ماهر عشم يكتب: ثورة رقمية زراعية

بقلم ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ ذكر تقرير البنك الدولي الصادر الأسبوع الماضى تحت عنوان «ما بعد الجائحة: تسخير الثورة الرقمية لتحسين مسار الأنظمة الغذائية» أن هناك تضاربًا هائلًا في المعلومات وتكلفة المعاملات على مستوى نظام غذائي هائل الاتساع.

إضغط لتحميل تطبيق جريدة حابي

E-Bank

فبالرغم من زيادة الإنتاج الزراعي المطرد الخاص بـ 570 مليون مزرعة لمواكبة احتياجات سكان العالم الذي بلغ عددهم 7.7 مليار نسمة والذين هم في زيادة مستمرة إلا أن التناقض يتزايد بين المزارعين اللذين يتلفون مزروعاتهم ويسكبون الحليب أحيانًا والأرفف الفارغة في المتاجر.

وبين ملياري شخص يعانون من البدانة والأمراض المترتبة عليها والمئة مليون المهددين بالفقر نتيجة التحديات الاقتصادية الناتجة عن كورونا. بل إن طفلًا بين كل خمسة أطفال يعاني من التقزم وسوء التغذية وبالرغم من أني لا أملك إحصاءات محلية تعادل تلك التي وردت بالتقرير إلا أني لا أعتقد أنها تبعد كثيرًا عن تلك الإحصاءات العالمية.

جزء كبير من المشكلة سببه تضارب المعلومات المستخدمة في تسعير الإنتاج الزراعي بالإضافة إلى النفوذ السوقي لكبار المنتجين والتجار مرورًا بارتفاع تكلفة المعاملات والنسبة العالية التي تتلف لسوء النقل والتخزين وكثرة نقاط التداول حتى تنتقل السلع من المنتج الأولي إلى المستهلك النهائي.

لذلك برز الاحتياج الملح للانتقال إلى نموذج أكثر احتواء ومرونة واستدامة. تلك المرونة غير موجودة بالشركات العملاقة والمزارع الكبرى ولكن باستخدام التكنولوجيا الرقمية يمكننا تحقيق توازن بديل، تتبنى فيه المزارع والكيانات والإنتاجية الصغيرة المرنة أنظمة المؤسسات الكبرى وتتمكن من المنافسة وتقديم الخدمات على نحو يضمن الاستدامة إذا عانت المؤسسات الكبيرة. فالتكنولوجيا يمكن أن تقدم ما يلي:

أولًا اللا مركزية في الأسواق وسلاسل التوريد: وبالرغم من أن الأسواق وسلاسل التوريد المركزية تعمل بكفاءة عالية جدًّا أكثر بكثير من الأسواق الصغيرة إلا أنها تجعل من الصعب والمكلف على كل من البائعين والمشترين التواصل بعضهم إلى بعض والتعامل فيما بينهم تبرز مخاطرها وخاصة في أوقات الأزمات.

فلو أخذنا سوق العبور كمثال وهو السوق الرئيسي بالقاهرة الكبرى في وقت الأزمات التي مرت بها البلاد في السنوات المادية وصعوبة انتقال البضائع من المنتج إلى المستهلك نظرًا لمرورها بنقاط عديدة يمكن أن تختصر إن وجدت آلية رقمية لذلك.

كما أن نسبة التالف من المنتجات يزيد بزيادة عدد النقاط لذلك إن نجحنا في اختصار تلك النقاط نكون ساهمنا في خفض الهالك وبالتالي خفض التكلفة على المستهلك وتعظيم الفائدة على المنتج.

لاحظنا في الشهور الماضية ازدهار التجارة الإلكترونية وزيادة طلب المستهلك عليها لسهولتها كما لاحظنا ظهور منصات خاصة بالمنتجات الزراعية إلا أن أسعارها مبالغ فيها نظرًا لأنها تشتري من الأسواق المركزية وإن عممناها على المنتجين وجمعناها في سوق رقمي مركزي لأمكن للجميع الحصول على البضائع من المنتج إلى المستهلك مباشرة مما قد يقلل من التكاليف ويزيد من الكفاءة وفرص الاستدامة لتلك الأسواق.

هنا أذكر مشروعًا لأحد طلابي في التكنولوجيا المالية والذي قامت فكرته على تمكين صغار المربين للأبقار المنتجة للألبان تكنولوجيًّا بهدف تجميعهم في ثلاجات صغيرة وشبكة معلوماتية تمكنهم من البيع مباشرة لمصانع الألبان والذي يستحيل تحقيقه دون رقمنة تلك المنظومة وينتهي إلى بيعه مغشوشًا بمادة الفورمالين السامة بنصف السعر تقريبا لطول فترة التخزين وتعرضه للتلف.

بالإكثار من الأسواق اللامركزية يمكن للمستهلك الاستمرار في الحصول على احتياجاته حتى إن اضطر المصنع أو السوق الكبير للتوقف لسبب أو لآخر دو أن يهتز السوق وتهتز الأسعار بصورة كبيرة.

ثانيًا نشر البيانات المفتوحة Open Data : والتي تعتمد فكرتها على أن كل البيانات يجب أن تكون متوفرة ومتاحة لاستخدام الجميع، وأن لكل شخص الحق في إعادة نشرها دون أي قيود تتعلق بخقوق الطباعة والنشر أو أي آليات سيطرة أخرى. إن هدف حركة البيانات المفتوحة مشابهة لأهداف حركات أخرى تهتم بحرية البيانات والمعلومات. «ويعد نشر البيانات المفتوحة على مستوى النظام الغذائي المعقد ضروريًّا أيضًا لمعالجة تضارب المعلومات، وتشجيع الابتكار، وزيادة كفاءة الإنفاق العام”.

“فقد بدأت كينيا، على سبيل المثال، تشهد طفرة في التطبيقات التي تستفيد من البيانات المفتوحة التي يجري تشجيعها في إطار مبادرة كينيا للبيانات المفتوحة. وفي ظل الانشغال الزائد بالزراعة باعتبارها ركيزة للاقتصاد والأمن الغذائي، قررت الحكومة في عام 2011 إتاحة البيانات الأساسية التنموية والديموغرافية والإحصائية والمتعلقة بالنفقات في شكل رقمي يفيد الباحثين والشركات الخاصة وجهات تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والجمهور العام.

ويقدم الموقع الإلكتروني opendata.go.ke للجمهور ما يقرب من 942 مجموعة بيانات. واليوم، تقود كينيا إفريقيا في ميدان التكنولوجيا الزراعية، بفضل نظام رقمي هو الأعلى تصنيفًا، فضلًا عن 30% من التقنيات الزراعية المغيرة لقواعد اللعبة في هذه القارة». والنص من تقرير البنك الدولي.

نحتاج إلى أن نتبنى التكنولوجيا الرقمية بصورة أكبر وأشمل في نطاق الزراعة وإنتاج الغذاء لتحقيق الكفاءة والاستدامة ويجب أن تتبنى وزارة الزراعة تلك الجهود فمساهمة القطاع الزراعي من الناتج المحلي الإجمالي لمصر تبلغ 14% بحسب تصريحات وزيرة التعاون الدولي الشهر الماضي.

خصم خاص بنسبة 50% على خدمات بوابة حابي

الرابط المختصر