شيخ الأزهر: رفض دفن أو استلام جثث موتى كورونا محرم شرعا ومجرم أخلاقا وإنسانية

حابي – وجه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الأحد، رسالة تلفزيونية إلى الشعب المصري بشأن مستجدات فيروس «كورونا»، أكد خلالها أن مظاهر التنمر والسخرية من مصابي فيروس كورونا المستجد وضحاياه، أمر خطير، ومرفوض شكلًا وموضوعًا.

وأضاف الطيب أنه لا يجوز أبدًا ولا شرعًا ولا مروءة أن يسخر إنسان من إنسانٍ آخر أصيب بهذا الوباء أو مات به أو يتنمر ضده، والواجب هو أن يدعو الإنسان لأخيه الإنسانِ، وأن يتضامنَ معه، وألا يسخر منه بكلمة أو نظرةٍ أو فعلٍ أو قولٍ يؤذي المصاب ويؤذي أهله.

E-Bank

وشدد شيخ الأزهر على أنه من أسوأ الأخلاق أحطِّها منزلةً استغلالَ جثث الموتى للمتاجرة بها في سوق «المصالح» الهابطة، التي يلعن الله المتاجرين بها، وتلعَنهم الملائكة، ويلعنهم كل مؤمن يخلص دِينَه لله تعالى، ولا يرهن ضميره وعقلَه للعابثين بالأديان والأوطان.

وفيما يلي نص كلمة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب:

بسم الله الرحمن الرحيم

تابعنا على | Linkedin | instagram

الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا محمد بن عبدالله.. سَيِّد الخلق أجمعين.. وبعدُ:

فقد تابعنا جميعًا ما انتشر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من مظاهر التنمُّر والسُّخرية من مُصابي فيروس كورونا المستجد وضحاياه، وهو أمرٌ خطيرٌ، ومرفوضٌ شكلًا وموضوعًا.

هذا الوباءُ قد ابتلى الله به البشريَّةَ في مَشارقِ الأرضِ ومغاربِها، وهذا ما يفرضُ علينا جميعًا أن نَتكاتَفَ لمواجهتِه حتى يتمَّ القضاء عليه – بإذن الله تعالى -؛ وعليه فلا يصحُّ ولا يجوزُ أبدًا لا شرعًا ولا مروءةً أن يسخر إنسان من إنسانٍ آخَر أُصيب بهذا الوباء أو مات به أو يتنمر ضده، والواجب هو أن يدعوَ الإنسانُ لأخيه الإنسانِ، وأن يَتضامَنَ معه، وألّا يسخر منه بكلمةٍ أو نظرةٍ أو فعلٍ أو قولٍ يُؤذي المصابَ ويؤذي أهلَه.

ولقد أحزنني كثيرًا كما أحزن جموعَ المصريِّين أنْ نرى بعضَ أبناءِ وطنِنا يَرفُضون استلامَ جُثَثِ ذَوِيهم ممَّن ماتوا بهذا الوباء، أو دفنَهم في مَقابرِهم، وهو أمرٌ مُحرَّمٌ شرعًا ومُجرَّم أخلاقًا وإنسانيًّةً..

وكان على هؤلاء المسيئين أن يَعلَمُوا -بل يتعلَّموا- أنَّ للموتِ مَهابةً وجَلالاً، وله عظةٌ عمليَّةٌ بالغةٌ يجبُ أن يَستَحضِرها كلُّ إنسان حين يَطرُقُ سمعَه حديثٌ عن الموت، أو كلَّما رأى جنازةَ ميتٍ، وأن يتذكَّر أنّ النبي ﷺ كان يَهُبُّ واقفًا حين تمر به جنازةٌ؛ احترامًا للميت وإجلالًا لأوَّلِ منزلٍ من منازل الآخِرةِ، كما يجبُ أن يعلم هؤلاء أنهم صائرون لا محـالةَ إلى نفس المصير، وعلى المسلمين أن يذكروا أنَّ شريعة الإسلام تُطالبهم بالإسراعِ في تجهيز الميِّت والتعجيلِ بدفنِه، وأنَّ من إكرام الميت دفنَه والدُّعاءَ له والتَّرحُّمَ عليه.

إنني أدعو الجميع إلى الالتزام الصَّارم بما تُصدره الهيئاتُ الصحيَّة والجهاتُ المختصَّة بشأن مَن يُتوفَّون في ظُروفٍ استثنائيَّةٍ مثلِ ظروف الوباء الذي يضربُ البلادَ والعبادَ في هذه الأيام.

إنَّ التجمهرَ في وجهِ جنازةِ الميِّت، ورفضَ دفنِه في مقبرةِ بلدِه ومسقطِ رأسِه هو انتهاكٌ صريحٌ وغيرُ آدميٍّ لحرماتِ الموتى التي تَعارَف عليها كلُّ الناس شرقًا وغربًا، مُؤمنين وغيرَ مؤمنين.

وإنَّ من أسوأ الأخلاقِ وأحطِّها منزلةً استغلالَ الموت وجُثَثِ الموتى للمتاجرة بها في سُوقِ «المصالحِ» الهابطة، التي يَلعَنُ اللهُ المتاجرين بها، وتَلعَنُهم الملائكةُ، ويَلعَنُهم كلُّ مؤمنٍ يُخلِص دِينَه لله تعالى، ولا يَرهَنُ ضميرَه وعقلَه للعابثين بالأديانِ والأوطانِ.

وإذ أتحدَّثُ إليكم في هذه الأوقاتِ الصَّعبةِ من تاريخِ الإنسانيَّة، فلثقتي في وعيِ الشعب المصري وحكمتِه وحِرصِه على التوحُّد والتكاتُف، والوقوفِ صَفًّا واحدًا لعُبورِ هذه الأزمةِ -بإذنِه تعالى- في سلامٍ وأمانٍ.

وأقولُ للجميعِ: إن المُصابين بهذا الوباءِ والمتضرِّرين بسببِه هم جُزْءٌ مِنَّا، وعلينا دَعمُهم ومُعاونتُهم، ولكلِّ مُتَوفًّى في هذه الأيامِ ولأهلِه علينا واجب تقديم كلُّ الحقوقِ الشرعيَّةِ والاجتماعيَّةِ، فالمصريُّون كلُّهم نسيجٌ واحدٌ ويَنتَمُون إلى ترابٍ واحدٍ.

نسأل الله العفوَ والعافيةَ، واللُّطفَ فيما جَرَتْ به المقاديرُ، آمين يا ربَّ العالمين.

الرابط المختصر