وزير المالية: مجتمع الأعمال في مقدمة الأولويات.. واهتمام خاص بالصناعة والزراعة

شريحة جديدة من مستحقات أعباء التصدير الشهر المقبل.. وحزم تحفيز إضافية لقطاعات الاقتصاد

ياسمين منير ورضوى إبراهيم _ في ظل ظروف استثنائية جدًّا، ضاعفت من الضغوط الاقتصادية بكل دول العالم وسط هالة من الضبابية وعدم اليقين، اقتنصت جريدة حابي حوارًا موسعًا مع الدكتور محمد معيط، وزير المالية للتعرف على أدوات الدولة المصرية في مواجهة التداعيات المختلفة لجائحة كورونا، وفلسفة إدارة الأزمة وخطط امتصاص تبعاتها، وكذلك ثمار سلسلة الإجراءات والقرارات التي تم اتخاذها خلال الشهور الأخيرة.

اضغط لتحميل تطبيق جريدة حابي

E-Bank

أكد وزير المالية أن دعم مجتمع الأعمال يقع في دائرة الأولويات، كاشفَا عن دراسة ضخ حزم مالية إضافية لتحفيز قطاعات الاقتصاد ومساندة المتضررة، وتقديم دعم خاص بالقطاعين الصناعي والزراعي بعد أن أثبتت الأزمة الحالية قدرتهما على مساندة الاقتصاد خلال هذه المرحلة الحرجة، بالإضافة إلى اعتزام الاعلان عن صرف شريحة جديدة من مستحقات أعباء التصدير مع بداية العام المالي الجديد الشهر المقبل.

كما كشف عن أولويات الأجندة التشريعية وتتضمن تعديلات جديدة في ملف الضرائب العقارية قد تصل إلى إعداد مشروع قانون، إلى جانب وضع تعديلات على قانون التأمين الصحي الشامل في ضوء التحديات التي واجهت التنفيذ على أرض الواقع، علاوة على قانون المالية العامة الجديد، الذي يتم مراجعته حاليًا بين مجلس الوزراء ووزارة العدل، وكذلك التعديلات الخاصة بقانون القيمة المضافة، ومشروع قانون ضريبة الدخل.

وشدد وزير المالية على بث رسائل طمأنة للمستثمرين المصريين والأجانب بصلابة الاقتصاد المحلي واكتسابه الثقة بفضل ما تم حتى الآن في إدارة الأزمة وما تم سابقًا من إصلاحات اقتصادية، واعدًا بتنفيذ مزيد من الإصلاحات الهيكلية، والاستمرار في السياسات الهادئة والمستقرة، وتقديم دعم متواصل لمجتمع الأعمال في إطار هدف أساسي هو الإبقاء على استمرار القطاعات الاقتصادية المختلفة مع الاهتمام بالصحة والحماية الاجتماعية.

كما بعث برسالة لمستثمري سوق المال بأن الدور الآن عليكم في مساندة البورصة ودفع مؤشراتها في الاتجاه الإيجابي، مؤكدًا أن كل المطالب والنقاط التي أثيرت خلال العام المالي المنتهي تم الاستجابة لها، ومبشرًا في الوقت نفسه بالاستعداد الكامل لاستئناف برنامج الطروحات الحكومية فور ظهور مؤشرات تسمح بالتحرك في هذا الملف.

وتفاصيل أخرى في سياق الحوار التالي:

وزير المالية: توجيهات رئاسية بتحفيز الاستثمارات فى مصر خاصة الكورية
الدكتور محمد معيط وزير المالية

حابي: في البداية.. كيف تفاعلت وزارة المالية مع تأثيرات فيروس كورونا على الاقتصاد والقطاعات الاستثمارية المختلفة؟
معيط: بالطبع هناك تأثيرات متعددة لأزمة فيروس كورونا، كما أن أثر الأزمة يأتي من عدة اتجاهات، فهناك التأثيرات الخاصة بانخفاض معدلات النمو وما يرتبط به من زيادة عدد العاطلين خاصة بالقطاعات التي تأثرت بشكل كامل جراء الوضع الحالي، مثل السياحة والطيران وما يرتبط بهما من صناعات وأنشطة، وكذلك القطاع الترفيهي بما في ذلك السينمات والمسارح والمقاهي التي توقفت بشكل تام.

كما أن زيادة عدد المتعطلين عن العمل وتوقف المنشآت والكيانات الاقتصادية يؤثر على الجانب الآخر في انخفاض إيرادات الدولة، وفي الوقت نفسه تفرض الأزمة ذاتها متطلبات تستدعي زيادة الانفاق في عدد من القطاعات ذات الأولوية.

الأزمة فرضت متطلبات تستدعي زيادة الإنفاق في القطاعات ذات الأولوية.. وفي مقدمتها الصحة والتموين

فقطاع الصحة على سبيل المثال يواجه أزمة في غاية الشدة وبالتالي سيحتاج إلى إنفاق المزيد، كما أن مواجهة القلق الذي ساور المواطنين من مخاوف نقص السلع الغذائية والأدوية والمنتجات المتعلقة بالمنظفات والمطهرات وضع ضغطًا كبيرًا على عاتق الدولة لمقابلة هذه المتطلبات، ما يعني توفير اعتمادات مالية إضافية للجهات التي تحتاج زيادة الإنفاق، فوزارة التموين كمثال تحتاج إلى توافر المخزون بكمات أكبر من السلع الأساسية كالقمح، خاصة في ظل التخوف من الاضطرابات التي حدثت بالأسواق العالمية والتي بلغت حد الهلع في بعض البلدان، لدرجة جعلت الجميع في حالة عدم تيقن وعدم تأكد دفعت البعض إلى تفضيل الاحتفاظ بمخزون إضافي وعدم طرح السلع في الأسواق العالمية.

ومع كل هذا الاضطراب، امتدت حالة الخوف والهلع للمستثمرين حول العالم مما أثر على قراراتهم ودفع تجاه المزيد من الحيطة والحذر والابتعاد عن مخاطر الاستثمار، خاصة في الأسواق الناشئة.

وبالتأكيد فإن كل هذه التداعيات عندما تجتمع تضع صانع القرار تحت ضغوط شديدة للغاية، وأجواء غير طبيعية للإدارة، خاصة مع السعي في الوقت نفسه لإرسال رسالة طمأنة للمجتمع بعدم القلق، وأن لدينا القدرة على إدارة الأزمة رغم شدتها وقسوتها.

ضغط وشدة وقسوة الأزمة الراهنة كبير ويتطلب تكاتف الحكومة وكل قطاعات الدولة

وأعتقد أنه من خلال الحكومة وتوجيهات القيادة السياسية، وتكاتف كل أجهزة الدولة وكذلك مجتمع الأعمال، الذي أحب أن أحييه على الدور الذي قام به على صعيد التعاون مع الدولة والتكاتف معها في هذه الظروف الصعبة، استطعنا أن نصل إلى مجموعة من الإجراءات والسياسات واتخاذ قرارات ومشروعات قوانين وقوانين استهدفت جميعها التخفيف من وطأة أثر الأزمة والعمل على إدارتها بهدوء.

وخلال الفترة الأخيرة نجحت وزارة المالية في السيطرة على كثير من تباعات الأزمة فيما يتعلق بجوانب الايرادات والمصروفات وتوفير احتياجات الدولة بالقطاعات المختلفة، كما نتحرك بصورة مستمرة لتنفذ أي متطلبات جديدة.

وتم التحرك فورًا لتنفيذ توجيهات الرئيس بتوفير 100 مليار جنيه للإنفاق على المتطلبات العاجلة للتعامل مع الأزمة وتخفيف تداعياتها، كما صدرت مجموعة القوانين التي تم الاتفاق عليها.

ونحن نرى كوزارة المالية أن هذه الفترة تتطلب تكاتف الحكومة وكل قطاعات الدولة لأن ضغط وشدة وقسوة الأزمة الراهنة كبير.

حابي: لم تظهر بعد مؤشرات مبشرة عالميًّا بقرب انتهاء الأزمة، كما أن حالة الخوف والهلع ما زالت قائمة بين المستثمرين.. كيف ترى امتداد تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد المحلي خلال الفترة المقبلة؟
معيط: بدون أدنى شك هناك أزمة كبيرة، وهي مثل الزلزال القوي الذي هز العالم بأكمله، وفي اعتقادي أنه حتى هذه اللحظة ورغم تخفيف وطأة الزلزال تدريجيًّا إلا أننا ما زلنا في نفس المرحلة، وبالطبع بعد الزلزال ستأتي مرحلة التوابع والتعامل مع آثاره.

مرحلة زلزال كورونا ستمتد لثلاثة أشهر أخرى.. ومع نهاية سبتمبر ستضح الأمور على صعيد فتح الأجواء والحدود

والمشكلة أن العالم رغم أن كثيرًا من الدول بدأت تتخذ إجراءات للتعايش والتخفيف من الإغلاق والإجراءات الاحترازية، لكن الأوضاع لم تتطور كثيرًا.
فنشاط الطيران على سبيل المثال ما زال في نفس حالته، وكثير من الدول لا تسمح لأحد بدخول حدودها، وفي اعتقادي يمكن تقسيم الستة أشهر المقبلة إلى شقين، الأول هو امتداد للمرحلة الجارية لمدة ثلاثة أشهر، ومع نهاية سبتمبر قد تكون الأمور أكثر وضوحًا سواء على صعيد فتح الأجواء والحدود، أو من الممكن خلال هذه الفترة التوصل إلى لقاح أو دواء من فيروس كورونا، أو أن تتراجع حدة تأثيره على صحة البشر.

الأزمة تسببت في تعديل كل توقعات العام المالي المنتهي.. ويصعب التكهن بالقادم

وبالطبع من الناحية الاقتصادية جميع الدول ستتأثر، وهناك توقعات بنمو سالب في العديد من دول العالم، ولا جدال في تأثر الأسواق العالمية، كما أن كل المستهدفات يعاد دراستها وتحديدها مرة أخرى، مع وضع سيناريوهات مختلفة للتعامل مع آثار الأزمة وتداعياتها على أداء الاقتصاد وقطاعاته المتنوعة.
فهناك عمليات مراجعة مستمرة لتأثير هذا الزلزال العالمي وتوابعه وتأثيراته على الاقتصاد التي من المتوقع أن تستمر لفترة.

وعلى صعيد الاقتصاد المصري بالطبع تأثرنا، فقد كان لدينا طموح شديد لتحقيق معدل نمو 6٪ ولكن خفضنا توقعاتنا وفقًا لوزارة التخطيط إلى حدود 4٪.
كما كنا نستهدف الوصول إلى 7.2٪ معدل عجز كلي نزولًا من 8.2٪ العام الماضي، ولكن سيكون عندنا عجزًا أكبر في حدود 7.9٪، كذلك تراجع المستهدف الخاص بالفائض الأولي من 2٪ إلى ما يقرب من 1.5٪. وهذه المؤشرات تتعلق بأداء العام المالي المنتهي هذا الشهر، ولكن تأثير امتداد الأزمة خلال الفترة المقبلة ما زال غير واضح، ولحين ظهور آثار الزلزال كاملة، والتعرف على توقيت توقفه وتوابعه وآثاره السلبية المختلفة، ستظل الأمور في حالة من عدم التأكد والتيقن وبالتالي أبلغنا مجلس النواب باعتزامنا مراجعة كل تقديراتنا قبل نهاية ديسمبر.

حابي: ما هي توقعاتك المبدئية لمؤشرات أداء الاقتصاد المحلي خلال الشهور الثلاثة المقبلة التي تمثل الربع الأول من العام المالي الجديد؟
معيط: الربع الأول سيكون امتدادًا للأزمة الحالية، ولكنه في النهاية هو جزء من السنة المالية وليس عامًا كاملًا، وأعتقد أن كثيرين حول العالم لا يستطيعون التنبؤ بأي مؤشرات تتعلق بهذه الفترة، خاصة في ظل ضبابية توقيت خروج العالم من حالة الإغلاق.

فلا أحد يعلم توقيت عودة الطيران أو استئناف نشاط التجارة العالمية ونفس الشيء بالنسبة لمجالات كثيرة، فهناك حالة عدم يقين uncertainty عالية للغاية، وبالتالي التقديرات صعبة ولا يمكن التكهن بها خاصة أننا نتحدث عن فترة زمنية قصيرة.

فكل دول العالم حاليًا في حالة إدارة أزمة، والجميع يراجع التوقعات بصورة مستمرة، حتى إن كل المؤسسات الدولية أعادت وتعيد تقييم توقعاتها وفقًا لتطورات الأوضاع والآثار الفعلية التي تخلفها الأزمة كل يوم.

وبالتالي هناك الكثير من الأرقام المتوقعة، ولكن في وجهة نظري كل هذه التقديرات ونحن في وسط الأزمة لا تتعدى كونها تكهنات قد تحمتل الصواب أو الخطأ جزئيًّا، لذلك علينا أن نستغرق الوقت المناسب لحين اتضاح الأبعاد الكاملة للموقف الراهن.

حابي: هل سيتم اتخاذ إجراءات جديدة لمواجهة تداعيات فترة امتداد الأزمة؟
معيط: بالنسبة للمجتمع والاقتصاد ككل، أعتقد أننا أعلنا عن الإجراءات المستهدفة.

دراسة إجراءات تقشفية على مستوى الحكومة لمدة 6 أشهر تشمل تخفيض أو تجميد نفقات غير مؤثرة على فرص العمل

ولكن على صعيد الحكومة وإدارتها للموازنة، ننظر حاليًا في المجالات التي نحتاج أن نتخذ بها إجراءات تقشفية على مستوى الحكومة لمدة الستة أشهر القادمة على الأقل بهدف دعم قدرتنا على استيعاب جزء من تابعات الأزمة الراهنة.

حابي: ما هي الإجراءات التقشفية المحتملة على مستوى الحكومة؟
معيط: لم تتحدد بعد ولكنها أمور خاصة بموازنات الحكومة، فمن الممكن أن يتم تخفيض أو تجميد نفقة معينة، وهذه النفقات لن يكون لها تأثير على فرص العمل.
فعلى سبيل المثال نحن حاليًا في مرحلة لا يتم خلالها إقامة مؤتمرات أو سفريات، وهذه البنود من الطبيعي أن تكون متوافرة بموازنة الدولة ولكنها أصبحت من البنود التي توقفت وفقًا لطبيعة الأزمة، وبالتالي يمكن تجميدها ومراجعة الأمر بعد ستة أشهر.

فعلى جانب المصروف من الممكن أن يتم تجميد هذه المصروفات وغيرها الكثير من الأمثلة لحين اتضاح الرؤية والمدى الزمني للأزمة، وأحب أن أؤكد أن الإجراءات ستكون حكومية فقط خلال هذه المرحلة.

حابي: ما هو حجم ما تم إنفاقه حتى الآن من حزمة التحفيز المالي البالغ قيمتها 100 مليار جنيه؟ وما هي القطاعات المستفيدة حتى الآن؟
معيط: أعلنا منذ شهر عن إنفاق 40 مليار جنيه، ونحن حاليًا نحدث قائمة الإنفاق، ولكن بشكل عام نفذنا خلال الفترة الأخيرة التوجيهات الرئاسية في العديد من الأمور.

على سبيل المثال تم تخصيص 3 مليار جنيه لدعم الصادرات، وتوفير قرض لدعم الطيران بقيمة 2 مليار جنيه، وثلاثة مليارات لدعم شركات السياحة، ومثلهم للعمالة غير المنتظمة جارٍ الصرف منهم حاليًا.

كما دبرنا أكثر من 6 مليارات جنيه إضافية لقطاع الصحة، كذلك دعم المستشفيات الجامعية، ودبرنا احتياجات إضافية لوزارة التموين لتوفير المستلزمات السلعية ما بين 3 إلى 4 مليارات جنيه.

جارٍ تحديد حجم حزم التحفيز الجديدة بالتوازي مع تنفيذ التوجيهات الرئاسية لدعم القطاعات من حزمة الـ 100 مليار جنيه

كما تم تقديم تمويلات إضافية سريعة في أوجه عديدة شملتها التوجيهات الرئاسية، ومستمرون في تقديم الدعم لمختلف القطاعات، فهي عملية مستمرة لن تتوقف لحين انتهاء الأمة.

حابي: هل سيتم ضخ حزم جديدة لتحفيز الاقتصاد؟
معيط: لدينا هدف هو أن تظل القطاعات الاقتصادية مستمرة، وندرس حاليًا حزمًا تحفيزية جديدة للاقتصاد، تبدأ مع انطلاق السنة المالية الجديدة، ووزارة المالية تعكف حاليًا على دراسة هذه الحزم.

الدكتور محمد معيط وزير المالية
الدكتور محمد معيط وزير المالية

حابي: ما هو حجم الحزم التحفيزية الجديدة؟ وخطط إنفاق الرصيد المتبقي من حزمة ال 100 مليار جنيه؟
معيط: ندرس حاليًا حجم التمويل المطلوب وطبيعة كل إنفاق لتحديد مدى إمكانية تغطيته من الموازنة أو من الاحتياجات المالية الإضافية أو المتاحة بالحزمة المالية التي يتم استغلالها حاليًا، وبالتالي حجم الحزم الجديدة لم يتحدد بعد وما زال قيد الدراسة.

حابي: هل سيتم صرف شريحة جديدة من رد أعباء الصادرات خلال الفترة المقبلة؟ وكم قيمتها؟
معيط: سنستمر في صرف شرائح جديدة، فحاليًا جارٍ صرف الشريحة الاخيرة التي أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي وقيمتها 3 مليارات جنيه، فهذه الحزمة المالية بدأ صرفها في شهر أبريل وستستمر حتى نهاية الشهر الجاري، ومع بداية السنة المالية الجديدة سيتم الإعلان عن الحزمة المرتقبة من رد أعباء الصادرات.

حابي: هل تم سداد إجمالي مستحقات شركات البترول الأجنبية؟
معيط: هذا السؤال يوجه لوزارة البترول، فنحن لا نتعامل مع الشركات أو لدينا علاقة بمستحقاتها.

فالعلاقة دائمًا بين وزارتي المالية والبترول تقتصر على الالتزامات المقررة وفقًا لقانون ربط الموازنة، وليس لي دور في تحديد أوجه توظيفها.

ففي الباب الرابع يوجد دعم المواد البترولية، ويستخلص منه بعد حساب الضرائب والقيمة المضافة في نهاية العام ما يسمي صافي العلاقة، وبالتالي وزارة البترول هي المسؤولة عن عملية إدارة البترول وشراء المنتج من الخارج وكذلك العلاقة مع المنتجين والمستثمرين بهذا القطاع.

حابي: ما هي أولويات الأجندة التشريعية لوزارة المالية خلال العام المالي الجديد؟
معيط: لدينا قانون المالية العامة الجديد، وحاليًا يتم مراجعته بين مجلس الوزراء ووزارة العدل حيث انتهت منه وزارة المالية، وهناك التعديلات الخاصة بقانون القيمة المضافة، ومشروع قانون ضريبة الدخل.

تعديلات جديدة في ملف الضرائب العقارية قد تصل لإعداد مشروع قانون متكامل

كما أنه ما زال هناك مشاكل تتعلق بالضريبة العقارية، ونعتزم خلال العام المالي الجديد الانتهاء من إدخال التعديلات المطلوبة أو إعداد مشروع قانون للضريبة العقارية.

قانون المالية العامة الجديد يراجع بين مجلس الوزراء والعدل قبل الرفع للبرلمان

وعلينا إجراء تعديلات على قانون التأمين الصحي الشامل، لمواجهة التحديات التي واجهتنا عند التطبيق على أرض الواقع.

كما يناقش حاليًا قانون الإجراءات الضريبية الموحدة في لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، ومن المنتظر أن يرفع قانون الجمارك للمناقشة بجلسة عامة في البرلمان قريبًا.

تعديل قانون التأمين الصحي الشامل لمواجهة تحديات التطبيق على الأرض

حابي: كيف أثرت أزمة كورونا على جدول الأولويات؟
معيط: بالطبع الأولوية الآن للصحة والحماية الاجتماعية والاستثمارات القادرة على خلق فرص عمل، وكذلك تقديم الدعم لمجتمع الأعمال لأنه يواجه حاليًا تحديًا ضخمًا، لذلك نبحث كل ما يمكن عمله في هذا الشأن.

وأرى أن الحكومة اتخذت بالفعل إجراءات في هذا الاتجاه، فقد تم خفض سعر الغاز للمصانع مرتين خلال نفس العام بما لا يقل عن 2 دولار، كما تم تخفيض سعر الكهرباء، كما أقر مجلس الوزراء مؤخرًا استبعاد ديون على القطاعات تتعلق بالغاز بقيمة 5.5 مليار جنيه.

كما اتخذت وزارة المالية إجراءات تتعلق بتقسيط الضرائب وضخ سيولة في دعم الصادرات، فقد تم ضخ 3 مليارات جنيه وسيتم ضخ المزيد خلال الفترة المقبلة، وكذلك مستمرون في تقديم كل الحزم الممكنة والدعم المتاح للوقوف بجانب القطاعات الاقتصادية المختلفة، خاصة السياحة والطيران والقطاع الترفيهي بسبب التأثر السلبي القوي.

ومن المتوقع أن يحظى قطاعا الصناعة والزراعة بدعم كبير من الحكومة خلال الفترة المقبلة، سواء على صعيد حل المشكلات أو التعامل مع التحديات التي تقابلهما، وذلك لأن الأزمة أكدت أن هذين القطاعين قادران على مساندة الاقتصاد في المرحلة الحالية.

حابي: هل يمكن تحديد حجم الإنفاق الحكومي المستهدف بالقطاعات الأكثر حساسية خلال الأزمة؟
معيط: الحديث بالأرقام يتطلب الانتهاء من الاتفاق عليها، وبالفعل تم الإعلان عن الخطوات التي تم التوافق عليها، ولكننا ما زلنا في مرحلة الدراسة والتوافق بشأن القرارات الجديدة.

وهناك الكثير من الأمور محل دراسة حاليًا في ضوء التداعيات والمتطلبات المختلفة التي تفرضها الأزمة وتبعاتها.

حابي: كيف راعت الموازنة الجديدة تداعيات أزمة كورونا؟
معيط: بالتأكيد كل العوامل المحيطة ستؤثر على موازنة العام المالي الجديد، ونفس الأمر ينطبق على اقتصادات مختلف دول العالم، فكل البنود تأثرت سواء الإيرادات أو المصروفات، والعمالة ومعدل النمو وغير ذلك.

حابي: ما هي القطاعات التي نراهن عليها في قيادة النمو خلال العام المالي الجديد؟
معيط: بالتأكيد هناك قطاعات ما زالت تتوافر بها فرص جيدة مثل قطاع الإنشاءات، كما يتمتع قطاع تكنولوجيا المعلومات بفرص قوية للنمو، وكذلك يوجد مجال واسع للنمو بقطاع الطاقة المتجددة، وغيرها الكثير من القطاعات التي تتمتع بفرص جيدة وعلينا أن نستفيد من ذلك.

قطاعات الإنشاءات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة تتمتع بفرص قوية للنمو وعلينا الاستفادة من ذلك

حابي: ما هي خطط الإصدارات الدولية في العام المالي الجديد.. وكم تبلغ قيمة أقرب طرح سندات في السوق الدولية؟
معيط: هذا الأمر يحتاج إلى سلسلة من الإجراءات، فمن اللازم أن يتم اعتماد الموازنة في البداية، ثم تبدأ وزارة المالية في عرض الأمر على مجلس الوزراء بعد استيفاء المناقشات مع المجموعة الاقتصادية، وكذلك التشاور مع البنك المركزي، ثم بعد ذلك يصدر قرار من مجلس الوزراء بناء عليه تتحرك وزارة المالية في إجراءات الطرح.

كل هذه الأمور لم تحدث بعد، كما أننا انتهينا من إصدار دولي خلال فترة قريبة.

حابي: هل يمكننا التحدث عن أجندة مبدئية للطروحات الدولية المحتملة؟
معيط: الموازنة لم تعتمد بعد، وهي تمثل المظلة القانونية التي سنتحرك على أساسها، فالموازنة حاليًا ما زالت تناقش بمجلس النواب.

أجندة الطروحات الدولية تتحدد بعد إقرار الموازنة ثم التشاور مع المجموعة الاقتصادية والبنك المركزي

وبعد اعتماد الموازنة سيتم مناقشة المجموعة الوزارية الاقتصادية والتشاور مع البنك المركزي ثم رفع الأمر لمجلس الوزراء، وغيرها من الإجراءات التي ذكرتها.

حابي: ما هو حجم الحصيلة الضريبية حاليًا؟
معيط: ما زال أمامنا ما يقرب من شهر على انتهاء الموسم، وبالطبع لا جدال أن الحصيلة تأثرت سلبًا بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد جراء جائحة كورونا، ولكن تحديد مقدار التأثير بدقة لن يتم قبل شهر من الآن.

تحديد تأثر الحصيلة الضريبية بالجائحة لن يتم قبل شهر.. ومئات الشركات استفادت من مبادرات التقسيط والتصالح

ولكن بدون أدنى شك تأثرنا سلبًا، وهناك قرارات وقوانين صدرت تتعلق بتقسيط الضريبة وإلغاء الغرامات وفوائد التأخير، فنحن مقدرون تمامًا الظروف العصيبة التي يمر بها مجتمع الأعمال وقطاعات الاقتصاد والتي ستؤثر على الدولة مثلما تؤثر عليهم.

حابي: هل استفاد عدد كبير من الشركات بالقرارات المتعلقة بتقسيط الضرائب وإلغاء الغرامات؟
معيط: بالتأكيد مئات الشركات استفادت من هذه التسهيلات، فقطاع السياحة بأكمله على سبيل المثال استفاد من هذه الأمور بما في ذلك نشاط الفنادق، إلى جانب القطاعات التي واجهت ظروفًا صعبة وتراجعًا في السيولة بسبب الأوضاع الجديدة، سواء على صعيد التأثر السلبي أو بلوغ حد الإغلاق الكامل.

كما أن مئات الشركات تقدمت لعمليات التصالح، وبعضها انتهى بالفعل من الإجراءات، ونحن مستمرون في العمل بهذا الملف.

حابي: هل يتم دراسة تسهيلات جديدة تتعلق بالضرائب أو الجمارك؟
معيط: التسهيلات تصدر من خلال القوانين وتم الانتهاء بالفعل من كل القوانين.

ويتبقى قانون الإعفاء من الغرامات وفوائد التأخير القديمة، والذي حصل بالفعل على موافقة مجلس الوزراء وقد يكون وصل إلى البرلمان ولكنه لم يصدر بعد.
فكل هذه الإجراءات يجب أن تصدر بقوانين وهذا الأمر يتطلب إجراءات، كما أن الدورة التشريعية قاربت على الانتهاء مع حلول الشهر الجديد.

حابي: كيف تغير وضع الدين المحلي بعد أزمة كورونا؟
معيط: كنا متقدمين بقوة في هذا الملف، فقد شهد معدل الدين إلى الناتج المحلي تراجعًا مستمرًّا منذ 30/6/2017 حيث بلغ 108٪ ليتراجع في العام التالي أي في 30/6/2018 إلى 98٪، ثم تراجع بنهاية العام المالي في 30/6/2019 إلى 90.2٪. وكانت توقعاتنا تستهدف الوصول إلى مستوى 83٪ بنهاية العام المالي هذا الشهر.

نرجح استمرار خفض الدين ولكن بمعدل أقل من المستهدف ما بين 85.5% إلى 86% بالعام المالي المنتهي

ولكن مع انخفاض النمو المتوقع من 6٪ الي 4٪ بالإضافة إلى زيادة توقعات العجز من 7.2٪ إلى 7.9٪، مما سيكون له أثر على الدين، وبالتالي توقعاتنا النهائية ترجح استمرار خفض الدين ولكن بمعدل أقل من المستهدف، ليتراجع من 90.2٪ إلى ما بين 85.5٪ إلى 86٪ وذلك بدلًا من 83٪.

حابي: كيف تتوقع مسار الدين خلال الفترة المقبلة؟
معيط: من الصعب تحديد ذلك بدقة حاليًا.

حابي: هناك اتجاه دولي لتقديم تسهيلات في ملف الديون الخارجية سواء بالجدولة أو تأجيل تحصيل الأقساط في إطار جهود مواجهة التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا.. هل تدرس الاستفادة بهذه المبادرات؟
معيط: مصر من الدول الملتزمة بسداد التزاماتها في مواعيدها لكل المتعاملين معها، ولكن لو العالم قرر شيئًا ما أو المؤسسات المالية اتخذت قرارًا بهذا الشأن، فسينطبق علينا مثل غيرنا.

سددنا جميع التزامات الديون الخارجية في مواعيدها رغم الأزمة القاسية.. والتأجيل غير وارد إلا إذا قرر العالم ذلك

وما أحب أن أؤكد عليه هو أن مصر حتى وسط هذه الأزمة القاسية، سددت جميع التزاماتها في مواعيدها بالكامل.

حابي: إلى أي مدى ترى أن تقييم المؤسسات الدولية لمصر يعبر عما تم بها من إصلاحات اقتصادية؟
معيط: علينا النظر إلى كم الدول التي شهدت تراجع تصنيفها الائتماني خلال الفترة الأخيرة، وكذلك النظر إلى قائمة الدول التي تم تثبيت تصنيفها، فلم يرد إلى علمي وجود دول تم رفع تصنيفها الائتماني، حيث اقتصرت المراجعات على الخفض أو التثبيت.

سنجد أن مصر من الدول القليلة التي تم تثبيت تصنيفها الائتماني، وكذلك تثبيت النظرة المستقبلية لاقتصادها، وهذا يعد فضلًا كبيرًا من الله في هذه الأزمة القاسية والظروف العصيبة.

وعلينا الأخذ في الاعتبار أن الجميع حاليًا يضع تقديرات وتوقعات في ظل حالة من عدم التقين، لذلك الكل يتخذ نوعًا من الحيطة والحذر الشديدين حتى لا تحيد التقديرات كثيرًا عن الواقع إذا تطورت الأوضاع

ومن الجيد جدًّا أن نكون في هذا الوضع بكل ما يحمله من صعوبات، وأن تحافظ المؤسسات الدولية المصدرة لتصنيفات الدول على نظرتها لمصر وتقييمها لوضع الاقتصاد.

ولكن إذا لم تحدث جائحة كورونا وتداعياتها الواسعة، كان تصنيف مصر سيرتفع ويتحرك في اتجاه أفضل.

حابي: في تقديرك متى يمكن النظر في استئناف برنامج الطروحات الحكومية؟
معيط: بمجرد أن تصبح الظروف مواتية، نحن جاهزون.

حاليًا ننهي سنة مالية وبمجرد أن نرى مؤشرات تحسن الأوضاع بما يسمح بالتحرك سنبدأ في ذلك على الفور فنحن على أتم استعداد للتحرك.

حابي: ما هي الرسالة التي توجهها للمستثمرين وللقطاع الخاص؟
معيط: أقول للمستثمر الأجنبي أنه رغم أن الأزمة شديدة وقاسية على العالم بأكمله لكن كما رأيتم الاقتصاد المصري والدولة المصرية استطاعت أن تمتص جزءًا كبيرًا جدًّا من الصدمة، وأن تتعامل معها بهدوء وإدارة مخططة.

وأعتقد أن هذه الإدارة وهذا التعامل مع الأزمة اكتسب الثقة، وأرى حرصًا شديدًا جدًّا على تأكيد هذه الثقة والاستمرار في تنفيذ السياسات بصورة هادئة ومستقرة، ونتمنى بعد انتهاء هذه الأزمة أو أن يقل تأثيرها أن تعودوا للاستثمار في مصر.

وللمصريين أقول: أتمنى أن نكون على قدر ما استطعنا نجحنا في التخفيف من آثار الأزمة عليكم فنحن ندرك شدتها، ونأمل خلال الفترة المقبلة أن يكون لدينا سياسات أكثر وأكثر لدفع الاقتصاد.

ونقول للمستثمرين بشكل عام من المصريين والأجانب: ستجدون في مصر دولة أنفقت مليارات على البنية التحتية وتجهيزها ولديها سياسات مستقرة ونفذت إصلاحات، وسنستمر في تنفيذ مزيد من الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري، فمصر دولة واعدة ومع انقشاع هذه الغمة نأمل أن يعود تدفق الاستثمارات وتحقيق الأرباح.

حابي: ما هي الرسالة التي توجهها لمستثمري سوق المال؟
معيط: أعتقد أن الحكومة مع هيئة الرقابة المالية والبورصة وشركة مصر للمقاصة حققنا كل طلبات المستثمرين، ونتمنى أن يكون ذلك دافعًا قويًّا حتى نرى البورصة وسوق المال المصري يتحرك في اتجاه إيجابي.

نحن متجاوبون ومتفاعلون وأعتقد أن كل النقاط التي تم إثارتها خلال عام المالي 2019 /2020 تم حلها والاستجابة لكل الطلبات وأصبح الدور عليكم.

حابي: ما هي الرسالة التي توجهها لجريدة حابي بمناسبة صدور العدد رقم 100 ومرور عامين على أول إصدار؟
معيط: أتمنى لكم كل التوفيق والاحتفال بمئات الإصدارات.. كل عام وأنتم بخير.

اضغط لتحميل العدد رقم 100 من جريدة حابي

الرابط المختصر