ارتفاع شهية الاستثمار في سوق التأمين

فاروق يوسف

توقع مسؤولون بقطاع التأمين حدوث اندماجات واستحوذات في القطاع عام 2020، خاصة بعدما طرأ على القطاع خلال الفترة الأخيرة من دخول لاعبين جدد مع اهتمام واضح من شريحة مستثمرين تنتمي للقطاع الصناعي بهذا المجال، بالإضافة إلى صفقات استحواذ كيانات مالية على شركات عاملة في القطاع.

وبحسب رصد جريدة حابي، فقد شهد قطاع التأمين منذ بداية العام الجاري ظهور 3 شركات جديدة، وهي: شركة ثروة للتأمين، وشركة مدى التى تعمل بنشاط الممتلكات ويقودها رجل الأعمال عبد الرحمن السويدي نجل المهندس أحمد السويدي، مع حليف عربي متخصص في نشاط التأمين -وفق ما نشرته جريدة حابي في عددها الصادر يوم 12 مايو- وكان الحدث الأخير على القطاع هو إعلان المجموعة المالية هيرميس وشركة جي بي أوتو عن توقيع اتفاقية شراء نهائية لحصة 75% من شركة “طوكيو مارين مصر فاملي تكافل” المتخصصة في خدمات التأمين على الحياة.

وأكد مسئولو وخبراء قطاع التأمين أن الاستحوذات والصفقات الجديدة ستكون بمثابة قيمة مضافة للسوق، وتعمل على خلق كيانات مالية قادرة على تقديم منتجات تأمينية مبتكرة، وهو الأمر الذي سيسهم بدوره في حدوث حالة رواج تأميني على الصعيد المحلي والإقليمي، ولكن على النقيض، يرى البعض أن عملية الاستحوذات قد تؤدي إلى آثار جانبية نتيجة عدم قدرة الوافد الجديد على إضافة منتجات تأمينية يفتقدها قطاع التأمين، وبالتبعية ستظهر حالة زخم بالمنتجات التأمينية وكأنها في شكل قالب واحد وغير قادرة على اجتذاب شرائح جديدة، وهو ما يؤثر بالسلب على شكل السوق.

قال علاء الزهيري، رئيس الاتحاد المصري للتأمين، والعضو المنتدب لشركة المجموعة العربية المصرية للتأمين GIG، إن عمليات الاستحواذ في القطاع ستعمل على زيادة الطاقة الاستيعابية ليس فقط على صعيد الكيان الجديد الناتج عن عملية الدمج ولكن للسوق بصفة عامة، وسيكون بادرة لتكوين قواعد رأسمالية للشركات يكون لها القدرة على الاكتتاب في أخطار كبيرة.

إقرار قانون التأمين الموحد سيكون محركًا أساسيًّا لظهور مستثمرين جدد

أضاف الزهيري في تصريحات خاصة، أن العام الجديد سيشهد إقرار قانون التأمين الموحد، وهو ما سيكون بمثابة محرك كبير في ارتفاع وتيرة صفقات الاستحواذ واندماج شركات بأخرى، ودافع لظهور مساهمين ومستثمرين جدد لإنشاء كيانات وتحالفات جديدة بالفعل.

الكيانات الجديدة لا بدَّ أن تتمتع بملاءة مالية قوية لها القدرة على إحداث تغيير في السوق

وأكد الزهيري أن الكيانات الجديدة لا بد أن تتمتع بملاءة مالية قوية، ويكون لها القدرة على إحداث تغيير في السوق من خلال خلق برامج تأمين وإعادة تأمين مختلفة وجديدة تجتذب شرائح عريضة من المجتمع.

من جانبه قال خالد سعيد، رئيس قطاع تطوير الأعمال والإنتاج والفروع لشركة طوكيو مارين مصر، إن استحواذ هيرميس وجي بي أوتو على 75% من طوكيو، سيعمل على تعزيز خطط الشركة، وسيكون له أثر إيجابي على عمليات الانتشار بشكل أوسع عبر زيادة قدرة الشركة الاستيعابية في تغطية لقاعدة عملاء أكبر واجتذاب شرائح جديدة، إضافة إلى تحسين جودة الخدمات التأمينية المقدمة، خاصة وأن المساهمين الجدد من أبرز المؤسسات المالية والصناعية في السوق المصرية التي تمتلك القدرة على قراءة مسار السوق ووضع سياسات تتماشى مع المتغيرات الطارئة عليه.

صفقة طوكيو مارين ستسهم في تعزيز خطة الشركة وتوفر تغطية لقاعدة عملاء أكبر مع اجتذاب شرائح جديدة

أكد سعيد، أن قطاع التأمين بات وجهة استثمارية للعديد من المؤسسات، وهو ما يتماشى مع التنمية الاقتصادية، وكذا السياسة النقدية والتي بدأت تتبنى منحنى انخفاض في مستويات أسعار الفائدة، كما أنه سيشهد حالة من الحراك الاستثماري خلال الفترة المقبلة، وذلك بحكم العديد من العوامل أهمها إقرار القانون الجديد والذي سيتيح آليات ترويجية عديدة منها نشاط التأمين الإلزامي، إضافة إلى وجود حالات طلب عديدة نتيجة لمختلف المشاريع القائمة والمستحدثة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تغيير ديناميكي في حالات العرض، وستتجه شركات التأمين إلى زيادة حركاتها وتقديم حلول غير تقليدية ومنتجات تأمينية مبتكرة.

حالات الطلب الجديدة الطارئة على القطاع ستخلق تغيرًا ديناميكيًّا في عمليات العرض من الشركات

وأوضح سعيد أن عمليات الوعي التأميني بدأت تجني ثمارها، وهو ما يبدو واضحًا في متغيرات القطاع، ولكن ما زالت هناك آليات عدة يجب اتباعها في هذا الخصوص، واجتذاب فئة الشباب إلى قطاع التأمين، لأنها هي الشريحة القادمة التي ستكون بمثابة قيمة مضافة للتأمين.

كما أكد الدكتور عادل منير، أمين عام الاتحاد الأفروآسيوي للتأمين وإعادة التأمين، أن الكيانات والاستحوذات الأخيرة خاصة مدى وهيرميس وجي بي أوتو، تعكس اهتمام المؤسسات الكبيرة سواء الصناعية أو المالية بقطاع التأمين، لا سيما وأن هذه الشركات لديها أعمال في عدة مجالات مختلفة، ومن المفترض إسناد تأمين عملياتها إلى شركاتهم الجديدة.

 ظهور شركات كبيرة تعمل في مجال الوساطة التأمينية والخبرات الاكتوارية

توقع منير، ظهور شركات كبيرة تعمل في مجال الوساطة التأمينية والخبرات الاكتوارية خلال العام الجديد وتحديدًا بعض إقرار القانون الجديد، خاصة وأن هذه الفئة من الصناعة ما زالت أفرادًا ولا يمثلها كيان أو شركة كبيرة.

شركات الممتلكات والحياة لا بدَّ ألا يقل رأس مالها عن 300 مليون جنيه لمواكبة التنافسية

نصح منير الشركات الجديدة والعاملة في مجال الممتلكات والحياة بأن لا يقل رأس مالها عن 300 مليون جنيه، وذلك حتى تستطيع مواكبة التنافسية الحديثة في القطاع.

بدوره قال عادل فطوري، العضو المنتدب لشركة وثاق للتأمين التكافلي، إن ما شهده قطاع التأمين خلال العام الماضي، من دخول لاعبين جدد أو استحوذات هي تحول طبيعي لما يمر به الاقتصاد المصري من مراحل متطورة تشمل مشاريع عديدة ومختلفة وتحتاج إلى عناصر تأمينية تكون مكملة لها.

الفترة القادمة ربما تشهد إعادة تشكيل خريطة سوق التأمين

أضاف فطوري، أن التأمين بات صناعة تتمتع بعوائد استثمارية مربحة مع وجوب التنويه إلى أن هذه العوائد خلال السنوات القادمة لن تكون كما كانت خلال السنوات السبع الماضية، وإذا كان الدافع وراء إنشاء شركات تأمين هو ما تحقق من أرباح خلال تلك السنوات فعلى المستثمر إعادة الدراسة، ومن ثم فإن اتجاه بعض رجال الصناعة إلى الدخول لهذا المجال يجب أن يكون مدروسًا بدقة، مشيرًا إلى أن ما يخفف من حدة أو تخوف هذا الأمر ما نص عليه القانون الجديد فيما يخص تشكيل مجلس إدارة الشركات وكذلك الشكل القانوني للمساهمين من حتمية وجود شريك له خبرة تأمينية بحصة لا تقل عن 25٪.

البقاء للأقوى ماليًّا وإداريًّا شعار المرحلة المقبلة

وتابع أن الاستحوذات ربما تحمل آثارًا سلبية منها زيادة المنافسة على الأقساط التأمينية وزيادة المنافسة على الكفاءات الفنية والإدارية وهي أشد تأثيرًا على الشركات لا سيما في تنافسية الأسعار، ولكن على الجانب الآخر هناك إيجابيات عديدة وهي خلق كيانات قادرة على إدارة المنافسة بطرق علمية وغير تقليدية وسيكون البقاء للأقوى إداريًّا وفنيًّا وماليًّا ولديه قوى عاملة تتميز بالكفاءة.

وأكد أن الفترة القادمة ربما ستشهد إعادة تشكيل خريطة سوق التأمين، نتيجة اتجاه شركات التأمين إلى خلق عناصر تأمينية غير تقليدية تسهم في تحقيق التوازن من ناحية والارتقاء بقطاع التأمين من ناحية أخرى.

وأوضح فطوري أن التطور التكنولوجي وعمليات التسويق الرقمي، هي أحد الاتجاهات الرئيسة خلال الفترة القادمة، وهذه العناصر تحتاج إلى قدرة مالية ضخمة، الأمر الذي يؤدي إلى خروج شركات صغيرة أو حدوث اندماجات مع كيانات ومؤسسات مالية تتمتع بملاءة مالية كبيرة، وهو ما سيظهر واضحًا بعد إقرار قانون التأمين الموحد.

أما عادل شاكر، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لوسطاء التأمين «إيبا»، فيرى أن هناك بعض الآثار السلبية الناتجة عن الاستحوذات، خاصة وإن كان الهدف منها هو تحقيق الربح فقط وتكوين سيولة لضخها في أنشطة استثمارية أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى تشبع السوق من المنتجات التأمينية الحالية، وعدم كفاءتها على إقناع شريحة جديدة من العملاء تكون بمثابة قيمة مضافة للقطاع ككل، وليس هذا فحسب، بل إن الأمر قد يؤدي إلى تنافسية غير عادلة تؤثر بطريقة سلبية على أداء شركات قد يدفعها للخروج من السوق.

 تحديد نسب الأرباح وعمولات العمليات الجديدة العائق أمام اندماج شركات الوساطة

وقال شاكر إن هناك العديد من التحديات التي تواجه عمليات الاندماج في شركات الوساطة، منها النسب في الأرباح وكذا العمولات الناتجة من العمليات الجديدة، مضيفًا أنه كانت هناك محاولات عدة منذ عام 2007 لاندماج شركات وساطة بعضها ببعض وتكوين تكتل يصبح قادرًا على إعطاء عنصر جديد لسوق التأمين، ولكنها كانت محاولات لم ينتج عنها أي جدوى، نظرًا لمثل هذه الصعوبات.

تحقيق الربح وحدة التنافسية وتشبع السوق بالمنتجات آثار سلبية ناتجة عن الاستحوذات

وأكد أن شركات التأمين يجب أن تتجه خلال الفترة القادمة إلى التخصص لا سيما في أنشطتها الإنتاجية، والعمل على وضع أطر تنظيمية تسهم في زيادة الوعي الداخلي للعاملين بالقطاع، بالإضافة إلى تحديث جداولها وبياناتها الخاصة بعملياتها التأمينية حتى تستطيع مواكبة أي تغير ناتج في السوق، وتقديم خدمة أفضل للعملاء.