إنجازات وإخفاقات الشرق الأوسط في 2019

اكتتاب أرامكو الأكبر في العالم... حدث تاريخي

aiBANK

محمد عبدالله

تجاوزت أسواق الشرق الأوسط بنهاية عام 2019 كثيرًا من المخاطر التي ظهرت أمام المحللين في بداية العام، لذلك ومع ختام العام، فإن الصورة ليست قاتمة، إذ سجل مؤشر بلومبرج للسلع الأساسية ارتفاعًا بنسبة 5 في المئة تقريبًا على أساس سنوي، في 24 ديسمبر، وذلك بعد انخفاضه بنسبة 13 في المئة في عام 2018، وأمام هذا فسيختبر عام 2020 ما إذا كانت الأموال الأجنبية ستستمر في التدفق وتحقق معدلات أفضل، يبقى هذا هو السؤال، وفق ما ذكر تقرير شبكة بلومبرج الاقتصادية الشهيرة.

E-Bank

قالت بلومبرج، ينتهي العام بشكل إيجابي، على الرغم من أن الأشهر الستة الأولى كانت وضعت أعصاب المستثمرين على المحك، فتغريدات الغضب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصعيد الحرب التجارية ضد بكين، وهجمات ناقلات النفط في مضيق هرمز الاستراتيجي، والهجوم الإرهابي على منشآت أرامكو السعودية، كل هذه الأحداث غذت تقلبات الأسواق.

وافتتح العام بنجاحات، مع قيام خمس اقتصادات عربية خليجية بالانضمام إلى مؤشرات سندات الأسواق الناشئة في جي بي مورجان، وبقيت الأنظار قوية على شركة أرامكو السعودية العملاقة وتحقيقها 12 مليار دولار من السندات الدولية لأول مرة، أعقب ذلك في أبريل من العام الاستعدادات التاريخية التي كانت مقدمة للطرح في نهاية السنة.

وتفوقت سندات دول الخليج العربي على نظرائها في الأسواق الناشئة بعائدات بلغت 15% هذا العام. وارتفعت سندات السعودية وأرامكو.

ورغم هذه النجاحات، فقد خفف من زخم ذلك الضربات الجوية بدون طيار والصواريخ على منشآت أرامكو في 14 سبتمبر، والتي أوضحت حجم التهديدات المحيطة بالمنطقة وخطوط الصدع السياسية والمخاطر المحتملة التي يواجهها المستثمرون.

سيتي جروب: مخاطر الاضطرابات الجيوسياسية مستمرة

وقال محلل شركة سيتي جروب «إدوارد مورس» :»لم يختف خطر الاضطراب الجيوسياسي في المنطقة. برغم التطور الذي حدث في المنطقة إلا أن الرياح المعاكسة خفضت بشدة من نمو الأسواق بشكل أكبر».

فيما يلي قائمة ببعض أكبر المخاطر المتوقعة للعام المقبل:

مشكلة إيران

دفعت إمكانية نشوب حرب مدمرة مع إيران وميليشياتها بالوكالة في المنطقة دول الخليج العربي إلى إعادة التفكير الاستراتيجي. وأمام هذا فإن أي إشارة إلى المصالحة بين دول الخليج وإيران، أو وضع حد للحظر المفروض على قطر، من شأنه أن يعطي دفعة قوية لقضية الاستثمار في المنطقة، يفوق نمو المؤشرات التي حدثت خلال العام.

النفط مؤشرات ارتفاع

مع تراجع قيم خام برنت بنحو 20 % منذ أن وصل إلى أعلى مستوى في أربع سنوات في أكتوبر 2018، تتسع العجوزات المالية للبعض في المنطقة وأي انخفاض آخر في أسعار النفط في عام 2020 سيزيد من حدة ذلك على الميزانيات، وفقًا لتصنيف فيتش.

رغم ضربات 14 سبتمبر.. توقعات إيجابية لأسعار النفط 2020

قالت وكالة الطاقة الدولية في ديسمبر إن أسواق النفط العالمية لا تزال تواجه فائضًا في عام 2020 حتى لو قدمت أوبك وشركاؤها تخفيضات الإنتاج المعلنة حديثًا بالكامل. تستمر الإمدادات خارج المجموعة، بقيادة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة، في النمو بوتيرة أسرع بكثير من الطلب العالمي، وهذا سيؤدي إلى زيادة ضغوط على عمليات الاقتراض.

ورغم ضربات سبتمبر على أرامكو، فقد ارتفع برميل برنت بنسبة 15 في المئة في جلسة واحدة.

كل هذه الصدمات لم تثبط المستثمرين. على العكس من ذلك؛ فوفقًا لفرق البحث التابع لـسيتي جروب، وضع المستثمرون، كما في نهاية شهر نوفمبر الماضي، ما مجموعه 473.7 مليار دولار على المنتجات المرتبطة بالمواد الخام، بزيادة قدرها 23 في المئة على مدار عام واحد.

ويمكن أن يستمر هذا الاتجاه، حيث يتوقع المحللون أداء جيدًا أيضًا في 2020. في المقابل، كما في عام 2019: «ستستمر المواد الخام في العيش تحت رحمة المفاوضات التجارية»، كما يقول أحد المحللين في آي إن جي.

لكن فيما يتعلق بهذه المسألة، تبدو البيئة الآن مواتية، بعدما توصلت الصين والولايات المتحدة إلى اتفاق من حيث المبدأ، ومع اقتراب الحملة الرئاسية الأمريكية بسرعة، ينبغي أن يكون دونالد ترمب أكثر تصالحية من ذي قبل. فبالنسبة له، المسألة متعلقة بعدم إضعاف الاقتصاد الأمريكي، من أجل تعظيم فرصه في إعادة انتخابه.

وقال محللون في سيتي جروب إن هذا من شأنه أن يخفف من حالة عدم اليقين بشأن النمو العالمي، وبالتالي دعم الطلب على المواد الخام.

قيمة المعادن

استفادت المعادن الثمينة خلال العام، فارتفع الذهب بنسبة 18 في المئة خلال العام، إلى أعلى من 1500 دولار للأوقية. وسجل المعدن الثمين البلاديوم أفضل أداء في فئته، مع قفزة تقارب 60 في المئة بين يناير، ومنتصف ديسمبر.

حتى إن البلاديوم كسر الرقم القياسي التاريخي الذهبي وتجاوز الحاجز الرمزي البالغ ألفي دولار للأوقية. وعلى الرغم من انخفاضه في الأيام الأخيرة، فإنه ارتفع بنسبة 50 في المئة منذ يناير إلى نحو 1880 دولارًا للأوقية.

مصر .. أداء اقتصادي مميز

العام المقبل سيشهد إصدارات قوية للسندات.. وأداء مميزًا في مصر

ويمكن لمصر والسعودية وسلطنة عمان والبحرين أن تقود مبيعات السندات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فيما يتوقع عبد القادر حسين، رئيس إدارة الأصول في شركة كابيتال في دبي، أن تكون سنة قوية أخرى من الإصدارات، حيث وصل ديون الحكومات والشركات في المنطقة 111 مليار دولار للبيع هذا العام، وفقًا لبيانات جمعتها بلومبرج.

احتجاجات مستمرة

لا تزال بطالة الشباب المرتفعة وسوء الإدارة وغيرها من المشكلات عميقة الجذور التي ساهمت في موجة الانتفاضات في الربيع العربي 2011 تهدد الاستقرار السياسي في العديد من بلدان المنطقة. في مواجهة هذه العقبات، ستكافح الحكومات في العراق ولبنان والجزائر وإيران والسودان من أجل إصلاح اقتصاداتها ببرامج يحتمل أن لا تحظى بشعبية، وفقًا لكريسجانيس كروستينس، الخبير في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني.

وقال: «الإصلاحات الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المالية العامة تهدد برد فعل اجتماعي وسياسي أكبر».

لبنان… مشكلات مالية كبرى

إن التخلف عن السداد من جانب لبنان، إحدى أكثر دول العالم مديونية، يمكن أن يهز المنطقة. حتى الآن، تتمتع البلاد بسجل لا تشوبه شائبة في سداد السندات رغم الصراع السياسي، لكن ستكون كل الأنظار موجهة نحو سندات الحكومة البالغة 1.2 مليار دولار التي ستستحق في 9 مارس. ويبقى الأمر الهام هو إلى أي مدى يمكن أن تكون احتياطيات لبنان الأجنبية مساهمة في احتواء أسوأ أزمة عملة منذ منذ أكثر من عقدين.

أزمة لبنان المالية الأخطر في المنطقة.. ودعوات لسرعة الإنقاذ

وقال مايكل تشيرامي، مدير العمليات المالية في بوسطن لدى شركة إيتون فانس كورب: «مع تقلص تلك الاحتياطيات، فإن فرصة مواجهة المستثمرين عجوزات وتخلفًا عن السداد، تزداد إن لم تكن مرجحة على نحو متزايد».

العالم العربي .. ومخاطر متوقعة 2020

وفقًا لما قاله حسين من شركة كابيتال، فإن عملات الأسواق الناشئة ذات التعويم الحر ستحصل على دعم مع انخفاض قيمة العملة الأمريكية، وليس كذلك نظيراتها في الشرق الأوسط المرتبطة بالدولار.

أضاف حسين: «في هذه البيئة، يمكن أن تصبح المنطقة أقل قيمة للمستثمرين في الأسواق الناشئة العالمية».

الكويت

يتوقع بعض المستثمرين تدفقات بمليارات الدولارات عندما تضيف شركة MSCI الكويت إلى مؤشر البورصة الرئيسي للأسواق الناشئة في يونيو 2020.
وقال حسنين مالك المحلل في في دبي: «التدفقات السلبية المرتبطة بها ستشكل تحديًا بالنظر إلى ارتفاع قيمة أسهمها والنمو الاقتصادي المنخفض والوزن المنخفض للغاية في المؤشر للعديد من المستثمرين الناشئين في الأسواق الناشئة».

خلاصة

وعلى الرغم من هذا التفاؤل العام، يشير المحللون إلى بعض المخاطر، والتي تتمثل في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي قد تحمل مفاجأة تؤدي إلى وصول ديمقراطي إلى البيت الأبيض، ومن شأن ذلك إحداث هزة في سوق الطاقة بالنظر إلى الاختلاف الجوهري بين الديمقراطيين والجمهوريين في هذا القطاع.

الرابط المختصر