بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ اليوم يصدر العدد المئة من جريدة حابي. مر عامان على صدور الجريدة التي في رأيي تتأنق وتتألق عددًا بعد الآخر بمهنية واحترافية عاليتين.
حابي ركزت على الحقيقة والمعلومة وتركت الشائعات وكل ما زاد بعده عن المنتصف مما أضاف مصداقية عادة ما تكتسبها الصحف بعد سنوات طويلة وحافظت عليها.
أيضًا إدارة الجريدة كانت مدركة من اليوم الأول دور التكنولوجيا في الصحافة والعلاقة بينهما فتتطور عامًا بعد الآخر في منصتها والآليات والأدوات الموجودة بها. في هذه المناسبة وأود أن أشكر جميع القائمين عليها بإتاحة تلك المساحة الأسبوعية التي أشارك فيها بأفكاري أملًا في تغيير بلدنا ومجتمعنا للأفضل.
تزامنت تلك المناسبة الاحتفالية في ظروف رحيل شخص عزيز وغال مجتهد ومثابر في حياته القصيرة وبجانب المناصب التي تقلدها نجح في الفوز بمحبة الجميع بما فيهم من اختلف معه مرارًا في الرأي.
رحيل الأستاذ محسن عادل كان مفاجئًا وصادمًا وحزينًا على كل من له علاقة بمجتمع المال والأعمال بمصر والدليل على ذلك كثرة وقوة التعبير المنشور على صفحات التواصل الاجتماعي منذ سماع خبر مرضه دعاءً ثم رثاءً لشخص يعز علينا فراقه.
جاء الخبر وسط أخبار كثيرة حزينة بمرض أحباء ورحيل بعضهم وصارت صفحات التواصل الاجتماعي أشبه بصفحات الوفيات اليومية بالجرائد من كثرة ما تحمل لنا من أخبار سيئة.
احترت في مقالي هل أحتفل بحابي أم أرثي صديقًا غاليًا وقادني فكري إلى عنوان تلك المقالة. اختارت وكالات الأنباء والمحطات الإخبارية في السنوات الأخيرة نقل ونشر أخبار الموت والخوف والدمار.
تسابق المحللون في إظهار معرفتهم بسوء المستقبل وكان في أيديهم مقاليد الأمور.
اختبرنا في الأزمة العالمية السابقة في 2008 أن معظم توقعات هؤلاء الخبراء ووكالات الأنباء جانبها الصواب. فمعظمهم قال إن الأزمة لن تمر بسهولة وستأخذ سنوات حتى يسترد الاقتصاد العالمي عافيته. تعافى الاقتصاد أسرع بكثير من تلك التوقعات وزاد نموه في دول كثيرة عما قبل الأزمة.
في وسط اضطراب العالم من الأخبار والشائعات والتخبط بسبب قلة المعرفة تجاه الأزمة الحالية وكيفية التعامل معها. في وسط الحزن بسبب رحيل الأحباء والأصدقاء فجأةً من وسطنا وبلا مقدمات.
في وسط محاولات الأخبار المستميتة لبث الخوف والذعر والتشاؤم من المستقبل قررت أن أفكر في الحياة لا الموت وأفكر في تغيير الواقع للأفضل لا الخوف مما هو آت. في السطور القادمة أشارك حضراتكم ببعض مما يدور بخاطري من أفكار وعادات أحاول أن أرسخها.
أبدأ يومي بالشكر لله على نعمة يوم جديد فالأزمة جعتلتني أكثر إدراكًا ووعيًا أن كل يوم هو هدية من الله وفرصة جديدة لأقوم بالدور الذي أوجدت من أجله.
كما أشكر الله على نعم كثيرة أنعم بها عليّ لأن الظروف جارت على الكثيرين وحرمتهم من نعم كثيرة كنت أتعامل معها وكأنها بديهية ولا أدرك أنها عطية الخالق.
أنتقي الأخبار والأخبار فقط ذات المصدر المعلوم وأبعد عن الشائعات أو كل ما هو من مصادر مجهولة وصفراء وأنأى بنفسي بقدر الإمكان عن الجدل الدائر في أي موضوع. فلن يغير الجدل من الأمر الواقع ويستنزف كثيرًا من الطاقة الإيجابية العزيزة في تلك الأيام.
وعادة ما تحمل الأخبار نوعين: الأول هو خبر عن أمور خارج دائرة تأثيري ولن تغير من الأمر شيئًا والثاني خبر عن أمور قريبة مني لا بد أن أتفاعل معها. أختار النوع الثاني ولا أعير الأول الكثير من الانتباه.
أبحث عن كل ما هو محفز للأمل وأختار أن أضيء بقلمي وعلى صفحاتي وفي كلماتي شموعًا قادرة على الإنارة في أحلك الظلمات وقهرها. فكم من مرة قرأت كلمات لأصدقاء كانت كالماء البارد في عز حرارة الصيف.
كثيرًا ما تكون مهمة شبه مستحيلة فكيف يستطيع لفاقد الشيء أن يعطيه لآخرين؟ عندئذ أدرك أن مصدر النور الحقيقي لا ينطفئ أبدًا وإنما نحن مجرد ناقلي نور ولسنا مصادر له.
أتحوط ولا أخاف وأحاول جاهدًا البحث والعمل فيما يفيد فالعمل قيمة بل سبب للحياة وأعمل غير مبالٍ بالظروف الاقتصادية التي قد تأتي وقد لا تأتي وأتذكر آخر حديث لي مع أمي قبل انتقالها وقد كان عن خطط مشرقة في ظروف صحية صعبة للغد وإن كان الغد قد أتى على كلانا لنفذناها واستمتعنا به وإن لم يأتِ فقد استمتعنا بالتفكير والتخطيط له.
رحمة الله على زميلنا العزيز ومع الحزن على فراقه كل عام وحابي بخير وكل يوم ونختار ثقافة الحياة والجمال والأمل لنقهر معًا ثقافة الموت والقبح واليأس فمنبع الأولى هو الله ومنبع الأخيرة هو عدو الحياة ولنكن جميعًا جنودًا للحياة والجمال والأمل.
اضغط لتحميل العدد رقم 100 من جريدة حابي