بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ تأثرت شركات كثيرة نتيجة القوانين والإجراءات الاحترازية المعمول بها في كل بلدان العالم في مواجهة كورونا، فأغلقت المطاعم والمقاهي واقترب الأشغال بالفنادق إلى أدنى المستويات، وتم تخفيف التواجد بالأعمال والمصانع وبالتالي قل الاحتياج إلى العمالة.
سارعت البنوك المركزية والحكومات إلى اتخاذ إجراءات سريعة بهدف مساندة الشركات خاصة الصغيرة والمتوسطة للبقاء على قيد الحياة.
تلك الاجراءات هي بمثابة أسطوانة الأكسجين التي تحتاج الشركات الاستعانة بها حتى يستعيد الجهاز التنفسي قدراته فيكون قادرا على البقاء.
ولكي يقل استهلاك هذا الاكسجين الخارجي فعليه تقليل استهلاكه بقدر الامكان ليكفي اطول فترة ممكنة للبقاء. فمن الإجراءات الأولى التي تتخذها الشركات والمطاعم والفنادق وغيرها في تلك الظروف والأزمات الاستغناء عن العمالة المؤقتة والغير ضرورية لخفض النفقات بقدر الإمكان في ظل توقف الايرادات وضغوط المصاريف الثابتة، وكثير من اصحاب الوظائف المؤقتة والوظائف اليومية وعديمي الوظائف لا دخل لهم إن لم يعملوا، ولا مدخرات لديهم تلبي احتياجاتهم اليومية من مأكل ومشرب في تلك الاوقات الصعبة.
أثار ذلك انتباه الناس الأوفر قدرة ونادي كثيرين على وسائل التواصل الاجتماعي بمساندة هؤلاء، ولبت بعض المؤسسات النداء وتبنت مبادرات إرسال مساعدات غذائية وانتهزت بعض الشركات الفرصة للاشتراك أو الإعلان عن الاشتراك في تلك المبادرات.
اختلطت كالعادة جهود وموارد من يرغب في المساعدة الخالصة دون أي غرض بأصحاب الرغبة في الظهور في تلك المناسبات لكسب شعبية بمنتهزي الفرصة للاستفادة من تلك المبادرات وهنا لي بعض الملاحظات:
أولا: كل التقدير والتحية والاحترام إلى كل جهات الدولة التي تعمل ليلا نهارا في ظروف بالغة القسوة والصعوبة وبكفاءة مشهود لها، ولكن دعم تلك العمالة أو تنظيم دعمها هو مسؤولية الدولة متمثلة في وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع كافة منظمات وهيئات المجتمع المدني والتنسيق بينهم.
فالمبادرة والتنسيق والإدارة وضمان النزاهة والشفافية ووصول تلك المساعدات إلى مستحقيها يجب أن يكون مسؤولية الوزارة وإن كانت الإمكانيات والآليات والجهات المنفذة هي جهات أهلية وهذا واجب على كل قادر.
ثانيا: بخصوص العمالة اليومية الخاصة بالبناء، بعد إتمام اي مبنى لا يمكن استخدامه أو اعتماده دون دفع تأمينات خاصة بالعمالة التي عملت بالمبني نظريا، في حين لا توجد اي بيانات لتلك العمالة ولا يقدمها المقاول والمهندس ولا يتم الربط بين تلك المبالغ التأمينية المحصلة و هؤلاء العمال وقد سبق أفردت مقال لهذا الموضوع، وأعتقد أن تلك المناسبة يجب أن تدفع بوزارة التضامن الاجتماعي لبناء قاعدة بيانات وتسجيل عمالة البناء عن طريق المقاولين وشركاتهم و الربط بين التأمينات المحصلة و توفير الحماية والضمان لهؤلاء في تلك الظروف.
ثالثا: اقترح بناء بوابة إلكترونية مربوطة بقاعدة بيانات تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي للتنسيق بين جهود منظمات المجتمع المدني ولضمان العدالة في التوزيع والوصول للمناطق النائية سواسية بالمدن الرئيسية والمناطق الأقرب إلى المدن الكبرى.
تقوم كل منظمة أهلية بالتسجيل على تلك البوابة والتأكد من عدم وصول اي مساعدات إلى من سبق حصولهم عليها من جهة أخرى.
كما تقوم منظمات المجتمع المدني الموجودة في المناطق النائية والتي قد لا تتوفر لديها الإمكانات المادية، بعملية تسجيل الافراد المحتاجة للمساعدة ومعاونة المنظمات القادرة على توصيل المساعدات لتلك المناطق.
رابعا: وقف الأموال المهدرة في الإعلان عن الاحتياج إلى التبرع لتلك الاعمال الخيرية وتوحيد الجهود الإعلانية من خلال البوابة المشتركة، ويمكن من خلالها أن يقوم المتبرع باختيار المؤسسة أو الجمعية التي يرغب في توجيه تبرعاته للمحتاجين من خلالها وإيداع تلك المبالغ إلكترونيًا لتخفيف الضغط على البنوك.
ويتم الاعلان عن تلك البوابات من خلال برامج التوك شو الاكثر شهرة، كما يجب على شركات الإعلان والمحطات التلفزيونية أن تكون على قدر وبالمشاركة بالتكاليف فقط وعدم التربح من تلك الإعلانات ودعمها لو كان ممكنا، فالوقت غير مناسب لاستغلال الفرصة للتربح من تلك الاعمال إذ أن كل جنيه ربح يخصم من المساعدات والإعانات التي هي بمثابة الأكسجين اللازم للحياة للبعض.
بالتنسيق والتخطيط والتكنولوجيا نستطيع توحيد الجهود لتعظيم الفائدة ومساعدة أكبر قدر ممكن ممن فقدوا مصدر رزقهم ولا مدخرات لديهم من العمالة المؤقتة وكبار السن وغيرهم تحت مظلة تضمن النزاهة والعدالة والشفافية والمصداقية.
إنه وقت لتتكاتف وتتكافل فيه الإنسانية لتخطي تلك الأزمة بأقل الخسائر الممكنة.