نشوى صالح تكتب: كوفيد 19 – البجعة السوداء
فرصة ذهبية لإعادة التفكير في الاستراتيجيات التنموية أهمها بنية القاعدة المعلوماتية للقطاع المالي
بقلم نشوى صالح، مؤسس شركة باست ريتينجرز لتصنيف الشركات المتوسطة والصغيرة _ قبل بداية الأزمة الحالية التي يمر بها العالم كان الاعتقاد أنه الأزمة المالية القادمة من بعد أزمة 2008 سوف تكون نابعة من مستوى الاقتراض والدين العالمي على مستوى الشركات والأشخاص والدول والذي كان في ازدياد مطرد منذ 2008 كنتيجة للسياسات النقدية التوسعية المتبعة.
إضغط لمتابعة جريدة حابي على تطبيق نبض
وهناك البعض الآخر الذي كان يتوقع أن الأزمة القادمة سوف تنبعث من قطاع المعاشات وعجز الصناديق عن التواكب مع التزاماتها المتزايدة في ظل أسواق عالمية تتسم به فائدة منخفضة للغاية أو بالسالب في بعض الأحيان. ولقد بلغت إجمالي الأدوات المالية التي تتداول بنسب فايدة بالسالب أكثر من 18 مليار دولار قبل بداية الأزمة الحالية.
ولكن للأسف الأزمة الحالية تفجرت من القطاع الحقيقي متمثلة في قطاع الصحة. فأدى هذا إلى أن هذه ’البجعة السوداء’ ، كما نسمي الأزمات أو الأحداث العالمية التي تكون نسبة توقعات حدوثها ضئيلة للغاية.
وبالتالي فهي أزمة مختلفة في مكوناتها بشكل كبير عن الأزمة المالية في 2008. وأعتقد للأسف أنها البداية للسلسلة من الأزمات التتبعية في الفترة القادمة والتتبع الأول سوف يكون في شكل أزمة مالية من زيادة القروض غير المنتظمة على مستويات مختلفة بعد مرور فترة السماح ونفاذ الإجراءات غير الاعتيادية من الجهات الرقابية وما إلى ذلك.
إرساء التشريعات الخاصة بالخدمات المصرفية المفتوحة وحوكمة حقوق ملكية البيانات
وحتى الآن كرست الدول المختلفة حول العالم موارد بحجم يتراوح بين 10% إلى 30% من إجمالي الناتج المحلي. وهذا الرقم قريب جدًّا من الرقم الذي تكبدته الدول خلال الأزمة المالية العالمية في 2008.
والأدوات المستخدمة أيضًا هي نفس الأدوات التي تم استخدامها في الأزمة المالية العالمية وهذا يتضمن تخفيض سعر االفائدة وشراء السندات على مختلف تقويماتها الائتمانية المشكوك في تحصيلها وشراء الأسهم ومنح خطوط سيولة وقروض ومد فترات السداد وعقود مبادلات للعملة بين البنوك المركزية إلى آخره. وأيضًا أداة جديدة مستحدثة وهي التوزيعات المباشرة للأشخاص الذين فقدوا عملهم أو دفع جزء من الرواتب للشركات التي لم تقم برفد العمالة.
لأننا نتعامل حاليًا مع أزمة صحية بالدرجة الأولى فقط، قدرة الاقتصاد على التعافي مربوطة مباشرة بقدرة البلاد على مواجهة هذه الأزمة الصحية على المستوى العالمي وليس فقط في الدول المتقدمة إلا إذا افترضنا عالمًا معزولًا تمامًا عن بعضه وهذا غير واقعي.
والتأثيرات السلبية على القطاعات التي نراها حتى الآن ما هي إلا رد فعل مباشر للأزمة الصحية. فمثلًا ما رأيناه من وصول العقود الآجلة لتسليم البترول لشهر مايو إلى التسعير بالسالب لأنه لا يوجد أي مساحة تخزين وقد قل الطلب على المنتجات البترولية كثيرًا بسبب وقف الطيران والحركة عمومًا.
أيضًا تأثرت البورصات العالمية وأسواق الدين العالمي بالسالب وهذا طبيعي كمرآة للاقتصاد الحقيقي. االقطاعات المتأثرة أكثر بالسالب بالطبع هي الطيران والنقل والمطاعم والفنادق و أيضًا القطاع الاستهلاكي من ملابس وما إلى ذلك.
القطاعات المستفيدة هي المأكولات، الإلكترونيات والاتصالات والتسويق والترفيه الرقمي.
خمسة محاور أساسية يمكن العمل عليها في الفترة القادمة
العالم ما بعد كورونا إلى أن يكون لها علاج أو تطعيم وهو غير متوقع قبل 12-18 شهرًا سيكون مختلفًا تمامًا. ولهذا فالأزمة الحالية هي فرصة ذهبية لإعادة التفكير في الاستراتيجيات التنموية أهمها خمسة محاور أساسية يمكن العمل عليها في الفترة القادمة:
1– الصحة والتعليم ومكانتهما في المجتمع.
2– بنية القاعدة المعلوماتية للقطاع المالي: على مستوى كل الشركات و الأراد المتعاملين مع القطاع المالي المصرفي وغير المصرفي عن طريق شركات متخصصة ومستقلة للتقييم الائتماني مما سيؤدي إلى شفافية والقدرة على نشر المتوسطات لكل قطاع للمؤشرات الرئيسية و دراسة مفصلة للمخاطر ونقاط القوة والضعف لكل قطاع وبالتالي كيفية التعامل معه في الأزمات.، بأكثر التداخلات الفعالة. هذه المؤشرات لها أهمية خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة لعدم وجود أسهم متداولة لها وتغطية من محللين ونشر معلومات على سبيل المثال.
3- وإرساء التشريعات الخاصة بالخدمات المصرفية المفتوحة لنقل الخدمات الرقمية نقلة نوعية كما حدث في الدول المتقدمة في هذا المجال كنتيجة لهذه التشريعات في 2016 التي سمحت للشركات الرقمية المنافسة مع البنوك في تقديم الخدمات المالية.
4– وحوكمة حقوق ملكية البيانات و استخداماتها. هذا شرط ضروري للنهوض بالقطاع الرقمي وإتاحة البيئة المناسبة للابتكار وحماية الأشخاص والكيانات التي تملك هذه البيانات وأيضًا لمنع الاحتكار وتشجيع المنافسة.
5– والتشجيع على استخدام القنوات المالية الرقمية أكثر بدءًا من استخدام Lite-KYC وسهولة فتح محفظة إلكترونية إلى آخره.