منتهى المنافسة

بقلم أحمد رضوان ـ رئيس تحرير جريدة حابي

فرضَ العددُ الخاص الذي أصدرته جريدة حابي الأحد الماضي بعنوان (سباق بلا حواجز)، ضرورة المُضي قدمًا في متابعة وضع المنافسة وتأثيرها على مستقبل الاستثمار العقاري، وذلك في عددٍ خاص آخر نعتبره جزءًا ثانيًا من العدد السابق.

E-Bank

وكان الشكل الأمثل -من وجهة نظرنا- للوصول إلى تقييم موضوعي إلى حدٍّ كبير لفرص ومخاطر الاستثمار العقاري في الوقت الراهن، هو إجراء استطلاع للرأي يقوم على اعتبارين رئيسيين.

الأول: أن يضمّ الاستطلاع شريحةً مؤثرةً من مستثمري القطاع العقاري ونخبةً من رجال الأعمال ذوي النظرة الواسعة والمشهود لهم بالتشابُك المباشر مع عدد ليس بالقليل من القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى أن تضمّ الشريحة بجانب كبار المطورين والمستثمرين ممثلي واحد من القطاعات القادرة على دراسة وقياس درجة المخاطر بعناية وهم قيادات التمويلِ سواء المصرفي أو غير المصرفي، وأخيرًا مسؤولين رسميين سابقين ما زال لهم دورٌ مؤثرٌ في النشاط الاقتصادي والاستثماري.

الاعتبار الثاني: هو أن تقوم استثمارة الاستبيان على قياس الوضع الحالي وتأثيره على المستقبل، بصورة تسلِّط الضوء على المشكلة وتبعاتها وتلهم بالحلول، وأن تكون استمارة الاستبيان موجزةً ومختصرةً في عدد محدود جدًّا من الأسئلة بالصورة التي تسهل مهمة القارئ في مراجعة النتائج والتفاعل معها ومناقشتها والجدل حولها، إضافة إلى مساعدة فريق التحرير على إنجاز مهمة تنظيم هذا الاستطلاع بأفضل وأعلى المستوياتِ الممكنةِ من الدقّة والمصداقية والشفافية، وأيضًا في زمنٍ قياسي (نحو 72 ساعةً) بما يتناسب مع هدف استكمال ما تمّ نشره في الإصدار الماضي دون فجوة بين العددين.

ولم تكتفِ جريدة حابي بالاستطلاع وحده، بل ذهبت لما هو أبعد قليلًا من ذلك، عبر تقديم نظرة عالمية لأوضاع واتجاهات الاستثمار العقاري، فلا شكّ أن ما يمر به العالم من متغيرات مالية واستثمارية واقتصادية وسياسية أيضًا، بات مؤثرًا كبيرًا على الاتجاهات الداخلية في مختلف الدول، وليس غريبًا أن تطالعنا صحيفة الفاينانشال تايمز في رصدها لاتجاهات الاستثمار العقاري خلال عام 2020، بوجبةٍ دسمةٍ من المؤشرات التي تؤكد أن العقارات في حاجة مُلحّة إلى رؤية جديدة سواء من حيث كونها احتياجًا أو من حيث كونها استثمارًا وكذلك تطويعها مع التطور التكنولوجي المتسارع.

نعود إلى وضع المنافسة في السوق العقارية المحلية باعتباره المفجِّر الأهم لعددين متتالين من جريدة حابي. يؤكد غالبية المشاركين في الاستطلاع أن نظرتهم لمخاطر الاستثمار العقاري مستقرة إلى مرتفعة (13.3% فقط رأوها منخفضة)، ويفسّر ذلك ردود المشاركين على ثاني أسئلة الاستبيان والخاص بوضع الطلب الحالي على الوحدات السكنية.

نحو 93% من المشاركين في الاستبيان -ونعيد التأكيد على أهمية الشريحة المشاركة وتخصصاتها ومراكزها القيادية- يقيمون الطلب الحالي على الوحدات السكنية بالمُنخفض إلى الطبيعي (تحديدًا 49% قالوا إنه منخفض و44% قالوا إنه طبيعي)، في المقابل 6.4% فقط رأوا أن الطلب مرتفع.

بلا شك هناك طلب ضخم على السكن في مصر، ولكن نحن نتحدث هنا عن الطلب الفعال المرتبط بالقدرة على الشراء من بضاعة سائدة لها سعر يكاد يكون شبه متماثل، وفي هذه النقطة تحديدًا، من المهم الإشارة أيضًا إلى الحصر المنشور في نفس هذا العدد، والذي يضم 25 من المشروعات العقارية التي يتم تسويقها حاليًا، وأسعارها وتسهيلات سدادها.

وصف وضع الطلب إما بالمنخفض أو المستقر، يُفسر أيضًا إلى حد بعيد لجوء عدد ليس بالقليل من الشركات العقارية إلى بيع وحدات بدون مقدم وبتسهيلات في السداد تصل في متوسطها إلى 10 سنوات بأقساط متساوية، لكنه في الوقت نفسه يفتح نقاشًا واسعًا حول كيفية تنشيط الطلب بأقل قدر من مخاطر المنافسة، وكذلك قدرة القطاع العقاري على الاستمرار في جذب رؤوس أموال واستثمارات جديدة بصورة أكبر كثيرًا من القطاعات الأخرى، وهما محوران نأمل في جريدة حابي الإسراع في بحثهما بأكبر قدرٍ من التفاصيل مع مجتمع الأعمال في عددٍ آخر.

كانت قضية تنافس الشركات على تسويق الوحدات بدون مقدم هي واحدة من أهم مفجرات هذا العدد، وانعكست على أحد أسئلة الاستطلاع، فمن بين 60 مشاركًا أكد 41 نسبتهم 68.3% من الإجمالي، أن هناك تأثيرًا سلبيًّا لتزايد بيع وحدات بدون مقدم على أداء القطاع، وقال 12 نسبتهم 20% أن التأثير إيجابي، فيما رأى 7 نسبتهم 11.7% أن هذا التأثير حيادي على السوق.

وبناء على الأوضاع والتحديات التي يمرُّ بها القطاع العقاري، وطبيعة فرصه أيضًا، رأى 91.7% من المشاركين في الاستبيان أن أرباح الشركات العقارية تتجه إلى الهبوط أو الاستقرار (47.5% قالوا إن الأرباح ستتراجع، و 44.2% قالوا إنها ستتّجه نحو الاستقرار)، في مقابل 6.7% رجحوا صعود الأرباح.

ويُدلل على منطقية اتجاه الأرباح إما للاستقرار أو التراجع ما كشف عنه أحد أسئلة الاستطلاع من أن الغالبية تتوقع اتجاه أسعار العقارات إلى الاستقرار خلال مدى عامٍ من الآن، ومن المعروف أن غالبية الشركات تضع نحو 15% إلى 20% متوسط زيادة سنوية على الأسعار، لكن يبدو أن هذه القاعدة في طريقها للتغير لمواجهة ما فرضته السوق من تحديات.

إحدى النتائج المهمة لاستطلاع الرأي والذي ربما يكون حلًّا من وجهة نظر البعض، ونتيجة طبيعية من وجهة نظر البعض الآخر، هو توقع 61.7% من المشاركين رواج عمليات الدمج والاستحواذ بين الشركات العقارية في الفترة المقبلة.

على هامش استطلاع الرأي، أسهب عدد من المشاركين في رصد ملاحظات تعزز آرائهم وتفسرها، ورأينا أنه من الضروري ضم هذه الملاحظات في سرد نتائج الاستطلاع بالصفحة الثالثة من هذا العدد.

بعيدًا عن قضية العدد.. من المهم أيضًا الإشارة إلى المقابلة الصحفية المتميزة التي أجرتها الزميلة أمنية إبراهيم مع أشرف القاضي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للمصرف المتحد، أحد المؤسسات التي بات من المهم متابعة مختلف التفاصيل المرتبطة بها خاصة مع المضي قدمًا في إجراءات توسيع قاعدة ملكيته وطرح حصة منه لمستثمر استراتيجي، وقراءة ما مرَّ به من مراحل إصلاح وهيكلة من المنتظر انعكاسها على خططه المستقبلية.

أخيرًا.. نتوجه بخالص الشكر لكل من شاركونا في هذا الجهد من قيادات مجتمع الأعمال، وإلى فريق حابي الذي أشرف دائمًا بالعمل معه.

قيادات مجتمع الأعمال تتوقع آفاق الاستثمار العقاري في مصر.. متاح لغير المشتركين

الرابط المختصر