بلومبيرج: على رئيسة صندوق النقد الدولي تطويع خبرتها لإنقاذ أوروبا
الدبلوماسية خيار لاجارد في حل مشكلات القارة العجوز
إعداد – محمد عبدالله
بدأت كريستين لاجارد المديرة السابقة لصندوق النقد الدولي، رئاستها للبنك المركزي الأوروبي، وسط تفاؤل حذر، يحوم حول ماستكون عليه سياستها الجديدة أمام عدد من القضايا الأوروبية الملحة والتي ستعلنها غداً الاثنين، وفق ماذكرت شبكة بلومبيرج الاقتصادية الأمريكية.
وقالت بلومبيرج، إن لاجارد التي تولت منصبها في الأول من نوفمبر من الرئيس السابق ماريو دراجي، ستعلن عن خطتها لتحفيز الاقتصاد الأوروبي خاصة الدول الأقل إنتاجًا ونموًا منه، وماهي إجرائتها التي ستتخدها لإقالة الاقتصاد من ركوده.
وأضافت بلومبيرج، إن لاجارد ستغتنم الفرصة لتطلب من الحكومات، بما في ذلك الحكومة الألمانية، ببذل المزيد من الجهد لتعزيز الطلب.
وعلى ضوء إن ألمانيا لديها واحدة من أقل أعباء الديون في منطقة اليورو، قال جيمي راش، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في بلومبرج إيكونوميكس :إن” لاجارد تتولى مسؤولية البنك الأوروبي وسط حالة من النمو والتضخم الضعيفان. هذا بالإضافة إلى خيارات تحفيز محدودة ومجلس إدارة منقسم. ولهذا، سوف تقاتل لاجارد لتحقيق شئ في منطقة اليورو”.
وستحصل لاجارد على تقارير لأكبر اقتصاد في أوروبا (ألمانيا)، وستقدم المفوضية الأوروبية توقعاتها عن المنطقة، وتقرير السياسة النقدية لبنك إنجلترا، في ضوء عدم وجود توقع يقول بحدوث تغيير في أسعار الفائدة، لذلك سيكون التركيز على التنبؤات الاقتصادية الجديدة لدول القارة.
ولا تزال حالة عدم اليقين مستمرة حول عملية”بريكست” خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتدهور لحالة الليرة التركية منذ فرض أمريكا لعقوبات العام الماضي.. وتتولى لاجارد منصبها، وهناك حالة من التوقعات أمام ماقد تفعله أربعة بنوك مركزية في أوروبا الشرقية (في دول، رومانيا وبولندا والتشيك وصربيا) حول معدلات الفائدة، في مسعى منها لاتباع سياسة نقدية أكثر مرونة تفيد اقتصاداتها على النمو والحد من التضخم.
ولهذا، ووفق بلومبيرج، فستحتاج كريستين لاجارد إلى جميع مهاراتها لتوجيه البنك المركزي الأوروبي خلال هذه الأوقات العصيبة، حيث ترث أول رئيسة ( امرأة ) للبنك المركزي الأوروبي، بنكًا فارغًا من أدواته في وقت يظهر فيه انخفاض التضخم المستمر وضعف النمو حدود السياسة النقدية.
فلاجارد مطالبة بوضع خطة تنظر في مشوار دراجي الذي تعهد عام 2012 بالقيام “بكل ما يتطلبه الأمر” لإنقاذ العملة الأوروبية الموحدة من الانهيار، ودفعه لأسعار الفائدة إلى عمق المنطقة السلبية وضخه للتريليونات في اقتصاد منطقة اليورو من خلال برنامج تسهيل كمي. لكن عقدًا من قتال الأزمات قد استنفد تقريبًا مجموعة الأدوات النقدية للبنك المركزي الأوروبي وفتح معارضة غير مسبوقة بين أعضاء منطقة اليورو الذين يدعمون هذه السياسة وأولئك الذين لايدعمونها.
كل هذا يعني أن مهارات لاجارد القيادية سيتم اختبارها من أول يوم تبدأ فيه فترة ولايتها البالغة ثماني سنوات. لكن العديد من أولئك الذين عملوا معها في مجال الدبلوماسية والعمل الاقتصادي الدولي مقتنعون بقدرتها على العمل، وأنها قد تكون السيدة المناسبة للقارة في هذا الوقت، بحسب ماذكر ناثان شيتس، الوكيل السابق في وزارة الخزانة الأمريكية.
قال ناثان :”طوال مسيرتها المهنية، كانت لاجارد ممثلة ومديرة ومشرفة في الطريقة التي تصرفت بها في المجتمع الدولي ، وهكذا أرى أنها ستقود البنك المركزي الأوروبي”.
لكن يجادل المحللون بشأن خلفية وأسلوب لاجارد، فعلى عكس أسلوب القيادة القوي لماريو دراجي، فلاجارد تتعامل مع المشكلات دون أفكار مسبقة من خلال اعتمادها على المستشارين والمختصين ونوابها بالعمل، وعلى عكس ماريو دراجي أيضًا، الحاصل على دكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فلاجارد ليست خبيرة اقتصادية ولم ترسم أبدًا سياسة نقدية بمفردها، كل قرارتها بناء على خبرتها وترجيحها بين آراء المختصين.
فبعد دراسة القانون في باريس، حصلت لاجارد على درجة الماجستير في العلوم السياسية في إيكس إن بروفنس بفرنسا، وانضمت إلى مكتب المحاماة الأمريكي بيكر ماكنزي في عام 1981، وأمضت عقدين من الزمن هناك كمحامية ثم انضمت للحكومة الفرنسية في عهد نيكولا ساركوزي ، كأول وزيرة مالية، وهو منصب اكتسبت فيه الاحترام لتوجيهها دفه اقتصاد فرنسا خلال الاضطرابات الناجمة عن الأزمة المالية 2008/2009.
في عام 2011، أصبحت رئيسًا لصندوق النقد الدولي (IMF)، وأصبحت مهاراتها الدبلوماسية والتفاوضية واضحة بشكل ملحوظ خلال الأزمة المالية اليونانية في عام 2012، عندما توصلت المجموعة الثلاثية المسماة صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي إلى صفقة إنقاذ بمليارات اليورو مع أثينا تجنبت بذلك تفكك منطقة اليورو.
ومن المحتمل أن تعتمد لاجارد في المساعدة على رئيس البنك المركزي الأيرلندي السابق فيليب لين، الذي تم تعيينه كبير الاقتصاديين بالبنك المركزي الأوروبي هذا الصيف، وستركز على صياغة حلول دبلوماسية للمشاكل الاقتصادية الناشئة.
في مقابلة مع بلومبرج الشهر الماضي ، قالت لاجارد إنها “ستبدأ بالعمل الجماعي” الذي يتيح مجالًا للخلاف والاتفاق وفرز الآراء.
يقول مارسيل فراتشير ، رئيس المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية ، إن قرارات البنك المركزي الأوروبي غالباً ما أدت إلى رد فعل عنيف من السياسيين ووسائل الإعلام. وقال: “إن أملي الكبير في لاجارد هي أنها ستكون أكثر نجاحًا في التواصل مع الدول”.
ففي السنوات الأخيرة ، تمكنت لاجارد من بناء علاقات وثيقة مع عدد من القادة في أوروبا ، بمن فيهم المستشارة أنجيلا ميركل ووزير ماليتها أولاف شولز، و يقال إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يثق بها.