علي عيسى: القطاع الخاص ينتظر مبادرات جديدة من الحكومة والمركزي بفائدة أقل من 8%
استمرار عمل الشركات ومنع توقفها أهم أهداف الجمعية في العام الحالي
بكر بهجت _ اجتماعات عديدة عقدتها جمعية رجال الأعمال المصريين على مدار العام الماضي، في مختلف القطاعات عبر اللجان التابعة لها، وذلك لتوفير متطلبات القطاع الاستثماري بالتزامن مع ظهور تداعيات جائحة كورونا والتي أثرت على الأنشطة الاستثمارية، ما جعلها حلقة الوصل بين القطاع الخاص والحكومة، الأمر الذي تخطط الجمعية لاستمراره خلال العام الجاري.
ومن هذا المنطلق كان لجريدة «حابي» هذا الحوار مع المهندس علي عيسى رئيس مجلس إدارة الجمعية، والذي كشف خلاله عن خطة الجمعية في العام الحالي وما الذي تركز عليه في ظل استمرار التداعيات ودخول الاقتصاد في الموجة الثانية من فيروس كورونا عالميًّا ومحليًّا وكيفية التعامل مع ذلك.
أكد عيسى أن أهم المحاور التي ترتكز عليها رؤية جمعية رجال الأعمال خلال العام الحالي، تتمثل في توفير حزم تحفيزية جديدة لشركات القطاع الخاص تمكنها من البقاء في السوق ومواصلة أعمالها، مشيرًا إلى أن البنك المركزي لا بد أن يقوم بإطلاق مبادرات على غرار ما تم إطلاقه خلال العام الماضي، ولكن بفائدة تقل عن 8% ولقطاعات أكثر، مع تمديد العمل بكل المبادرات التي أطلقت عقب ظهور الجائحة.
وأضاف أن المباحثات مع وزارة المالية فيما يتعلق بتقديم تيسيرات ضريبية وجمركية للشركات وصلت إلى مراحل متقدمة، ومن المقرر أن تبدأ الوزارة خلال الشهر الجاري في دراستها ووضع آلية للعمل بها، موضحًا أن الجمعية تعمل على تكثيف اجتماعاتها ولقاءاتها مع المسؤولين لحل جميع الأزمات التي يعاني منها المستثمرون، ومزيد من التفاصيل في سياق الحوار..
حابي: بداية.. ما الذي تركز عليه الجمعية في العام الحالي؟
عيسى: هو سؤال صعب ولكن يمكن تلخيص إجابته في جملة واحدة وهي «التركيز على البقاء»، حيث إنه في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المحلي والعالمي نتيجة الجائحة، فإن شغلنا الشاغل هو كيفية الحفاظ على وتيرة الإنتاج وعدم تسريح أي من العمال والاستمرار في صرف الرواتب مع استمرار دوران عجلة الإنتاج، وذلك هو الإنجاز الذي نسعى إلى تحقيقه، بما يعود بالنفع على الاقتصاد ككل وعلى مجتمع الأعمال.
حابي: وما المطلوب لتحقيق ذلك؟
عيسى: الشركات وحدها لن تكون قادرة على تحقيق ذلك ما لم تكن هناك مساندة من الحكومة، خاصة أن مثل هذا الوقت هو وقت تدخل الحكومات وإقرارها لسياسات تضمن استمرار شركات القطاع الخاص في العمل حتى لا تتضرر السوق بصورة كبيرة.
حابي: هل هناك قطاعات بعينها تركز عليها الجمعية؟
عيسى: في بداية العام الماضي كان تركيزنا على السياحة والعمل على رفع معدلاتها وزيادة الإشغال في الفنادق، إلا أن ظهور جائحة كورونا قضى على الاستراتيجيات كافة ودخل القطاع في مرحلة صعبة حاليًا نتيجة الإغلاق وتبعاته، ومن هنا يمكننا القول إن القطاع السياحي يمثل أولوية من خلال مساندة الشركات العاملة به، كما أن القطاع الإنتاجي بشكل عام والصناعة على وجه التحديد أصبحت في مرتبة متقدمة خلال الفترة الأخيرة نظرًا لدورها الكبير في توفير احتياجات الأسواق من جانب، ولتأثر قطاعات كبيرة منها بالأزمة من جانب آخر.
نمو الاقتصاد المصري قبل أزمة كورونا ساهم في امتصاص تبعات الجائحة
حابي: لماذا تختلف نظرتكم للاقتصاد خلال العام الحالي عن العام الماضي على الرغم من استمرار نفس التحديات؟
عيسى: التحديات نفسها موجودة ولكن وضع الاقتصاد مختلف، فقبل الجائحة كانت معدلات الاقتصاد المصري إيجابية للغاية ووصل النمو إلى نحو 5.6% والاحتياطي ارتفع بصورة كبيرة، كما أن الصادرات شهدت نموًّا، الأمر الذي ساهم في إعطاء دفعة كبيرة للاقتصاد في مواجهة التبعات الناجمة عن ظهور أزمة كورونا، بينما الآن فإن جميع الاقتصادات تدخل العام الجديد وهي متأثرة بتبعات الأزمة، الأمر الذي يعني أن الوضع سيكون صعبًا في حالة استمرار الجائحة، وهناك العديد من الشركات تنتظر المزيد من التأثر، ما يستوجب كما قلنا إطلاق حزم تحفيزية.
حابي: بصورة أكثر تحديدًا.. هل يمكنك أن تحدثنا عن الحزم التحفيزية التي يحتاج إليها القطاع الخاص حاليًا؟
عيسى: العمل على إعفاء عدة أنشطة إنتاجية من بعض الرسوم وأنواع الضرائب ولو لفترة محددة، وذلك بالتزامن مع تراجع القدرة الشرائية، وضعف الطلب، ما سيكون له أثر كبير على تحفيز الإنتاج حتى تتمكن الشركات من الاستمرار، والبنك المركزي لا بد أن يقدم مجموعة جديدة من المبادرات والقرارات التحفيزية، للقطاعات الإنتاجية وأن تكون بفائدة أقل من 8% ولقطاعات أوسع، وذلك خلال وقت الأزمة.
حابي: نفهم من ذلك أن الفائدة المخفضة التي تم إطلاق المبادرات بها والباغة 8% غير كافية؟
عيسى: نعم غير كافية في ظل هذه الظروف، وأنا لا أطلب خفض الفائدة للإيداع والاقراض، وإنما خفض فائدة المبادرات وذلك خلال وقت الأزمة في صورة حزم تحفيزية ومبادرات للقطاع الإنتاجي ككل، مع صرف مستحقات القطاع التصديري كافة بشكل أكثر سرعة.
حابي: بالحديث عن الملف التصديري.. إلى أين تتجه الصادرات خلال العام الجاري؟
عيسى: هذا التساؤل يطرحه كثير من المصدرين والمنتجين عدة مرات يوميًّا، وليس هناك إجابة محددة لأن ذلك يعتمد على عدة محاور أبرزها الحالة الصحية في الدول وما قد يترتب عليها من إغلاق أو فتح الأبواب أمام المنتجات لدخولها، نظرًا لأن الإغلاق في الدول ينتج عنه تقليل الاستهلاك وبالتالي انخفاض معدلات التصدير إليها، ومن هنا فإن الرؤية المستقبلية الخاصة بالصادرات غير واضحة لأن الأسس الخاصة بها لا تزال غامضة، ولكن بصورة عامة فإنه في حال استمرار الوضع على ما هو عليه الآن فإنه بالقطع سيكون هناك انكماش في الصادرات المصرية.
الكيماويات ومواد البناء والأغذية المصنعة عززت نمو الصادرات في 2020
حابي: وما تقييمك للوضع في 2020؟
عيسى: الوضع في 2020 كان إيجابيًّا، وهناك زيادة في صادرات العديد من القطاعات الأخرى، ولكن في الإجمالي فإن هناك نموًّا وخاصة في مواد البناء والكيماويات التي ارتفعت بصورة ملموسة وبعض أنواع الأغذية المصنعة، ما خفف من التأثير على التصدير ككل، وذلك يرجع إلى التعافي الذي كان يعاني منه القطاع التصدير قبل الأزمة، والنمو الذي شهده القطاع المصري.
حابي: باعتبارك أحد أبرز الأسماء العاملة في مجال الحاصلات الزراعية، نريد أن نعرف وضع ذلك القطاع خلال الفترة الحالية ومدى تأثر التعاقدات به؟
عيسى: التعاقدات في قطاع الحاصلات الزراعية تعتمد على وضع السوق في الحاضر وليس في المستقبل، إذ إن هذا القطاع يلبي احتياجات الأسواق بصورة فورية، وذلك للمرونة التي تتمتع بها مصر، ففي حالة وجود نقص لدى أي دولة في محصول معين سواء كانت تستورده من أي مكان آخر، فإن مصر لديها القدرة على تلبية ذلك الطلب، وعلى سبيل المثال فإن احتياجات السعودية يمكن توفيرها خلال 48 ساعة من طلبها، ويمكن للمنتجات أن تكون موجودة في موانئ دول أوروبا وخاصة جنوب إيطاليا وجنوب فرنسا، خلال 4 أو 5 أيام بحد أقصى.
توقف السياحة والمصانع والمدارس والمطاعم سبب أزمة تصدير البطاطس
حابي: من الواضح أن القطاع الزراعي نجح في تجاوز تبعات كورونا، ولكن ما السبب وراء أزمة مصدري البطاطس؟
عيسى: أزمة البطاطس ترجع إلى أنه مع الإغلاق فإن استهلاكها انخفض بصورة كبيرة لأنها تعتمد على الحركة في الشارع والأسواق، وعلى السياحة والمطاعم والمدارس والمصانع، الأمر الذي أدى إلى توقف الطلب عليها لحين عودة تلك الأنشطة إلى العمل مرة أخرى.
حابي: هل تغيرت النظرة لدى القطاع الاستثماري بعد ظهور اللقاحات؟
عيسى: ظهور اللقاحات أمر إيجابي جدًّا على المستوى الاجتماعي، ولكن بنظرة استثمارية فإننا لا نعلم متى سيتم انتهاء الأزمة بشكل محدد، وما هو الوقت الذي يمكن أن يتم خلاله تطعيم معظم الشعوب، وهو ما يعني شبه انتهاء للأزمة، ولكن ما نراه فعليًّا هو أنه بعد انتهاء الوباء فإن هناك تعطشًا كبيرًا للاستهلاك لدى المجتمعات كافة، وهو ما سيكون له دور كبير في نشاط كل القطاعات، ولحين حدوث ذلك فإن المخاوف ستظل مستمرة.
وزارة المالية تبدأ الشهر الجاري دراسة التيسيرات الضريبة على المستثمرين
حابي: إلى أين وصلت الجمعية في ملف المحادثات مع وزارة الماية حول التيسيرات اللازمة للمستثمرين؟
عيسى: عقدنا عدة اجتماعات مع وزارة المالية للمطالبة بالإعفاء من عدة رسوم وأنواع من الضرائب، وتم رفع عدة مذكرات وخطابات بهذا الصدد، ونطالب رئيس الوزراء بتبني تلك النقاط الهامة، وذلك على غرار مبادرة الصرف الفوري لمستحقات المصدرين والتي ساهمت في عودة عدة شركات بالقطاع التصديري للعمل، وكثير من شركات القطاع الزراعي وخاصة المنخرطة في تصدير البطاطس كانت على وشك الإفلاس وصرف متأخراتها ساهم في إعادتها للعمل مرة أخرى.
حابي: وإلى أين وصلنا تحديدًا مع وزارة المالية؟
عيسى: الوزارة من المتفق عليه أن تبدأ خلال الشهر الجاري في مناقشة آلية تطبيق تلك الإعفاءات ووضع خطة لها، ووفق ما أعلناه مؤخرًا فإن وزير المالية الدكتور محمد معيط، وعد الجمعية بدراسة المقترحات المقدمة بشأن اللائحة التنفيذية لقانون الجمارك، وعدم صدور اللائحة إلا بموافقة الجمعية وعقد مناقشات معها للتوافق بشأنها.
كما وعد الوزير بالنظر في مطالب المستثمرين السياحيين بشأن سداد «3 شهور مرتبات تأمين» من صندوق الطوارئ، والسماح باستخدام المصريين للسيارات الليموزين التي عليها حظر جمركي لتنشيط السياحة الداخلية، وكذلك وقف الضريبة العقارية على المنشآت السياحية والصناعية حتى نهاية العام.
3 مليارات جنيه متأخرات الحاصلات الزراعية والشركات بدأت في الصرف
حابي: بالعودة إلى ملف التصدير، كم تصل قيمة متأخرات المصدرين في قطاع الحاصلات الزراعية؟
عيسى: متأخرات قطاع الحاصلات الزراعية كانت في حدود 3 مليارات جنيه تم صرف جزء منها، ونعمل حاليًا على حصر المتأخرات الخاصة بالعام المالي المنصرم، وذلك نظرًا لاستخلاص شهادات وأوراق من الجمارك.