءات الجمركية الحالية، العالمية في العموم، والعربية بشكل خاص، صُممت في الأصل للشحنات الصناعية الكبيرة، وأن هناك حاجة ماسة إلى تبسيط عمليات التخليص لشحنات التجارة الإلكترونية، مع رسوم جمركية وضريبية محددة وواضحة، خاصة الشحنات ذات القيمة المنخفضة.

وأضاف أن المحور العاشر يتعلق بضرورة دعم الحكومات للمنتجات والخدمات الوطنية على منصات التجارة الإلكترونية، وضمان تساوي الفرص في المنافسة مع اللاعبين الدوليين، خاصة أنه عادةً ما تستحوذ الشركات الدولية على حركة التجارة الرقمية المحلية، مشيرا إلى أن سنغافورة تعد مثالا رائعا في هذا السياق، خاصة في جهودها التي أسفرت عن ارتفاع صادراتها إلى 175% من ناتجها المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 20% في الولايات المتحدة،

وأشار إلى أن المحور الحادي عشر يتعلق بضمان الوصول إلى الإنترنت باتصال موثوق وآمن وعالي السرعة وبأسعار معقولة، خاصة أن الاتصال بالإنترنت هو حجر الزاوية في تطوير التجارة الإلكترونية.

واختتم الخوري، كلمته مؤكدا أن التجارة الإلكترونية باتت المحرك التنموي الرئيسي للاقتصادات الوطنية والعالمية، حيث تقدم نموذجًا اقتصاديًا جديدًا، ويمكن لتطبيقاتها في السياقات الوطنية، أن تؤثر على الاقتصادات الكلية، مشيرا إلى أن صانعو السياسات ما زالوا ينظرون إلى التجارة الرقمية على أنها مجرد منصة للشراء والبيع، وهم بذلك يرون جزءاً صغيراً من الصورة الكبيرة.

وأضاف أن التجارة الإلكترونية إذا ما تم التعامل معها كملف استراتيجي، فإنه يمكن أن تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتدعم الاقتصادات الوطنية، وأنه وبدون فهم أعمق لمحركات التجارة الإلكترونية، لن يكون من الممكن دعم انتشار التجارة الإلكترونية والنهوض بها في البلدان العربية، في ظل سرعة التطورات التكنولوجية، وارتفاع أعداد المشترين الرقميين في الدول العربية.

الرابط المختصر