علي عيسى يكتب: لماذا لم تستفد الصناعة المحلية من انخفاض النفط؟

دعم الحكومة لأسعار الطاقة لسنوات طويلة ساهم في تقبل الوضع الحالي

aiBANK

بقلم علي عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين _ قطاع النفط يعد من أكثر القطاعات تأثرًا بالوضع الحالي وما يحدث على الساحة العالمية، نظرًا لأنه من المتعارف عليه أن ذلك القطاع يزدهر مع النشاط والحركة والسياحة والطيران والنقل، وبالتالي فإنه يتباطأ ويقل الطلب عليه مع حالة الإغلاق التام التي يعيشها العالم الآن.

إضغط لمتابعة جريدة حابي على تطبيق نبض

E-Bank

الفترة الحالية تزامنت عدة عوامل تسببت في الوصول إلى ذلك الوضع الذي يمر به سوق البترول عالميًّا، والجميع يعلمها، ولكن يجدر بنا الإشارة إليها، حيث يتمثل أولها في فيروس كورونا وتبعاته على قطاع الصناعة والنقل العالمي، والتي بدأت في الصين من خلال وقف أنشطتها الصناعية.

وباعتبارها أكبر مستورد صاف للبترول عالميًّا، فإن الطلب انخفض بشكل حاد، أما المحور الثاني فتمثل في الحرب بين المنتجين وخاصة السعودية وروسيا، بزيادة الطاقة الإنتاجية في ذلك الوقت الذي يتردى فيه الطلب على النفط، ما أدى إلى فائض كبير جدًّا في السوق، وعدم القدرة على استيعابه، وأصبح من الصعب استخراج البترول وتخزينه.

وبناء على ما سبق بدأت الدول المنتجة في التحرك لاحتواء الأزمة، وبناء على ما تم الاتفاق عليه في أوبك + فإنه من المحتمل أن تظهر نتائج خفض الإنتاج واضحة في مايو المقبل ومع الخفض الإجباري الناجم عن انهيار الأسعار بصورة حادة من النفط الصخري الأمريكي، فإنه من المتوقع أن يحدث توازن نسبي.

على الجانب المصري فإن حدوث تلك الأزمة لو كان منذ عامين لكانت مصر من أكبر المستفيدين منه نظرًا لاعتمادها حينها بصورة كبيرة على استيراد المواد البترولية، ولكن مع بدء ظهور الغاز بوفرة فإن ذلك ساهم في تخفيف الضغوط عن الموازنة.

ومن هنا يمكننا القول إن مصر لم تتأثر سلبيًّا بالتراجع العالمي الكبير في أسعار النفط بل إن فاتورة الاستيراد انخفضت، وعلى الجانب الآخر فإن أسعار الغاز هي الأخرى شهدت تراجعًا كبيرًا بسبب الأزمة الحالية، ما أدى إلى تأثر صادراتنا من الغاز.

انخفاض فاتورة استيراد البترول سيقابله تراجع في عائدات تصدير الغاز

ما أود الإشارة إليه أنه بالطبع هناك انخفاض في تكلفة الاستيراد الخاصة بالمواد البترولية، ولكن ذلك يقابله انخفاض أيضًا في عائدات تصدير الغاز.
وبالنسبة للقطاع الصناعي فإن عدم وجود سوق حرة لأسعار الطاقة وتولي الحكومة مهمة تسعيرها أدى إلى عدم التأثر بما يحدث.

والمصنعون يدركون تمامًا أن الأسعار رغم أنها حاليًا من الممكن أن تكون أعلى من تكلفتها، إلا أنها لفترات طويلة كانت أقل من السعر العالمي ومدعمة، وهم أيضًا على دراية تامة بأن الوضع الحالي يرجع لكون الحكومة في حاجة إلى موارد لتوجيهها إلى متطلبات ضرورية أخرى، وهذا ما سيتم توفيره أيضًا من خلال الخفض النسبي الذي سيشهد عجز الموازنة في النصف الثاني من العام المالي الحالي والذي بدأ في يناير الماضي، أي مع بدء الاضطرابات العالمية، حيث تم احتساب سعر برميل البترول بالموازنة على أساس 67 دولارًا للبرميل.

المصنعون لديهم تفهم كامل للوضع الحالي، ما أدى إلى عدم وجود طلبات بصورة كبيرة على خفض أسعار الطاقة –وإن كانت هناك تحركات فردية- نظرًا لأن الحكومة كما قلنا في حاجة إلى موارد لتوجيهها إلى قطاعات أخرى، في ظل الأزمة الحالية التي تمر بها دول العالم كافة، ومع عودة الاستقرار والأمور إلى طبيعتها فإن هناك العديد من الملفات التي سيتم التناقش بشأنها وفي مقدمتها أسعار الطاقة.

الرابط المختصر