فرص وقت صعوبة الرؤية

بقلم ماهر عشم ئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ كتبت الأسبوع الماضي تحت عنوان الدب أخطر كثيرًا من الفيروس وكان الهدف من المقال أن تأثير الخوف والهلع المجتاح العالم الآن والأسواق أكبر بكثير من تأثير أي فيروس أو مرض أو وباء.

وانتقدني البعض في أني أهون من الخطر على حياة البشر، ولكن بالعكس فأنا أردت أن أبرز أنه بجانب التأثير غير المباشر للخوف تأثير مباشر على الأرواح أيضًا فهناك الكثير من الأجهزة والمستلزمات الضرورية للحياة واستمرارها قد يصعب الحصول عليها بسبب الحصار الناتج عن الخوف، وقد نفقد عدد أكبر من الضحايا بسبب الخوف.

E-Bank

ومنذ الأسبوع الماضي تسارعت وتيرة الأحداث ونبرة التحذيرات وتوجه خطاب الرئيس ترامب والذي قرر فيه وقف الطيران مع معظم دول أوربا لتقليل فرص انتشار الفيروس بالولايات المتحدة، واتخاذ إجراءات كثيرة لحماية أمريكا من الفيروس.

إذن فنحن على مشارف فترة شئنا أم لم نشأ مليئة بالتحديات التجارية والاقتصادية ولا أعتقد أن هناك مجالًا أو نشاطًا لن يتاثر بتلك المخاوف والتحديات. لا أحد يعرف الخطوة التالية التي سيتخذها أي زعيم من زعماء العالم ولا نعلم تأثيرها ولا نعلم كم ستطول قبل أن نسمع أخبارًا جيدة.

وليس هناك أصعب وأشرس من عدو انعدام الرؤية المستقبلية لأي متخذ قرار. فنحن في طريق نسير فيه دون أن نملك خيار التوقف وتقل به مسافة الرؤية تدريجيًّا وعلينا أن نعي جيدًا أننا إن لم نملك تجنب المخاطر فيجب أن نعي إدارتها وإدارة الأزمات.

يجب علينا في المرحلة المقبلة أن ندرك احتياجنا لأننا لا نملك كل الخيوط في أيدينا لذا وجب علينا تنشيط وتسريع وتيرة اتخاذ القرارات. يجب تبني سياسات توسعية ميسرة تعمل على تنشيط الاقتصاد المحلي من تمويل وتسهيل وتخفيف العبء على الكيانات الاقتصادية الوطنية.

عند الإبحار في مسلك صعب وسط الأمواج العالية يجب أن تسقط الذات والأنا وتدرك جميع الكيانات الاقتصادية والسياسية أن لنا مصلحة واحدة وأننا يجب أن نصل إلى بر الأمان معًا.

مع كل وجود لتحديات تهدد المصلحة هناك فرص إن أحسنا استغلالها نجحنا في أن نوجد من الألم أملًا جديدًا. نحن لدينا سوق محلية كبيرة قوامها مئة مليون مستهلك فإن استطعنا تنشيط الاستهلاك المحلي على السلع المحلية استطعنا تقليل آثار الأزمة على الاقتصاد. تنشيط الاستهلاك المحلي يحتاج لتضافر الحكومة والمنتج والمستهلك. لن يستطيع أحد النجاة دون الآخر وعلينا أن ندرك ذلك جيدًا.

فعلى المنتج سواء كان منتجًا صناعيًّا أو زراعيًّا أو خدميًّا أن يدرك أن هذه فترة للبقاء وليست لتعظيم الأرباح. لذا يجب عليه تقليل هامش الربح بقدر الإمكان والاعتماد على التدفقات النقدية الضرورية لسير العجلة. وعلى الحكومة وخاصة وزارة المالية متمثلة في الجمارك والضرائب وسائر المصالح أن تدرك أنها لن تنجو دون تنشيط وتحفيز القطاع الخاص وتبني سياسات توسعية لا انكماشية.

وأنتهز الفرصة بالتحذير من قوانين يظن البعض أنها محفزة للاقتصاد غير الرسمي وهي في الحقيقة سيكون لها تأثير عكسي طارد ومشجع على البقاء في الاقتصاد الرمادي الذي لا نحبه والذي يضرنا وبشدة. أما على المستهلك أن يستوعب أهمية تشجيع المنتجات والسلع والخدمات الوطنية والتي تساهم مساهمة مباشرة في العمل على استمرار دوران العجلة والاحتفاظ بعدد الوظائف الموجودة.

أما عن الأسواق الخارجية فيجب علينا انتقاء الأسواق التي يقل تأثرها بالمخاوف والتي لم تتخذ قرارات مقاطعة للسفر فمثلًا مع الحصار القائم في إيطاليا قد يصعب نقل البضائع حتى داخليًّا وقد تتباطأ حركة التجارة معها مما يشكل فرصة للتجارة مع دول أخرى أو فرص لملء الفجوة التي قد تنتج لعجز وصول البضائع من تلك الدول. يجب أن لا نحصر أنفسنا بالتصدير إلى الأسواق التقليدية التي اعتدنا التعامل معها واكتشاف الفرص الجديدة.

كورونا واقع والخوف منه وتأثيره واقع يجب أن نتعامل معه دون خوف ولكن بذكاء وسرعة وحسن تصرف يصب في مصلحة وطننا واقتصادنا وشعبنا.

الرابط المختصر