ماهر عشم يكتب.. اتصالات ومدفوعات

 بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ تنطلق صباح اليوم فاعليات مؤتمر الاتصالات (CAIRO ICT) بالقاهرة وهو حدث طل علينا في السنوات الأخيرة باهتمام ورعاية بل وحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصيًّا مما يعكس اهتمام سيادته البالغ بالتكنولوجيا ورغبة مصر في أن تملك مفاتيح الحاضر والمستقبل.

اضغط لتحميل تطبيق جريدة حابي

E-Bank

كما سلط المعرض الضوء أيضًا على التكنولوجيا المالية بصورة خاصة وهي كيفية تقديم خدمات مالية ومصرفية باستخدام الأدوات الرقمية الحديثة. من أبرز رعاة المعرض هذه السنة شركتان للمدفوعات وشركة اتصالات وثلاثة بنوك وتمثل هذه الشركات أكثر من نصف الرعاة مما يدعم تزاوج الاتصالات والخدمات المالية. يستضيف المعرض أيضًا كوكبة من السادة الوزراء وأود أن أنتهز هذه الفرصة لتوجيه رسالة لهم لعلي أساهم بها في إلقاء الضوء على ما تحتاجه تلك الصناعات بل ومجتمع الأعمال بصفة عامة.

أولًا: نحتاج إلى شبكات اتصالات جيدة يمكننا الاعتماد عليها وهنا تأتي إشكالية المنافسة والسعر والجودة والضرائب. فارتفاع الضرائب على خدمات الاتصال مع شدة المنافسة السعرية بين مقدمي الخدمة وارتفاع تكلفة الخدمة دافع قوي لتلك الشركات في ترشيد الإنفاق على البنية التحتية الخاصة بالاتصالات مما يؤدي إلى الخدمة الرديئة التي نعاني منها كم ينتج عنه تكرار الأعطال وطول الانتظار على هواتف خدمة العملاء دون مجيب. و

لا أدري أين دور الرقيب من تلك الخدمة الرديئة وهل دوام منح التراخيص مشروطة بمعايير قياسية لكفاءة الخدمات؟ وكيف تحاسب الشركات ذات الخدمات الرديئة؟ وهل هذ الحساب مرتبط بملكيتها للدولة؟ هل هناك منافسة أم احتكار لبعض المناطق والخدمات المقدمة فيها؟ إجابة كل الأسئلة السابقة قد ترشد إلى كيفية تقديم خدمات اتصالات جيدة.

تابعنا على | Linkedin | instagram

ثانيًا: نحتاج إلى كهرباء مستقرة دون أعطال أو تذبذب أو انقطاع. ولا ينكر إلا الجاحد مجهودات وزارة الكهرباء الجبارة والتي فاقت كل توقع في نقل مصر من عصر مظلم به نقص شديد في الطاقة المنتجة إلى عصر الوفرة ولكن البنية التحتية للكابلات والمحولات رديئة وكذلك العزل الخاص بها في أحد أرقى الأحياء. كم من محول وكابل عمومي بالشوارع يحترق أو يتسبب في حرائق عند هطول الأمطار. والنتيجة كهرباء غير مستقرة تتلف الأجهزة وتحرق الأصول دون مبرر. نحتاج إلى مركز اتصالات متفاعل ليس صندوقًا أسود تتصل به لإبلاغ العطل دون معرفة أي شيء عن الإصلاح بعد البلاغ.

ثالثًا: نحتاج إلى شبكات صرف صحي تعمل بكفاءة خاصة وقت هطول الأمطار فصدق أو لا تصدق أنها تمثل تهديدًا مباشرًا ومخيفًا لكل مراكز البيانات التي نظرًا لثقل وزن أجهزتها عادة ما تتواجد بأكثر مستوى منخفض بالمباني الخاصة بها. بل ولا بد من وجود ممر لإنزال تلك الأجهزة لتلك المستويات. وعندما لا تستوعب شبكات الصرف مياه الأمطار تتدفق إلى تلك المباني دون رحمة مهددة لكل ما بها من برامج وخدمات ومعلومات.

رابعًا: تحتاج المدفوعات الإلكترونية وخاصة تلك المربوطة مباشرة بتطبيقات التجارة الإلكترونية إلى مراجعة شاملة في العمولة التي تتقاضاها من التاجر. فالمدفوعات وخاصة بنظام الكارت تتقاضى من اثنان إلى أربعة بالمئة عمولة من التاجر على ما يتم تحصيله إلكترونيًّا. تمثل هذه النسبة عمولة بنك التاجر والبنك المصدر للبطاقة والشركة صاحبة شبكة المدفوعات والبوابة الإلكترونية الخاصة بالمدفوعات. لا يمكن لتاجر يقل هامش ربحه عن عشرة بالمئة أن يقتطع هذه النسبة لصالح المدفوعات. ولا يوجد مبرر حقيقي لارتفاع تلك النسبة ولا بد لجهود حقيقية لخفضها حتى يمكن للتجار ومقدمي الخدمات الاعتماد على المدفوعات الإلكترونية.

خامسًا: تحتاج المدفوعات الإلكترونية إلى اتفاق بين البنك المركزي والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات إلى تفعيل المدفوعات عن طريق التليفون المحمول العادي غير الذكي والذي تحمله الغالبية من المصريين أسوة بالدول التي حققت طفرة في المدفوعات الإلكترونية مثل كينيا. نحتاج إلى تفعيل الأرقام الخاصة القصيرة والاتفاق على كيفية الرقابة على شركات الاتصالات حتى يتمكن كل مستخدم للهاتف غير الذكي من إجراء معاملات مالية وتحويلات باستخدام هاتفه.

أخيرًا والتحدي الأصعب تحتاج المدفوعات الإلكترونية إلى معاملات ضريبية عادلة وثقافة ضريبية بناءة لدى المصلحة والممول. فلا تزال المصلحة تعامل الممول على أنه متهم بالتهرب وعليه إثبات العكس وتهاجمه بالتقديرات الجزافية والنماذج الضريبية وكأنه يجب أن يعاقب على إنتاجه. نحتاج إلى إحياء الجهود السابقة التي بدأتها المصلحة من أكثر من عشر سنوات لإعادة الثقة بين المصلحة والممول حتى ينتقل الاقتصاد الرمادي إلى الرسمي متبنيًا التكنولوجيا الحديثة والمدفوعات الإلكترونية. تحتاج المصلحة إلى اتخاذ الخطوة الأولى في تغيير ثقافتها من ثقافة الجباية إلى ثقافة الشراكة والتي لن يخرج دونها الاقتصاد الرمادي إلى النور ولن يقدم الممول على الخطوة الخاصة به.

صناعتا التكنولوجيا والاتصالات من ناحية والتكنولوجيا المالية من ناحية أخرى هما القاطرة التي تتعلق بها الدول في العصر الحديث لتغيير مصائر شعوبها إلى الأفضل وتحسين معدلات النمو بها. فلا غنى عن تذليل العقبات الخاصة بتلك الصناعات وبالرغم من الجهد الكبير المبذول بهما إلا أن الطريق لا يزال طويلًا وعلينا أن نسرع من خطانا حتى نستطيع اللحاق بمن سبقونا.

خصم خاص بنسبة 50% على خدمات بوابة حابي

الرابط المختصر