أحمد رضوان يكتب: 2020.. ثمن الخبرات الجديدة

aiBANK

بقلم أحمد رضوان رئيس تحرير جريدة حابي

كانت بداية 2020 مؤلمة برحيل خالد بشارة وهو من أولئك الذين يصعب وصفهم بإضافة مسمى وظيفي إلى اسمه اللامع، هو خالد بشارة النابه الملهم الذي نشر الحماسة والدعم ومد يد المعرفة والنصيحة للجميع، أيًّا ما كان منصبه ومكانه.

E-Bank

بعدها بأسابيع قليلة، بدأت جائحة كورونا في التفشي عالميًّا ثم محليًّا، وتعاقبت معها الأخبار الحزينة، إلى أن استيقظنا على خبر رحيل الصديق والأخ محسن عادل، المجتهد المتحمس حبيب الجميع، الذي لم يبخل يومًا بوقته وجهده مهما كانت صعوبة المسألة أو سهولتها.

لا أعرف لماذا بدأت هذا المقال باسترجاع أحداث مؤلمة، ربما يكون بسبب الشعور بالخجل تجاه ذكر التفاصيل الجميلة التي مررنا بها؟ فالأيام على أحزانها لا تخلو من الجمال.

وربما يكون السبب هو الهروب من أخبار موجة كورونا الثانية التي اقتربت بشدة، ووصلت بالفعل إلى أحباء آخرين، نتمنى لهم السلامة، مثلما نتمنى أن يحفظ الله الجميع من هذا الاختبار الصعب والمؤلم. وقد يكون السبب هو الحاجة لذكر أهل فضل رحلوا عنا في هذا العام، وأن نذكر أنفسنا بقيم عزيزة نخشى أن نفقدها.

أيًّا ما يكون السبب والغاية، كان 2020 عامًا استثنائيًّا، تصارعت فيه آلام الفقد مع حلاوة الإنجاز، فصنعت نفوسًا مرتبكة ومربكة، إلا ما رحم ربي ممن أنعم عليهم بالتماسك والسكينة وحسن الظن وسلامة النفس والقلب واليقين.

 حابي في 2020

بدأنا فعليًّا خطة عمل 2020 في نوفمبر وديسمبر 2019، هذه البداية المبكرة ساهمت بصورة كبيرة في الحد من أو بمعنى أدق تجاوز التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا والتي أضرت بمختلف قطاعات النشاط الاقتصادي وبالتبعية الصحافة والإعلام.

في 19 يناير 2020 أصدرنا عددنا السنوي، والحمد لله كان بداية مميزة ومحفزة وتتويجًا للعمل والتخطيط المبكر، ونشرنا في هذا العدد استطلاعًا للرأي شارك به مئة من قادة مجتمع الأعمال، كان لنتائجه ومناقشاته صدى واسع، وتلاه سلسلة واسعة من الأعداد الخاصة منها «الإعداد للتعافي» والذي صدر في مارس 2020، وكان أول عدد خاص يناقش تأثيرات وخطط مواجهة فيروس كورونا، في سبق وقراءة مستقبلية جيدة للأحداث تحسب لفريق تحرير جريدة حابي.

وفي أبريل، أصدرنا عددًا خاصًّا من نفس رحم قضية كورونا، جاء بعنوان «أيام البترول»، ناقشنا فيه مع خبراء الاقتصاد تأثيرات الانهيار الذي مرت به أسعار النفط، وتوقعات تحركاتها، وتزامن صدور هذا العدد مع احتفالنا السنوي بذكرى خروج مؤسسة حابي للنور (29 أبريل 2018)، بمؤتمرها السنوي ونسختها الأسبوعية المطبوعة، وبوابة حابي جورنال الاقتصادية.

جاء يونيو 2020 حاملًا معه مناسبة جديدة وهي صدور العدد 100 من جريدة حابي الأسبوعية، وبفضل الله، نجحنا في إصدار عدد خاص بهذه المناسبة جاء بعنوان (100 عدد حابي)، شارك معنا فيه بقصص خبرية مميزة، 5 من وزراء المجموعة الاقتصادية، وعشرات من قادة مجتمع الأعمال، لكنه بكل أسف.. نشر في صفحته الأخيرة بورتريه رحيل واحد من أكثر الذين مدوا إلينا يد العون ولسان النصيحة، وهو أخونا وصديقنا الراحل محسن عادل.

في 12 يوليو 2020، أصدرنا عددًا خاصًّا مميزًا بعنوان «رهان الطلب»، ناقش مع كبار المطورين العقاريين فرص تنشيط المبيعات وقدم أول رصد واقعي لتداعيات الركود الناجم عن فيروس كورونا على النشاط العقاري وتحديدًا المرتبط بالقطاع الخاص، تلاه عدد خاص عن الخطط الجديدة للمطورين العقاريين صدر بتاريخ 30 أغسطس، ثم عدد موسع صدر في نوفمبر بعنوان «نظرة مستقرة» على هامش معرض ومؤتمر سيتي سكيب القاهرة 2020، وضم استطلاعًا للرأي عن مخاطر القطاع العقاري وتوقعات الربحية والأسعار وأثر البيع بمقدمات صفرية ووضع الطلب الراهن.

في نفس الشهر (نوفمبر 2020)، فتحت جريدة حابي أسئلة تفصيلية عن جودة خدمات الاتصالات والتكنولوجيا في مصر، وأصدرت عددًا خاصًّا بعنوان “أسئلة الجودة” على هامش معرض ومؤتمر كايرو آي سي تي، شمل استطلاعًا للرأي بين قادة مجتمع الأعمال عن تقييمهم لأداء خدمات المحمول والهاتف الأرضي والإنترنت والتكنولوجيا المالية، وكان هذا الاستطلاع هو أول تقييم يجري عن تأثر قادة الشركات بوضع وجودة خدمات الاتصال والتكنولوجيا في مصر.

واليوم.. تختتم جريدة حابي سلسلة أعدادها الخاصة، بإصدار متميز جديد، يناقش زاوية محددة هي رصد الخبرات التي اكتسبها مجتمع المال من عام كورونا بمختلف تفاصيله الاستثنائية، لتصل أعداد حابي الخاصة في 2020 إلى 8 إصدارات، بمتوسط إصدار كل شهر ونصف الشهر، وهو عدد نشعر تجاهه بالكثير من الرضا والشكر.

صفقة بلوم مصر

ربما لم تكن تفاصيل صفقة بيع بنك بلوم مصر، هي الحدث الأهم في الشأن الاقتصادي الزاخر بالتفاصيل والقضايا التي غطتها جريدة حابي على مدار 2020، ولكن كان لمتابعة هذه الصفقة أهمية خاصة في نفوسنا، ليس فقط من منطلق الانفراد والسبق الصحفي لمختلف مراحلها، وإنما لحجم الاجتهاد الذي بذله فريق حابي لمتابعتها، يكفي أنه على مدار شهرين، وقبل ضربة البداية بخبر «بنك الإمارات دبي يدرس الاستحواذ على وحدة بلوم في مصر»، والذي تم نشره في 10 أغسطس الماضي، تحدث فريق حابي مع ما يزيد على 40 مصدرًا من بين أطراف الصفقة والمرتبطين بهم ومن خارجهم.

نعم.. أكثر من 40 شخصية تواصل معها فريق حابي وبعضهم تم الحديث معهم مرات ومرات ومرات، من أجل استفسار وتوضيح وتأكيد وضبط معلومات وشرح مفردات، جهد كبير جلعنا نشعر بسعادة بالغة ونحن نشارك في اختيار مدخل وعنوان ضربة البداية، هل نبدأ بالحديث عن نية بلوم اللبناني بيع وحدته بمصر، أم نبدأ بما هو أبعد من النية ونكشف مباشرة عن أول المتنافسين على الصفقة؟

استمر الجهد وازدادت الحماسة اشتعالًا مع تعاقب التأكيدات الرسمية، ليس من مصر، وإنما من لبنان والإمارات، فأكد طرفا الصفقة وقتها في بيانات وإفصاحات رسمية ما نشرته حابي.

تعاقبت المتابعات الخبرية للصفقة، وكما انفردنا بمنافسة الإمارات دبي الوطني على بلوم، كان لنا السبق أيضًا بدخول بنك المؤسسة العربية المصرفية حلبة السباق وذلك في عدد حابي الصادر بتاريخ 30 أغسطس الماضي، وجاء التأكيد الرسمي من بورصة البحرين، والتي أفصح من خلالها بنك ABC عن دراسته ودخوله في مباحثات مع بلوم لبنان للاستحواذ على بلوم مصر.

وفي 29 من نوفمبر الجاري، انفردت جريدة حابي أيضًا بالكشف عن طبيعة العروض المالية التي تلقاها بلوم لبنان من كلا المتنافسين (الإمارات دبي و ABC). وكشفت حابي في صدر صفحتها الأولى في خبر بعنوان (العرض المالي يقرب ABC من اقتناص بلوم مصر)، عن تقدم بنك الإمارات دبي بعرض مالي نهائي غير قابل للتعديل، في حين تقدم بنك المؤسسة العربية المصرفية بعرض مفتوح قابل للزيادة، ليقترب بذلك من حسم الصفقة لصالحه.

بعدها بأيام، وتحديدًا في 2 ديسمبر الجاري، أعلن بنك بلوم اللبناني عن بدء محادثات حصرية مع بنك المؤسسة العربية المصرفية لبيع عملياته في مصر.

نشرة حابي PDF اليومية

هناك أشياء تبقى في الوجدان لتحركنا وتحدد سلوكنا، دون أن تستعيدها الذاكرة. يحدث هذا في تفاصيل كثيرة، على سبيل المثال قد تستمتع إلى رأي مهم وتمر عليه مرور الكرام، وفي وقت لاحق تطبق هذا الرأي دون أن تدرك أنك استمعت إليه في وقت ما، وأعتقد أن هناك أسبابًا كثيرة لذلك الفصام، منها أن الرأي الجديد جاء تعزيزًا لما كنت تفكر به وتخطط له بالفعل، أو أن يكون هذا الرأي جاء من عزيز فقدته، فغلب حدث الفقد على ما عداه من أمور قابلة للاسترجاع. أو أن تراكم الأحداث وتنوع مشاربها أرهق الذاكرة، فلم تعد تملك نفس قدرة الغوص في منابع التفاصيل ونشأتها الأولى، أو أسباب أخرى لا أعرفها.

على هامش مؤتمر حابي السنوي الثاني أبريل 2019، وفي نهاية فيديو مدته أقل من 4 دقائق، طرحنا على الملهم -رحمه الله- خالد بشارة سؤالًا عن توصياته لجريدة حابي مع بداية عامها الثاني، وكان رده: «أنتم ماشيين كويس، ربنا يبارك، متهيألي محتاجين تفكروا في النيوزليتر، ممكن تكون مفيدة بالنسبة لكم».

لم أتذكر هذا الفيديو ونحن نخطط لإصدار نشرة حابي اليومية التي انطلقت في نهاية يونيو 2020، ولاقت نجاحًا باهرًا على مختلف المستويات بحمد الله وتوفيقه.

لا أعرف كيف سقطت هذه الكلمات من ذاكرتي، لكنني أعرف تمام المعرفة وأدرك تمام الإدراك، أن القشعريرة التي أصابتني وأنا أراجع ذلك الفيديو -لاستعادة شيء آخر خلال كتابتي هذا المقال- تركت في داخلي يقينًا أبديًّا، بأن النصيحة الخالصة، خالدة، وستتحقق، وسيذكرنا الله بصاحبها مهما غاب وأينما غاب.. وهل للملهم أن يغيب؟.. لا.. الملهم لا يغيب.

كانت نشرة حابي اليومية، واحدة من المنتجات المهمة التي أطلقناها في 2020، ولاقت اهتمامًا ملموسًا من القراء. قامت فكرة النشرة على خلق منتج جديد، يجمع ما بين حيوية البوابة التي تقدم أخبارها على مدار الساعة عبر الطرق التقليدية أو التطبيقات الذكية، وبين النسخة الأسبوعية التي تتسم بتجانس أكبر، وحققت أهدافها بامتياز، وكانت إحدى الأدوات المهمة لمواجهة تحديات كورونا.

تطبيق حابي

كان التطبيق الإلكتروني لبوابة حابي جورنال HAPI APP، أحد النقاط المضيئة في 2020. تم إطلاق التطبيق بنسختيه IOS، وAndroid، في منتصف يونيو الماضي، ويتيح التطبيق تصفح أعداد الجريدة الأسبوعية، والنشرة اليومية، وأرشيفها الصحفي، جنبًا إلى جنب مع المحتوى اللحظي المتدفق على مدار الساعة.

تزامن إطلاق التطبيق الإلكتروني مع مرور عامين على تأسيس جريدة حابي، وصدور عددها رقم 100، وتم دعمه بخاصية الإشعارات للأخبار المهمة العاجلة، والتي كان لها دور مهم في وجود التطبيق على هواتف غالبية مجتمع الأعمال، وأسهم في توسيع قاعدة قراء الجريدة.

لم يكن الجهد الذي بذل لإطلاق التطبيق بالبسيط، فقد بدأت عملية تطويره منذ ما يربو على العام قبل تدشينه، وخضع لاختبارات واسعة للتأكد من كونه صديقًا جيدًا للمستخدمين، بلا أعطال أو مشاكل تذكر، والحمد لله، منذ بدء العمل بالتطبيق الجديد، لم تطرأ عليه أي مشاكل، وبإذن الله نستعد لبعض التحديثات الجديدة، التي سيتم ذكرها في الوقت المناسب.

نظرة أخيرة

كان 2020 كغيره من أيام الله ورحماته، به الكثير من التحديات والدروس والخبرات والنجاحات، نشكر الله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، ونسأله أن يحفظ الجميع، ويزيح الوباء والبلاء، ويرزقنا الصبر على أوجاع الأحبة والأصدقاء، ويلهمنا حسن التصرف والاستعداد والجهد. ونتمنى عامًا جديدًا مليئًا بالبهجة والسعادة والجمال، كل عام وأنتم بخير، وأخيرًا.. خالص الشكر والتقدير لفريق حابي الذي تعجز الكلمات أمامه دائمًا.

الرابط المختصر