بقلم محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار – الجميع على طاولة واحدة .. نحتاج جميعًا الآن أكثر من أي وقت مضى لمناقشة سبل التصدي لرياح الأزمة الاقتصادية العالمية والتقلبات الشديدة التي تشهدها أغلب الاقتصاديات ولكي يضع كافة الفاعلين استراتيجية منسقة وإجراءات متفق عليها لتفادي التأثر بسلبيات هذه الأزمة التي عصفت رياحها بأسواق المال وأسعار المعادن وأضرت بفرص النمو العالمي على كافة المستويات مع السعي لوضع إجراءات ترفع درجة مرونة الاقتصاد المصري ويزيد من فرص تعافيه من أي تأثيرات ويرفع من قدرته على اقتناص الفرص التي تنجبها مثل هذه الأزمات العالمية.
الأمر لا يمكن أن يقتصر هنا على إجراءات من البنك المركزي فحسب خاصة مع انهيار أسعار الأسهم عالميًّا كشرارة للتدافع على السيولة مما يضر بأسعار الصرف وزيادة تكاليف الاقتراض قصير الأجل وهو ما سيدفع بالجميع بمارثون لخفض أسعار الفائدة وتعديل نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك عالميًّا.
يستلزم الأمر حزمة تحفيز اقتصادي وليس نقديًّا فقط واسعة النطاق لتجنب المخاطر العالمية وهو ما يستلزم تنسيقًا دقيقًا في إجراءات مصرفية ومالية واقتصادية لتنشيط الاقتصاد وتحفيز أسواق المال خاصة في القطاعات المتضررة أو تلك التي تسعى للاستفادة من الأزمات لزيادة تغلغلها في الأسواق المحلية والعالمية.
يجب الانتباه إلى أن الشركات تسعى بجهد للخروج من أزمة السيولة حاليا للموازنة بين الحاجة لسداد النفقات العامة في وقت تتاثر فيه إيراداتها بتراجع في النشاط اليومي مما يعني أنه يجب أن تشمل استراتيجية التحفيز حزمة تمويلية لتوفير السيولة النقدية خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة متضمنة قروضًا ذات فائدة منخفضة بهدف دعم هذه الشركات في مواجهة آثار الأزمة الحالية.
إنه الوقت الذي يجب فيه التدخل بسياسات تركز على حماية القطاعات والأنشطة الاقتصادية وتخفيف الضغوط على النظام المالي مع ضمان وصول السيولة إلى الشركات في هذا التوقيت الحساس للحصول على التمويل اللازم لاحتياجاتهم، إنه الوقت الذي يجب أن تتعاون فيه الجهات التنظيمية مع البنوك وشركات القطاع المالي لتقديم الدعم اللازم للمؤسسات المالية والأفراد لتلبية احتياجاتهم من السيولة والتمويل لمواجهة آثار الوضع الاقتصادي العالمي على الحياة الاقصادية والاجتماعية في البلاد فالوقت الحالي يستلزم استعادة ثقة المستهلكين والمستثمرين لمواجهة خطر ضعف الطلب الكلي وتراجع أسعار الأصول كمؤثر رئيسي للنمو في أسواق الائتمان والنشاط التجاري.
هذه الرسالة هي دعوة للجميع للقيام بدوره وأن يجتمع كافة أطراف العملية الاقتصادية المصرية على طاولة واحدة لتنسيق رؤية واستراتيجية وطنية موحدة لمواجهة تصاعد المخاطر الاقتصادية العالمية وحتى لا يتكرر ما حدث في عام ٢٠٠٨ من جديد فالموقف الاقتصادي المصري يحتاج إلى مراجعة بعض النقاط الجوهرية لاستمرار دفعه الإصلاح الاقتصادي.
تفاصيل المبادرات المطروحة لتنشيط الاقتصاد المصري في زمن الكورونا
أولًا: مبادرات القطاع المصرفي
(1) تخفيض نسبة الاحتياطي القانوني للبنوك لمدة عام لتسهيل زيادة البنوك للقروض المقدمة للقطاع الخاص الصناعي والتجاري والزراعي على وجه الخصوص وتخفيض تكلفتها.
(2) تخفيض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد على النمو على أن يتم ذلك بصورة عاجلة.
(3) إطلاق مبادرة تنشيط الاستهلاك لتمويل العاملين والموظفين المؤمن عليهم لمشتريات وأنشطة استهلاكية بفائدة مخفضة لمنتجات مصرية لا تقل نسبة المكون المحلي فيها عن 40% بمعدل فائدة منخفض.
(4) زيادة نسبة قروض البنوك بالقطاع العقاري لـ 30% (مقاسة بالأصول المرجحة بالمخاطر – مع تدعيم الاحتياطي الإلزامي لهذه البنوك) وتخفيض النسبة المطلوبة لتمويل مقدم شراء العقار بمعدل 50% للإسكان المتوسط وفوق المتوسط ومن شأن ذلك زيادة القدرة على تحمل التكاليف، بدون زيادة في المخاطر المتأصلة وسيستفيد المشترون لأول مرة من كونهم سيكونون مطالبين بدفع قدر أقل من رأس مالهم الخاص عند شرائهم عقارًا للمرة الأولى.
(5) إلغاء رسوم فتح الحسابات المصرفية لمدة 6 أشهر وإلغاء رسوم إصدار البطاقات الإلكترونية.
(6) إحداث خفض ملموس في الرسوم التي يتكبدها التجار عندما يدفع عملاؤهم عن طريق بطاقات الخصم أو بطاقات الائتمان وإعفاء عملاء البنوك والجهاز الحكومي من أي رسوم للمعاملات الإلكترونية.
(7) إلغاء الرسوم التي تفرضها البنوك على عملائها من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عند فتح الحسابات وألا تطلب البنوك حدًّا أدنى لرصيد الحساب.
(8) إصدار تعليمات بخصوص طلبات تغطية الضمان، يلزم بموجبها البنوك بطلب ضمانات إضافية خلال فترة زمنية معقولة قبل الشروع في تسييل الأصول المقدمة كضمان، في ظروف يشهد فيها السوق انخفاضًا، ومن شأن ذلك أن يخفّض التقلبات المفرطة في السوق، ويمنح المستثمرين مزيدًا من المرونة ليتصرفوا بما يحقق مصالحهم.
(9) إرجاء جميع الرسوم التي يفرضها على خدمات الدفع المقدمة من البنوك من خلال أنظمة الدفع والتسوية.
(10) يواجه الاقتصاد المصري زيادة تكاليف النفقات الرأسمالية والتي ستنعكس على تكلفة الإنتاج خلال الفترة المقبلة خاصة في ظل استمرار عملية استيراد المكونات.
ففي حالة عودة القطاع الخاص أو العام مرة أخرى لتطبيق خطط توسعية كبرى ستكون النفقات الرأسمالية المطلوبة بتكلفة تمثل نحو 3 أضعاف التكلفة التاريخية، وهو ما سينعكس على تكلفة السلعة النهائية، وربما تدفع زيادة التكاليف بعض المنتجين للعدول عن التوسع ما سيقلل من المعروض فى السوق ويؤدي لنفس النتيجة، زيادة الأسعار.
الإنتاج الحالي لمصر يعتمد بدرجة كبيرة على طاقات إنتاجية تأسست في الفترة من منتصف التسعينيات وحتى الأزمة المالية في 2008، ومنذ الأزمة إلى وقتنا الراهن كان الإنفاق الرأسمالي يتراجع تدريجيًّا ، حيث تجمعت عدة عوامل لتتثبيط النفقات الرأسمالية خلال السنوات الماضية منها تداعيات الأزمة على الاقتصاد العالمي والمخاطر السياسية المحلية، والنفقات كانت تتوجه خلال هذه الفترة بدرجة كبيرة لأعمال الصيانة وفك الاختناقات وتقليل التكلفة مع بعض التوسعات المحدودة.
هناك ضرورة لقيام البنك المركزي المصري بتدشين حملة مكثفة لبرنامج لتقديم تمويل منخفض التكلفة بالنسبة لشراء الآلات والمعدات الرأسمالية مع توسيع قاعدة البرنامج ليشمل تطوير وتحديث الطاقات الإنتاجية الحالية وتطويرها كما أنه من الهام في ظل المتغيرات الحالية إعادة النظر في القيود المفروضة على مساهمة البنوك في رؤوس الشركات الجديدة وهو ما يحد من تنويع العملية التمويلية.
(11) مع ارتفاع أعباء الديون بشكل عام وانخفاض الاحتياطيات النقدية ، ستواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة ضغطًا شديدًا بشكل خاص لتلبية احتياجاتها التمويلية إذا استمرت ضغوط سوق التمويل.
من الضروري إطلاق مبادرات تمويلية بفائدة مخفضة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لتشجيعها على إنتاج المنتجات الوسيطة التي تستورد من الصين لعدم الاصطدام بعدم وفرة تلك المنتجات مستقبلًا وتشمل المبادرة ثلاثة عناصر:
– دعم رأس المال العامل لهذا القطاع، وتمكينه من النمو خلال المدة القادمة، والمساهمة في دعم النمو الاقتصادي والمحافظة على التوظيف في القطاع الخاص بتقديم تمويلات لرأس المال العامل بفائدة 5% – 7%.
– تأجيل دفع مستحقات الشركات على قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لمدة ستة أشهر.
– تقديم تمويل ميسر للمنشآت الصغيرة والمتوسطة عن طريق منح قروض من البنوك وشركات التمويل لهذا القطاع، تستهدف دعم استمرارية الأعمال ونمو هذا القطاع خلال المرحلة الحالية، وبما يسهم في دعم النمو الاقتصادي والمحافظة على مستويات التوظيف في هذه المنشآت.
(12) إدماج جهود صناديق استثمار المخاطر وشركات التأجير التمويلي والتخصيم ضمن مبادرة البنك المركزي لتوسيع نطاق تغطيتها ليشمل مستوى ريادة الأعمال.
ثانيا: مبادرات تعزيز الصادرات
1-الاعتماد الفوري داخل النظام الحالي لإجراءات التصدير لشعار “المسار السريع” لجميع الأنشطة المتعلقة بالتصدير.
2- تبسيط كافة إجراءات التصدير على جميع المستويات بنهاية الأشهر الستة.
3-توسيع نطاق برنامج دعم الصادرات ليشمل جميع صادرات الصناعة التحويلية (باستثناء الأسمنت والأسمدة) .
4-الإسراع بسداد متاخرات برنامج دعم الصادرات والسماح بمقايضتها بالمستحقات السيادية أو المصرفية في مصر.
5- وضع برنامج لسداد المستحقات الجديده لبرنامج دعم الصادرات كل 3 شهور وليس سنويًّا.
ثالثًا: مبادرات تخفيض التكاليف للشركات
(1) إعادة تسعير الطاقة لقطاع الصناعة في ضوء الاوضاع العالمية أصبح ضرورة حتمية لتحفيز الاستثمار الداخلي وجذب استثمارات أجنبية مشيرًا إلى أن آليات التسعير يجب أن تتم في إطار من دراسة رفع مستوى التنافسية المحلية مع التوازن في باقي العوامل.
مع الاخذ في الاعتبار إعادة النظر في منهجية شرائح استهلاك الكهرباء والغاز الطبيعي وإلغاء الحد الأدنى للاستهلاك الخاص بالمصانع كثيفة استهلاك الطاقة.
(2) البدء في وضع برنامج متكامل لمراجعة التكاليف التي تتعرض لها الشركات بدءًا من مرحلة التأسيس وحتى مرحلة التشغيل بصورة تعكس عنصر المنافسة على مستوى قطاعات الاستثمار بأنواعها إلى جانب زيادة الدور الذي تلعبه السياسات الحكومية في عملية تشجيع الاستثمار ويجب أن تشمل عملية المراجعه هنا ثلاث مراحل:-
• الأولى: تتعلق بتكاليف التاسيس والتراخيص بأنواعها سواء المصروفات الإدارية أو تلك المرتبطة بتكلفة الحصول على الأرض والمرافق وغيرها من التكاليف عند بدء النشاط.
• الثانية: ترتبط بعنصر فترة التشغيل ويتضمن هنا عوامل مثل تكلفة الطاقة والضرائب والتأمينات الاجتماعية والرسوم الإدارية التنظيمية وتكلفة النقل والمواد الخام ونقص سلاسل الأعمال بالإضافة إلى الرسوم الجمركية والأعباء الإدارية وتكاليف تأخير الإجراءات الحكومية بما يضم تحقيق وفر في التكاليف التي يتحملها المستثمر دون تحقيق غبن في تحصيل مستحقات الدولة.
• الثالثة: هو مقارنة متوسطات التكاليف بالمتوسطات السائدة في المنطقة بالمقارنة مع المتوسطات الخاصة بالعوائد أيضًا محليًّا ومع الدول المنافسة لإبراز عنصر التنافسية الحقيقي للاستثمار في مصر. علمًا بأن هذه التكاليف يجب أن تتضمن أيضا مراجعة شاملة لتكاليف التمويل سواء المصرفي أو غير المصرفي على عملية الاستثمار.
(3) تقديم مبادرة تدريب تأهيلي للعمالة لرفع مستوي الإنتاجية على ثلاثة برامج:
– برنامج عام يهدف إلى تدريب العماله على المهارات الأساسية والخدمية (النجارة – السباكة – صيانة السيارات والمعدات – التمريض – أعمال الصيانة العامة – الأعمال الزراعية).
– برنامج متخصص للعمالة الإنتاجية المطلوبة للعمل في الصناعات كثيفة العمالة (الغزل والنسيج – السيارات – الأثاث – الجلود – الصناعات الإلكترونية).
-برنامج خاص للشركات التي تقوم بتعيين أكثر من 500 عامل يهدف إلى تدريب العمالة وتحمل تكلفة التدريب بغرض التخصص في أنشطه هذه الشركات بشرط الاحتفاظ بالعامل لمدة لا تقل عن 3 سنوات وأن لا يقل متوسط اجره عن 6000 جنيه وأن يشمله برنامج التأمين الاجتماعي والتأمين الصحي وأن تعتمد مديرية القوى العاملة العقد معه.
رابعًا: مبادرة لتخفيف الأعباء من جانب الدولة
1- تأجيل سداد المستحقات السيادية والضريبية على الشركات المتأثرة بالاضطرابات العالمية لمدة 6 أشهر بدون فوائد.
2- إصدار تعليمات بأن يتم الإفراج الجمركي عن كافة مستلزمات الإنتاج والسلع الأساسية بالمواني خلال 72 ساعة على الأكثر مع تفعيل منظومة الإفراج المسبق بناء على تواجد البيانات السابقة، فيكون لصاحب الحاوية إمكانية إنهاء كثير من الإجراءات لحين وصول الحاوية إلى الميناء واستكمال إجراءات التكامل الإلكتروني بين هيئة الميناء ومصلحة الجمارك وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات لتحقيق ما سبق.
3- دعم برنامج لخفض التكلفة الخاصة بالتمويل متناهي الصغر لزيادة مساحة انتشاره خلال هذه الفترة.
4- عدم فرض ضريبة عقارية على المصانع.
5- إعفاء ضريبي شامل من ضريبية المرتبات لكل من يقل دخله عن 24000 جنيه سنويا.
6- تفعيل قانون شراء المنتجات المحلية رقم 5 لسنة 2015 وإلزام كافة الجهات الحكومية بتطبيقة مع تفعيل مواد شراء المنتجات من المشروعات الصغيرة والمتوسطة في القانون رقم 141 لسنة 2004.
7- وضع برنامج عاجل لدعم قطاع السياحة بشكل خاص في (تأجيل المستحقات الحكومية – جدولة المستحقات البنكية – مد مبادرة البنك المركزي المصري – تحمل جانب من المستحقات السيادية للدولة للاماكن الاكثر تضررا).
8- تفعيل منظومة حوافز الاستثمار التي نص عليها القانون رقم (72 لسنة 2017) سواء بالنسبة للحوافز الضريبية أو الحوافز غير الضريبية مما سيساهم في تنشيط عملية الجذب الاستثماري وتحقيق الهدف من هذه الحوافز بالاضافة إلى تفعيل الحوافز الضريبية الجديدة والتي صدرت بموجب تعدل القانون مما سيشجع الشركات على إعادة استثمار فوائض الأرباح المحققة ضمن نتائج اعمالها مجددا مما سيرفع من معدلات الاستثمار.
9- تقديم قروض منخفضة التكلفة للمزارعين خاصة في السلع الاستراتيجية والسلع الموجهة للتصدير مع إعفاء مزارعي السلع التي تستخدم للإحلال محل الواردات من الفوائد لمدة 6 أشهر.
10- تقديم تعليمات بإصدار تراخيص المصانع والمحال التجارية والمشروعات الإنتاجية بحد أقصى 5 أيام عمل في صورة تصاريح مؤقتة لمدة 6أشهر – عام حسب طبيعة المشروع ، مع منح تصاريح عمل للباعة الجائلين وما شابههم من مهن لمد 6 أشهر.
11- تفعيل خطة منافذ البيع المتنقلة خلال الفترة القادمة لضمان توافر السلع الأساسية وتوسيع نطاق الانتشار لضمان عدم التلاعب في الأسعار مع تشديد الرقابة على الأسواق.
12- إعادة هيكلة الشرائح الضريبية المتوسطه لتخفيف الأعباء على الاستهلاك وعلي الشركات الصغيرة والمتوسطة.
13- مد فترة تلقي الإقرارات الضريبية للعام الحالي حتى 30 يونيو مع مطالبة الشركات التي ستستفيد من هذا المد بأن تقوم بإضافة إيضاح متمم للقوائم المالية عن مدى تأثرها بالأوضاع العالمية وفيروس كورونا وخطتها لمواجه ذلك تفصيلا.
14- الإسراع بإصدار قانون التمويل الاستهلاكي وتحفيز الشركات المالية التابعة للدولة على الاستثمار في إنشاء وحدات تابعة له تعمل به.
خامسًا: مبادرات لتخفيف الضغط على الموازنة العامة وتفعيل الأثر الاقتصادي للإنفاق العام
(1) التوسع في الإنفاق على الصحة لتحفيز الطلب الحكومي من خلال توسيع برنامج التأمين الصحي وزيادة عدد المستشفيات الجديده والإسراع بتنفيذها بالإضافة إلى إجراء توسعات في المستشفيات القائمة
(2) توسيع لبرامج وشبكات الضمان الاجتماعي خاصة تلك المرتبطه بالرعاية الصحية وتوفير مهن أو مصادر للدخل للمساعدة في تجاوز التباطؤ الاقتصادي.
(3) الإسراع في عملية تنقية البطاقات التموينية.
(4) إعادة النظر في النسبة المقرر تحصيلها في التأمين الصحي والتي تتحملها الشركات الملتزمة بالدفع بينما من يستفيد من النظام غير الملتزمين بالدفع فيجب مشاركة الجميع والالتزام بالدفع للجميع، وحسم النقطة الخلافية بشأن النسبة التي يتم تحصيلها من القطاع الخاص بحيث تحسب على قيمة الأجور التأمينية للعاملين.
وذلك من خلال إعادة النظر في عمل تعديل تشريعى بالقانون 2 لسنة 2018 بشأن نظام التأمين الصحي الشامل، وذلك لوجود مشاكل تطبيقية فيه، وتتضمن التعديلات التي اقترحها الاتحاد، أن تصبح قيمة المساهمة التكافلية الواردة به نسبة من صافي الدخل السنوي للمنشآت بدلًا من إجمالي الإيرادات، وألا يتجاوز نسبة المساهمة 1% من صافي الدخل؛ حتى يحدث توافق مجتمعي بعدم الطعن على القانون.وتخصم هذه النسبة من الضرائب المستحقة على الدخل، بجانب عدم خضوع الشركات الخاسرة لتطبيق قانون التأمين التكافلي، وإعادة النظر في أسلوب التطبيق على الشركات ذات الطبيعة الخاصة «من تعمل بنظام العمولة»، فمطلوب معاملة خاصة لهذه الشركات.
سادسًا: مبادرات تنشيط جذب الاستثمارات
(1) ضروره تشكيل اللجنة الوطنية لتوحيد وتنسيق جهود جذب وتسويق الاستثمارات في مصر داخليا وخارجيا فهذا الموقف يواجه أزمة متكررة في أغلب البلدن النامية حاليا فكل جهة تعمل بنشاط وقوة في سبيل جذب الاستثمارات ولكن دون تنسيق فعلي أو فعال مع باقي الجهات مما يتسبب دائما في ضعف المردود مع استبعاد جهات في غاية الأهمية من المشاركة غالبا كالبورصة وبنوك الاستثمار والوحدات المصرفية والمؤسسات المالية غير المصرفية.
و يجب أن تتضمن هذه اللجنه الوزارات، والهيئات، والمراكز والبرامج الحكومية لمحاولة وضع آليات لانتظام جهود الجهات الحكومية على صعيد توحيد الرسائل الاتصالية والنشاطات التسويقية، وجذب وتسويق الفرص الاستثمارية بصورة متكاملة ويستدعي ذلك تشكيل لجنة في الهيئة العامة للاستثمار تعمل على إيضاح أدوار الجهات ذات العلاقة ومسؤولياتها، من خلال توزيع المهام المنوطة بكل جهة، والخروج بنموذج حوكمة محدد وواضح.
(2) إطلاق منصة “استثمر في مصر” كهوية استثمارية وطنية موحدة لتسويق وجذب الاستثمارات ومن خلال هذه الهوية يتم التعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لاستخدام هذه الهوية في جميع أعمالها المتعلقة بجذب وتسويق الفرص الاستثمارية، والعمل على إعداد المحتوى والرسائل التسويقية ذات الصلة بحسب اختصاص كل جهة، ما سيسهم في تعزيز الدعم والتنوع في النمو الاقتصادي خصوصا في القطاعات المستهدفة.
(3) تشكيل مجلس جديد للتجارة الإلكترونية في مصر ليتواكب مع الزخم الكبير في التفاعل التجاري عبر الإنترنت في البلاد.
(4) إنشاء وحدة مركزية تتبع مجلس الوزراء أو إحدى وحداته التابعة لكي تتولى عمليات المتابعة والتقييم والتنسيق فيما يخص كافة عمليات الاستثمار بالإضافة إلى تحليل كافة المتغيرات الاستثمارية محليا وعالميا وتتضمن هذه الوحدة بالإضافة إلى إدارتها التنفيذية مركزا لمعلومات الاستثمار وبياناته متضمنا وضع برنامج للمتابعة والتقييم فيما يخص عمليات وإجراءات ونظم الاسثمار على مستوى الجمهورية.
(5) إنشاء مركز معلومات موحد بهيئة الاستثمار كأداة استراتيجية توظف الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة ورفع جودة مخرجات عميات الهيئة العامة للاستثمار. ويعمل النظام على جمع المعلومات المتعلقة بالقطاعات والشركات العالمية، بهدف بناء شبكة معلوماتية تقدم بيانات لحظية وبعيدة المدى بكافة قطاعاتها الرئيسة على أن يتمتع النظام بقدرات عالية، حيث تمت برمجته ليتطور بشكل مستمر وبطريقة آلية. وخلال مراحله الأولية يشمل رؤية تنفيذية – تعمل على تقديم الشركة من منظور شامل ، وعرض كامل لهيكلة الموردين المعتمدين لكل شركة، والتوزيع الجغرافي لأرباح الشركات، وقوائم الخدمات والمنتجات لكل شركة، وملفات تعريفية للرؤساء التنفيذيين والموظفين ، إضافة إلى تقارير الأبحاث الخاصة بالقطاعات، وتقارير الأبحاث الخاصة بالدول، وتحليلات تفصيلية للأفكار، ونشاطات الشركة.
(6) ضرورة وضع برنامج زمني متكامل لربط كافة الجهات المعنية بالاستثمار إلكترونيا بحيث يتم إصدار التراخيص بصورة موحدة من خلال منظومة رقمية متكاملة دون الحاجة للتوسع في إنشاء مراكز جديدة لخدمات المستثمرين غير فعالة وفي المحافظات ذات النشاط الاستثماري المحدود مما يستلزم تعيين عدد كبير من العاملين وتكبد تكلفة مرتفعه دون تحقيق الفاعلية المطلوبة.
كما يجب أن تتضمن هذه المنظومة ليس فقط خطوات التأسيس والتراخيص ولكن كل ما يتتبعها من خطوات وإجراءات مكملة طوال عمر المشروع مع التوسع الكامل في استخدام الوسائط التكنولوجية بكافة انواعها لتحقيق ذلك وستساههم هذه المنظومة في القضاء على تضارب تاسيس الشركات بين الجهات المختلفة.
(7) تعاني منظومة إدارة الاستثمار الحالية من فوضي في عدة نواحٍ على راسها تعدد الجهات التي تقوم بهذا الدور مثل مكاتب الاستثمار التابعة للمحافظات والإدارة المحلية للعديد من المناطق الاستثمارية التابعه للمحافظات أو لجهات مثيلة بالإضافة إلى المناطق الصناعية التي تعاني أغلبها من ذات المشكلة وهو ما يتطلب خطوة عاجلة بضم كافة الجهات الاستثمارية إلى تبعية الهيئة العامة للاستثمار حتى يتسنى توحيد الإجراءات والآليات المطلوبة لإدارة المنظومة بالإضافة إلى تكوين وحدات من خلال الهيئة أسوة بالمتبع في أغلب دول العالم للترويج الاستثماري تتبع هيئة الاستثمار إشرافيا للترويج لأنشطة الوزارات أو الهيئات أو الجهات.
و يستدعي ذلك أيضا تفعيل مقترح قديم لم يفعل بإنشاء وظيفة جديدة بالسفارات المصرية بالخارج تختص بالترويج للفرص استثمارية مع إنشاء مكاتب استثمارية تتبع الهيئة العامة للاستثمار ليس فقط محليا ولكن في أبرز نقاط الجذب الاستثماري عالميا.
(8) من الهام إعادة تفعيل دور المجلس الأعلى للاستثمار لكي يتولى مراجعة الإجراءات والقوانين المتعلقة بالاستثمار في الأنشطة والمجالات كافة الأمر الذي يعطي ثقة لجميع المستثمرين المصريين والأجانب بأن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة نوعية في منظومة الاستثمار، وهو ما سينعكس إيجابا على معدلات الاستثمار داخل السوق المصري ، كما أن القرارات التي ستصدر عن المجلس ستلتزم بها الوزارات الموجودة خاصة من ناحية الاستراتيجية الاستثمارية ومتابعة التغيرات فيها وعرض المشكلات غير التنفيذية وسبل معالجتها مما سيساهم في تسريع الجهود المبذولة لعودة مصر كدولة رائدة وجاذبة للاستثمار وسيكون ضمان لسرعة حل مشاكل المستثمرين وانهاء الخلافات بين الأجهزة الحكومية والمستثمرين، خاصة من قاموا برفع دعاوى قضائية أو لجأوا للتحكيم الدولي.
كما سيساهم تفعيل المجلس على إرساء البيئة المواتية من أجل دعم توسيع القطاع الخاص والاستثمار في الشراكة بين القطاعين العام والخاص في البنية التحتية الاقتصادية الأساسية ، وتعزيز القطاع المالي من أجل زيادة نسبة وصول الشركات الصغرى والصغيرة والمتوسطة والأعمال التجارية إلى التمويل ، وتطبيق الإصلاحات بهدف تخفيف القيود على التجارة التي من شأنها تحسين عائدات القطاع الخاص.
(9) منظومة الجذب الاستثماري يجب أن تتضمن وبشكل اأساسي التوسع في إنشاء المناطق الحرة العامة بعد أن باتت تشكل عنصرًا أساسيًا في المنظومة الاقتصادية الشاملة التي تساهم في نمو الناتج الإجمالي ، كما أنها أحد الحلول المبتكرة التي لجأت إليها دول العالم للاستثمار في صناعة المستقبل، وتحقيق الازدهار الاقتصادي وهو ما يستدعي التوسع في إنشاء مناطق حرة جديدة بهدف جذب المستثمرين عبر توفير مزايا تنافسية عالمية.
(10) ضرورة البدء على الفور في المرحلة الثالثة من خريطة الاستثمار لتتضمن فرص متعددة مطروحة بشكل متكامل بدراسات جدوى مبدئية على القطع الخاص المحلي والعالمي ضمن منظومة أكثر دقة لتفعيل آليات الجذب الاستثماري كما يمكن البدء في هذه المرحلة في طرح فرص أكبر من خلال عرض فرص تخص القطاع المصري وشركات قطاع الأعمال العام وشركات التأمين بصورة تتيح:
1. زيادة عملية التنويع الاستثماري المطروح.
2. تحقيق هدف التنوع لجذب الاستثمارات.
3. توسيع قاعدة المشاركة في القاعدة الاستثمارية.
كما يجب التوسع في إنشاء خرائط قطاعية (زراعة – دواجن – استثمار عقاري – تعدين – تكنولوجيا معلومات –تعليم – صحة – صناعات غذائية) مع اقراض خريطة خاصة للترويج لمشروعات البحث العلمي كواحدة من الفرص التي يمكن العمل عليها.
(11) إطلاق بطاقة المستثمر العربي والاجنبي أسوة بالتجارب العربية حيث تمنح بطاقة المستثمر للمستثمرين وأفراد عائلاتهم من كافة الجنسيات على أن يوفر المستثمر شروط الحصول على البطاقة.
وتعتبر هذه البطاقة بمثابة كتاب توصيه صادر عن الحكومة ومعتمدة لكافة الوزارات والجهات الحكومية.
وتمنح هذه البطاقة لحاملها الحق في تسريع إجراءات تملك العقار وإصدار رخص قيادة السيارات وشراء مركبات معفاة من الرسوم الجمركية وإدخال مركبات بلد المستثمر (إدخال مؤقت) إضافة إلى تسهيل الخروج والدخول لمصر لرجال الأعمال الذين يمتلكون استثمارات في مصر تزيد على مليون دولار وتوفر مشروعاتهم 100 فرصة عمل مؤمن عليها بهدف تسهيل معاملاتهم لدى مراجعتهم الجهات الرسمية وإعطائهم الأولوية بالإنجاز ويتم وضع لافتة على مكاتب الدخول والخروج في المطارات بهدف إعطاء المستثمرين الذين يحملون بطاقة المستثمر الأولوية في إنجاز دخولهم وخروجهم منها.
سابعا: مبادرة تنشيط سوق المال المصري
(1) إعادة النظر في هيكل الرسوم والضرائب المفروضة على الشركات والمستثمرين المتداولين في البورصة المصرية خاصة مع التنافسية الشديدة التي تواجهها من الأسواق الناشئة في الشرق الأوسط.
(2) ضرورة العمل على معالجة المشكلات الواردة بقانون الضرائب مع إلغاء ضريبة الدمغة على التعاملات (3) تسهيل إجراءات عملية طرح السندات وأدوات الدين في البورصة المصرية والإسراع بها.
(4) تخفيف رسوم القيد والإصدار في البورصة المصرية.
(5) إضافة نصوص جديدة للقوانين المنظمة للخدمات المالية غير المصرفية بإلزام المتعاملين بتنفيذ معاملات البيع والشراء أو التقسيط أو التأجير، وغير ذلك إلا عن طريق حسابات مصرفية أو وسائل إلكترونية بما فيها الهواتف المحمولة.
الخاتمة:
تتصاعد المخاوف من حدوث كساد اقتصادي عالمي واسع، بينما لا تبدو في الأفق أي مؤشرات على إمكانية ظهور تفاهمات فاعلة بين المسؤولين في البلدان الكبرى فيما يتعلق بالخلافات التجارية بينها، التي وصلت منذ أشهر عديدة إلى حد الحرب والمعارك التجارية الجانبية.
هذه النقطة على وجه الخصوص أسفرت مؤخرا عن تراجع مخيف للأسواق المالية العالمية، ولا سيما مع تراجع العوائد على السندات الأمريكية، وغير ذلك من علامات ركود وطني هنا وهناك، ربما تصل إلى مرحلة الكساد العالمي ، كل الجهات تحذر من هذا الكساد، وتدق أجراس الخطر بعد أشهر قليلة فقط من زوال تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت عام 2008. فالمستثمرون يبحثون عن الميادين الآمنة في ظل حالة عدم اليقين العالمية هذه.
سيشهد الاقتصاد العالمي في الأشهر المتبقية من العام الجاري مزيدًا من التوتر، ليس فقط بسبب تفاقم الأزمة التجارية بين واشنطن وبكين أو أزمة كورونا ، لكن من جراء عدم التفاهم المطلوب بين قيادات الدول الكبرى المؤثرة في صنع القرار العالمي.
يتطلب الوضع الحالي نهجًا جديدًا يستنفر الإمكانات المحلية من خلال سياسات توطين التنمية، ودفع الطلب المحلي والاستثمار في البنية الأساسية خاصة الصناعية بدأ من القرى والمدن الصغيرة، وتفعيل آليات مشاركة المجتمعات المحلية في الإنتاج والتنافسية، وتقديم الخدمات الأساسية بكفاءة خاصة التعليم والرعاية الصحية والنقل.
ويتطلب ذلك تنسيقًا لسياسات اقتصادية واجتماعية متكاملة تنفذها مؤسسات ذات كفاءة للتعامل مع مستجدات الثورة الصناعية الرابعة واغتنام فرص يتيحها التحول الرقمي.
الإصلاح في مجالات مثل الحوكمة والتمويل المحلي والخارجي والتجارة وأسواق المنتجات والعمالة قد يحقق مكاسب على المدى المتوسط وهي إصلاحات لا يستلزم معها تكاليف اقتصادية كلية قصيرة الأجل ويمكن أن تتحقق مكاسب كبيرة في الإنتاج والعمالة على المدى المتوسط إلى الطويل كما أنه من المهم أن نأخذ في الاعتبار أهمية الحياد التنافسي كأدة لتحفيز تطور حقيقي للقطاع الخاص.