بقلم صالح ناصر رئيس قسم التحليل الفني في بايونيرز – الأسماء المستخدمة في هذه الحدوتة هي أسماء غير حقيقية رغم أن الأحداث حقيقية، وأي تشابه في الأسماء هو غير مقصود ولا نتحمل مسؤوليته.
علام شأنه شأن الكثير من المستثمرين الأفراد الذين يعتقدون أنهم أعلم أهل الأرض في حين أن الحقيقة عكس ذلك تمامًا.
مع الحركة الصاعدة القوية في عام 2005 كلمني علام وأوضح رغبته الشديدة في الاستثمار في البورصة. تم تكويد العميل كأي عميل في البورصة وفتح حساب في الشركة التي كنت أعمل بها آنذاك وبدأ في الشراء بناءً على أخبار كان يسمعها وقراءته لبعض التحاليل المالية والفنية بالإضافة إلى أنه كان يسألني أيضًا.
في ذلك الوقت كان ارتفاع السوق جماعيًّا فبدأت أرباح علام تزيد بصورة لافتة وبدت كل قراراته الاستثمارية سليمة، فأي سهم يشتريه يرتفع بقوة وساعده الحظ أيضًا أن قراراته البيعية كانت أيضًا سليمة في معظم الأوقات. وعند قرارات البيع الخاطئة كان يقرر الشراء مرة أخرى فيرتفع السهم ويربح علام أرباحًا لم تكن على البال.
علام كان صاحب شركة من شركات الحديد الصغيرة وكان على علم بالصناعة وبالشركات المشتغلة في هذه الصناعة وبالتالي كان على دراية قوية بشركات الحديد المقيدة في البورصة. كل هذه العوامل جعلت من علام الجهبذ الذي يعرف كل شيء. ما لم يعرفه علام آنذاك أن كل (أو أغلب) المستثمرين الأفراد كانوا أيضًا جهابذة زمانهم فكل مستثمر في ذلك الوقت كان على اعتقاد وإيمان راسخ بأنه ”جااامد أوي“.
كنا نتكلم سويًّا كثيرًا في وضع السوق وأشياء أخرى ولكنني تكلمت معه كثيرًا عن حالته النفسية وأنه يجب أن يعلم أنه ليس بهذه القوة وأن الموضوع يتعلق بنسبة كبيرة بوضع السوق والارتفاع الجماعي للأسهم وليس بإمكانياته التي هي ”لا جبارة ولا حاجة“.
بدأ علام في توجيه جزء كبير من أرباحه الصناعية إلى البورصة حيث إن أرباح البورصة تفوق بكثير أرباح مصنعه وكان تفكيره وتركيزه منصبًّا على البورصة أكثر من أي شيء آخر. وكما هو متوقع فقد كان من ذوي المحافظ الثقيلة المليئة بالأسهم مع ظهور قمة 2006 وخسر الكثير والكثير من أمواله في هبوط 2006. لم يخسر فقط أرباحه كلها ولكنه خسر أيضًا جزءًا كبيرًا من رأسماله الذي بدأ به.
قرر علام ترك البورصة نهائيًّا والاتجاه إلى مصنعه مرة أخرى والتركيز فيه وكان علام ناجحًا في عمله وبدأ في تعويض خسائره مرة أخرى.
وبعد مرور عام أو أكثر وفي الربع الأخير من عام 2017 اتصل بي علام حيث إنه قرر أن يتجه للبورصة مرة أخرى فنصحته بأن يركز في مصنعه الآن ويترك البورصة في حالها، حيث إنه حاله كحال الكثير من المستثمرين الذين يدخلون البورصة قريبًا من القمة، وكان هذا القرار من صديقي علامة من علامات اقتراب القمة.
تقابلنا بعد عدة أيام من الاتصال التليفوني وتكلم معي في معلومات جاءته بأن الفترة القادمة ستشهد صعودًا استثنائيًّا وأنه لا يريد تفويت هذه الفرصة. نصحته بألا يعير هذه الشائعات اهتمامًا كبيرًا وبأن يتذكر ما حدث له في هبوط 2006. بدا علام وكأنه على دراية تامة بوضع البورصة وبإمكانيته في تحقيق مكاسب سريعة وكبيرة. تأكدت بنسبة كبيرة حينذاك أن القمة على الأبواب.
يستكمل الأسبوع القادم إن شاء الله.