من النشأة إلى النمو والانتشار.. جولة حول الصناديق السيادية

صندوق الثروة في النرويج الأكبر عالميا.. حقق نموا 10 تريليون كرونة

محمد عبدالله

زاد الاهتمام بصناديق الثروة السيادية في العالم، خاصة في دول مجلس التعاون العربي الخليجي، بما صارت تمثله من تأثير ونفوذ، وهذه الصناديق أشبه في عملها بشركات تدير أموال مستثمرين مختلفين بهدف تحقيق أكبر عائد ممكن وأقل قدر ممكن من المخاطر، إلا أن الصندوق السيادي هو صندوق يخضع لنفس فكرة صندوق الاستثمار العادي ولكنه لا يدير أموالًا ولا افرادًا ولا شركات ولا هيئات، إنما يدير أموال دول وحكومات.

E-Bank

وينشأ الصندوق السيادي حين يكون للدولة فائض من الأموال، وهذه الصناديق تحقق منفعة ضرورية، ولكن المنفعة الأساسية تنشأ لتنويع الاستثمارات في ذلك البلد فمثلًا بلد كالإمارات أو السعودية 90% من عوائدها يأتي من بيع النفط أو الغاز، وبالتالي إذا انخفضت أسعار النفط والغاز فإن الموازنات العامة في هذه الدول ستعاني، فوجود صندوق استثمار ضخم على مدار سنوات طويلة يكون تعويضًا عن أي اضطرابات في سوق البترول وهذه منفعته.

تاريخ نشوء الصناديق

وظهر أول صندوق سيادي في العالم سنة 1953 في الكويت، صاحبة أول صندوق سيادي بهذا المعنى في العالم، ثم تبعها عدد كبير من الصناديق المختلفة، ليصل العالم اليوم لحوالي مائة صندوق سيادي في العالم، وفقًا لمعهد الصناديق السيادية Institute Sovereign Wealth Fund -وهو معهد متخصص لدراسة كل حركات استثمارات الصناديق الاستثمارية في العالم ومقره الولايات المتحدة-.. وتمتلك هذه الصناديق حسب تقديرات المعهد 8.1 تريليون دولار.

وبدأت هذه الصناديق على استحياء في الخمسينيات ثم الستينيات ثم زادت بعد ذلك وصارت تستثمر في الأسواق النامية كإفريقيا في موانئ وطرق وبناء مصانع ومطارات، وتستثمر في شراء عدد ضخم من الأصول في الدول الغنية.

طفرات كبيرة

وعملت هذه الصناديق على إحداث طفرة بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، عندما كادت أسواق العالم أن تنهار كالولايات المتحدة الامريكية وأوربا، حيث دخلت هذه الصناديق وأنقذت شركات ضخمة كبنك سي دي بي ومؤسسات كانت على وشك الانهيار وقامت بشرائها وأنقذتها وأبقت بالتالي على موظفيها، ولأنها قامت بإنقاذ هذه الدول ووضعت يدها على أصول في هذه الدول، لذا فالعالم الغربي ممتن لها ولكنه يشعر بالقلق، ولأنها تستثمر بشراسة في الأسواق النامية في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية فإنها أصبحت ممتنة لها كذلك، لكنها تشعر بالتخوف أيضًا.

أكبر تجمع للاحتياطات الأجنبية

تعد صناديق الثروة السيادية هي أكبر تجميع للاحتياطيات من العملات الأجنبية التي تملكها الحكومات، وأكبر مجمعات الاستثمار المملوكة لبلدان لديها فائض تجاري، وهذه الدول هي بالأساس الدول المصدرة للنفط إضافة إلى الصين، حيث يأخذون عملات أجنبية، بالأساس بالدولار الأمريكي، في مقابل صادراتهم، ثم يتم استثمار الأموال لإنتاج أعلى عائد ممكن، وفقًا لموقع بالانس.

الفرق بين الصناديق والبنوك المركزية

الصناديق المماثلة التي تحتفظ بها البنوك المركزية للدول ليست صناديق للثروة السيادية لأن لها أهدافًا مختلفة، حيث يحتفظ البنك المركزي بأموال لإدارة قيمة عملته، لتحفيز الاقتصاد، أو منع التضخم، أما صندوق الثروة السيادية فهو يهدف فقط للربح وتحقيق أعلى عائد.

زاد حجم الأموال التي تحتفظ بها صناديق الثروة السيادية بأكثر من الضعف منذ سبتمبر 2007، من 3.265 تريليون دولار إلى 8 تريليون دولار في عام 2017، وحيازات الأصول لديها الآن ضعف ما لدى جميع صناديق التحوط مجتمعة.

النفط والغاز

حفزت أسعار النفط المرتفعة نمو صناديق الثروة الكبيرة بين عامي 2007 و2014. خلال ذلك الوقت، كان ما يقرب من 60 في المائة من أصولها من عائدات النفط والغاز. ومع الأزمة المالية لعام 2008 تباطأ نموها، وبلغت قيمتها 4 تريليونات دولار في ديسمبر 2009 و5 تريليونات دولار في مارس 2012.

أكبر صندوق سيادي في العالم

يعد صندوق المعاشات الحكومية أو صندوق التقاعد الحكومي في النرويج هو الأكبر دوليًّا، وفقًا لمعهد صندوق الثروة السيادية، والذي وصلت قيمته في 2019 إلى 1.09 تريليون دولار.

أما الصناديق السيادية في الشرق الأوسط، فتعتمد كما سبقت الإشارة إلى اعتمادها الكبير على صادرات النفط، ولهذه فصناديق الخليج العربي تشكل حوالي ثلث إجمالي الثروة في الصناديق السيادية، وسيصل حجم قيم صناديق دول الشرق الأوسط 9 تريليونات دولار للاستثمار بحلول عام 2020، وفقًا لتقديرات ماكينزي.

أكبر 10 صناديق ثروة في العالم نعرضها مرتبة من الأكبر إلى الأصغر، كالآتي:

1-صندوق التقاعد الحكومي النرويجي

وفقًا لما ذكرته وكالة رويترز، فقد نمت قيمة صندوق الثروة السيادية في النرويج وهو الأكبر في العالم إلى رقم قياسي يبلغ 10 تريليونات كرونة نرويجية (1.09 تريليون دولار) مدعومًا بارتفاع الأسهم العالمية وقوة اليورو والدولار.

ووصل الصندوق إلى نقطة تحول حيث يتصارع المنظمون الحكوميون مع التغييرات الاستراتيجية، بما في ذلك كيفية التعامل مع مخاطر المناخ وتحويل الاستثمارات المقترحة على نطاق واسع إلى الولايات المتحدة.

تم تأسيس الصندوق منذ عام 1996 لتوفير عائدات النفط للأجيال القادمة، وقد زاد حجم الصندوق إلى ثلاثة أضعاف حجم إجمالي الناتج المحلي السنوي في النرويج، وهو ما يتجاوز بكثير التوقعات الأصلية.

وعندما أنشئ الصندوق، لم يظن أحد أنه سوف يتجاوز الـ10 أو الـ100 مليار كرونة، وفق ما قال الرئيس التنفيذي للصندوق، يونجيف سلاينجاستاد.
وقال: «العائد على الاستثمارات في الأسواق المالية العالمية كان مرتفعًا لدرجة أنه يمكن مقارنته باكتشاف النفط مرة أخرى».

ويدير الصندوق وحدة من البنك المركزي النرويجي، ويستثمر ما يقرب من 70 ٪ من الأموال في الأسهم العالمية ونحو 28 ٪ في محافظ أصول ذات دخل ثابت، وحيازات العقارات غير المدرجة تشكل الباقي.

وفي 27 أغسطس الماضي، اقترح البنك المركزي تحولًا قد يؤدي في النهاية إلى نقل أكثر من 100 مليار دولار من أسواق الأسهم الأوربية إلى الولايات المتحدة، على الرغم من أن مثل هذه الخطوة، إذا تمت الموافقة عليها، قد تستغرق سنوات حتى تكتمل.

2- صناديق الثروة الصينية

سبق وأن أعلن رئيس صندوق الثروة السيادية الصيني أن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة سيكون لها تأثير سلبي على استثمارات الصندوق. وقال تو قوانغ شاو رئيس مؤسسة الاستثمار الصينية «لا أحد منا يرجو هذه الحرب التجارية، لكن يبدو لي أنها لا يمكن تفاديها».

وبعيدًا عن التاثيرات، فصناديق السيادة الصينية، اعتمادها على تصدير البضائع للعالم، وهو ما يتيح للصين جمع عملات أجنبية ضخمة، ولدى الصين خمسة صناديق للثروة. تستثمر 2 تريليون دولار من 3 تريليونات دولار التي جمعتها البلاد. ويدير البنك المركزي الصيني الباقي لتنظيم عملته، وكل صندوق له أهداف منفصلة.

فمثلًا جاءت شركة الاستثمار الصينية التي تأسست عام 2007، بإجمالي أصول مالية بلغت 941.4 مليار دولار أمريكي، تستثمر منها في العقارات المحلية والبنية التحتية والشركات المملوكة للدولة.

أما سايف إنفيسمنت كروب فلديها 441 مليار دولار وتضم ثلاثة كيانات استثمارية مقرها في الخارج، وهي تشمل شركة الاستثمار لجمهورية الصين الشعبية في سنغافورة، وجينغكو في المملكة المتحدة، وبريل داتورا في جزر فيرجن البريطانية، وتستثمر في البنية التحتية.

أما سلطة النقد في هونغ كونغ والتي تحوز 456.6 مليار دولار، فتستثمر في سوق الأوراق المالية وتدعم الاستقرار المالي لهونغ كونغ.

وهناك الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في الصين والذي تصل قيمته لـ 295 مليار دولار. أما صندوق التنمية الصيني الإفريقي، وقيمته 5 مليارات دولار، فيستثمر في الأسهم والسندات بإفريقيا.

3-صناديق سنغافورة

يوجد في ولاية سنغافورة صندوقان للثروة يملكان 556 مليار دولار في المجموع، وتأتي الأموال من معدلات الادخار والاستثمار العالية للأشخاص والشركات في هذا المركز المالي العالمي.

العائد الأكبر من الصندوق الأول، وهو شركة حكومة سنغافورة للاستثمار، التي أصبحت الآن صندوق جي آي سي برايفت ليميتد GIC Private Limited، والتي تحوز 359 مليار دولار، تملكها وتمولها الحكومة، وينقسم إلى ثلاث مؤسسات أصغر:

GIC Asset Management: تستثمر في الأسهم والسندات والعملات الأجنبية والاستثمارات البديلة.

GIC Real Estate: لديها أكثر من 200 فندق في 30 دولة، بالإضافة إلى صناديق الاستثمار العقاري .

GIC Special Investments Private Limited: هي واحدة من أكبر شركات الأسهم الخاصة في العالم، وتستثمر في عمليات الاستحواذ ذات الروافع المالية ورأس المال الاستثماري والبنية التحتية .

أما صندوق الثروة الآخر في سنغافورة فهو تيماسيك، ويستثمر 197 مليار دولار من خلال 35 شركة تابعة، وهو يركز على الاستثمارات في آسيا والاستثمارات المرتبطة بالطاقة.

ويقوم بشراء الأسهم بدلًا من الاستثمارات المباشرة، وافتتح تيماسيك مكتبًا له مقره في نيويورك في عام 2013.

ويتوقع المحللون أن يقوم تيماسيك بتغيير استراتيجيته من امتلاك حصص صغيرة في الشركات المدرجة في البورصة إلى الاستثمارات المباشرة الرئيسية.

4- صناديق الإمارات العربية المتحدة

ذكرت مجلة «إيكونوميست» البريطانية، أن دول الخليج العربي الإمارات والكويت والسعودية تمتلك مجتمعة أصولًا بأكثر من 2 تريليون دولار.

وتمتلك الإمارات متصدرة الترتيب بصناديق الثروة العربية 4 صناديق سيادية، أولها جهاز أبوظبي للاستثمار، ثم مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، فصندوق مبادلة للاستثمار التابع لحكومة أبوظبي، وأخيرًا صندوق الثروة السيادي الاتحادي، هيئة الإمارات للاستثمار.

ووصل إجمالي حجم الصناديق السيادية في العالم إلى 8.14471 تريليونات دولار (29.9 تريليون درهم). وصناديق الثروة في الإمارات تأتي مرتبة كالآتي:

– هيئة أبوظبي للاستثمار:

وتتمثل مهمة هيئة أبوظبي للاستثمار في الحفاظ على الرخاء طويل الأجل لإماراة أبو ظبي من خلال زيادة رأس المال بحكمة من خلال عملية استثمار منضبطة وأشخاص ملتزمين يعكسون القيم الثقافية لشركة أبوظبي للاستثمار. وتأسست هيئة أبوظبي للاستثمار (الصندوق السيادي) عام 1976، وتقدر قيمة الصندوق اليوم بــ828 مليار دولار، وفقًا لما ذكره معهد صناديق الثروة السيادية، مما يجعله ثالث أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم، وتقوم الدولة بتغذيته بالفوائض المالية من صادرات النفط، وغيرها.

وأصبحت هيئة أبوظبي للاستثمار (الصندوق السيادي)، ضمن أكبر خمسة مستثمرين في العقارات على مستوى العالم، فالصندوق يستثمر 62.1 مليار دولار في أصول عقارية، مما يجعله أهم مستثمر في العقارات على مستوى العالم.

ويمثل الاستثمار الذي يقوده صندوق أبوظبي، في قطاع العقارات، نسبة 7.5% من إجمالي الأصول المدارة، حيث أعلن بنك «أوف أمريكا ميرل لينش»، أن الصندوق جاء في المرتبة الثانية عالميًّا، كأكبر صندوق ثروة سيادية استثمارًا في مشاريع البنى التحتية، بقيمة 91.16 مليار درهم (24.84 مليار دولار).

– مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية:

جاءت مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، في المركز 13 عالميًّا، بأصول بلغت قيمتها 239.38 مليار دولار، وهي الذراع الاستثمارية الرئيسية لحكومة إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة. وتأسست في عام 2006 وقامت بتوحيد محفظة الشركات والاستثمارات التجارية القائمة في الإمارة.

– صندوق مبادلة :

جاء صندوق مبادلة للاستثمار التابع لحكومة أبوظبي في المركز 14 عالميًّا، بأصول بلغت قيمتها 841 مليار درهم إماراتي، أي 229 مليار دولار أمريكي. وتأسست شركة مبادلة للاستثمار في عام 2017 نتيجة لعملية اندماج بين شركة مبادلة للتنمية وشركة الاستثمارات البترولية الدولية، وكلاهما أسستهما حكومة أبوظبي لتوجيه أموال النفط نحو تطوير الاقتصاد.

-هيئة الإمارات للاستثمار:

ويعد صندوق الثروة، هيئة الإمارات للاستثمار صندوقًا بقيمة 45 مليار دولار، وحل صندوق الثروة السيادي الاتحادي، في المركز 27.، وهو صندوق تابع لحكومة الإمارات، أنشئ في عام 2007.

5- صندوق الثروة الكويتي

تعمل الهيئة العامة للاستثمار (الصندوق السيادي الكويتي) على توسيع استثماراتها نحو أوربا بشكل خاص وتعزيز تواجدها في الأسواق الأمريكية، خاصة في أسواق العقارات وعلامات البيع بالتجزئة.

وفي العام الماضي، تم الإعلان في 17 سبتمبر الماضي عن استحواذ الصندوق السيادي الكويتي على شركة بحر الشمال للعملیات الوسیطة التي تعمل في مجال الغاز الطبیعي ببحر الشمال في بريطانيا، حيث تغلب الصندوق السيادي الكويتي على عروض من جيه بي مورجان وبلاكستون وشركة الاستثمار المباشر كيه كيه آر.

ويصنف معهد صناديق الثروة السيادية هيئة الاستثمار الكويتية بأنه رابع أكبر صندوق ثروة سيادي بحجم يبلغ 592 مليار دولار وتسبقه في الترتيب صناديق النرويج والصين والإمارات.

وتتوزع أصول الهيئة العامة للاستثمار بين 45% أسهم و20-25% سندات والعقار نحو 10%، في حين أن حصة الاستثمارات البديلة تبلغ 15%.وبحسب بيانات حكومية فإن خريطة استثمارات الصندوق السيادي الكويتي عالميًّا تظهر استثمار ما نسبته 55% من إجمالي استثمارات الصندوق في الولايات المتحدة الأمريكية بما يقارب 300 مليار دولار.

وتظهر البيانات أن استثمارات الصندوق السيادي الكويتي زادت في الولايات المتحدة الأمريكية بأكثر من 600% خلال السنوات العشر الأخيرة، وذلك ضمن خطة استراتيجية تستهدف زيادة حجم الاستثمارات هناك بالتزامن مع التقارير العالمية التي تؤكد نمو الاقتصاد الأمريكي وقيادته للاقتصاد العالمي خلال السنوات المقبلة.

وتوضح البيانات أن استثمارات الصندوق السيادي في أمريكا متنوعة بين الأسهم والسندات وخاصة سندات الخزانة الأمريكية، إضافة إلى العقارات وتزداد الاستثمارات بالقطاع التكنولوجي بشكل واضح حيث عزز الصندوق السيادي تواجده بالقطاع من خلال مساهمتها في كبرى الشركات التكنولوجية خلال الآونة الأخيرة.

تجدر الإشارة إلى أن الصندوق السيادي الكويتي حقق صافي أرباح بقيمة 24.07 مليار دينار (ما يعادل 79.5 مليار دولار) عن استثمار احتياطيات الدولة، ممثلة في أصول الصندوق السيادي الكويتي خلال السنوات الثلاث من العام المالي 2014/2015 وحتى العام المالي 2016/2017.

وبذلك يصل متوسط صافي الربح السنوي لاستثمارات أصول الصندوق السيادي الكويتي خلال السنوات الماضية إلى 26.5 مليار دولار بعائد سنوي 4.5% على أساس تقديرات وكالة فيتش للتصنيف الائتماني لأصول الصندوق السيادي بقيمة 590 مليار دولار.

6-صناديق السعودية

في المملكة العربية السعودية، يدير صندوق الاستثمارات العامة نحو 360 مليار دولار من الأصول، ويلعب هذا الصندوق دورًا مهمًّا في تحقيق رؤية التنويع الاقتصادي «رؤية 2030». ويتمثل دور الصندوق، في تمويل الاستثمارات بربحية آمنة ومستدامة من أجل دعم أجيال المستقبل السعودية التي لن تكون قادرة على الاعتماد على عائدات النفط، ومن ناحية أخرى للتمويل السريع للمشاريع الهيكلية لرؤية 2030.

ويقوم صندوق الاستثمار، بفضل خبرته المحلية والدولية، بتمويل المشاريع الاستراتيجية في المملكة إضافة إلى الاستثمارات المباشرة في الخارج.

وترتكز فلسفة الصندوق بشكل أساسي على الإنجاز، ومن المتوقع أن يحصل هذا الصندوق على بعض الأموال التي يجمعها الاكتتاب العام لأرامكو وكذلك بيع سابك (الشركة السعودية الرائدة في مجال البتروكيماويات) لتعزيز تطويره على نماذج عمل عالمية.

وعلى المستوى المحلي، هذا الصندوق هو الذي يحمل المشاريع الثلاثة الرئيسية لرؤية 2030: مدينة نيوم بقيمة 500 مليار دولار ومدينة الترفيه ومشروع البحر الأحمر السياحي.

وتهدف مؤسسة النقد العربي السعودي (SAMA)، التي تأسست عام 1952، إلى تحقيق الاستقرار في النظام النقدي في البلاد وإدارة احتياطيات النقد الأجنبي في المملكة، وهي تدير الآن حوالي 500 مليار دولار من الأصول، معظمها يتكون من أصول سائلة.

7- البحرين وعمان

في عام 2005، أنشأت البحرين «ممتلكات» وهو صندوق الثروة السيادية الخاص بها، والذي يمتلك الآن أصولًا بأكثر من 30 مليار دولار بحيث يركز هذا الصندوق بشكل أساسي على دعم الاقتصاد المحلي في البحرين.

كذلك أنشأت سلطنة عمان صندوق الاحتياطي العام للدولة (SGRF) في عام 1980 بقيمة 30 مليار دولار، والمشارك في التنمية الاقتصادية للسلطنة، لا سيما في القطاع الصناعي والسياحي والطاقة المتجددة، كما يستثمر بشكل مباشر أو من خلال صناديق في آسيا والولايات المتحدة وأوربا.

صناديق الخليج والتنويع

تسعى الصناديق السيادية الخليجية، إلى تحقيق أهداف اقتصادية ومالية ولكنها يمكن أن تكون مختلفة، فهي عدة أنواع:

– صناديق الاستقرار: يعوض الدخل من الاستثمارات المالية ارتفاع أسعار السلع الأساسية ويجعل من الممكن سد أي عجز محتمل في الميزانية، على غرار مؤسسة النقد العربي السعودي.

– صناديق الأجيال القادمة: الموارد المستمدة من البترول تشكل إيرادات أصول أكثر تنوعًا يتم تخزينها لاستخدامها لاحقًا.

– صناديق إنمائية: تتمثل مهمتها في الاستثمار بكثافة في البنية التحتية المحلية لزيادة إمكانيات النمو الاقتصادي.

تحديات الصناديق السيادية

لقد دفعت الأزمة صناديق الثروة السيادية (SWF) إلى إعادة التفكير في استراتيجياتها الاستثمارية من خلال تنويع الأصول والمناطق المستهدفة في العالم، وهذه الصناديق قبل أن تكون المنقذ للشركات المتعثرة، فإنها قبل كل شيء تستثمر بذكاء فهي لا تتردد في التخلي عن السندات أو تقليص حصتها في رأس المال، إذا كانت هناك توقعات بتحقيق مكاسب أو في حالة تتطلب فيها تقلبات الأسواق المالية بيع سريع.

ويظل التحدي الحقيقي للصناديق السيادية هو العثور على التوازن المناسب ففي الواقع، يجب أن تكون صناديق الثروة السيادية مستقلة عن القوى السياسية والتقلبات الاقتصادية، في منطقة غير مستقرة، وذلك من أجل الحفاظ على الاستثمارات وعلى مصداقيتها.

مستقبل الصناديق

صرح مسؤولو الصناديق السيادية العالمية، الذين شاركوا في مبادرة الاستثمار في المستقبل (FII) في الرياض مؤخرًا، إن الصناديق تسعى إلى تنويع استثماراتها لتوزيع المخاطر، وشددوا على أن التحول إلى الاستثمارات البديلة سيشكل جزءًا كبيرًا من اهتمام المحافظ الاستثمارية في الصناديق السيادية، مما يؤكد الاتجاه نحو عقد شراكات مع الشركات.

وقال خالد الرميحي، الرئيس التنفيذي لشركة ممتلكات البحرين القابضة، إن صناديق الثروة السيادية تتباين في أدائها من خلال عملياتها، لأنها كانت أصولًا استراتيجية للدولة وتعمل مثل شركات الأسهم الخاصة. وأشار الرميحي إلى أنه يتوقع أن تزيد استثمارات الشركة في الاستثمارات البديلة إلى 30 في المائة بحلول عام 2031.

وقال: «طالما أن المصدر جيد للاستثمار، فإن الصناديق السيادية تميل إلى العمل معًا في هذا الاتجاه». وتعد تحولات استثمارات صناديق الثروة السيادية من قطاع إلى آخر طبيعية، بما يتماشى مع التطورات العالمية في الاقتصاديات والانتقالات الهيكلية في الثورة الصناعية الرابعة، وفقًا لما قاله الرئيس التنفيذي لشركة ممتلكات.

قال فاروق البستكي، العضو المنتدب لهيئة الاستثمار الكويتية، إن رؤساء الصناديق السيادية حول العالم لم يكونوا قلقين بشأن تقلبات السيولة، وأشار إلى أن تنوع الاستثمارات التي تتبناها الصناديق السيادية «تعطي زخمًا لتوزيع المخاطر، ويعزز القطاعات المهمشة».

وقال هينام تشوي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة كوريا للاستثمار، إن بلاده تسعى حاليًا إلى زيادة التركيز على الاستثمارات البديلة، من 16 في المائة إلى 20 في المائة بحلول عام 2021.

وختم المسؤولون إلى أن أحد أبرز الاستثمارات المستقبلية هو الشراكات بين الصناديق السيادية والشركات العائلية في السنوات المقبلة، كما أكدوا على أهمية موازنة استثمارات الصناديق السيادية بين الاستثمار المحلي والأجنبي.

الرابط المختصر