خواطر قديمة في فلسفة صندوق مصر السيادي

بقلم محسن عادل مسئول قطاع الاستثمار في مجموعة بيت الخبرة

على مدار الفترة الماضية بذلت جهود تابعتها عن قرب لتطوير وهيكلة منظومة استثمارية متكاملة تكون هي محور عمل صندوق مصر السيادي كإحدى الأدوات الرئيسية في بناء الهيكل الاستثماري الجديد لمصر مع بدايات المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.

E-Bank

دفعني ذلك للبحث في أوراق قديمة كتبت فيها ملاحظاتي على الصندوق عندما كان يجري صياغة المسودة الأولى للقانون خلال عام 2017 وآثرت ألا أنشرها وقتها إلا أنه الآن وبعد تكامل منهجية العمل فقد يكون من الملائم عرضها ولعل أبرزها كان:

* يعتمد الصندوق على إدارة مستقلة تحت إشراف رقابي للدولة وهو اتجاه نرى إيجابيته واتساقه مع التجارب العالمية كما نتفق مع فكرة الصندوق بالنسبة لهدف تحسين إدارة أصول الدولة وممتلكاتها ورفع معدلات العائد الاقتصادي والاستثماري عليها.

* فكرة ومنهجية عمل الصندوق تتفق مع التحول الكبير الذي طرأ على صناديق الثروة السيادية عالميًّا لتعمل على نمط شبيه بنمط أداء الصندوق القابض، فستقوم هذه الصناديق بالاستثمار مباشرة في صناديق الاستثمار المباشر الأصغر أو محددة الهدف.

تابعنا على | Linkedin | instagram

* تأسيس صندوق لإدارة أصول الدولة هي فكرة جيدة، خاصة وأن دولًا كثيرة أسست مثل ذلك الصندوق، أو تحت مسمى جهاز اختص بإدارة أصول الدولة للاستفادة منها بشكل جيد، إلا أن الفكرة سيتوقف نجاحها على وجود الإدارة الاقتصادية ذات الكفاءة العالية، التي سيقام عليها الصندوق، والتي ستتولى مهمة الإدارة.

* نسب نجاح الفكرة لتطبيقها على أرض الواقع يرجع إلى مدى قوة الدراسات الاقتصادية التي ستوضح معدلات تنفيذ الأهداف، فعملية التكوين لاستثمارات الصندوق يجب أن تكون من خلال جهة مسؤولة هي التي تعد بنفسها أو من خلال جهات أخرى معاونة سواء كانت قطاعًا خاصًّا أو حكوميًّا، الجدوى الاقتصادية للمشروع، وقد يكون من المناسب أن يتم إجراء عملية دمج لعدد من شركات الأصول خاصة العاملة في قطاعات متشابهة.

* نموذج عمل الصندوق قد يحتاج الى ضخ سيولة لعمل توزان ببين القطاعات التي سيتولى إداراتها نظراً لأن جزءًا كبيرًا منها يحتاج لاستثمارات ويحتاج إلى إعادة هيكلة خاصة وأن نموذج الشراكة من خلال صناديق تابعة مع القطاع الخاص أو مؤسسات إقليمية أو دولية أو عربية أو التمويل المصرفي يعد نموذجًا مستقرًّا للأعمال في المرحلة الأولى من عمل الصندوق.

* أتحفظ على فكرة أن يتم تقديم مبلغ سنوي ثابت للصندوق من الموازنة العامة للدولة فهذا سيمثل عبئًا إضافيًّا ولكن يمكن دراسة أن يتم ضخ مبالغ عند الحاجة حسب الضرورة الاقتصادية أو طبيعة النشاط الذي سيقوم به الصندوق ونؤكد أن النموذج العالمي لا يخصص فيه أي مبالغ ثابتة من الموازنة ولكنه يكون نسبة من أحد الموارد أو الأنشطة الاقتصادية عادة.

* يقع على عاتق صناديق الثروة السيادية عالميًّا حاليًا مهمة أصعب لزيادة عوائدها من الاستثمارات خلال الفترة المقبلة مقارنة بكافة أنواع صناديق الاستثمار في ضوء المتغيرات الاقتصادية العالمية.

* يجب دراسة نقل جزء من محفظة الأصول الاستثمارية الخاصة ببنك الاستثمار القومي للصندوق لكي تكون جزءًا أساسيًّا من محفظته الاستثمارية عند بدء عمل الصندوق.

* هناك بعض النقاط القانونية التي نرى ضرورة أن تكون راسخة ضمن منهجية عمل الصندوق مثل آليات المراقبة ومعايير البيع والتصرف في الأصول التي سيتم نقل ملكيتها للصندوق وآليات الاختيار بالنسبة للأصول الاستثمارية وقواعد وضوابط عمليات الاستثمار.

* الصندوق لن يكون بديلًا عصريًّا للخصخصة والتخلص من الأصول اقتصاديًّا لهذا فهناك ضرورة أن يتم عملية اختيار الأصول واستغلالها اقتصاديًّا ضمن برنامج إعادة هيكلة شاملة ومتكاملة للجهة التي ستقوم بنقل ملكية هذه الأصول بغرض تحقيق الهدف التنموي والاقتصادي المنشود من إقامة هذا الصندوق وأسوة بالنماذج العالمية المماثلة.

* ضرورة عدم منح أي ميزة تفضيلية للصندوق قياسًا بمعاملات الاستثمار الأخرى التي يمكن القيام بها مباشرة كما أن هناك ضرورة لوضع معايير واضحة للتعامل مع أصول الدولة وإلا تكون فقط بقرار من مجلس إدارة الصندوق ولكن أيضًا من خلال سياسة عامة يعتمدها سنويًّا مجلس الوزراء بناء على عرض مجلس إدارة الصندوق.

* ضرورة ربط الصندوق بمشروعات خطة الدولة 2030 مع الأخذ في الاعتبار مشروعات الخريطة الاستثمارية للدولة التي يجري حاليًا إعدادها وتحديثها بما يضمن مشاركة الصندوق في مشروعات التنمية الاقتصادية بصورة أكثر فاعلية وفقًا لفلسفة التعامل مع أصول الدولة ليس فقط باعتبارها أصولًا اقتصادية فقط ولكن باعتبارها استثمارًا تنمويًّا ذا أبعاد مجتمعية أيضًا وهو ما يجب معالجته عند إعداد الدراسات النهائية للمشروعات .

* في ضوء التجارب العالمية فإن الدول ترى أن زيادة الاستثمارات في الأصول الاستثمارية وسيلة فاعلة للنمو طويل الأجل، إلا أنه يجب التأكيد على ضرورة ضمان الشفافية الكاملة لعمليات الصندوق وبما يضمن الالتزام بالمعايير الدولية في الإفصاح والشفافية عن العمليات والأنشطة الخاصة بالصندوق.

لقد كتبت هذه الخواطر نهاية عام 2017 وأرى أن ما تشهده إدارة الصندوق الحالية ونظم عمله من احترافية حقيقية تبشر بتحقيق نجاحات حقيقية في مجال عمله وتمثل ركيزة فعالة للشراكة ما بين الدولة والقطاع الخاص وبالتبعية زيادة العوائد الاستثمارية المحققة على أصول الدولة بالإضافة إلى رفع درجة حوكمة التعامل مع الأصول.

الرابط المختصر