حابي _ تتنافس العملات في كل عام لاقتناص المراكز المتقدمة، على الرغم من أن الآونة الأخيرة شهدت سباقًا نحو القاع، حيث قام أكثر من 30 بنكًا مركزيًّا حول العالم بتخفيض أسعار الفائدة في محاولة يائسة لتجنب الوقوع في الركود.
وتقول صحيفة ذا ناشونال الإماراتية في تقرير حديث عن توقعات أداء العملات خلال عام 2020، أن معدلات الفائدة المنخفضة تعني عادة عملة ضعيفة، حيث يمكن للمستثمرين الحصول على عائد أفضل على أموالهم في مكان آخر.
وأكدت أن الدولار الأمريكي ما زال الأقوى، على الرغم من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات في العام الماضي مع تباطؤ الاقتصاد.
في حين شهد الجنيه البريطاني عامًا وعرًا، لكنه أنهى 2019 بارتفاع، كما ظل الدولار الكندي قويًّا، وضعفت قيمة اليوان الصيني والروبية الهندية، وكانت عملة البيتكوين في كل مكان كالمعتاد.
وتقول صحيفة ذا ناشونال في هذا التقرير إن ما سيحدث بعد ذلك لهذه العملات يعتمد على أداء الاقتصاد العالمي في العام الجديد، ومدى حدة الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، لافتة في الوقت نفسه إلى أن المخاوف الجيوسياسية عادة ما تدفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذ آمن لأموالهم، والآن أصبح الين الياباني هو المستفيد.
فما هي العملات الرابحة والخاسرة في عام 2020؟
الدولار الأمريكي
بقي الدولار الأمريكي قويًّا في عام 2019، لكنه ربما وصل أخيرًا إلى ذروته، كما تقول نانيت هيشلر فايدهيربي، رئيس قسم الاقتصاد والبحوث العالمية في بنك كريدي سويس.
وأضافت: “ستستمر في البداية الاستفادة من ميزة سعر الفائدة والبقاء على قدم الثابتة، ومع تلاشي حالة عدم اليقين المتعلقة بالتجارة وتوسيع نطاق الانتعاش الاقتصادي خارج الولايات المتحدة، ولا سيما أوربا، نعتقد أن الدولار الأمريكي يجب أن يرتفع مقابل العملات الدورية الأخرى مثل اليورو».
ويرى جاسون هيوز، مدير المبيعات العالمية في شركة الخدمات المالية ADSS التي تتخذ من أبوظبي مقرًّا لها، أن الدولار الأمريكي ما زال يتمتع بميزة.
ويقول: «بالنظر إلى أسعار الفائدة السلبية في منطقة اليورو واليابان، تبنت السوق وجهة نظر مفادها أن الولايات المتحدة لا تزال في وضع أقوى لرفع أسعار الفائدة أسرع من أي شخص آخر عندما تكون الظروف مناسبة».
في حين يتوقع راجيف رايبانشوليا، الرئيس التنفيذي لشركة أورينت للصرافة وأمين صندوق مجموعة العملات الأجنبية والتحويلات (FERG) في الإمارات العربية المتحدة، أن تدفع السياسة أيضًا قوة الدولار، قائلًا: «عام 2020 هو عام الانتخابات؛ ويوافق كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي على أن وجود دولار أقوى هو في مصلحة البلاد».
ويرى أوجو لانسيوني، رئيس إدارة العملات في نيوبرجر بيرمان، أن الدولار الأمريكي قد يكون مبالغًا في قيمته ولكنه مدعوم بتعريفة الاستيراد ونمو ضعيف في بقية العالم.
وأضاف: “إذا رأينا نشاطًا اقتصاديًّا عالميًّا يرتفع وتقليص تعريفات الاستيراد، نتوقع أن ينخفض الدولار الأمريكي نحو القيمة العادلة».
يقول كريس بوشامب، كبير محللي السوق في منصة التداول عبر الإنترنت IG: «إن العملة الأمريكية وصلت إلى حد الأزمة مقابل مجموعة من العملات العالمية، بالتزامن مع وصول مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له منذ منتصف يوليو».
وأضاف: «لقد حان الوقت لأن ينتشر التفاؤل حول الاقتصاد العالمي قليلًا، والمكاسب النسبية في عملات مثل اليورو والجنيه الإسترليني والدولار الأسترالي تعكس هذا”.
واستخلص التقرير بناء على ما سبق أن النظرة المستقبلية للدولار الأمريكي تشير إلى أنه قد بلغ ذروته، لكنه لا يزال العملة التي يجب التغلب عليها.
الجنيه الإسترليني
تعرض الجنيه البريطاني لما يشبه ركوب الأفعوانية في عام 2019، حيث انخفض في الصيف مع تزايد المخاوف من عدم التوصل لاتفاق بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، إلا أنه ارتفع مرة أخرى في الفترة مع فوز رئيس الوزراء بوريس جونسون الساحق في الانتخابات خلال ديسمبر الماضي، وسط آمال في فوز حزب المحافظين أغلبية صحية تدعم قدرته على الوفاء بوعده لإنهاء Brexit”».
ثم تراجع الجنيه الإسترليني مرة أخرى، حيث قام المتداولون بتحقيق أرباح كبيرة ووضع جونسون موعدًا نهائيًّا صارمًا لاستكمال الصفقة التجارية مع الاتحاد الأوربي بحلول 31 ديسمبر 2020، مما زاد من شبح الخروج بلا صفقة.
ومع ذلك فقد أنهى العام بارتفاع بنحو 1.5 في المئة مقابل الدولار الأمريكي ونحو 3 في المئة مقابل اليورو.
يقول جاسون هيوز، مدير المبيعات العالمية في شركة الخدمات المالية ADSS إن الجنيه الإسترليني سيكون مدفوعًا الآن بالمحادثات التجارية، لا سيما حول قضايا مثل معالجة قطاع الخدمات المالية الحيوية في المملكة المتحدة.
وأضاف «سنرى على الأرجح حلقة أخرى من التقلب في عام 2020» .
وقال آندي سكوت، المدير المشارك في شركة جي سي آر إيه للاستشارات المالية للمخاطر: «إن تباطؤ الاقتصاد البريطاني قد يضطر بنك إنجلترا إلى خفض أسعار الفائدة العام المقبل، وهو تهديد تهمله الأسواق الى حد كبير».
وتابع: «سيحدد أداء الاقتصاد ما إذا كان الجنيه سيشهد انتعاشًا إضافيًّا في عام 2020”.
وفي ضوء هذه التقديرات، وصف التقرير الجنيه الإسترليني بأنه الورقة الجامحة، ورجح في النظرة المستقبلية أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي دون صفقة يمكن أن يغرق الجنيه، في حين أن إبرام صفقة تجارية مرضية ونموًّا اقتصاديًّا أقوى من شأنه أن يرسله إلى آفاق بعيدة.
اليورو
تعرض اليورو للضغط بسبب تباطؤ النمو وتحرك البنك المركزي الأوربي لدفع أسعار الفائدة أكثر إلى المنطقة السلبية عن طريق خفضها إلى -0.5 في المئة في سبتمبر، في حين أعلن عن 20 مليار يورو شهريًّا للتيسير الكمي.
ويتوقع راجيف رايبانشوليا الرئيس التنفيذي لشركة أورينت للصرافة تخفيفًا أكبر، الأمر الذي قد يؤدي إلى انخفاض اليورو في عام 2020.
ويقول: «لقد تأثرت منطقة اليورو بضعف التجارة العالمية والنمو لدى شركائها التجاريين الرئيسيين”.
في حين يرى أوجو لانسيوني، رئيس إدارة العملات في نيوبرجر بيرمان علامات على الاستقرار، وإن كان بمستوى منخفض، قائلًا: «لا تزال منطقة اليورو تتمتع بحساب جارٍ إيجابي، وهذا من المحتمل أن يمنع حدوث انخفاض خطير.. وإذا تحسنت البيانات الاقتصادية، فمن المحتمل أن نشهد انعكاسًا للانخفاض الأخير في قيمة الدولار الأمريكي”.
ووفقًا لذلك جاءت النظرة المستقبلية مقتضبة، مفادها أنه يجب على اليورو أن يتماسك بمفرده.
الين الياباني
يعد الين الياباني عملة ملاذ آمن، لأن فائض الحساب الجاري الكبير في البلاد يوفر الحماية عندما تضرب العواصف الاقتصاد العالمي.
لذلك عندما يرتفع الين، يُنظر إليه على أنه تحذير من المتاعب المستقبلية، وعندما يرتفع بسرعة، كما حدث أثناء أزمة التخلف عن السداد الروسية في عام 1998 والأزمة المالية العالمية في عام 2008، بدأت أجراس الإنذار تدق بالفعل، لذلك اعتبر التقرير أن كثيرين سيكونون قلقين من الزيادة السريعة الأخيرة.
فبعد الارتفاع المطرد في الأيام الأخيرة من العام، حيث أشارت الدراسات الاستقصائية إلى تباطؤ نمو الصناعات التحويلية الأوربية والصينية، ارتفع الين بسبب تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، و كان أفضل العملات أداءً في ديسمبر وأنهى الشهر بارتفاع حوالي 7 في المئة.
ويرى أوجو لانسيوني، من شركة نيوبرجر بيرمان، أن قيمة الين كانت أقل من قيمتها الحقيقية، لكن هذا قد يتغير إذا تفاقمت الشكوك الحالية.
وأضاف: «إذا رأينا المزيد من الانخفاض في العائدات العالمية، أو إعادة الممتلكات الأجنبية إلى الوطن، فقد نرى ارتفاع قيمة الين”.
ويرجح فواد رزاق زاده، المحلل الفني في Forex.com، أن أداء الين قد يعتمد أيضًا على السياسة المالية للبلاد، ويقول «تتزايد المضاربات بأن بنك اليابان قد يطلق المزيد من الحوافز النقدية في عام 2020، وإذا حدث ذلك، فقد يتعرض الين لمزيد من الضغوط».
ورهنت النظرة المستقبلية للتقرير انطلاق الين الياباني بأن الأمر سوف يتطلب صدمة عالمية، وأنه قد يكون لدينا واحدة.
الدولار الكندي
كان الدولار الكندي من أقوى العملات على الإطلاق في عام 2019، حيث أبقى بنك كندا أسعار الفائدة ثابتة.
ومع ذلك يقول لانسيوني إن الدولار الكندي يبدو الآن مبالغًا فيه، ومن المتوقع أن يضيق الفرق في النمو مقابل بقية الاقتصادات المتقدمة في عام 2020.
وأضاف: «لا نعتقد أن الدولار الكندي سيحقق نفس الأداء في عام 2020».
واقتصرت النظرة المستقبلية على أن العملة صاحبة الأداء القوي قد تضطرب في محاولات استكمال رحلة الصعود.
اليوان الصيني
يقول أوجو لانسيوني، من شركة نيوبرجر بيرمان، إن آفاق اليوان الصيني تعتمد على الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وأوضح أن إدارة العملة تتم من قبل السلطات النقدية الصينية وبالتالي يتم تحديدها جزئيًّا من خلال العوامل السياسية، لافتًا إلى أن تباطؤ النمو المحلي قابله تصرف سريع من صناع السياسة لدعم الطلب المحلي.
ومع ذلك يرى لانسوني أن مستويات الديون المرتفعة والتحول المتوقع من فائض الحساب الجاري الهيكلي إلى عجز قد يؤثر على اليوان.
وتتوقع أيضًا هيشلر فايدهيربي رئيس قسم الاقتصاد والبحوث العالمية في بنك كريدي سويس انخفاضًا متواضعًا في قيمة العملة مقابل الدولار الأمريكي في عام 2020، مستشهدة بتراجع فائض الحساب الجاري للصين.
واختصر التقرير النظرة المستقبلية في التأكيد على أن اليوان قد يتعرض لضغوط.
بيتكوين
شهدت عملة بيتكوين دورة متقلبة أخرى عام 2019، حيث بدأت من نحو 3.800 دولار، حيث ارتفعت إلى أكثر من 12000 دولار، ثم انخفضت إلى أقل من 7000 دولار مع إغلاق العام.
ومع ذلك، على الرغم من طبيعته المتقلبة، يرى العديد من المستثمرين أن العملة المشفرة كمستودع للقيمة في أوقات عدم اليقين السياسي، مثل الين الياباني، استفادت أيضًا من الاضطراب الأخير في الشرق الأوسط، وفي وقت كتابة هذا التقرير، قفز سعره فوق 7500 دولار.
وقال جاسون هيوز، مدير المبيعات العالمية في شركة الخدمات المالية ADSS إن تقلب العملات المشفرة يوفر الكثير من الفرص للتجار، على الرغم من أن الهوس المبكر قد مر.
وأضاف: «ومع ذلك، إلى أن تجد صناعة الخدمات المالية الاستخدام المناسب للعملات المشفرة كمتجر للثروة أو لأغراض المعاملات، فإنها ستظل منتجًا مضاربًا بحتًا».
وتوقع التقرير أن عملة بيتكوين تقف في منطقة تمكنها من الانطلاق بسرعة في أي اتجاه.