بقلم أحمد رضوان رئيس تحرير جريدة حابي _ لا تخلو إجراءت مواجهة أي أزمة، أو تشريع جديد، أو خطط إنعاش وتحفيز، أو مبادرات، من وجود ما ينص على معاملة خاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وحديث يغلفه المديح عما تتميز به هذه المشروعات من قدرة على توليد فرص عمل وبناء رواد أعمال، وتوسيع خارطة التصنيع أفقيًّا ورأسيًّا، وما إلى ذلك مما هو بات معروفًا بالضرورة من أهمية مساعدة أصحابها على التوسع والنمو ومواجهة التحديات.
اضغط لمتابعة جريدة حابي على تطبيق نبض
ولكن في الحقيقة، إذا سألت أيًّا من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة عن عدد الحوافز الذي اقتنصها، أعتقد وبنسبة كبيرة، أنك لن تسمع شيئًا ذا علاقة بما يتم الإعلان عنه دومًا من تفضيل أصحاب هذه الأعمال ودعمهم.
وربما تتفاجأ بأنه لا يدرك من الأساس وجود مثل هذه الحوافز، وأنه منذ أن بدأ مشروعه وإلى الآن لم يقتنص أي ميزة عن غيره من المشروعات، وربما يواجه معاناة وبيروقراطية أكبر من تلك التي يواجهها أصحاب الأعمال والشركات الكبيرة.
هذا ليس إنكارًا لوجود حوافز ومبادرات تظهر من وقت لآخر لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولكن، ما أتحدث عنه على وجه الخصوص أنه في خضم الأزمة الحالية التي قادت العالم نحو ضخ تريليونات الدولارات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من كيانات وفرص عمل، ما زال هناك الكثير من الغموض والتشتت في طبيعة المبادرات المقدمة للأعمال المتوسطة والصغيرة.
هل تحتاج المشروعات الصغيرة والمتوسطة مبادرات جديدة؟ لا أعرف، ما أعرفه وأؤمن به أنها في البداية وقبل كل شيء تحتاج إلى تشبيك وتجميع أي حوافز قائمة بالفعل وإتاحتها بالسهولة التي تضمن الاستفادة منها في مختلف إجراءات العمل (التراخيص ـ الضرائب ـ التمويل ـ جميع المعاملات الحكومية ـ الحصول على التكنولوجيا …. إلخ)، حينها فقط يتم تقييم الحوافز المتاحة والنظر في دعمها أو تقليلها أو الإبقاء عليها كما هي.
(هذا صاحب مشروع صغير)، يجب أن يكون هناك ما يشبه بطاقة الهوية لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تمكنهم من الوصول للمزايا (المعلن عنها) من أي مؤسسة يتم التعامل معها في مختلف مراحل واحتياجات عملهم ومهما كانت طبيعتها، وببساطة.. قبل نحو أسبوعين، رصد وزير المالية الدكتور محمد معيط بعضًا من أوجه إنفاق حزمة مواجهة كورونا البالغة 100 مليار جنيه والتي خصصها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، جانب من الحزمة ذهب لشركات المقاولات، وجانب تم توجيهه إلى قطاع الصحة، كم كان النصيب المباشر للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من هذه الحزمة؟ وقبل الإجابة عن «الكم»، كيف من الأساس تم دعوة أصحاب الأعمال الصغيرة للاستفادة من حزمة مواجهة كورونا؟
للمرة الثانية، لا أقول إن المشروعات الصغيرة خرجت من حزمة الدعم الموجه للحد من تداعيات تفشي فيروس كورونا، ولا أقول أيضًا إنه تم ضمها، ببساطة لا أعرف، وأعتقد أن أصحاب هذه النوعية من الأعمال لا يعرفون أيضًا. ربما تندرج الاستفادة من عموم الحوافز المقدمة لقطاعات اقتصادية بعينها، مثل السياحة على سبيل المثال، ولكن.. تظل المشروعات الصغيرة والمتوسطة لها طبيعة خاصة تختلف تمام الاختلاف عن المشروعات الكبيرة التي يعمل بها مئات الموظفين والأكثر قدرة على الوصول وعرض مشاكلها أمام صانع القرار.
جمعية إدارة الموارد البشرية الأمريكية أجرت مسحًا عن الشركات الصغيرة تم نشره بداية مايو الجاري، توقع %52 من المشاركين فيه أن تتوقف شركاتهم عن العمل في غضون ستة أشهر.
وفقًا للمسح، فإن ما يزيد قليلًا على ثلث الشركات الصغيرة قد تتمكن من الاستمرار في العمل لأكثر من 6 أشهر، في حين أن %14 منها غير مؤكدة.
هذا على مستوى الاستمرار، أما على مستوى الحفاظ على العمالة، فقد قامت 8 من كل 10 شركات بقطع وظائف العاملين بالساعة، في حين فصلت %60 من الشركات التي شملها الاستقصاء العمال بأجر، وتوقعت ثلث الشركات التي شملها الاستطلاع أن تكون تخفيضات الرواتب دائمة.
هذا هو الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية التي خصصت ما يزيد على 350 مليار دولار لدعم الشركات الصغيرة في مواجهة التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا.
إذا كان هناك من الحوافز ما يكفي للحفاظ على ما تقدمه الشركات الصغيرة والمتوسطة من مكاسب للاقتصاد، فلنجمع هذه الحوافز في صورة حزمة متماسكة ولنطوع كل القدرات لتسهيل الوصول إليها وجنيها، وإذا كان هناك حاجة للمزيد من الحوافز أو تغيير هندسة بعضها وأسلوب تقديمها، فلنفعل ذلك وبالسرعة اللازمة.