فريق حابي _ سيطر التشاؤم على توقعات المشاركين في استبيان حابي حول ما ينتظر شركات الأسمنت خلال العام الجاري، وخاصة ما إذا كانت تلك الشركات ستحقق نموًّا في أرباحها أم أنها ستظل قابعة تحت وطأة الخسائر التي تلاحقها، نتيجة عجزها عن تصريف إنتاجها من جانب وارتفاع التكاليف من جانب آخر.
ورجح 61% من الأصوات أن تتراجع أرباح شركات الأسمنت خلال العام الجاري، في مقابل 10 أصوات فقط رأت أنه من المتوقع أن تنمو تلك الأرباح، بينما توقع 25% من المشاركين حدوث استقرار نسبي في الأرباح وامتنع 4 من المشاركين عن التصويت حول تلك الجزئية.
25 مشاركًا رجحوا كفة استقرار الأرباح خلال العام الجاري
سيطر الترقب على شركات الأسمنت العاملة في مصر خلال الفترة الماضية، مع تفاقم أزمات القطاع وتزايد خسائر شركاته، نتيجة الطلب المنخفض وزيادة المعروض مع دخول طاقات إنتاجية إلى السوق، وعدم قدرة الشركات على تصريف إنتاجها، وما زاد من ذلك هو التبعات الناتجة عن الإجراءات الإصلاحية التي اتبعتها الحكومة.
واتبعت شركات الأسمنت على مدار السنوات الماضية عدة أساليب في محاولة منها للنجاة من شبح الإغلاق الذي يطاردها بقوة، إذ وضعت بعض الشركات خططًا تسويقية جديدة لتصريف الإنتاج، والسعي بصورة مستمرة وراء المشاركة في المشروعات القومية أو مشروعات البنية التحتية والطرق، إلى جانب ضخ استثمارات في مجال الطاقة البديلة، بما يساعد على خفض التكلفة ومن ثم رفع القدرة التنافسية للشركات.
ووفق آخر البيانات المتاحة من شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات فإن السوق تعاني من وجود فائض في الإنتاج يبلغ 30 مليون طن تقريبًا، من إجمالي الطاقة الإنتاجية التي تصل إلى 83 مليون طن سنويًّا، في حين أن الاستهلاك المحلي لا يزيد على 53 مليون طن سنويًّا.
ومنذ منتصف عام 2018 ارتفع الفائض في الإنتاج بشكل ملحوظ، مع بدء مجمع الأسمنت ببني سويف، في العمل، وصل حجم الإنتاج إلى 83 مليون طن بنهاية عام 2018 مقابل 70 مليونًا بنهاية العام السابق له، وعلى صعيد السوق الخارجية فإن هناك منافسة شرسة من دول مثل الإمارات والسعودية وتركيا نظرًا للفائض الكبير الموجود لدى كل منها أيضًا.
وتبلغ إجمالي استثمارات مصانع الأسمنت في مصر نحو 4.5 مليار دولار تقريبًا، حيث تتراوح تكلفة خط الإنتاج الواحد ما بين 110 و150 مليون دولار، وتعمل في مصر نحو 19 شركة منتجة منها 18 شركة خاصة بالإضافة إلى شركة تابعة للدولة متمثلة في جهاز الخدمة الوطنية، وتملك هذه الشركات 42 خط إنتاج، وتبلغ نسبة الاستثمارات الأجنبية في صناعة الأسمنت نحو 52%، بحسب بيانات شعبة الأسمنت.
وبحسب الدراسة التي أعدّتها شركة سي آي كابيتال القابضة فإن شركات الأسمنت تنتهج استراتيجيات الكفاح من أجل البقاء، ويعني ذلك التغلب على مخاطر الصناعة من أجل البقاء وتقليل الخسائر المحتملة، على أمل أن تتعافى الصناعة في المدى البعيد، الأمر الذى يبرر الصراع وضعف العائد، ويكون الكفاح ممثلًا في محاولة تخفيض التكاليف، وحماية الحصة السوقية من المنافسة.
وأضافت أن تكلفة تلك الصناعة مرتفعة، وتصل إلى ما بين 180-120 دولارًا لكل طن طاقة إنتاجية، بخلاف ثمن التراخيص والأرض، لافتة إلى أنها أيضًا صناعة كثيفة المادة الخام، حيث تقوم مصانع الأسمنت بتحويل المادة الخام، وهي الحجر الجيري والطفلة إلى كتل أسمنتية “كلينكر” عن طريق تفاعل حراري، وتتراوح تكلفة المادة الخام بين 25-10% من إجمالي تكلفة إنتاج الأسمنت في مصر.
وفي محاولة من الحكومة لتخفيف وطأة الضغوط عن شركات الأسمنت تم إقرار خفض سعر الغاز لمصانع الأسمنت في أكتوبر الماضي إلى 6 دولارات للمليون وحدة حرارية، بدلًا من 8 دولارات، وذلك بالتزامن مع الحاجة الكبيرة في تلك الصناعة إلى طاقة كثيفة بشكل مستمر لإحداث التفاعل الحراري المطلوب، كما أنها تحتاج إلى طاقة كهربائية لتشغيل طواحين الكلينكر، وتعتمد صناعة الأسمنت في مصر على الفحم الحجري والفحم البترولي كمصدرين أساسيين للطاقة الحرارية اللازمة لتشغيل المصانع. تبلغ تكلفة الطاقة مجمعة بين 50 إلى 70% من إجمالي تكلفة الإنتاج.
وعلى الرغم من الانطلاقة الكبيرة التي شهدتها أسواق التشييد والبناء خلال الأعوام الأخيرة، فإن الطلب على الأسمنت لم يشهد ارتفاعًا بالصورة التي تنقذ الشركات، خاصة وأن مشاريع الإسكان الصغيرة والمتوسطة هي التي تمثل المحرك الرئيسي للطلب على الأسمنت في مصر، خلافًا لما هو شائع، وتتراوح مساهمة هذه المشاريع بين 90-70% من إجمالي الطلب، مقابل 25-10% للمشاريع القومية ومشاريع إسكان الدرجة الأولى.