المركزي وولايته الجديدة

بقلم ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية

حقق البنك المركزي في ولايته السابقة نجاحات في مجالات عديدة حيث بدأت في ظروف معقدة للغاية وكان التحدي الأكبر هو سعر الصرف وقيمة العملة الوطنية واختلافها في السوق الرسمية عنها في السوق السوداء، وارتفاع التضخم وارتفاع سعر الفائدة نتيجة لكل ما سبق مما جعل الاستثمار متباطئًا في النمو وكاد أن يكون بالسالب لولا النمو في قطاع الطاقة في ذلك الوقت.

E-Bank

والآن نرى صورة مختلفة تمامًا فلا توجد سوق سوداء وتم كبح جماح التضخم وبدأت أسعار الفائدة في الهبوط وتلك نجاحات تنسب لجهات رسمية متعددة وعلى رأسها البنك المركزي.

ولا يمكننا إغفال تأثير تلك السياسات على المواطن الذي عانى ولا يزال يعاني كثيرًا متحملًا نتائجها أملًا في مستقبل أفضل. تم تجديد الثقة والتعيين للسيد محافظ البنك المركزي لفترة أخرى والتصديق عليها من مجلس النواب وكلنا تابعنا تلك الأخبار باهتمام شديد فذلك الكيان هو من أكثر الكيانات التي نؤثر على حياة كل مواطن مصري بطريقة مباشرة وغير مباشرة.

وإذ نتمنى للسيد المحافظ والعاملين معه ولاية جديدة ملؤها النجاح وقيادة السياسات المالية والنقدية لخير وطننا الغالي ورخاء مواطنيه بعد سنوات صعبة أرصد في تلك المقالة عدة محاور أتمنى أن أرى بها تغييرًا حقيقيًّا في السنوات القادمة.

أولًا: في الشمول المالي والتحول من مجتمع نقدي إلى مجتمع لانقدي، لا ننكر جهودًا عظيمة بذلت من المجلس القومي للمدفوعات والمركزي والمالية والحكومة في تحصيل مدفوعات حكومية بطرق لانقدية وتعديلات تشريعية لكن ما زالت النتائج أقل بكثير من المتوقع وحتى من دول كثيرة في قارتنا السمراء ليس لديها إمكانياتنا ولكن سبقتنا كثيرًا في هذا المجال.

ولا تزال القرى ومعظم المراكز خالية تمامًا من أي تواجد مصرفي أو مؤسسي وهذا طبيعي لأن تلك المناطق غير مجدية اقتصاديًّا لتلك الكيانات. فلا يمكن أن نتوقع لبنك كبير أن يفتح فرعًا في قرية صغيرة من أجل الشمول المالي مضحيًا بخسارة متوقعة من أجل هدف نبيل. وإن فتح فرعًا فلن يكرر التجربة.

لذلك أرجو أن يتم تعديل القانون للسماح لكيانات أخرى لفتح أفرع ووكالات بشروط مناسبة وقبول المدخرات المتناهية الصغر وتقديم الخدمات المالية المناسبة لتلك القرى التي يسكن بها أكثر من نصف عدد السكان. فلا شمول مالي ولا تحول لمجتمع لانقدي دون بنية تحتية تتيح ذلك ولا بنية تحتية دون تشريعات تسمح بل تشجع على وجودها مع جدوى اقتصادية وإلا فلِمَ لم نحقق تقدمًا في تلك المناطق على مر السنوات الماضية؟

ثانيًا: في سوق السندات الثانوية والتي هي سوق غير شفافة ولا توجد معلومات كافية عن التداول بها ويسيطر عليها تمامًا البنوك خاصة من المصنفين منهم بالمتعاملين الرئيسيين المرخصين للتعامل على تلك السندات بالسوق الأولية.

فمن غير المعقول عدم تواجد سوق ثانوية إلكترونية بدولة بحجم مصر للتعامل على السندات بشفافية ولمصلحة المستثمر. فعدم الشفافية وقصر التعامل على البنوك تمكنها من تحقيق أرباح لسوق يغيب عنها الكفاءة على حساب المستثمر الذي قد تفيده أكثر الشفافية. ولا أجد أي مبرر لذلك خاصة وقد كانت السندات الحكومية واحدة من الأدوات التي كان يتم التداول عليها في البورصة المصرية حتى صدور قانون المتعاملين الرئيسيين في مطلع الألفية الحالية. أيضًا حرم ذلك مصر من حساب منحنى العائد الذي هو أداة مهمة في تسعير الفائدة وفي قياسات عديدة أخرى.

ثالثًا: في حماية حقوق الأفراد من بعض الممارسات بالبنوك والتي لا أعتقد أنها تصب في صالح الاقتصاد بقدر ما تصب في صالح أرباح تلك المصارف وعلى رأسها آليات تسعير الفائدة الدائنة والمدينة والفرق بينهما. فكثير من المصارف يقبل ودائع بفائدة تقل بستة وسبعة بالمائة عن فائدة الإقراض للأفراد وذلك هو هامش ربح غير مبرر وأكبر بكثير من المتعارف عليه بالمصارف.

ولا تخلو المعاملات مع البنوك لقلة عدد أفرعها مقابل عدد عملائها بخدمات بها ضياع الكثير من الوقت والجهد والخطأ وأتمنى من المركزي في ولايته الجديدة وضع وتنفيذ معايير للجودة لخدمة عملاء البنوك خاصة من يتمتع بها بالعدد الأكبر من العملاء وإلا فلا شمول مالي دون مصارف قادرة على خدمة عملائها بصورة لائقة ومرضية وتكلفة غير مبالغ فيها.

مصر دولة عظيمة بتاريخها وأبنائها وإمكانياتها وستكون أعظم بإذن الله بجهود القائمين عليها وبكل مواطن منا فتتضافر الجهود والهمم نحو مستقبل أكثر راحة وإشراقًا لأنها لا تستحق إلا الأفضل.

الرابط المختصر