تشابه الأزمات وفشل تكرار العلاج

المنصور- سيارات
aiBANK

بقلم محسن عادل نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الخبرة _ سؤالان بحثت عن إجابة لهما بقوة في الصحف العالمية الاقتصادية علي مدار الأسابيع الماضية في خضم أزمه كورونا وأنبائها المفزعة، الأول ماهية التشابة ما بينها وأزمه 2008 والآخر هو هل نعالج الأزمة بطريقة صحيحة؟ .

على مدار الأسابيع الأخيرة قامت صحيفتا إيكونوميست والجارديان باستقراء ماهية التشابه بين الأزمة التي خلقها فيروس كورونا عن تلك التي ترتبط بأزمة 2008 الشهيرة.

E-Bank

ولخص موقع «أرقام» مؤخرا ذلك موضحا أنه عندما تحدث صدمة ما في الأسواق العالمية، من الطبيعي التوجه نحو التجارب السابقة لمعرفة ما دار خلالها، ولكن في حالة فيروس «كورونا»، ربما يكون من الصعب التكهن بحركة الأسواق المالية، مشيرا إلى أنه بالطبع هناك أوجه تشابه بما حدث في الأزمة المالية العالمية بين عامي 2007 و2009 مثل انخفاض أسواق الأسهم كما اتجهت أسعار النفط إلى أدنى من 40 دولارًا للبرميل، واتخذت بنوك مركزية على رأسها الفيدرالي قرارات بخفض الفائدة قرب الصفر.

– نتيجة حدة الصدمة في الأسواق المالية، هناك تقلبات شديدة في مختلف فئات الأصول، وهو ما يجعل المقارنة قائمة مع الأزمة المالية العالمية بين 2007 و2009.

– مع ذلك، يرى كثيرون أن حدة «كورونا» لا تضاهي الأزمة المالية العالمية، فقد خسرت أسواق الأسهم خُمس قيمتها، بينما خسرت 59% من قيمتها بين عامي 2007 و2009.

-كما أن طبيعة الصدمة نفسها مختلفة عما حدث في السابق، ففي أزمة (2007/2009)، كانت المشاكل متركزة في النظام المالي نفسه، لكن أزمة «كورونا» عبارة عن حالة طوارئ صحية.

-بناء على الأطر الزمنية، هناك عدم يقين في المقارنة أيضاً، فمن الممكن ببساطة انحسار أزمة فيروس «كورونا» خلال أسابيع حال اكتشاف علاج مثلا لتعود الأسواق إلى سابق عهدها من الارتفاع.

– كذلك، توجد بعض المشكلات المؤقتة في قطاعات مالية ومصرفية وصناعية من الممكن زوالها، على سبيل المثال، ربما تعيد شركات فتح مصانعها وعودة موظفيها بشكل تقليدي لو انتهت أزمة الفيروس التاجي.

– بين عامي 2007 و2009، ضخت السلطات المالية سيولة ورؤوس أموال في الأنظمة المالية والمصرفية لضمان الاستمرارية وتحفيز أسواق السندات، أما هذه المرة، فإن التحدي يكمن في ضخ سيولة وتوصيلها للشركات، وهذا أمر سهل في دولة كالصين تملك مجموعة من البنوك تنفذ أوامر الحكومة بدقة.

– تحتاج الجهات التنظيمية في مختلف الدول للتحرك سريعاً للرد على أي مشكلات ناشئة مع الإبداع في القرارات سواء الإعفاءات الضريبية أو التحفيزات المالية الأخرى للشركات والأفراد.

– ربما لا تجدي قرارات البنوك المركزية بشأن الفائدة نفعاً هذه المرة، ففي بعض الدول كانت الفائدة بالفعل منخفضة، لكن المختلف في حالة «كورونا» عن الأزمة المالية العالمية أن موقف البنوك أقوى عما كان عليه بين عامي 2007 و2009.

– بالطبع، كل أزمة مالية مختلفة عن سابقتها، ففي صدمة عام 1930، تركت البنوك المركزية المصارف للفشل، لكن عام 2007، سمع قليلون عن الرهون العقارية الخطرة التي كانت على وشك الانفجار.

– في الأزمة المالية العالمية كانت المشاكل في قطاعات مالية ومصرفية، لكن المشكلة في «كورونا» أنها أزمة صحية تسبب مخاطر مالية.

– تكمن حدة أزمة «كورونا» في عدم اليقين بشأن تأثيرها على المدى الطويل وعدم معرفة الإطار الزمني لمعالجتها، فهل ستنتهي بعلاج للفيروس، أم بتطوير لقاح في غضون أشهر، أم احتواء المرض؟

– أصبحت التوقعات تميل إلى اليقين بأن الاقتصاد العالمي يتجه نحو ركود عميق مع ارتفاع قوي في البطالة وانخفاض شديد في إنفاق المستهلكين.
السؤال الآخر كان مرتبط بمدي نجاح السياسات التي تستخدمها أغلب دول العالم حاليا لإنقاذ الاقتصاد في مواجهة فيروس كورونا و هو ما أجاب عنه بنجاح مقال منشور بصحيفة الاتحاد الإماراتية على النحو التالي

أن المشكلة اليوم تكمن في التوقف المفاجئ للإنتاج الذي لا يمكن للسياسة النقدية تقديم كثير لتعويضه، فلا يستطيع جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي إعادة فتح المصانع التي أغلقها الحجر الصحي بغض النظر عن رأي دونالد ترمب الرئيس الأمريكي وبالمثل، لن تعيد السياسة النقدية المتسوقين إلى مراكز التسوق أو المسافرين إلى الطائرات، ما دامت اهتماماتهم منصبة على السلامة وليست التكلفة، الحق إن تخفيض أسعار الفائدة لن يضر، نظرا لأن التضخم الذي خفت حدته بالفعل يتجه نحو الانخفاض؛ لكن لا ينبغي أن نتوقع أن ينتج كثيرا من الحوافز الاقتصادية الحقيقية.

مع الأسف، ينطبق الشيء ذاته على السياسة المالية، فلن تعيد الائتمانات الضريبية تشغيل الإنتاج في حين تنشغل الشركات بصحة عمالها وخطر انتشار الأمراض، ولن تؤدي تخفيضات الضرائب على الرواتب إلى زيادة الإنفاق الاختياري عندما يشعر المستهلكون بالقلق إزاء سلامة سلسلة الوجبات السريعة المفضلة لديهم.

لذلك يجب أن تكون الأولوية هي الكشف، والاحتواء، والعلاج. تتطلب هذه المهام موارد مالية، لكن نجاحها سيتوقف في المقام الأول من الأهمية على الكفاءة الإدارية. حيث تتطلب استعادة ثقة الجمهور تحري الشفافية والدقة في الإبلاغ عن الإصابات والوفيات، كما تتطلب منح سلطات الصحة العامة نوعا من الحكم الذاتي مثل الذي تتمتع به البنوك المركزية المستقلة. «لسوء الحظ، مثل هذه القرارات لا تأتي بصورة طبيعية من قادة مثل ترامب”.

ومع ذلك، فإن السياسة المالية التوسعية لا تضر، كما هي الحال مع السياسة النقدية التوسعية. وفي هذا الصدد، أرشدتنا إيطاليا إلى الطريق من خلال تأجيل دفع الضرائب والرهن العقاري، وتوسيع نطاق الإعفاءات الضريبية للشركات الصغيرة، وزيادة النفقات الأخرى. لكن من ناحية أخرى أبدت الولايات المتحدة حتى الآن استعدادا أقل للتصرف، وفشلت في تشجيع المواطنين على الحرص على إجراء الفحوص من خلال مساعدتهم على دفع الفواتير الطبية.

تتمثل إحدى عقبات التحفيز المالي في أن آثاره تتسرب إلى الخارج، لأن بعض النفقات الإضافية تكون على الواردات، ونتيجة لذلك، تتردد كل سلطة مالية في التحرك، ولا توفر الحكومات مجتمعة حوافز ترقى إلى الحد المطلوب، وهذا يبرر تنسيق المبادرات المالية، كما فعلت دول «مجموعة العشرين» عام 2009، لكن وفقا لمعايير ذلك العام، كان بيان مجموعة السبع الأخير الذي وعد بعمل «كل الإجراءات المناسبة» بلا قيمة، ولم يقدم سوى قليل لتعزيز الثقة في أن الحكومات ستتخذ الخطوات المنسقة التي دعا إليها تدهور الأوضاع العالمية.

هناك صقور المالية ومناصري السياسة النقدية، الذين يدعون أن أي تدخل رسمي سيترتب عليه نتائج عكسية، فهم يحذرون على سبيل المثال، من ضعف النظم المالية إذا دفعت البنوك المركزية بأسعار الفائدة إلى عمق المنطقة السلبية، لكن على الرغم من وجود سعر فائدة أقل من الصفر بالتأكيد في هذه الحالة، تشير جميع الأدلة إلى أن المعدلات الحالية لا تزال بعيدة جدا عن هذه النقطة.

إضافة إلى ذلك، يجري تحذيرنا من أن التحفيز المالي من جانب الحكومات، التي تواجه ديونا ثقيلة سيقوض الثقة، بدلا من أن يعززها. ويقال لنا، إن اليابان مثقلة بالديون بالفعل. لكن في الواقع، تتجاهل هذه الحجة المبالغ فيها حقيقة أن الحكومة اليابانية لديها أصول واسعة النطاق من القطاع العام لموازنة ديونها.

وبالمثل يجري تذكيرنا بأن الولايات المتحدة تواجه عبء استحقاقات يلوح في الأفق، وهي حجة تتجاهل حقيقة أن سعر الفائدة على الدين العام أقل دائما من معدل نمو الاقتصاد، وفي حين أن الشركات المملوكة للدولة في الصين قد يكون لديها ديون ضخمة، فإن الرقابة المشددة على النظام المالي تحد من مخاطر الأزمة المالية التي توقعها منتقدو الصين بصورة خاطئة لأعوام.

يتعين على البنوك المركزية والقادة السياسيين، الذين يواجهون أزمة عالمية، تجاهل هذه الحجج الخاطئة واستخدام السياسات النقدية والمالية لضمان سيولة السوق، ودعم الشركات الصغيرة، وتشجيع الإنفاق، لكن عليهم أن يدركوا أن ردود الكتب المدرسية هذه لن تخلف سوى تأثيرات محدودة فقط عندما لا تكمن المشكلة في نقص السيولة، بل في تعطل سلاسل التوريد وانتشار عدوى الخوف، حيث يعتمد الاستقرار الاقتصادي اليوم بشكل أكثر أهمية على تصرفات سلطات الصحة العامة، التي ينبغي أن تمنح الموارد ويفسح لها المجال لأداء وظائفها، بما في ذلك حرية التعاون مع نظيراتها الأجنبية.

أتصور أن الإجابات أصبحت واضحة فهل من مستجيب؟

الرابط المختصر