محسن عادل يكتب: التحديات الاقتصادية المصرية وسبل معالجتها

aiBANK

بقلم محسن عادل نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الخبرة للتنمية الاقتصادية _ ستؤدي الأوضاع الحالية لإعادة هيكلة خريطة سلاسل الإمداد العالمية والتي كانت ترتكز بشكل أساسي في الصين معتمدة في ذلك على التكنولوجيا الأمريكية.

اضغط لمتابعة جريدة حابي على تطبيق نبض

E-Bank

وبالتالي من الممكن أن تستغل مصر موقعها الاستراتيجي وخاصة منطقة محور قناة السويس لجذب العديد من الشركات الصينية وكذا العالمية التي تبحث عن موقع جديد لتوطين استثماراتها وخطوط إنتاجها، يكون أكثر أمانًا لتفادي العقوبات الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على الصين مما يستدعي الترويج لاستخدام السوق المصرية كمحطة لإنتاج وتصدير المنتجات البريطانية بالأسواق الإقليمية والعالمية.

يأتي ذلك في ظل تطلع الشركات البريطانية إلى استغلال إمكانيات وموارد مصر للتوسع والاستثمار داخل القارة الإفريقية والشرق الأوسط، مع التركيز حاليًا على أسواق دول غرب إفريقيا للاستفادة من الفرص التصديرية الضخمة المتاحة بأسواق هذه الدول مع تحديد الفرص الاستثمارية في القطاعات المستهدفة واستهداف الشركات العاملة في تلك القطاعات ودعوتها للاستثمار في مصر من خلال تنظيم حملات ترويجية.

هناك أهمية قصوى لسرعة الانتهاء من تعديل السياسة الضريبية تجاه المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإصدار القانون الخاص بها بحيث يتم وضع نظام للمعاملة الضريبية المميزة لأنشطة المشروعات الصغيرة والمتوسطة لفترة محددة كبديل عن الضريبة النسبية على الإيراد أو الأرباح وفقًا لضوابط تضعها مصلحة الضرائب الجهاز كضريبة مقطوعة على المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتحفيزها على أن يتم إصدار هذا القانون في توقيت موازٍ لبدء تطبيق الضريبة على القيمة المضافة.

هناك أهمية لمواصلة التحول الهيكلي لخلق بيئة أعمال مواتية للمنافسة، وتعزيز دور القطاع الخاص ليكون قادرًا على توليد وظائف أكثر وأفضل، مع تحسن البيئة العامة للاقتصاد الكلي في مصر.

كما يجب أن تعمل مصر على تحفيز الاستثمار الداخلي مع الأجنبي في ظل عدم وضوح الرؤية بالنسبة لحركة التجارة العالمية والاستثمارات، فيجب التركيز على الصناعات التي يتم استهلاك مخرجاتها داخليًّا مع عدم إغفال الصناعات التصديرية حتى لا يتأثر الميزان التجاري وسعر صرف الجنيه المصري، خاصة إذا ما وضعنا في اعتبارنا أن حدوث أزمة اقتصادية من الممكن جدًّا أن يؤثر على استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية وهو ما قد يؤدي إلى العودة إلى نفس الأزمة السابقة إذا لم يتم تحفيز الإنتاج عمومًا وخاصة الاستثمار الرأسمالي.

المؤشرات الاقتصادية تكشف عن أنه ينبغي على مصر تعزيز محركات نمو اقتصادي جديدة وتكثيف الإصلاحات الاقتصادية مع التأكيد على أن مصر لديها هامش مناورة كبير لمواصلة آلية النهوض الاقتصادي “فالمحركات القديمة للنمو تتأثر” لهذا تبرز أهمية تعزيز الابتكار وتشجيع التكنولوجيات الجديدة – ولا سيما لتطوير الاقتصاد الرقمي وهو في خضم نموه حاليًا مع ضرورة إلغاء العقبات التي لا تزال موجودة في الاقتصاد وتخفيف العقبات أمام المنافسة في السوق مع الاهتمام بتقديم دعم أكبر للشركات الصغيرة والمتوسطة وتدعيم سلاسل القيمة بصورة أكبر وتقديم محفزات لها.

ما زال في المبادرات الاقتصادية… بقية

على مدار الأسابيع الماضية قامت أجهزة الدولة المصرية بعمل منسق لإطلاق مبادرات لتقوية الاقتصاد في ضوء أزمة عالمية اقتصادية زاد من حدتها فيروس كورونا فكان السعي لوضع إجراءات ترفع درجة مرونة الاقتصاد المصري ويزيد من فرص تعافيه من أي تأثيرات ويرفع من قدرته على اقتناص الفرص التي تنجبها مثل هذه الأزمات العالمية.

إلا أن الأمر لا يمكن أن يقتصر هنا على إجراءات من البنك المركزي فحسب خاصة مع انهيار أسعار الأسهم عالميًّا كشرارة للتدافع على السيولة مما يضر بأسعار الصرف وزيادة تكاليف الاقتراض قصير الأجل وهو ما سيدفع بالجميع بمارثون لخفض أسعار الفائدة وتعديل نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك عالميًّا لهذا يستلزم الأمر حزمة تحفيز اقتصادي وليس نقديًّا فقط واسعة النطاق لتجنب المخاطر العالمية وهو ما يستلزم تنسيقًا دقيقًا في إجراءات مصرفية ومالية واقتصادية لتنشيط الاقتصاد وتحفيز أسواق المال خاصة في القطاعات المتضررة أو تلك التي تسعى للاستفادة من الأزمات لزيادة تغلغلها في الأسواق المحلية والعالمية.

إنه الوقت الذي يجب فيه التدخل بسياسات تركز على حماية القطاعات والأنشطة الاقتصادية وتخفيف الضغوط على النظام المالي مع ضمان وصول السيولة إلى الشركات في هذا التوقيت الحساس للحصول على التمويل اللازم لاحتياجاتهم، إنه الوقت الذي يجب أن تتعاون فيه الجهات التنظيمية مع البنوك وشركات القطاع المالي لتقديم الدعم اللازم للمؤسسات المالية والأفراد لتلبية احتياجاتهم من السيولة والتمويل لمواجهة آثار الوضع الاقتصادي العالمي على الحياة الاقصادية والاجتماعية في البلاد فالوقت الحالي يستلزم استعادة ثقة المستهلكين والمستثمرين لمواجهة خطر ضعف الطلب الكلي وتراجع أسعار الأصول كمؤثر رئيسي للنمو في أسواق الائتمان والنشاط التجاري.

قد تكون من المبادرات المطلوبة الآن إلغاء رسوم فتح الحسابات المصرفية لمدة 6 أشهر وإلغاء رسوم إصدار البطاقات الإلكترونية وإلغاء الرسوم التي تفرضها البنوك على عملائها من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عند فتح الحسابات وألا تطلب البنوك حدًّا أدنى لرصيد الحساب كما أن هناك ضرورة لقيام البنك المركزي المصري بتدشين حملة مكثفة لبرنامج لتقديم تمويل منخفض التكلفة بالنسبة لشراء الآلات والمعدات الرأسمالية مع توسيع قاعدة البرنامج ليشمل تطوير وتحديث الطاقات الإنتاجية الحالية وتطويرها كما أنه من الهام في ظل المتغيرات الحالية إعادة النظر في القيود المفروضة على مساهمة البنوك في رؤوس الشركات الجديدة وهو ما يحد من تنويع العملية التمويلية.

ويجب أيضًا الاعتماد الفوري داخل النظام الحالي لإجراءات التصدير لشعار “المسار السريع” لجميع الأنشطة المتعلقة بالتصدير مع تبسيط إجراءات التصدير كافة على جميع المستويات والإسراع في صرف متأخرات دعم الصادرات والمستحقة للمصدرين منذ العام المالي 2017/2018 وحتى 30/6/2019 حيث سيؤدي صرف تلك المتأخرات إلى توفير سيولة للمصدرين لمواجهة متطلبات تسيير النشاط والالتزامات المستحقة لصرف الأجور للعاملين والعديد من الجهات كالتأمينات والكهرباء والموردين وخلافه.

كذلك فمن الهام تأجيل سداد المستحقات السيادية والضريبية على الشركات المتأثرة بالاضطرابات العالمية لمدة 6 أشهر بدون فوائد وإصدار تعليمات بأن يتم الإفراج الجمركي عن كافة مستلزمات الإنتاج والسلع الأساسية بالمواني خلال 72 ساعه على الأكثر مع تفعيل منظومة الإفراج المسبق بناء على تواجد البيانات السابقة، فيكون لصاحب الحاوية إمكانية إنهاء كثير من الإجراءات لحين وصول الحاوية إلى الميناء واستكمال إجراءات التكامل الإلكتروني بين هيئة الميناء ومصلحة الجمارك وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات لتحقيق ما سبق مع دعم برنامج لخفض التكلفة الخاصة بالتمويل متناهي الصغر لزيادة مساحة انتشاره خلال هذه الفترة.

وفي ظل الأوضاع الحالية فمن الضروري تقديم تعليمات بإصدار تراخيص المصانع والمحال التجارية والمشروعات الإنتاجية بحد أقصى 5 أيام عمل في صورة تصاريح مؤقتة لمدة 6 أشهر – عام حسب طبيعه المشروع، مع منح تصاريح عمل للباعة الجائلين وما شابههم من مهن لمدة 6 أشهر وتفعيل خطة منافذ البيع المتنقلة خلال الفترة القادمة لضمان توافر السلع الأساسية وتوسيع نطاق الانتشار لضمان عدم التلاعب في الأسعار مع تشديد الرقابة على الأسواق مع عدم فرض ضريبة عقارية على المصانع.

يضاف لهذا ضرورة التوسع في الإنفاق على الصحة لتحفيز الطلب الحكومي من خلال توسيع برنامج التأمين الصحي وزيادة عدد المستشفيات الجديدة والإسراع بتنفيذها بالإضافة إلى إجراء توسعات في المستشفيات القائمة مع أهمية مد فترة تلقي الإقرارات الضريبية للعام الحالي حتى 30 يونيو مع مطالبة الشركات التي ستستفيد من هذا المد بأن تقوم بإضافة إيضاح متمم للقوائم المالية عن مدى تأثرها بالأوضاع العالمية وفيروس كرونا وخطتها لمواجهة ذلك تفصيلًا.

يتبقى تسهيل إجراءات عملية طرح السندات وأدوات الدين في البورصة المصرية والإسراع بها مع تخفيف رسوم القيد والإصدار في البورصة المصرية وإضافة نصوص جديدة للقوانين المنظمة للخدمات المالية غير المصرفية بإلزام المتعاملين بتنفيذ معاملات البيع والشراء أو التقسيط أو التأجير، وغير ذلك إلا عن طريق حسابات مصرفية أو وسائل إلكترونية بما فيها الهواتف المحمولة.

تنشيط الاستثمار في مصر…. ما بعد الكورونا

منذ فترة ليست بالقليلة تصاعدت آراء حول ضرورة صياغه خريطة طريق جديده لتنشيط الاستثمار في مصر وتشجيعه لتكمل ما تم البدء فيه من خطوات منذ عام 2014 وحتى الآن والذي أسفر عن تطورات إيجابية هامة تستدعي حاليًا تدعيمها وتطويرها لتحقيق المستهدف من تنمية الاستثمار في مصر.

وبخلاف التطوير التشريعي الذي ما زلت أرى أن مساحة الحركة فيه ما زالت هامة وكبيرة ويمكن الاستعانة فيه بالرؤية المميزة التي صاغها د. زياد بهاء الدين حول الإصلاح التشريعي لمناخ الاستثمار في مصر فإنه يجب الأخذ بوجهة نظر المؤسسات الدولية والتي ترى أنه قد تساعد الحوافز الاستثمارية على اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر لكنها ليست فعالة بوجه عام إلا حين يفاضل المستثمرون بين مواقع متماثلة لاختيار قاعدة جديدة لصادراتهم.

عندما يكون الدافع للاستثمار هو الرغبة في الوصول إلى سوق محلية أو استخراج موارد طبيعية، تصبح تلك الحوافز غير فعالة عمومًا لهذا فمن الأهم بكثير توفير الحماية القانونية من المخاطر السياسية والتنظيمية فالحد من هذه المخاطر هو أساس بدونه لن يؤدي  مجرد الحد من المخاطر على مستوى المشروع إلى زيادة الاستثمار والنمو.

على مدار الأشهر الماضية قمت بتجميع العديد من الآراء سواء من اجتماعات أو ندوات أو لقاءات أو مقالات أو تحليلات أو دراسات أو تجارب دولية وعربية خلصت من خلالها إلى 12 خطوة مطلوبة كبرنامج إصلاحي لمناخ الاستثمار بصورة متكاملة تتمثل في:

أولًا: ضروره تشكيل اللجنة الوطنية لتوحيد وتنسيق جهود جذب وتسويق الاستثمارات في مصر داخليًّا وخارجيًّا فهذا الموقف يواجه أزمة متكررة في أغلب البلدن النامية حاليًا فكل جهة تعمل بنشاط وقوة في سبيل جذب الاستثمارات ولكن دون تنسيق فعلي أو فعال مع باقي الجهات مما يتسبب دائمًا في ضعف المردود مع استبعاد جهات في غاية الأهمية من المشاركة غالبًا كالبورصة وبنوك الاستثمار والوحدات المصرفية والمؤسسات المالية غير المصرفية.

ويجب أن تتضمن هذه اللجنة الوزارات، والهيئات، والمراكز والبرامج الحكومية لمحاولة وضع آليات لانتظام جهود الجهات الحكومية على صعيد توحيد الرسائل الاتصالية والنشاطات التسويقية، وجذب وتسويق الفرص الاستثمارية بصورة متكاملة ويستدعي ذلك تشكيل لجنة في الهيئة العامة للاستثمار تعمل على إيضاح أدوار الجهات ذات العلاقة ومسؤولياتها، من خلال توزيع المهام المنوطة بكل جهة، والخروج بنموذج حوكمة محدد وواضح.

مع إطلاق منصة “استثمر في مصر” كهوية استثمارية وطنية موحدة لتسويق وجذب الاستثمارات ومن خلال هذه الهوية يتم التعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لاستخدام هذه الهوية في جميع أعمالها المتعلقة بجذب وتسويق الفرص الاستثمارية، والعمل على إعداد المحتوى والرسائل التسويقية ذات الصلة بحسب اختصاص كل جهة، ما سيسهم في تعزيز الدعم والتنوع في النمو الاقتصادي خصوصًا في القطاعات المستهدفة مع أهمية  تشكيل مجلس جديد للتجارة الإلكترونية في مصر ليتواكب مع الزخم الكبير في التفاعل التجاري عبر الإنترنت في البلاد.

ثانيًا: من الهام إعادة تفعيل دور المجلس الأعلى للاستثمار لكي يتولى مراجعة الإجراءات والقوانين المتعلقة بالاستثمار في الأنشطة والمجالات كافة الأمر الذي يعطى ثقة لجميع المستثمرين المصريين والأجانب بأن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة نوعية في منظومة الاستثمار، وهو ما سينعكس إيجابًا على معدلات الاستثمار داخل السوق المصري.

كما أن القرارات التي ستصدر عن المجلس ستلتزم بها الوزارات الموجودة خاصة من ناحية الاستراتيجية الاستثمارية ومتابعة التغيرات فيها وعرض المشكلات غير التنفيذية وسبل معالجتها مما سيساهم في تسريع الجهود المبذولة لعودة مصر كدولة رائدة وجاذبة للاستثمار وسيكون ضمانًا لسرعة حل مشاكل المستثمرين وإنهاء الخلافات بين الأجهزة الحكومية والمستثمرين، خاصة من قاموا برفع دعاوى قضائية أو لجأوا للتحكيم الدولي.

ثالثًا: تساهم الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إرسال إشارة واضحة إلى القطاع الخاص تؤكد توفر العمليات الشفافة والفعالة من أجل تحديد مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطويرها وإجراء المفاوضات والشراء وتنفيذها ورصدها ويستلزم الأمر إرساء البيئة المؤسسية للشراكة بين القطاعين العام والخاص.

رابعًا: منظومة الجذب الاستثماري يجب أن تتضمن وبشكل أساسي التوسع في إنشاء المناطق الحرة العامة بعد أن باتت تشكل عنصرًا أساسيًّا في المنظومة الاقتصادية الشاملة التي تساهم في نمو الناتج الإجمالي، كما أنها أحد الحلول المبتكرة التي لجأت إليها دول العالم للاستثمار في صناعة المستقبل، وتحقيق الازدهار الاقتصادي وهو ما يستدعي التوسع في إنشاء مناطق حرة جديدة بهدف جذب المستثمرين عبر توفير مزايا تنافسية عالمية.

خامسًا: وضع برنامج متكامل للإصلاحات المقترحة لتحسين ترتيب مصر في مؤشر التنافسية العالمي وينبغي إدراك أن التحدي الأساس للاستثمار ليس في الحصول فقط على ترتيبات متقدمة في مؤشرات التنافسية ولكن في تحقيق التحسن المستمر في هذه الجوانب، مع إدراك حقيقة تدفق الاستثمارات للاقتصاد، فرغم أن المؤشرات قد تقدم انطباعًا جيدًا.

إلا أن الأهمية الحقيقية تكمن في قدرات الاقتصاد نفسه على منح المستثمرين عوائد إيجابية في ظل مناخ استثماري محفز مع وضع الخطط والسياسات التي تساعد على الابتكار وتوطين التكنولوجيا، وذلك بالتركيز على تطوير البحث العلمي لما له من أهمية في تحسين القدرة التنافسية سواء من خلال رفع الإنتاجية، أو من خلال تحسين جودة المنتجات وتطويرها لتحسين تنافسية المنتج.

سادسًا: وضع برنامج متكامل لخطوات جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر يتضمن متابعة الشركات القائمة والتواصل مع المستثمرين وإمدادهم بالمعلومات الخاصة بالاستثمار وتشكيل لجان التعاون الاستثماري محليًّا وخارجيًّا وتعريف مجتمع الأعمال بالدور الجديد لخدمات المستثمرين والخريطة الاستثمارية والحوافز وإعداد مؤتمرات إقليمية في أقاليم مصر المختلفة بصفة دورية والترويج للمناطق (الحرة / الاستثمارية) الجديدة والترويج للمشروعات الكبرى ومساعدة المستثمرين الأجانب في إيجاد شركاء مصريين (Match Making). ودراسة وحل المشاكل والعقبات التي تواجه المستثمرين.

وحتى يمكن إنجاح جهود الترويج للاستثمار في مصر يستلزم الأمر التطوير والتحديث المستمر بهدف تنفيذ الآتي: تطوير وتحديث الخريطة الاستثمارية لتتضمن أهم الفرص الاستثمارية، وتوزيع الفرص جغرافيًّا على الخريطة الاستثمارية لجمهورية مصر العربية وإتاحتها للمستثمر مع بيان البنية التحتية والمزايا المحددة للإقليم مع تحديد القطاعات الرئيسية ذات الأولوية لجذب الاستثمارات الأجنبية والوطنية التي تساهم في تقديم تكنولوجيا أكثر جدية وفاعلية للنفاذ إلى سلاسل التوريد العالمية والتي من شأنها تقليل تكاليف الإنتاج وزيادة فرص التصدير واستهداف الدول ذات الأولوية لجذب الاستثمارات الأجنبية.

سابعًا: إنشاء فرع مركز الثورة الصناعية الرابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي في مصر، والذي سيعد الأول إفريقيًّا والسادس على مستوى العالم مما سيوفر مساحة لتطوير آليات وخطط عمل وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في مصر، وسيسهم في تبني التقنية وأفضل الممارسات في المنطقة والعالم كما سيتيح المركز فرصة التعاون مع مختلف الجهات الحكومية والمؤسسات العالمية والشركات الخاصة، في إطار الجهود الرامية إلى تطوير حلول فاعلة لتحديات القطاعات الحيوية وإعداد الكفاءات ورفع مستوى القدرات، وبناء مواهب متقدمة في المجالات ذات العلاقة بالثورة الصناعية الرابعة.

ثامنًا: من الضروري إنهاء فترة تجميد منظومة حوافز الاستثمار التي نص عليها القانون رقم ( 72 لسنة 2017 ) سواء بالنسبة للحوافز الضريبية أو الحوافز غير الضريبية مما سيساهم في تنشيط عملية الجذب الاستثماري وتحقيق الهدف من هذه الخوافز بالإضافة إلى تفعيل الحوافز الضريبية الجديدة والتي صدرت بموجب تعديل القانون مما سيشجع الشركات على إعادة استثمار فوائض الأرباح المحققة ضمن نتائج أعمالها مجددًا مما سيرفع من معدلات الاستثمار.

تاسعًا: ضرورة وضع برنامج زمني متكامل لربط كافة الجهات المعنية بالاستثمار إلكترونيًّا بحيث يتم إصدار التراخيص بصورة موحدة من خلال منظومة رقمية متكاملة دون الحاجة للتوسع في إنشاء مراكز جديدة لخدمات المستثمرين غير فعالة وفي المحافظات ذات النشاط الاستثماري المحدود مما يستلزم تعيين عدد كبير من العاملين وتكبد تكلفة مرتفعه دون تحقيق الفاعلية المطلوبة.

كما يجب أن تتضمن هذه المنظومة ليس فقط خطوات التأسيس والتراخيص ولكن كل ما يتتبعها من خطوات وإجراءات مكملة طوال عمر المشروع مع التوسع الكامل في استخدام الوسائط التكنولوجية بكافة أنواعها لتحقيق ذلك وستساههم هذه المنظومة في القضاء على تضارب تأسيس الشركات بين الجهات المختلفة.
عاشرًا: البدء في وضع برنامج متكامل لمراجعة التكاليف التي تتعرض لها الشركات بدءًا من مرحلة التأسيس وحتى مرحلة التشغيل بصورة تعكس عنصر المنافسة على مستوى قطاعات الاستثمار بأنواعها إلى جانب زيادة الدور الذي تلعبه السياسات الحكومية في عملية تشجيع الاستثمار ويجب أن تشمل عملية المراجعه هنا ثلاث مراحل:-

الأولى: تتعلق بتكاليف التأسيس والتراخيص بأنواعها سواء المصروفات الإدارية أو تلك المرتبطة بتكلفة الحصول على الأرض والمرافق وغيرها من التكاليف عند بدء النشاط.

الثانية: ترتبط بعنصر فترة التشغيل ويتضمن هنا عوامل مثل تكلفة الطاقة والضرائب والتأمينات الاجتماعية والرسوم الإدارية التنظيمية وتكلفة النقل والمواد الخام ونقص سلاسل الأعمال بالإضافة إلى الرسوم الجمركية والأعباء الإدارية وتكاليف تأخير الإجراءات الحكومية بما يضم تحقيق وفر في التكاليف التي يتحملها المستثمر دون تحقيق غبن في تحصيل مستحقات الدولة.

الثالثة: هي مقارنة متوسطات التكاليف بالمتوسطات السائدة في المنطقة بالمقارنة مع المتوسطات الخاصة بالعوائد أيضًا محليًّا ومع الدول المنافسة لإبراز عنصر التنافسية الحقيقي للاستثمار في مصر. علمًا بأن هذه التكاليف يجب أن تتضمن أيضًا مراجعة شاملة لتكاليف التمويل سواء المصرفي أو غير المصرفي على عملية الاستثمار.

حادي عشر: إنشاء وحدة مركزية تتبع مجلس الوزراء أو إحدى وحداته التابعة لكي تتولى عمليات المتابعة والتقييم والتنسيق فيما يخص كافة عمليات الاستثمار بالإضافة إلى تحليل كافة المتغيرات الاستثمارية محليًّا وعالميًّا وتتضمن هذه الوحدة بالإضافة إلى إدارتها التنفيذية مركزًا لمعلومات الاستثمار وبياناته متضمنًا وضع برنامج للمتابعة والتقييم فيما يخص عمليات وإجراءات ونظم الاسثمار على مستوى الجمهورية.

مع أهمية إنشاء مركز معلومات موحد بهيئة الاستثمار كأداة استراتيجية توظف الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة ورفع جودة مخرجات عميات الهيئة العامة للاستثمار. ويعمل النظام على جمع المعلومات المتعلقة بالقطاعات والشركات العالمية، بهدف بناء شبكة معلوماتية تقدم بيانات لحظية وبعيدة المدى بكافة قطاعاتها الرئيسة على أن يتمتع النظام بقدرات عالية، حيث تمت برمجته ليتطور بشكل مستمر وبطريقة آلية. وخلال مراحله الأولية يشمل رؤية تنفيذية – تعمل على تقديم الشركة من منظور شامل، وعرض كامل لهيكلة الموردين المعتمدين لكل شركة، والتوزيع الجغرافي لأرباح الشركات، وقوائم الخدمات والمنتجات لكل شركة، وملفات تعريفية للرؤساء التنفيذيين والموظفين، إضافة إلى تقارير الأبحاث الخاصة بالقطاعات، وتقارير الأبحاث الخاصة بالدول، وتحليلات تفصيلية للأفكار، ونشاطات الشركة.

ثاني عشر: نمو الصادرات أثبت اعتماديته على مدخلات مستوردة ما أدى إلى استمرار الفجوة لصالح الواردات. وهو وضع بالمناسبة ليس خاصًّا بمصر بل يشمل الكثير من البلدان النامية التي تعتمد في إنتاجها للأسواق المحلية أو التصديرية على استيراد مدخلات من الخارج، ما يجعل استراتيجية تنمية الصادرات في حد ذاتها، ودون أن تكون جزءًا من استراتيجية تصنيعية أكبر وأشمل، بعيدة عن أن تكون حلًّا لمشكلات ميزان التجارة.

يبدو أن الحل على المدى المتوسط إلى البعيد يكمن في صياغة وتطبيق استراتيجية لتصنيع السلع الوسيطة محليًّا، وبالتالي الاعتماد على استيراد الخامات فحسب وتصنيعها محليًّا، والخامات بالطبع أقل تكلفة، ومن شأن نجاح مثل هذه الاستراتيجية في السنوات العشر القادمة تنمية قطاع الصناعة، وخلق فرص عمل، وإتاحة فرص للنمو لدى القاعدة العريضة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تعمل في مجال تغذية الصناعات النهائية، وفي الوقت نفسه تقلل من حجم الاعتماد على الواردات.

نؤكد أن استراتيجية كهذه ينبغى أن تكون شاملة لجوانب التمويل وإتاحة التكنولوجيا وبناء المهارات أي ببساطة صياغة وتطبيق استراتيجية تصنيع، ولا يمكن لهذا أن يتحقق دون دراسة الأدوات المتاحة للدولة، والتي تشتمل على شق سياسات كإجراءات الدعم والتحفيز والاستثمارات العامة في مجالات التدريب المهني والتعليم الصناعي.

وفي شق الترتيبات المؤسسية للشراكة بين الدولة والمنتجين في وقت لم تعد فيه الدولة تضطلع بالقسم الأكبر من الإنتاج والتوزيع المباشرين للسلع والخدمات. ولعله يكون من المناسب النظر إلى حالات نجح فيها «تعميق الصناعة» من خلال إيجاد شبكات من الصناعات المغذية المرتبطة بصناعات نهائية كما هو الحال في تايوان أو في كوريا الجنوبية أو في الصين، وكلها من الحالات الفذة في مجال التطوير الصناعي.

يتبقى ضرورة التركيز على تنفيذ ومتابعة برنامج تعميق التصنيع المحلي لزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية، وإعداد برنامج إصلاح هيكلي لقطاع الصناعة يركز على حل مشكلات الصناعة بدءًا من مرحلة الإنشاء وحتى الإنتاج والتصدير والاستفادة من الحوافز التي أعلنتها الحكومة لجذب استثمارات في الصناعات التكنولوجية لتصنيع منتجات ذات قيمة مضافة مرتفعة، والاهتمام بالتعليم الفني واستحداث مدارس ومعاهد فنية مؤهلة لسوق العمل تتناسب مع أنواع الصناعات التي تسعى مصر لتوطينها وتحقيق ميزة تنافسية بها، وحل مشكلات منظومة النافذة الواحدة التي تم البدء في تنفيذها بمصلحة الجمارك، والتي لم تحل مشكلة تأخر مدة الإفراج الجمركي، وربطها بجميع الجهات المتعاملة مع الجمرك، وتطوير منظومة النقل البري والاستفادة من السكك الحديدية في عملية نقل البضائع.

يجب الأخذ في الاعتبار أن المشروعات الجديدة غالبًا تنفذ على فترات تتراوح ما بين سنة إلى أربع سنوات أو على فترات أطول من ذلك، لذا فالاستثمارات الحالية قابلة للزيادة بقيم أعلى خلال السنوات التالية خاصة في ضوء تحسن مناخ الاستثمار في ضوء الجهود التي تبذل ونتيجة لذلك فيجب تبني منهج متكامل بدء من استكمال إصلاح البيئة التشريعية بحيث تصبح أقل تعقيدًا وإعطاء أولوية لتنمية المناطق الواعدة.

الحاجه لمصادر تمويل جديدة في ظل الكورونا

منذ عام 2016 ومع كل نجاح لبرنامج الإصلاح الاقتصادي كان نجاح سياسات الدولة والبنك المركزي المصري تدفع بحجم الاحتياطي إلى مستويات قياسية رفعت من مستوى الأمان المالي للاقتصاد إلا أنه مع ظهور أزمة الكورونا وحدوث ضغوط على الاحتياطي مؤخرًا اتجهت الدولة لتنويع الموارد للحفاظ على المرونة الاقتصادية بصورة أكبر.

إن أغلب دول العالم تقدمت للحصول على قروض من صندوق النقد الدولي بغرض زيادة المرونة المالية المتاحة لديها خلال الفترة الحالية ومصر من ضمن تلك الدول، وما يدعم موقف مصر للاقتراض ما قامت به من برنامج ناجح للإصلاح الاقتصادي وقوة موقفها الائتماني ولذا فأنها تستطيع أن تلجأ للاقتراض من المؤسسات المالية والحصول على تمويل متوسط الأجل، وذلك يأتي في إطار محاولة الحكومة المصرية لتدعيم وتقوية الاقتصاد المصري في ضوء حالة عدم اليقين التي ولدتها الأزمة المالية العالمية الناتجة عن جائحة كورونا وما ترتب عليها من إجراءات على المستوى العالمي.

بالتأكيد فإن ما تم مؤخرًا من إجراءات قد زاد من مرونة الاقتصاد المصرى للتعامل مع المتغيرات العالمية وبما يسمح بمزيد من العمق الاقتصادى القابل للتعاطى مع متغيرات الموقف الاقتصادي العالمي، فالإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية بدأت حتى قبل ظهور الفيروس لحماية الاقتصاد المصري ومعدل التحرك، ومساعدة القطاعات المتضررة للخروج من تلك الأزمة بأقل الخسائر، بل وتحقيق المكاسب في قطاعات أخرى بعد انتهاء الأزمة.

الدولة المصرية قد اتخذت بالفعل العديد من الإجراءات الاقتصادية لتفادي أي آثار سلبية لأزمة فيروس كورونا على القطاعات الاقتصادية المصرية، فعدد كبير من دول العالم تعاني بشكل كبير من المتغيرات المتلاحقة التي يحدثها فيروس كورونا والتداعيات الاقتصادية الهائلة التي أحدثها هذا الفيروس سواء على مستوى قطاع المال أو القطاعات الاقتصادية الأخرى، موضحًا أن الحكومة المصرية دشنت برنامج لدعم القطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى ضخ سيولة كبيرة للاقتصاد، بجانب استراتيجية لزيادة مخزونات السلع الاستراتيجية الموجودة في السوق.

بمراجعة المؤشرات خلال أبريل على وجه الخصوص فإن مصر نجحت في امتصاص جزء كبير من التأثيرات والتداعيات الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا، وذلك بفضل مجموعة الإجراءات التي اتخذتها قبل أسابيع، وكنتيجة لعملية الإصلاح الاقتصادي التي بدأتها منذ عام 2016 لهذا فإن الوقت الحالي هو فرصة حقيقة لإعادة بناء مجموعة كبيرة من الصناعات المحلية بشكل كبير، وتحفيز الصناعات الصغيرة والمتوسطة ورفع القدرة التصديرية خلال الفترة المقبلة، وزيادة حصص مصر من المعدلات التصديرية، فلدى مصر فرصة كبيرة الآن لأن الأسواق الأساسية التي تقوم بالتصدير بدأت تعاني من مشكلة سلاسل الإمدادات من جنوب شرق آسيا وهذه السلاسل متعطلة بشكل أو بآخر، ولدينا الآن فرصة لاختراق هذه الأسواق.

يجب على الجميع التأكد من أن مصر لديها الفرصة لجذب وتوطين مجموعة من الاستثمارات الأجنبية، في مرحلة ما بعد كورونا مباشرة، لأن الشركات الكبرى العالمية تبحث حاليًا عن أماكن جديدة تنتج من خلالها لضمان حالة من حالات التوزان، وبالنسبة لمصر فقد تكون واحدة من الدول التي ستجذب جزءًا كبيرًا من هذه الاستثمارات التي ستتجه إلى شمال إفريقيا والشرق الأوسط الفترة المقبلة، لذا يجب تجهيز أنفسنا من خلال إجراء حزمة جديدة من التعديلات التشريعية، والترويج للبنية التحتية الجديدة، والاستقرار الاقتصادي لمصر، وكل هذه العوامل قد تحول الأزمة إلى فرصة حقيقة بالنسبة للاقتصاد المصري في الفترة المقبلة.

في ضوء الاجراءات الاخيرة سواء الحكومية أو التي اتخذها البنك المركزي المصري فإنه أصبح من الضروري إجراء تحليل حساسية شامل لتأثير تغيرات أسعار الصرف على مؤشرات التصدير وعلى كلفة الواردات مع إجراء تحليل حساسية للتأثير التفصيلي لتغيير سعر الدولار على الصادرات والواردات من القطاعات المختلفة مما سيسهل وضع السياسات الخاصة التي تهدف إلى زيادة الصادرات وتقليل الواردات.

يتبقى ضرورة التركيز على تنفيذ ومتابعة برنامج تعميق التصنيع المحلي لزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية، وإعداد برنامج إصلاح هيكلي لقطاع الصناعة يركز على حل مشكلات الصناعة بدءًا من مرحلة الإنشاء وحتى الإنتاج والتصدير والاستفادة من الحوافز التي أعلنتها الحكومة لجذب استثمارات في الصناعات التكنولوجية لتصنيع منتجات ذات قيمة مضافة مرتفعة، والاهتمام بالتعليم الفني واستحداث مدارس ومعاهد فنية مؤهلة لسوق العمل تتناسب مع أنواع الصناعات التي تسعى مصر لتوطينها وتحقيق ميزة تنافسية بها، وحل مشكلات منظومة النافذة الواحدة التي تم البدء في تنفيذها بمصلحة الجمارك، والتي لم تحل مشكلة تأخر مدة الإفراج الجمركي، وربطها بجميع الجهات المتعاملة مع الجمرك، وتطوير منظومة النقل البري والاستفادة من السكك الحديدية في عملية نقل البضائع.

كما أنه من الهام أن يتزامن هذا مع تفعيل قانون شراء المنتجات المحلية رقم 5 لسنة 2015 وإلزام الجهات الحكومية كافة بتطبيقة مع تفعيل مواد شراء المنتجات من المشروعات الصغيرة والمتوسطة في القانون رقم 141 لسنة 2004.

الرابط المختصر