بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ من أجمل ما يميز شهر رمضان الكريم بالنسبة لي موائد الرحمن التي ينتظرها الكثير من غير القادرين.
إضغط لمتابعة جريدة حابي على تطبيق نبض
موائد الرحمن هي تعبير حقيقي عن الشكر لله على كرمه والرحمة والمحبة التي هي من نعمه وصفاته في صورة تكافل ممن هم أوسع رزقًا مع غير القادرين.
حرمنا الوباء اللعين هذه السنة من مشهد الموائد الكبيرة بسبب القيود التي فرضها على التواصل الإنساني خوفًا من انتشاره فاختفت الموائد الكبيرة ولكن لم يختفِ العطاء.
شاهدت شبابًا وكبارًا معهم وجبات جاهزة في سياراتهم يبحثون عن من قد يسعدهم ويفيدهم الحصول على تلك الوجبات مما أبقى على العطاء مع الحفاظ على عدم التزاحم والاختلاط وقاية من كورونا.
لكن هل علينا شهر رمضان هذه السنة الغريبة مع احتياجات مضاعفة إذ إنه قبل حلوله بأكثر من شهر كانت قد طبقت القوانين التي قللت من ساعات التواجد في الشوارع وقللت من الاحتياج إلى العمالة اليومية أو قدرتها على الحصول على عمل.
وكما نعرف جميعًا أن العمالة اليومية في مجالات عديدة مثل النظافة والبناء إن لم تعمل لا يتوفر لها دخلًا لقوتها اليومي ويندر أن يكون لديها أي مدخرات إذ إن دخلها اليومي يكاد يكفي يومًا أو يومين على الأكثر حتى يتسنى لها الحصول على عمل.
كلنا نعرف أماكن تواجد العمالة اليومية في المدن الكبرى ونرى المشقة التي يتكبدونها للمنافسة على السيارة التي تتوقف لتستعين بأحدهم أملًا في الحصول على تلك الفرصة.
كنت قد كتبت في نفس الموضوع منذ أسابيع مقترحًا عدة حلول للتعامل مع العمالة اليومية والتهوين من أثر الوباء الاقتصادي والاجتماعي عليها.
أما في مقالي اليوم أود أن أتناول جانبًا أو منظورًا آخر يتعلق بمحاولات حميدة متكررة لمساعدة المحتاجين عن طريق إمدادهم بكرتونة مواد غذائية جافة قد تكفيهم لفترة صغير وتسد فجوة في احتياجاتهم إلى المواد الغذائية.
اشتركت في تلك الجهود مؤسسات كبيرة ومرموقة وشركات ورجال أعمال في تبني شنط أو كراتين المواد الغذائية وتوصيلها للجميع.
ولو افترضنا أن ثمن البضائع الموجودة في الكرتونة مئة جنية فنحتاج أن تضاف إليها مصاريف نقل البضائع وتعبئتها في كراتين وثمن الكراتين والمصاريف اللوجستية المطلوبة في نقل وتوزيع تلك الكراتين مع الأخذ في الاعتبار احتمال وجود نسبة هالك ومفقود أثناء عمليات النقل والتوزيع مما يقلل من معادل الكفاءة في الفائدة المحصلة للمنصرف فعليًّا.
فمثلًا قد تبلغ تكلفة شراء وتعبئة وتوزيع الكرتونة إلى مئة وخمسين جنيهًا ومعناه أن كل مئة وخمسين جنيهًا تبرع استفاد بها المتبرع إليه بمئة جنيه فقط.
بالإضافة لما سبق تزيد عدم احتمالية وصول تلك الكراتين الغذائية إلى من هم في المناطق الأبعد عن مصدر المساعدات وإن وصلت تكون بتكلفة أكبر نظرًا لزيادة تكلفة النقل والتوزيع المحملة على كل كرتونة.
فلو افترضنا وصول المساعدات في صورة نقدية بدلًا من السلعية المعمول بها حاليًا يمكن للشخص التوجه إلى محل البقالة الأقرب إليه وشراء المنتجات الغذائية التي قد يحتاج إليها والتي أيضًا يمكن أن تختلف عن محتويات الكرتونة دون مصاريف الشراء والتعبئة والنقل والتوزيع وبالتالي توصيل الفائدة لعدد أكبر كثيرًا من المحتاجين إليها دون أي زيادة في المبالغ المطلوبة وذلك برفع معادل الكفاءة بين المنصرف والنتائج المحققة.
تبقى لنا إشكالية الكيف. فكيف يمكن أن نستبدل الكراتين بالدعم المالي بكامل القيمة المقدمة من المتبرع دون إهلاك جزء منها في مصروفات إدارية ولوجستية أحيانا غير شفافة.
هنا أقدم فكرتين أولهما أن تقدم الدولة تلك المساعدات عن طريق زيادة الدعم المقدم في التموين باستخدام المنظومة الموجودة فعليًّا وبالتعاون بين بطاقة التموين متمثلة في الدولة وبين الجمعيات الاهلية ورجال الأعمال الذين يرغبون في التبرع لهؤلاء الأقل حظًّا.
أما الفكرة الثانية فهي إقامة منظومة أو منصة إلكترونية تتلقى التبرعات من الجميع عن طريق كروت الائتمان أو المحافظ الإلكترونية أو شركات المدفوعات أو الاتصالات وتوجهها للمحتاجين إليها في صورة تحويل نقدي عبر رقم تليفونه المحمول يمكن له صرفها عبر مكاتب الاتصالات المنتشرة في كل مكان وشراء المستلزمات التي يحتاج إليها بكامل القيمة مع استقطاع نسبة ضئيلة جدًّا وهي تكلفة المدفوعات عبر الهاتف المحمول.
بهذا المقترح نستبدل فكرة الكرتونة بمنظومة إلكترونية قادرة على توصيل كامل المساعدات لمستحقيها دون هادر وتكاليف يمكن أن تساعد عددًا أكبر من المحتاجين إليها فهل من مستجيب؟