وداعا خالد بشارة

aiBANK

بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ استيقظت مبكرًا يوم الجمعة الماضي وعادة ما أبدأ يومي بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي وكالكثيرين من مجتمع الأعمال والتكنولوجيا والاتصالات صدمني الرحيل المفاجئ لصديقي العزيز خالد بشارة.

اتفق الجميع على كون خالد قيمة ورمزًا وقدوة ومثالًا وعنوانًا للنجاح والبساطة والتواضع ومصدرًا لإلهام الكثير من الشباب في مجتمع ريادة الأعمال أيضًا.

E-Bank

مر بي شريط الذكريات التي جمعتني بخالد لأدرك خسارتي الشخصية وخسارة مصر لعقل رائد ساهم في بناء ونجاح العديد من الشركات وخلق فرص العمل وتدريب وتأهيل الكوادر البشرية اللازمة لذلك. تلقيت أيضًا عدة مكالمات تعبر عن انزعاج شديد من حقيقة الموت الذي صار يحصد من الاطفال والشباب بقدر حصاده من الكبار أيضًا. فغلبتني الرغبة بأن أشارككم ببعض الخواطر.

الموت صادم ومفاجئ بغض النظر عن العمر ولذلك نبهني رحيل العزيز خالد ومن قبله الأحباء ممن سبقوه أن الحياة أغلى شيء في الوجود هو هبة ووكالة وأمانة من الخالق توهب لنا لسنوات طالت أو قصرت لنبني ونؤثر تأثيرًا إيجابيًّا في من حولنا.

منحنا الله إمكانيات مختلفة من عقل وعلم وثقافة وإمكانيات مادية قد تتفاوت من واحد لآخر لنستغلها في بناء أوطاننا وعائلاتنا وأعمالنا وأحبائنا وأنفسنا وسنحاسب عليها حسابًا ختاميًّا. قد أحسن خالد استخدام حياته القصيرة وترك وراءه سيرة لن تنسى وسيمتد مفعولها للأبد ولنقتدي به.

المحبة والاحترام واللطف والتواضع والبناء والتأثير الإيجابي في الآخرين أقوى مفعولًا من المال والجاه والسلطة والتي ما تتلازم المجموعتين وكم من شخص من أصحاب القسم الأخير دون الأول فارقنا ولا نكاد نذكره أما كل من كان محبًّا لطيفًا متواضعًا بناء فهو يعيش للأبد فينا ومعنا فإن كنا نرغب في البقاء حتى بعد الرحيل بالجسد فلنقتدي بهم.

الاستثمار في البشر أقوى وأمد مفعولًا من الاستثمار في المادة فلنستثمر في الأحباء والعائلة والزملاء والعاملين معنا فمفعول هذا النوع يمتد من جيل لآخر حتى وإن ضاعت أو تبددت الثروات.

الوطن غالٍ وعزيز وقد يؤثر علمنا ومجهودنا في مصير وطن بأكمله فيجب أن لا نضيع الوقت والجهد ونضيء الظلام الدامس من حولنا فإضاءة أضعف شمعة دائمًا ما تهزم الظلام مهما بلغت قوته. ساهم خالد بشارة في المراحل الأولى لولادة الإنترنت بمصر وأثر تأثيرًا بالغًا في بناء صناعة الاتصالات بمصر. ونحن ندين له ولأمثاله في كل مرة نستخدم الشبكة الدولية وتطبيقاتها.

العلاقات الإنسانية والمحبة غنى والتواصل مع الأحباء استثمار لها وقد تعلمت من أمي تلك القيمة وتأثيرها عليّ وعلى الأحباء الذين أحرص على التواصل معهم وكم من مرة تهت في دوامة الحياة وفقدت التواصل مع الكثيرين لأصحو على جرس إنذار رحيل أحدهم قبل موعده من وجهة نظري فيذكرني رحيله بتقصيري ويحفزني على أن أرجع التواصل مع الأحباء على الأولويات وليس في وقت الفراغ.

خالد بشارة خسارة كبيرة لمصر رحلت قبل موعدها بسبب الإهمال والتقصير ونحن على قائمة الدول التي تفقد أفضل من فيها نتيجة حوادث الطرق. يوم الجمعة الماضي فقدنا ثلاثة صحافيين من الشباب وخالد بسبب حوادث طرق.

لا أملك الإحصائيات ولكن أعتقد أن تأثير حوادث الطرق في يوم واحد أكثر فتكًا وحصدًا لأرواح المصريين من فيروس كورونا وقد يكون من فقدناهم على الأسفلت في شهر يناير أكثر ممن فقدهم العالم كله بسبب ذلك الفيروس.

لذلك يجب شن الحملات على كل وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام ضد ذلك الخطر المميت الذي ضعف القانون والأجهزة التنفيذية أمامه ضعفًا جعل سيارات النقل تمرح في أهم ميادين العاصمة بسرعة جنونية دون لوحات.

وكم من سائق تحت تأثير الحشيش والمخدر والمسكر لا نطوله وكم من سيارة محملة بالحجارة والأتربة والرمال تسير على مرأى ومسمع المسؤولين غير مغطاة تهدد أرواحنا بحمولتها. وكم من طريق جديد غير مطابق للمواصفات تزهق أخطاؤه مزيدًا من الأرواح.

وكم من شركة إعمار وبناء لا تحترم الطرق وتستبيح تخريبها لإنهاء مشروعاتها مع أنها نفسها تلتزم بالمواصفات والحفاظ على الطرق المحيطة بمشروعاتها خارج مصر. مقالي هذا دعوة للأجهزة التنفيذية لوضع هدف بالوصول إلى حوادث الطرق للصفر أن أمكن ورسم الخطة الضرورية لذلك وتنفيذها ومحاسبة المقصرين المتسببين في إزهاق الأرواح الغالية.

الرابط المختصر