صندوق النقد: السياسات الاحترازية الكلية تلعب دورا هاما لمواجهة مخاطر الاستقرار المالي

aiBANK

حابي – رصد تقرير الاستقرار المالي العالمي، الصادر عن صندوق النقد الدولي، في الفصل الثاني الذي جاء بعنوان “سياسات تيسير الأوضاع المالية، وتزايد الاعتماد على الرافعة المالية، ومخاطر عدم الاستقرار المالي الكلي” عدد من المتغيرات والتطورات التي شهدها الاقتصاد العالمي في ظل جائحة كورونا.

وأكد أن القطاع غير المالي دخل في أزمة جائحة COVID-19 بمستويات عالية من الرافعة المالية، وذلك على خلفية المبالغة في انتهاج سياسات نقدية توسعية للبنوك المركزية الكبرى منذ الأزمة المالية العالمية.

E-Bank

وزادت ديون القطاع غير المالي في جميع أنحاء العالم من 138% إلى 152% من إجمالي الناتج المحلي خلال العقد المنتهي بعام 2019، وبينما بلغت مستوى قياسي بنسبة 91% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2019 للقطاع غير المالي في كل من اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة.

وأضاف أن ديون الأسر شهدت ارتفاع بشكل حاد في الاقتصادات الناشئة وانخفاض في الاقتصادات المتقدمة، حيث بلغت 60% على مستوى العالم في نهاية عام 2019.

وأدت الأزمة إلى تقليص التدفقات النقدية لقطاع الشركات، وما صاحب ذلك من تأثير سلبي على معدلات التوظيف، وبالتالي زادت الاحتياجات التمويلية للأسر.

وأشار إلى أن الدعم غير المسبوق للسياسة النقدية والمالية الذي تم إطلاقه خلال مرحلة احتواء الوباء، أدى إلى تخفيف الخلل الوظيفي في السوق، وتخفيف الأوضاع المالية، والحفاظ على تدفق الائتمان إلى الأسر والشركات، إلا أنه جاء على حساب المستويات المتزايدة للديون في معظم الاقتصادات، إذ زادت ديون الشركات غير المالية العالمية وديون أصحابها بمقدار 11% و5% من الناتج المحلي الإجمالي، على التوالي بين نهايتي عام 2019 والربع الثالث من عام 2020.

ولفت إلى مساهمة الانخفاضات الحادة في الإنتاج، لا سيما في الأسواق الناشئة، في الزيادات الأخيرة في مستويات الديون ونسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال أزمة COVID-19.

وأضاف أنه في حين أن سياسات تيسير الأوضاع المالية لا تزال مطلوبة لدعم التعافي الذي لا يزال في بدايته، فإنها قد تسفر عن زيادة تراكم الرافعة المالية وتفاقم مخاطر تدهور النشاط الاقتصادي في المستقبل.

وفي ضوء ما تقدم، ونتائج التحليل الاقتصادي القياسي لبيانات سنوية لعينة من 29 اقتصادًا (19 متقدمًا + 10 ناشئة) بغرض التحقق من الآثار المترتبة على المستويات الحالية المرتفعة للرافعة المالية، وتحديد المخاطر المحتملة على الاستقرار المالي الكلي التي قد تنشأ عن ارتفاع معدلات الائتمان، تمكن التقرير من الرد على ثلاثة استفسارات رئيسية، كما يلي:

1) كيف تؤثر الظروف المالية على الرافعة المالية:

أظهر التحليل التجريبي أن الظروف المالية الأكثر مرونة ترتبط بالفعل بزيادة في الرافعة المالية للقطاع غير المالي على المدى القصير والمتوسط.

ففي كافة اقتصادات العينة، وجد أن تيسير الأوضاع المالية بمقدار وحدة واحدة على مدى ثلاث سنوات يتبعه زيادة في ديون الشركات غير المالية بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي، والرافعة المالية للأسر بمقدار 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى ثلاث سنوات.

وبشكل عام، تشير هذه النتائج إلى أن تيسير الاوضاع المالية يرتبط بتراكم أسرع للرافعة المالية، وأن هذا الارتباط يصبح أقوى في أوقات النمو الائتماني المرتفع.

2) ما هي آثار الرافعة المالية على الاستقرار المالي:

تظهر نتائج الدراسة أن مخاطر الاستقرار المالي التي تنعكس على مخاطر تدهور النشاط الاقتصادي على المدى المتوسط تميل إلى أن تتضخم بسبب سياسات التيسير المالي وسرعة تنامي الرافعة المالية لكل من الشركات غير المالية والأسر، ولذا، يحتاج صانعو السياسات إلى البقاء على دراية بمخاطر الاستقرار المالي في مرحلة ما بعد التعافي من الوباء.

3) هل يمكن للسياسات الاحترازية الكلية أن تساعد على معالجة المفاضلة بين خيارين:

في ظل مواجهة صانعوا السياسة ضرورة المفاضلة بين الاستمرار في الحد من التداعيات السلبية الناتجة عن الوباء أو الحماية من تصاعد مخاطر الاستقرار المالي في المستقبل، يمكن توظيف الأدوات الاحترازية الكلية للتغلب على الآثار السلبية وتعزيز المرونة، وذلك من خلال، استهداف المقترضين أو المقرضين، حيث يمكن تطبيق إجراءات أهلية المقترضين أو استهداف حدود للسيولة في البنوك.

كما تشير النتائج أيضا إلى أن التشديد الاحترازي الكلي يمكن أن يساعد في تعويض تدهور النشاط الاقتصادي الذي قد يحدث على المدى المتوسط المرتبط بتيسير الأوضاع المالية.

وهو ما يشير إلى أن السياسات الاحترازية الكلية تلعب دورين مهمين فيما يتعلق بمخاطر الاستقرار المالي، أولهما، يساعد تشديد الإجراءات المستهدفة على تخفيف أو حتى انعكاس تراكم الرافعة المالية، لا سيما أثناء فترات ازدهار الائتمان، وثانيهما، يساهم التشديد العام في التخفيف من المفاضلة، إما من خلال تقليل مخاطر الجانب السلبي بشكل مباشر أو مواجهة المخاطر الناتجة عن التيسير المالي عندما تنمو الرافعة المالية بسرعة.

أما عن التوقيت الملائم لتوظيف الأدوات الاحترازية الكلية، فينبغي أن يتحدد حسب ظروف كل دولة على حدة، حيث يعتمد بدرجة كبيرة على وتيرة التعافي، ومواطن الضعف فيما بعد الأزمة، ومجموعة أدوات السياسة المتاحة لصناع السياسات، ولكن نظرا لإمكانية وجود فواصل زمنية بين تفعيل هذه الأدوات وتحقق أثرها الكامل، فينبغي أن يبادر صناع السياسات باتخاذ إجراءات مبكرة لتشديد بعض الأدوات الاحترازية الكلية بغية التصدي لمواطن الضعف المالي المتزايدة.

وبحسب التقرير يؤكد الاعتماد المتزايد على توظيف الأدوات الاحترازية الكلية للتخفيف من مخاطر الاستقرار المالي، على أهمية الحد من التسربات المحتملة، مما يضعف فعالية هذه الأدوات وذلك مع انتقال التمويل بشكل متزايد من البنوك إلى المؤسسات المالية غير المصرفية. وبالتالي، ينبغي بذل الجهود بشكل عاجل لمواصلة تطوير مجموعة أدوات للوسطاء الماليين غير المصرفيين، نظرًا للتحديات التي تواجه تصميم وتفعيل الأدوات الاحترازية الكلية ضمن الأطر الحالية.

الرابط المختصر