رنا ممدوح _ وضعت الرياح الخارجية المحملة بالتخوفات العالمية من انتشار فيروس كورونا تحديات جديدة أمام البورصة المصرية، أثرت سلبًا على السيناريوهات المتوقعة لمسار المؤشرات خلال جلسات الأسبوع الجاري.
فقد سيطرت الضبابية على السيناريوهات التي وضعها رؤساء شركات ومتعاملون بسوق المال بشأن توقعات السوق، حيث رأى البعض أن الصعود مرهون باستقرار الأسواق الخارجية، وأن تكون أغلب جلسات الأسبوع الجاري خضراء، في حين رأى آخرون أن الأسواق الخارجية هي تحدٍّ مستحدث للبورصة المصرية، وهناك عدة عوامل أخرى تعوق تحقيق المكاسب، كانخفاض السيولة وشريحة المتعاملين النشطين.
الجدير بالذكر أن المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية قد أغلق تعاملات الأسبوع الماضي بانخفاض نحو 5.08%، وفقًا للتقرير الأسبوعي الصادر عن إدارة البورصة المصرية .
وتوقع شوكت المراغي، العضو المنتدب لشركة برايم لتداول الأوراق المالية، أن ترتبط حركة مؤشرات البورصة المصرية بأداء الأسواق الخارجية، مرجحًا أن تتأثر السوق سلبًا في حال استمرار المخاوف العالمية من تفشي فيروس كورونا، موضحًا أن التخوفات من انتشار المرض دفعت حركة التجارة العالمية للتباطؤ.
المراغي: الجلسات الخضراء شريطة استقرار الأسواق الخارجية
وتوقع أن يؤثر ذلك سلبًا على إيرادات الشركات ومنها المقيدة بالبورصة المصرية والتي تعتمد على التصدير واستيراد المواد الخام من الخارج في تحقيق هامش أرباحها، وفي حالة استقرار الأسواق الخارجية، قد تشهد البورصة ارتدادة لأعلى بجلسات الأسبوع.
وأكد المراغي أن التحرك السريع من الهيئة العامة للرقابة المالية لتسهيل عملية شراء أسهم الخزينة، واستجابة نحو 5 شركات في الأسبوع الأول، يقلل من مخاوف المستثمرين ويعطيهم الثقة للدخول إلى سوق المال.
وقال إن هناك عدة أسباب تدفع المستثمرين للهلع من القادم، منها اتجاه بعض البنوك المركزية لتخفيض معدل الفائدة، كالفيدرالي الأمريكي، الذي عقد جلسته قبل التاريخ المحدد، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة عكس رسالة باقتراب خطأ ما.
وأضاف: “ما حدث في بورصة مصر خلال الأسبوع المنقضي والمتوقع استمرار جزء منه بالجلسات القادمة، هو رد فعل على السلبيات التي تعكسها الأسواق الخارجية، كما أن سوق المال المصرية استطاعت تغطية جزء من الخسائر التي تكبدتها من المخاوف العالمية، ولكن ما زالت الأسعار السوقية للسهم متدنية”.
ونصح مستثمر البورصة المصرية طويل الأجل قائلًا: “الوقت مناسب لاقتناص مراكز شرائية في أفضل الأسهم المقيدة، حيث أسعارها السوقية الحالية أقل من قيمتها العادلة والدفترية”.
ورشح المراغي عددًا من القطاعات المتوقع أن تحقق طفرة في الأداء وهي كل من الاستهلاكي والبنوك والعقارات.
ومن جانبه، قال محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة بلوم لتداول الأوراق المالية، إن خسائر سوق المال بالأسبوع الماضي بدفع المخاوف العالمية من تفشي فيروس كورونا أدت إلى انخفاض تنافسية البورصة المصرية بالنسبة لمثيلتها سواء في الدول العربية أو الناشئة.
فتح الله: تحديات داخلية وخارجية تعوق تمسك البورصة بمكاسبها
وأشار فتح الله، إلى أن سوق المال واجهت تكاتفًا من العقبات الخارجية والداخلية، حيث جاءت المخاوف العالمية متزامنة مع انخفاض السيولة بالبورصة المصرية وأيضًا ارتفاع معدلات الفائدة التي أدت إلى انخفاض شريحة المتعاملين النشطين، وبناء على ذلك رجح أن تشهد البورصة المصرية بعض التراجعات بجلسات الأسبوع الجاري نظرًا لحالة التخوف المسيطرة على المستثمرين من تحديات المنطقة والدول المجاورة لمصر.
وأوضح أن من ضمن الأسباب التي تدفع البورصة المصرية للضعف والتراجع عن المكاسب المحققة هو الخوف من انخفاض أداء القطاع السياحي الذي تباطأت وتيرة استثماراته منذ تفشي أزمة كورونا عالميًّا، لافتًا إلى أن السياحة تعد موردًا أساسيًّا للاقتصاد عالميًّا.
وأضاف فتح الله أن تأثر القطاع السياحي يعكس إشارة باحتمالية تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، وهو يثير حالة الهلع لدى المستثمرين ، مؤكدًا أن البورصة المصرية بحاجة إلى محفزات على المدى القصير من شأنها أن تعيد الكرة مرة أخرى للمستثمر، لجذبه إلى سوق المال.
وقال فتح الله إن تلك المحفزات لن تخرج عن مطالب المستثمرين التي تتلخص في الإعفاءات الضريبية على تعاملات البورصة المصرية ومنها رسم الدمغة، ومن الضروري الاستفادة من السنوات التي شهدت ازدهارًا بالبورصة المصرية في 2007، من زيادة في أحجام التداولات، وارتفاع الشركات المقيدة لأكثر من 1000 شركة.
ونوه فتح الله أن سوق المال تحتاج إلى مساندة الدولة لدعم الاستثمار غير المباشر المتمثل في حركة البيع والشراء بالبورصة المصرية، مشيرًا إلى أن التيسيرات التي قدمتها الرقابة المالية للحصول على أسهم الخزينة، ساهمت في إعادة ثقة المستثمرين تجاه الأسهم المقيدة بالبورصة المصرية.
ورأى فتح الله أن انتعاشة البورصة مرهونة بطرح شركات جديدة لم تطأ قدمها سوق المال، لجذب مستثمرين جدد إلى قطاعات سوق المال كافة.
وفي سياق متصل، أكد أحمد أبو حسين، العضو المنتدب لشركة كايرو كابيتال للسمسرة في الأوراق المالية، أن تذبذب أسواق المال الخارجية تضع ضبابية حول المسار المتوقع أن تتخذه مؤشرات البورصة المصرية خلال جلسات الأسبوع الجاري، مشيرًا إلى أن ضعف المقاومة لدى البورصة المصرية دفعها لامتصاص المخاوف العالمية من تفشي فيروس كورونا بشكل مبالغ فيه، وهو ما سبب التراجع لأكثر من 1000 نقطة خلال الأسبوع المنقضي.
أبو حسين: ضعف البورصة المصرية دفعها للتأثر بمخاوف كورونا بشكل مبالغ وغير مبرر
ولفت أبو حسين، إلى أن ضعف المقاومة لدى البورصة يرجع إلى انخفاض السيولة والطلب على سوق المال، والذي يقف حائلًا يمنعها من تغطية الخسائر أو جذب شريحة جديدة من المستثمرين النشطين، منوهًا عن أن ضعف السيولة يرجع إلى عدة أسباب، منها تأجيل استئناف الطروحات الحكومية وعدم الإعلان عن أسباب واضحة لاتخاذ القرار، بجانب عدد من الأخبار السلبية التي تخص الشركات المقيدة، وتلك السلبيات، تؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين تجاه البورصة المصرية، وزيادة مبيعاتهم تخوفًا من تحقيق خسائر.
وقال أبو حسين: “على الرغم من جاذبية أسعار الأسهم، إلا أن المستثمرين يحيدون عن الشراء لحين استقرار مسار السوق سواء صعودًا أو هبوطًا”.
ونوه أن السيناريو المتوقع للقادم لن يرتبط بأداء الأسهم بقدر تحقيق مطالب سوق المال التي تمثلت في إعفاء تعاملات البورصة من الضرائب، وأيضًا زيادة الطروحات الجديدة من الشركات، مؤكدًا أن استقرار السوق أيضًا مرهون بهدوء المخاوف العالمية تجاه فيروس كورونا، وذلك من خلال الإعلان عن خطة واضحة لمحاصرة تفشي المرض.
وسلط أبو حسين، الضوء على التسهيلات التي أجرتها الرقابة المالية تجاه عملية شراء أسهم الخزينة والتي انطلقت بخمس من الشركات خلال الأسبوع الأول وهي، المصرية الكويتية القابضة وجي بي أوتو وبالم هيلز للتعمير، وآرابيا إنفستمنتس هولدنج وأوراسكوم للتنمية مصر.
ورأى أبو حسين، أن تلك التيسيرات جاءت بمثابة طوق نجاة للأسهم المقيدة، حيث إنها تمثل فرصة للشركات لتحقيق استفادة بتحسين سعر السهم وأيضًا تحقيق ربحية لها، لافتًا إلى أن سوق المال تحتاج إلى مزيد من تلك التيسيرات على المستثمرين، تذلل العقبات أمامهم، وتدفعهم لضخ مزيد من الاستثمارات.