محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار _ على مدار الشهر الماضي استمررت في البحث في دراسات ومقالات أعدها خبراء في الاقتصاد المصري وبنوك استثمار ومؤسسات محلية ودولية حول تنشيط الصناعة وتطوير دورة النمو الخاصة بها بصورة أكبر مما هي علية الآن خاصة في ضوء الاهتمام الحكومي الكبير بهذا القطاع حيث خلصت إلى عدة أفكار يمكن تنفيذها وهي:
(1) هناك ضرورة لقيام البنك المركزي المصري بتدشين حملة مكثفة لبرنامج لتقديم تمويل منخفض التكلفة بالنسبة لشراء الآلات والمعدات الرأسمالية مع توسيع قاعدة البرنامج ليشمل تطوير وتحديث الطاقات الإنتاجية الحالية وتطويرها كما أنه من الهام في ظل المتغيرات الحالية إعادة النظر في القيود المفروضة على مساهمة البنوك في رؤوس الشركات الجديدة وهو ما يحد من تنويع العملية التمويلية.
(2) قيام وزارة الصناعة بحصر حقيقي للطاقات الإنتاجية المعطلة في القطاعات المختلفة وطرح برنامج متكامل للتشغيل وتطوير الطاقات الإنتاجية غير المستغلة وتحديثها من خلال اتفاقيات دولية لنقل التكنولوجيا بالتعاون على وجه الخصوص مع الصين وروسيا والاتحاد الأوربي وبتمويل ميسر وطويل الأجل من هذه الجهات.
(3) نمو الصادرات مؤخرًا أثبت اعتماديته على مدخلات مستوردة ما أدى إلى استمرار الفجوة لصالح الواردات. وهو وضع بالمناسبة ليس خاصًّا بمصر بل يشمل الكثير من البلدان النامية التي تعتمد في إنتاجها للأسواق المحلية أو التصديرية على استيراد مدخلات من الخارج، ما يجعل استراتيجية تنمية الصادرات في حد ذاتها، ودون أن تكون جزءًا من استراتيجية تصنيعية أكبر وأشمل، بعيدة عن أن تكون حلًّا لمشكلات ميزان التجارة.
يبدو أن الحل على المدى المتوسط إلى البعيد يكمن في صياغة وتطبيق استراتيجية لتصنيع السلع الوسيطة محليًّا، وبالتالي الاعتماد على استيراد الخامات فحسب وتصنيعها محليًّا، والخامات بالطبع أقل تكلفة، ومن شأن نجاح مثل هذه الاستراتيجية في السنوات العشر القادمة تنمية قطاع الصناعة، وخلق فرص عمل، وإتاحة فرص للنمو لدى القاعدة العريضة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تعمل في مجال تغذية الصناعات النهائية، وفي الوقت نفسه تقلل من حجم الاعتماد على الواردات.
نؤكد أن استراتيجية كهذه ينبغي أن تكون شاملة لجوانب التمويل وإتاحة التكنولوجيا وبناء المهارات أي ببساطة صياغة وتطبيق استراتيجية تصنيع، ولا يمكن لهذا أن يتحقق دون دراسة الأدوات المتاحة للدولة، والتي تشتمل على شق سياسات كإجراءات الدعم والتحفيز والاستثمارات العامة في مجالات التدريب المهني والتعليم الصناعي، وفي شق الترتيبات المؤسسية للشراكة بين الدولة والمنتجين في وقت لم تعد فيه الدولة تضطلع بالقسم الأكبر من الإنتاج والتوزيع المباشرين للسلع والخدمات.
ولعله يكون من المناسب النظر إلى حالات نجح فيها «تعميق الصناعة» من خلال إيجاد شبكات من الصناعات المغذية المرتبطة بصناعات نهائية كما هو الحال في تايوان أو في كوريا الجنوبية أو في الصين، وكلها من الحالات الفذة في مجال التطوير الصناعي.
(4) إنشاء فرع مركز الثورة الصناعية الرابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي في مصر، والذي سيعد الأول إفريقيًّا والسادس على مستوى العالم مما سيوفر مساحة لتطوير آليات وخطط عمل وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في مصر، وسيسهم في تبني التقنية وأفضل الممارسات في المنطقة والعالم كما سيتيح المركز فرصة التعاون مع مختلف الجهات الحكومية والمؤسسات العالمية والشركات الخاصة، في إطار الجهود الرامية إلى تطوير حلول فاعلة لتحديات القطاعات الحيوية وإعداد الكفاءات ورفع مستوى القدرات، وبناء مواهب متقدمة في المجالات ذات العلاقة بالثورة الصناعية الرابعة.
(5) نوصي بضرورة قيام البنك المركزي المصري باتخاذ خطوات جادة لتشجيع عملية الإقراض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إصدار قواعد ومعايير إجرائية وفنية جديدة لتيسيير منح أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة القروض المناسبة مع وضع آلية للتعامل مع التعثر المالي للمشاريع بأسلوب يتناسب معها على غرار ما تم بالنسبة لبرامج التمويل العقاري.
(6) أهمية سرعة الانتهاء من تعديل السياسة الضريبية تجاه المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإصدار القانون الخاص بها بحيث يتم وضع نظام للمعاملة الضريبية المميزة لأنشطة المشروعات الصغيرة والمتوسطة لفترة محددة كبديل عن الضريبة النسبية على الإيراد أو الأرباح وفقًا لضوابط تضعها مصلحة الضرائب الجهاز كضريبة مقطوعة على المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتحفيزها على أن يتم إصدار هذا القانون في توقيت موازٍ لبدء تطبيق الضريبة على القيمة المضافة.
إن العام الجاري يستلزم وبقوة تنفيذ مبادرات متكاملة لتنشيط قطاع الصناعة في مصر كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي.