حابي
ترى شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية إن انتعاش الاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات غير البترولية أحد أهم الأسباب الرئيسية في تحقيق فائض بميزان المدفوعات ولكن استدامة وتعزيز هذه العناصر يبقى هو التحدي.
وقالت الشركة، في تقرير بحثي لها، إن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر تحتاج إلى وضع سياسات أبعد من انخفاضات أسعار الفائدة، حيث استكمال منظومة الاصلاحات الهيكلية التي تعالج العوائق المزمنة للاستثمار، بما في ذلك الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال ومرونة سوق العمل ومكافحة الفساد.
وأضافت أن قطاع النفط والغاز الهدف الرئيسي لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وأن انخفاض أسعار الفائدة وتنامي ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري من شأنه أن يدعم هذه التدفقات إلى القطاعات الأخرى.
وتوقعت برايم أن يشهد الاستثمار الأجنبي المباشر عودة قوية؛ نتيجة لما حققه من نسبة ارتفاع وصلت إلى 66% على أساس سنوي، من 1.4 مليار دولار في الربع الأول من السنة المالية الماضية إلى 2.3 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من السنة المالية الحالية.
ووفقًا لبيان البنك المركزي، اجتذبت استثمارات خارج قطاع النفط والغاز حوالي 1.5 مليار دولار من إجمالي هذه التدفقات، في حين اجتذب قطاع النفط الباقي.
وقالت برايم: “يمكن اعتبار بيئة الأعمال المواتية، والتزام الحكومة بالإبقاء على زخم الإصلاح في مكانه بعد نهاية برنامج إصلاح صندوق النقد الدولي بمثابة محركات أساسية لجذب المزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى خارج قطاع النفط والغاز، وذلك على الرغم من التأثير السلبي لتنامي مخاطر الاقتصاد العالمي وتصاعد النزعة الحمائية التجارية”.
وأكدت برايم استمرارية وإيجابية تدفقات المحافظ المالية إيجابية على المدى القصير، بفضل ظروف السياسة النقدية الميسرة عالميا، والتي يقودها البنك الفيدرالي، بالإضافة إلى العوائد المحلية التنافسية على أدوات الدين الحكومية والتحسن المستمرة في التصنيف الائتماني للبلاد.
وأشارت إلى أن استئناف دورة التيسير النقدي سيؤدي إلى تقليل العائد على أدوات الدين المحلية ولكن مع وجود بيئة مواتية للموائمة بين المخاطرة والعائد، تبقي تدفقات الاستثمار في محافظ الأوراق المالية في المنطقة الإيجابية خاصة إذا أصبحت السندات المصرية قابلة للتسوية عبر اليوركلير بالإضافة الى قرب انضمام مصر لمؤشر جي بي مروجان لسندات الأسواق الناشئة.
وفقًا للبيانات الصادرة مؤخرًا عن البنك المركزي المصري، حققت مصر فائضا في ميزان المدفوعات بلغ 227.3 مليون دولار فقط في الربع الأول من العام المالي الحالي، أي أقل بقليل من فائض بلغ 284.1 مليون دولار تحقق في الربع الأول من العام المالي 2019/18.
وقالت منى بدير، محلل أول كلي بحوث استثمار برايم، إن هذا الانخفاض يعود لتراجع فائض رأس المال والحساب المالي بنسبة 66%، بينما حد من تأثير هذا الانخفاض تقلص العجز في الميزان الجاري بنسبة 31%، على أساس سنوي بفضل التباطؤ في كل من العجز التجاري للنفط وغير النفطي بنسبة 12% و11% على التوالي، بالإضافة إلى المساهمة الكبيرة المستمرة للسياحة والتسارع غير المتوقع في معدل تحويلات العاملين في الخارج.
وأوضحت بدير أنه بعد التدهور الكبير في العجز التجاري غير النفطي في العام الماضي، حيث اتسع بنسبة 11.1% على أساس سنوي، مسجلاً 9.2 مليار دولار في الربع الأول من السنة المالية المنقضية؛ تقلص العجز التجاري غير النفطي بنسبة 11.2%، ليصل إلى 8.1 مليار دولار أمريكي، على خلفية نمو بنسبة 18% على أساس سنوي في الصادرات غير النفطية وتراجع 2.5% على أساس سنوي في الواردات غير النفطية.
وأشارت محلل أول كلي بحوث استثمار برايم إلى أن هذا الانتعاش في الصادرات غير النفطية من 3.9 مليار دولار إلى 4.6 مليار دولار يرجع جزئياً إلى عوامل مدفوعة بارتفاع الأسعار، لافتة إلى ارتفاع أسعار الذهب عالميا، والذي يمثل ما معدله 6% من إجمالي صادرات مصر في السنوات الخمس الماضية.
وشرحت بدير أن العجز في ميزان التجارة النفطي على أساس سنوي لا يزال يتراجع، من 668 مليار دولار المسجلة في الربع الأول من العام المالي الماضي إلى 606 مليون دولار في العام المالي الحالي.
واستدركت: “ومع ذلك، على أساس ربع سنوي، عاد الفائض البالغ 302 مليون دولار الذي تم تحقيقه في الربع الرابع من العام المالي الماضي إلى العجز بسبب انخفاض بنسبة 20% في الصادرات وارتفاع الواردات بنسبة 13%”.
كما لفتت محلل أول كلي بحوث استثمار برايم إلى أن انخفاض سعر الغاز الطبيعي، على خلفية ضعف الطلب خلال أشهر الصيف، يمكن أن ينظر إليه كسبب وراء هذا التباطؤ.
وأشارت إلى أن الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) ألغت عطاء لثلاثة شحنات من الغاز الطبيعي المسال تحميل سبتمبر كنتيجة لانخفاض الأسعار المقدمة.
وتقول برايم إنها ستراقب أداء الصادرات في الأرباع القادمة لتقييم استدامة التحسن الحالي، بالنظر إلى أن القطاع يواجه قوى مختلطة.
وأضافت أن الرياح العالمية المعاكسة الناتجة عن الموجة الحالية من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المنطقة، كما أنه من شأن التباطؤ الاقتصادي لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين بما في ذلك الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي أن يقيد بشكل سلبي قدرة القطاع على الإنعاش.
وتناولت برايم، في تقريرها البحثي، إعلان الحكومة المصرية البدء في تنفيذ خطة دعم الصادرات، البالغة 6 مليارات جنيه، والتي تهدف إلى مضاعفة الصادرات غير النفطية إلى 55 مليار دولار في السنوات القليلة المقبلة ومن خلال إطار ديناميكي يعطي حوافز إضافية للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات المصدرة إلى إفريقيا.
,أشارت بدير إلى استمرار انتعاش قطاع السياحة في تقديم أداء قوي آخر حيث نمت إيرادات السياحة بنسبة 7% على أساس سنوي و56% على أساس ربع سنوي، مدفوعة بالتحسينات الكبيرة في القدرة التنافسية للقطاع وقدرته.
وفقًا للتقرير التنافسية للسياحة لعام 2019، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، قفزت مصر تسعة مراكز لتحتل المرتبة 65 في مؤشر تنافسية السياحة والسفر.
وتوقعت منى بدير ازدهار السياحة بشكل أكبر مع استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين شرم الشيخ وروسيا، بعد قرار المملكة المتحدة بإنهاء حظر الطيران الذي استمر لأربع سنوات لشرم الشيخ، بالإضافة إلى الافتتاح المقترب للمتحف المصري الكبير في عام 2020.
كما لفتت إلى نمو عائدات قناة السويس بنسبة 5%، والذي جاء مخالفًا للتوقعات، على الرغم من انخفاض أسعار النفط والتباطؤ في التجارة العالمية، مع الأخذ في الاعتبار أن حوالي 12% من حجم التجارة العالمية يمر عبر قناة السويس، حيث ارتفع إجمالي عدد ناقلات النفط التي عبرت القناة بنسبة 2% على أساس سنوي في الربع الأول من السنة المالية الحالية على الرغم من الانخفاض الطفيف في ناقلات النفط التي عبرت الممر المائي بنسبة 1%.
وأشارت إلى زيادة تحويلات العمل بنسبة 13% على أساس سنوي، مسجلة 6.7 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي الحالي، مرتفعةً من 5.9 مليار دولار مسجلة في الربع الأول من السنة المالية المنصرمة.
وعلقت بدير على هذا الأمر، بأنه أعلى معدل لتدفقات التحويلات المسجلة منذ الربع الرابع من السنة المالية 2018/17، حيث بلغت 7 مليارات دولار.
وفقًا لأحدث البيانات الصادرة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة، ارتفع عدد المصريين الذين يعيشون في الخارج إلى 10.2 مليون، مقابل 9.5 مليون في عام 2016.
وتستضيف الدول العربية حوالي 68% منهم، حيث استحوذت المملكة العربية السعودية على حصة الأسد مع أكثر من 5 ملايين مصري يعيشون هناك، تليها الكويت.
وتتوقع برايم انخفاض النمو السنوي في تحويلات العمل، وأن يعود ذلك إلى التراجع في الفصول القادمة وأن حجمها سيعتمد على سرعة إجراءات الضبط المالي في دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة مزيد من الانخفاض في أسعار النفط وتعديلات أنظمة سوق العمل التي تهدف إلى تعزيز التوظيف المحلي للمواطنين المحليين على حساب الأجانب.
كما أشار تقرير برايم إلى تقلص فائض الحساب المالي بنسبة 62% على أساس سنوي و13% على أساس ربع سنوي، نتيجة لتباطؤ تدفقات رأس المال في استثمارات المحافظ.
وأضاف أن الاستثمار في المحافظ الاستثمارية سجل صافي تدفقات للخارج بلغت ملياري دولار مقابل 3.2 مليار دولار في الربع الأول من السنة المالية الماضية، وصافي تدفقات للداخل بلغت 3.2 مليار دولار في الربع الرابع من السنة المالية الماضية.
يذكر أن تدفقات الأجانب في سوق الأذون الحكومية شهدت تباطؤا طفيفًا في الربع الأول من السنة المالية الحالية، من حوالي 16.5 مليار دولار بنهاية يونيو 2019 إلى 15.1 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2019، في حين استمرت تراجع مساهمة الأجانب في سوق البورصة المصرية مقارنة بالفترة التي أعقبت التعويم.