سبوتنيك نيوز
الأزمة المالية المتفاقمة في لبنان ألقت بظلالها مؤخرا على رواتب الموظفين في القطاع العام، حيث اتهم وزير المالية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، علي حسن خليل، البنوك اللبنانية أمس الثلاثاء بـ”حبس” رواتب الموظفين وعدم دفعها كاملة.
وكتب خليل على “تويتر”، “من غير المقبول ما يحصل في بعض المصارف حيث تحبس معاشات الموظفين التي تحولها وزارة المالية شهريا”.
الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان وصفها الخبراء في حديثهم لـ”سبوتنيك”، بأنها الأسوأ منذ الحرب الأهلية التي عاشها لبنان في الفترة من “1975-1990″، خاصة أن البنوك فرضت سقفا للسحب من الحسابات بالدولار بحيث لا تتجاوز نحو 1000 دولار شهريا، وهو ما أثر بشكل كبير على حركة السفر والشراء.
وتقول غولاي الأسعد، مرشحة برلمانية سابقة، إن عدم صرف الرواتب وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء دفع الناس للعزوف عن شراء أية أشياء غير ضرورية.
أزمة الرواتب
من ناحيته، قال زياد نصر الدين الخبير الاقتصادي اللبناني، إن الدولة حولت الرواتب إلى المصارف إلا أن الأخيرة لم تقم بدفع الرواتب للموظفين.
وأضاف أن هناك اجتماع للمالية للمطالبة بالدفع الفوري لرواتب الموظفين، خاصة أن هذه الأموال هي أموال الدولة اللبنانية وليس للمصارف أي تحكم فيها.
ويرى زياد أن الأزمة المالية ألقت بظلالها على احتفالات رأس السنة، وكافة الحياة العامة بشكل عام، وأنه تأثير الأزمة اتضح على كافة المستويات.
ويرى نصر الدين أن المؤشرات الأخيرة ربما تشير إلى فرصة نوعية لمكافحة الفساد من خلال رؤية اقتصادية صحيحة، والاستفادة من المساعدات الدولية في خلق اقتصاد حقيقي، خاصة أنه في السابق كانت المساعدات تذهب إلى جيوب السياسيين.
هل ينقذ النفط الوضع
وأشار إلى ضرورة الاهتمام بالملف النفطي اللبناني، خاصة في ظل إمكانية كبيرة لوجود مصادر طاقة من الغاز في سواحل البحر اللبناني.
ويرى أنه حال تشكيل الحكومة خلال عشرة أيام ستكون خطوة إيجابية على طريق استعادة الاقتصاد اللبناني عافيته مرة أخرى.
وشدد على أن قدرة لبنان على دفع الرواتب للموظفين متوفرة حتى يونيو 2020.
انهيار اقتصادي
من ناحيته قال محمد ياسر الصبان، الباحث الاقتصادي، إن الوضع الاقتصادي اللبناني في الوقت الراهن يتجه نحو الانهيار.
وأضاف، في تصريحاته لـ”سبوتنيك”، أن عدم تحويل المصارف لرواتب الموظفين تخلق حالة من البلبلة التي ينتج عنها عدم الثقة.
ويشير إلى أن عدم الثقة سيدفع الوضع الاقتصادي نحو الانكماش، وهو ما يؤثر سلبا على المناخ الاقتصادي اللبناني من كل جوانبه.
وأشار إلى أن الوضع الاقتصادي الحالي في لبنان يعد أسوأ ما في النظريتين الاشتراكية والرأسمالية، خاصة في ظل تحكم القطاعين الخاص والعام بالمواطنين من الناحية المادية ودفع الرواتب.
تراجع القوة الشرائية
فيما يقول حسن حردان، المحلل اللبناني، إن الأزمة المالية أثرت بشكل مباشر على أعياد الميلاد.
وأضاف، في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن حركة الشراء تعاني من الجمود، وأن أصحاب المحال التجارية يشكون من تراجع الإقبال.
بحسب حردان، فإن تراجع القوة الشرائية جاء إثر تسريح الموظفين من القطاعات والشركات الخاصة، وكذلك عدم دفع كامل الرواتب للموظفين، خاصة أن بعض الشركات تدفع نصف الرواتب، وهو ما انعكس على شراء الهدايا وطقوس الاحتفال بشكل عام.
وشدد على أن الأزمة المالية الحالية تحتاج إلى سرعة في تشكيل الحكومة لخلق حالة إيجابية وبحث الحلول للأزمات المتراكمة، وتشهد لبنان احتجاجات منذ 17 أكتوبر، ما أدى إلى استقالة الحكومة بعد أسبوعين من اندلاعها، وعدم التمكن من تشكيل حكومة جديدة حتى اليوم رغم تسمية الوزير السابق حسان دياب.
تراجع التصنيفات الدولية
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قامت الوكالة الدولية للتصنيفات الائتمانية ” ستاندرد آند بورز“، بتخفيض تصنيف ثلاثة بنوك لبنانية، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وذكرت صحيفة “النهار” اللبنانية، البنوك الثلاثة التي تم تخفيض تصنيفها إلى درجة CCC من -B وهي “بنك عوده” و”بلوم بنك” و”بنك ميد”.
ووفقا للوكالة، فإن البنوك المستهدفة تعاني من ضغوط الطلب المتزايد على السيولة، وذلك بعد إغلاق المصارف اللبنانية لفترات طويلة، بسبب الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي انطلقت في 17 أكتوبر الماضي اعتراضا على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد.
تحذيرات رسمية
وفي حديث سابق لـ سبوتنيك”، حذر وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال منصور بطيش من التلاعب بالأسعار، وقال إن “مديرية حماية المستهلك من ضمن أجهزة وزارة الاقتصاد موكلين على حماية الإنتاج الوطني وحماية المستهلك وعدة نشاطات واتفاقيات تجارية، لدينا 46 فرقة تتحرك في الاسواق على كامل الأراضي اللبنانية لمراقبة الأسعار”.
وتابع: “العدد محدود ولكن العمل يكون حتى خارج الدوام الرسمي، لمراقبة الأمن الغذائي المحطات المحروقات والمولدات الكهربائية على سبيل المثال لا الحصر، ننظم محاضر ضبط بحق المخالفين بالأسعار وفقا لقانون حماية المستهلك وسنصل إلى إقفال بعض المتاجر في حال الاستمرار في رفع الأسعار هنالك تجاوز وغش، نسب الغلاء تتراوح بين 10 و 15%، والإنتاج المحلي لا يستدعي زيادة الأسعار، الغلاء من 15 و20 و30 و35 و40 % والبعض يتذرع بالفروقات بسعر صرف الليرة مقابل الدولار وقد يكون مفهوما في بعض الحالات ولكن القسم الأكبر هو استغلال للوضع وغش وطمع وتلاعب بالأسعار”.