بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ منذ أن بدأت أخبار الوباء في الانتشار بدأت أسعار البترول في الهبوط التدريجي حتى سقط بحرية تامة الأسبوع الماضي ليصل إلى أدنى مستوى له خلال 18 عامًا.
إضغط لمتابعة جريدة حابي على تطبيق نبض
وكما نعلم فإن سعر أي سلعة هو نقطة التقاء العرض والطلب. وفي الأسواق العالمية تتأثر قوى العرض والطلب بالأخبار التي تحرك التوقعات المنتظرة نتيجة تأثير تلك الأخبار. فتوقعت الأسواق انخفاض الطلب على البترول نتيجة انخفاض الإنتاج وحركة التجارة وحركة البشر إلى آخره وانخفض السعر. ومع الوقت لم تظهر أي بوادر لحل الأزمة المسببة مما أد إلى المزيد من الانخفاض حتى وصلنا لهذا المستوى.
هناك أكثر من مئة وستين نوعًا مختلفًا من البترول وكل نوع له السعر الخاص به والعقود المستقبلية والمشتقات المبنية على كل نوع من العقود فهو سوق غاية في التعقيد تسيطر عليه قوى كثيرة وقامت من أجله حروب عديدة لكن من الثابت والسهل فهمه ومتابعته هو سعر البرميل من خام برنت الأكثر تداولًا والأشهر.
انخفض سعر برميل برنت من 73 دولارًا للبرميل في أواخر شهر مايو العام الماضي إلى أأقل من عشرين دولارًا للبرميل الاسبوع الماضي فيا ترى ما هو التأثير المرتقب والمرجو على كل منا؟
قبل أن نتطرق إلى تأثير هذا الانخفاض في سعر البرميل على الفرد لا بد من نظرة شاملة على التأثير الاقتصادي
نحن نعيش في وطن عزيز وغالٍ وقبل أن نتطرق إلى تأثير هذا الانخفاض في سعر البرميل على الفرد لا بد من نظرة شاملة على التأثير الاقتصادي في النقاط التالية:
أولًا: مصر دولة وإن كانت منتجة للبترول والغاز وخاصة الأخير بكثافة مؤخرًا إلا أن الميزان التجاري للمواد البترولية لا يزال مرجحًا لكفة الاستيراد وبقوة. معنى هبوط سعر البرميل بهذه الطريقة هو تخفيف العبء على موازنة الدولة وتخفيف العبء على باب مهم ننفق فيه العملة الصعبة وهذا في صالح الاقتصاد بصفة عامة.
ثانيًا: معامل الارتباط بين البترول والغاز لا يتعدى 0.25 بمعنى أن سعر الغاز ينخفض مع سعر البترول ولكن ليس بنفس المعدل أو السرعة لكن بنسبة لا تتعدى 25% من انخفاض سعر البترول وهذا يعني أن صادراتنا من الغاز سستأثر بالسالب ولكن ليس بنفس القدر من التأثير على الوارد من البترول.
ثالثًا: يجب انخفاض أسعار الوقود والمحروقات بنسبة مماثلة إذ إن تكلفة البترول الخام تشكل 71 بالمئة من تكلفة البنزين والديزل وإن حدث هذا في مصر وقد سبقتنا إليه دول بها آليات تعكس التغيرات على الأسعار المحلية بصورة أسرع فهو في صالح التكلفة العامة ومن الأسباب التي حتما ستؤدي لانخفاض الأسعار في النقل والصناعة وإن لم يحدث فهو مصدر دخل بالفرق في الموازنة العامة للدولة نرجو أن تكون مصدرًا ملهمًا للمالية للكف عن محاصرة من تبقى من الطبقة المتوسطة وهو تأثير إيجابي في الحالتين.
رابعًا: خفض تكلفة إنتاج الكهرباء إذ إن معظم محطات الطاقة الكهربائية تعمل بالوقود أو بالغاز وانخفاض كلاهما بنسب مختلفة يؤدي إلى انخفاض تكلفة الكهرباء التي يجب أن تنعكس بدورها على المواطن وعلى تكلفة الوقود المستخدم في الصناعة والإنتاج.
خامسًا: حتمًا سيؤدي الانخفاض الرهيب في أسعار الوقود إلى انكماش في اقتصاد الدول التي يشكل النفط أساسًا في إيراداتها كدول الخليج مما قد يضطرهم إلى الاستغناء عن بعض الوظائف. قد يؤدي هذا إلى إنهاء عقود بعض المصريين العاملين في الخارج وبالتالي قد تتأثر تحويلاتهم والتي تشكل مصدرًا أساسيًّا في الوارد من العملة الصعبة.
سادسًا: قد يشكل الانخفاض في أسعار البترول خطرًا على نشاط حركة الملاحة في قناة السويس لو كان إجمالي الانخفاض في التكلفة محفزًا لمسلك رأس الرجاء الصالح وقد يكون حافزًا لنا لتغيير الرسوم لتكون محفزة لبقاء نشاط حركة الملاحة والحفاظ على إيرادات قناة السويس.
قامت الدولة بإجراءات تشكل عبئًا على موازنتها لتخفيف آثار الوباء على الاقتصاد فهبطت أسعار البترول إلى مستويات قياسية تساعد الدولة على تخفيف آثار تلك الإجراءات على الموازنة العامة وعلى الطلب على العملة الصعبة مما لا بد أن يؤثر على التضخم الذي كان أحد أهم أسبابه زيادة أسعار المحروقات نتيجة رفع الدعم والذي حاولت الدولة السيطرة عليه ويشاء القدر أن يهدينا أداة رئيسية لخفض الأسعار فلنحسن استغلالها.