بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ من سنوات عديدة تطوعت للمساعدة في دراسات ولقاءات وموائد مستديرة شاركت بها منظمات المجتمع المدني واتحاد بنوك مصر واتحاد الصناعات المصرية وبرلمانيون ومسئولون لدعم جهود ومحاولات أطراف عديدة لمواجهة تحدي مجتمع 98 بالمائة من مدفوعاته عند البداية كانت نقدية إلى مجتمع لا نقدي يعتمد على الوسائل الإلكترونية الحديثة.
سبقتنا في تلك الجهود دول إفريقية وصلت إلى 60 بالمائة لا نقدي وهي تقل في الإمكانيات وتتشابه في التحديات التي تواجهنا في مصر اضطلعنا عليها للاستفادة منها وكل طرف أخذ في الاعتبار التعلم من تلك التجارب الناجحة والمفيدة.
تابعت الأسبوع الماضي باهتمام شديد خبرًا منشورًا بحابي بتاريخ 1 سبتمبر بعنوان «المركزي واتحاد بنوك مصر يطلقان حملة باي باي نقدية.. ده زمن الإلكترونية» مما دفعني إلى البحث عن ومشاهدة الإعلانات المختلفة التي نشرتها الحملة ذاتها ومتابعة صفحات التواصل الاجتماعي وأسئلة العملاء والرد عليها. كما ذكرتني الحملة بحملات مشابهة كانت قد أطلقتها البورصة المصرية في 2008 على ما أتذكر بعنوان «بورصة سعيدة» كما أطلقت حملة مشابهة في فبراير الماضي أثارت الجدل تحت عنوان «معك سهم تبقى شريك» مما دفعني لتسجيل ملاحظاتي حول الحملة والهدف منها:
أولا: إقناع تاجر الفاكهة أو السمك بالتحول إلى اللانقدية لن يحدث بالإعلانات الظريفة التي تحاول أن تتبنى لغة التجار وتبدو كمن يتكلم العربية باللكنة الفرنسية في المسلسلات التاريخية لإقناع المشاهد بأنه فرنسي. لا بدّ من وجود رسالة تنقل فائدة حقيقية للتاجر حتى يتبني وسائل الدفع الإلكترونية. المحفزات ضعيفة للغاية وهي:
• إلغاء الحد الأدني لفتح الحساب البنكي.
• إعفاء للمصاريف والعمولات حتى 15 سبتمبر والتاريخ لم ينص عليه بالإعلان لكن وجدته في الردود على صفحات التواصل الاجتماعي مما قد يكون مضللًا للمشاهد.
• الحصول على QR Code والذي أشك كثيرًا في معرفة أو فهم التاجر له أو لكيفية عمله. والكود هو رمز الاستجابة السريع أو رمز الرد السريع أو الرمز المربّع (بالإنجليزية: Quick Response code أو QR code) هو اسم العلامة التجارية لنظام مصفوفة الرموز الشريطية ثنائي الأبعاد (الباركود). وفي الأونة الأخيرة، انتشر هذا بسبب سهولة القراءة بشكل سريع ونسبة التخزين العالية. يتكون الرمز من وحدات سوداء مرتبة على شكل مربع على خلفية بيضاء.
• الحصول على POS وأيضًا أشك في معرفة التاجر بذلك المصطلح وهو الجهاز الخاص بنقاط البيع لإتمام المعاملات الإلكترونية.
ثانيًا: في المقابل يتطلب الاشتراك الحصول على حساب شركة وليس حسابًا شخصيًّا وهذا هو العائق الحقيقي في وجهة نظري فلن يخاطر عامة التجار بفتح حسابات شركات للأسباب التالية:
• التحديات الضريبية والتأمينية والقانونية التي يتعين عليهم مواجهتها والتي هي السبب الأصلي في هروبهم للاقتصاد غير الرسمي. ومع علمي بقانون الشركات الصغيرة والمتوسطة المثير للجدل والذي يحاول ربط ضريبة ثابتة على التاجر إلا أنه يربط الشريحة الضريبية بالدخل وليس بالربحية وهو أمر غير عادل من وجهة نظر التجار. نحتاج إلى بناء الثقة بين الممول والمصلحة ونقل تلك العلاقة من خانة المفتش والمتهرب إلى خانة الشراكة.
• تعقيدات الإجراءات المطلوبة لتأسيس الشركات ومع محاولات الجهات المسؤولة عن تأسيس الشركات في تخفيف الإجراءات إلا أننا لا نزال نعتمد على الإجراءات الورقبة والدفاتر فهل تتخيل أن القانون يجبر في يومنا هذا الشركات على إمساك الدفاتر المحاسبية الورقية الموثقة والمعتمدة؟
• ارتفاع تكلفة الدفع الإلكتروني والتي تصل إلى 4 بالمائة في بعض الأحيان وبطء البنوك في الرد على التجار ومساعدتهم وهو تعليق منتشر على تلك الحملات في صفحاتها. وفي الوقت نفسه يتم تضييق الخناق من الرقيب والبنوك على المنصات الإلكترونية الحديثة من الشركات الناشئة التي تستجيب بصورة أسرع وأكثر مرونة.
بناء على ما سبق يمكننا تحقيق تقدم سريع وحاسم على مستوى التجار في بلدنا الحبيبة للانتقال لمجتمع لا نقدي إن استطعنا تنفيذ الآتي:
1.تحقيق العدالة الضريبية وبناء الثقة بين الممول والمصلحة.
2.مزيد من تخيف الإجراءات والتعقيدات على الشركات الصغيرة والاستثمار في كيانات تستطيع تقديم الخدمات المعاونة المحاسبية والقانونية لصغار التجار بأسعار مدعمة بإعادة توجيه الميزانيات المخصصة لتلك الإعلانات والتي يقل جدواها كثيرًا عن الفوائد التي نجنيها من ورائها.
3.قيام البنوك واتحادها بعقد ورش عمل على الأرض للتجار في أماكن تواجدهم لشرح المزايا لهم وكيفية الحصول على تلك الخدمات بدلًا من الإعلانات غير الواضحة والتي قد لا تثير الفضول بالرغم من تكلفتها. بالإضافة إلى العمل على تخفيض العمولات المطلوبة من صغار التجار والعمل على تحسين مستوى الخدمة والاستجابة لطلباتهم.
خصم خاص بنسبة 50% على خدمات بوابة حابي