محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار _ إذا وضع عنوان لعام 2019 فيجب أن يكون عامًا لتشجيع الاستثمار في مصر، وقد أدلى الجميع بآراء ومقترحات قوية خلال الفترة الماضية لمعالجة المشكلات أو حل للتأخير في العديد من الموضوعات.
إلا أن الأمر أصبح يستلزم البدء في وضع برنامج متكامل لمراجعة التكاليف التي تتعرض لها الشركات بدءًا من مرحلة التأسيس وحتى مرحلة التشغيل بصورة تعكس عنصر المنافسة على مستوى قطاعات الاستثمار بأنواعها إلى جانب زيادة الدور الذي تلعبه السياسات الحكومية في عملية تشجيع الاستثمار ويجب أن تشمل عملية المراجعة هنا ثلاث مراحل:-
الأولى: تتعلق بتكاليف التأسيس والتراخيص بأنواعها سواء المصروفات الإدارية أو تلك المرتبطة بتكلفة الحصول على الأرض والمرافق وغيرها من التكاليف عند بدء النشاط.
الثانية: ترتبط بعنصر فترة التشغيل ويتضمن هنا عوامل مثل تكلفة الطاقة والضرائب والتأمينات الاجتماعية والرسوم الإدارية التنظيمية وتكلفة النقل والمواد الخام ونقص سلاسل الأعمال بالإضافة إلى الرسوم الجمركية والأعباء الإدارية وتكاليف تأخير الإجراءات الحكومية بما يضم تحقيق وفر في التكاليف التي يتحملها المستثمر دون تحقيق غبن في تحصيل مستحقات الدولة.
الثالثة: هو مقارنة متوسطات التكاليف بالمتوسطات السائدة في المنطقة بالمقارنة مع المتوسطات الخاصة بالعوائد أيضًا محليًّا ومع الدول المنافسة لإبراز عنصر التنافسية الحقيقي للاستثمار في مصر. علمًا بأن هذه التكاليف يجب أن تتضمن أيضًا مراجعة شاملة لتكاليف التمويل سواء المصرفي أو غير المصرفي على عملية الاستثمار.
من ناحية أخرى تعاني منظومة إدارة الاستثمار الحالية من تعدد الجهات التي تقوم بهذا الدور مثل مكاتب الاستثمار التابعة للمحافظات والإدارة المحلية للعديد من المناطق الاستثمارية التابعة للمحافظات أو لجهات مثيلة بالإضافة إلى المناطق الصناعية التي تعاني أغلبها من ذات المشكلة وهو ما يتطلب خطوة عاجلة بضم جميع الجهات الاستثمارية إلى تبعية الهيئة العامة للاستثمار حتى يتسنى توحيد الإجراءات والآليات المطلوبة لإدارة المنظومة بالإضافة إلى تكوين وحدات من خلال الهيئة أسوة بالمتبع في أغلب دول العالم للترويج الاستثماري تتبع هيئة الاستثمار إشرافيًّا للترويج لأنشطة الوزارات أو الهيئات أو الجهات.
ويستدعي ذلك أيضًا تفعيل مقترح قديم لم يفعل بإنشاء وظيفة جديدة بالسفارات المصرية بالخارج تختص بالترويج للفرص الاستثمارية مع إنشاء مكاتب استثمارية تتبع الهيئة العامة للاستثمار ليس فقط محليًّا ولكن في أبرز نقاط الجذب الاستثماري عالميًّا.
يجب الأخذ في الاعتبار أن المشروعات الجديدة غالبًا تنفذ على فترات تتراوح ما بين سنة إلى أربع سنوات أو على فترات أطول من ذلك، لذا فالاستثمارات الحالية قابلة للزيادة بقيم أعلى خلال السنوات التالية خاصة في ضوء تحسن مناخ الاستثمار في ضوء الجهود التي تبذل.
ونتيجة لذلك فيجب تبني منهج متكامل بدءًا من استكمال إصلاح البيئة التشريعية بحيث تصبح أقل تعقيداً وإعطاء أولوية لتنمية المناطق الواعدة ومن منطلق ذلك فقد أصبح من الهام إعادة تفعيل دور المجلس الأعلى للاستثمار لكي يتولى مراجعة الإجراءات والقوانين المتعلقة بالاستثمار في الأنشطة والمجالات كافة، الأمر الذي يعطي ثقة لجميع المستثمرين المصريين والأجانب بأن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة نوعية فى منظومة الاستثمار، وهو ما سينعكس إيجابًا على معدلات الاستثمار داخل السوق المصرية.
كما أن القرارات التي ستصدر عن المجلس ستلتزم بها الوزارات الموجودة خاصة من ناحية الاستراتيجية الاستثمارية ومتابعة التغيرات فيها وعرض المشكلات غير التنفيذية وسبل معالجتها مما سيساهم في تسريع الجهود المبذولة لعودة مصر كدولة رائدة وجاذبة للاستثمار وسيكون ضمانًا لسرعة حل مشاكل المستثمرين وإنهاء الخلافات بين الأجهزة الحكومية والمستثمرين، خاصة من قاموا برفع دعاوى قضائية أو لجؤوا للتحكيم الدولي.