فرانس 24 _ عشية خروج بريطانيا من السوق الأوروبية الموحدة، وقع مسؤولو الاتحاد الأوروبي الأربعاء الاتفاق المبرم مع لندن لمرحلة ما بعد بريكست فيما قال بوريس جونسون إن بلاده ستكون “أفضل صديق وحليف” للاتحاد.
طالع.. تركيا وبريطانيا توقعان اتفاق تجارة حرة لمرحلة ما بعد بريكست
ويصوت النواب البريطانيون الأربعاء على الاتفاق التجاري الذي سيحكم العلاقات بين لندن والاتحاد الأوروبي اثر خروج المملكة المتحدة منه نهائيا فيما يوقعه جونسون بالأحرف الأولى أيضا.
وخلال مراسم قصيرة في بروكسل، وقعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الاتفاق الذي سيدخل حيز التنفيذ الخميس عند الساعة 23,00 بتوقيت جرينتش.
وكتبت فون دير لايين في تغريدة “كان الطريق طويلا وحان الوقت الآن لترك بريسكت وراءنا. مستقبلنا يبنى في أوروبا”. ورحب ميشال ب”اتفاق عادل ومتوزان” مشيدا ب”الوحدة غير المسبوقة” التي أبدتها الدول الأعضاء في المفاوضات.
ويوقع بوريس جونسون الاتفاق في وقت لاحق في لندن بعد نقل الوثائق الموقعة من جانب المسؤولين الأوروبيين جوا بطائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني .
وقال جونسون أمام مجلس العموم البريطاني المجتمع لمناقشة الاتفاق الأربعاء إن بريطانيا ستصبح “جارة ودية وأفضل صديق وحليف يمكن للاتحاد الأوروبي الحصول عليه وسنعمل يدا بيد عندما تكون قيمنا ومصالحنا على تناغم مع احترام رغبة الشعب البريطاني السيد بالعيش في ظل قوانينه الخاصة”.
وإقرار الاتفاق الواقع في 1246 صفحة الذي ابرم عشية عيد الميلاد، مضمون لأن حكومة بوريس جونسون تتمتع بالغالبية في مجلس العموم. وبعد موافقة دول الاتحاد السبع والعشرين في مطلع الأسبوع، سيسمح إقرار النواب البريطانيين للاتفاق للطرفين بالمصادقة عليه في اللحظة الأخيرة مساء الخميس عند الساعة 23,00 في لندن وتوقيت غرينتش (منتصف الليل في بروكسل).
فبعد 47 عاما من تكامل أوروبي وأربع سنوات من التجاذبات اثر الاستفتاء حول بريكست، ستتوقف بريطانيا التي غادرت الاتحاد الأوروبي رسميا في 31 يناير الماضي، عن تطبيق القواعد الأوروبية.
وستخرج من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي وبرنامج “إيراسموس” للتبادل على صعيد الدراسة الجامعية.
وكان جونسون قال في بيان إن مشروع القانون المعروض على النواب “يظهر أن المملكة المتحدة يمكن أن تكون أوروبية وتتمتع بالسيادة” في آن.
وأضاف “سنفتح فصلا جديدا في حياة أمتنا وسنبرم اتفاقات تجارية مع أطراف مختلفة في العالم (..) وسنؤكد أن المملكة المتحدة هي قوة تعمل للخير العام ومنفتحة على الخارج وليبرالية”.
وأضطر النواب إلى قطع عطلة العيد ليعقدوا جلسة اعتبارا من الساعة 09,30 بتوقيت غرينتش. وسيناقش النص خلال ساعات قليلة قبل التصويت عليه مطلع بعد الظهر. ويأتي بعد ذلك دور مجلس اللواردات.
– وحدة مهددة –
تتمتع الحكومة المحافظة بغالبية واسعة في البرلمان فيما دعا زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر نوابه إلى إقرار الاتفاق رغم رفض جزء من حزب العمال له خوفا من تبعاته الاقتصادية والاجتماعية.
وفي معسكر المحافظين، بات نواب “يوربيين ريسرتش غروب” الأكثر تأييدا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يؤيدون الاتفاق معتبرين أنه “يحفظ السيادة البريطانية”.
ويعارض الاتفاق الحزب الوحدوي الديموقراطي الإيرلندي الشمالي المؤيد للبريكست لكنه يرفض الإجراءات الجمركية بين محافظة إيرلندا الشمالية البريطانية وبقية أرجاء المملكة المتحدة، فضلا عن الحزب الليبرالي الديموقراطي المؤيد للوحدة الأوروبية والحزب القومي الاسكتلندي المؤيد للاستقلال.
على الصعيد الأوروبي، أعطت دول الاتحاد الضوء الأخضر لتطبيق موقت للاتفاق بانتظار أن يوافق عليه النواب الأوروبيون في الربع الأول من العام 2021.
بعد خروجها من الاتحاد الأوربي في 31 يناير الماضي، باشرت بريطانيا مرحلة انتقالية استمرت خلالها تطبيق القواعد الأوروبي. واعتبارا من مساء الخميس ستكون بحل من كل هذه القواعد.
وبتوصلهما إلى اتفاق للتبادل الحر، تجنبت بروكسل ولندن تبعات صدمة كانت لتسجل لو لم يحصل ذلك مع اعتماد حواجز تجارية كانت لتكلف الطرفين ثمنا باهظا على صعيد الاقتصاد المتضرر أساسا جراء جائحة كوفيد-19.
فبوريس جونسون بغنى عن أزمة جديدة إذ باتت المستشفيات البريطانية شبه عاجزة عن استيعاب المزيد من المرضى فيما الإصابات تتسارع رغم الحجر المفروض على جزء كبير من السكان منذ اكتشاف سلاسة جديدة من الفيروس تنتشر عدواها بسرعة أكبر.
ومع هذا الاتفاق المبرم بعد مفاوضات شرسة استمرت لأشهر، سيوفر الاتحاد الأوروبي لبريطانيا إمكانية الوصول إلى سوقه التي تضم 450 مليون مستهلك من دون رسوم جمركية أو نظام حصص لكنه يحتفظ بحق فرض عقوبات وإجراءات تعويض في حال عدم احترام القواعد على صعيد مساعدات الدولة والبيئة وحق العمل والضرائب لتجنب أي إغراق للسوق.
إلا أن نهاية المرحلة الانتقالية يحمل تغيرا رئيسيا إذ أن عمليات التدقيق الجمركي عند الحدود ستلقي بثقلها على المبادلات فيما ستتوقف حرية التنقل للبرطيانيين ومواطني الاتحاد الأوروبي بين أراضي الطرفين.
وتشهد وحدة المملكة المتحدة تصدعا أيضا. ففي اسكتلندا التي صوتت بنسبة 62 % ضد الخروج من الاتحاد الأوروبي في 2016، تظهر نتائج استطلاعات الرأي أن غالبية من السكان باتت تؤيد الاستقلال الذي رفض العام 2015 في استفتاء أول.