حابي – ناقشت أولى جلسات مؤتمر حابي في دورته الثالثة كيفية استفادة القطاع الخاص من المشروعات الكبرى التي تطرحها الدولة على غرار مشروع تطوير الريف، وكذلك مبادرات التمويل.
أدار الجلسة هاني توفيق الخبير الاقتصادي والرئيس السابق لجمعيتي الاستثمار المباشر المصرية والعربية، وأكد في البداية أن الجلسة ستسلط الضوء على المشروعات الكبرى المتاحة ودور الاستثمار المحلي والمسؤولين عنه في المساهمة بترويج وتنشيط تشغيل تلك المشروعات في مصر .
ووجه توفيق طلبًا إلى أيمن سليمان الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي لتوضيح فكرة الصندوق وعلاقته بالدولة والقطاع الخاص، والمواصفات المطلوبة في الشريك المرتقب.
وطلب توفيق من الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي أن يوضح علاقة الصندوق بالبورصة، قائلًا: «سمعنا عن دخول الصندوق السيادي في مبادرة لتنشيط البورصة» متسائلًا حول صحة تلك المعلومة لينفي سليمان، ويرحب مدير الجلسة بنفي المعلومة من قبل رئيس الصندوق السيادي.
وأكمل توفيق حديثه بالإشارة إلى أن البورصة لا تنشط بالاستثمار المباشر بها من الحكومة، وإنما بتعويم وتنشيط وتحفيز الشركات المتداولة بالفعل، وأن الدخول المباشر إلى البورصة لتنشيطها بالشراء والبيع يساعد على خروج مستثمر، وفي المقابل لو قامت بنوك الاستثمار مثل هيرميس وفاروس وبلتون وغيرها بترشيح 10 شركات مدرجة قابلة للتعويم وتتطلب بعض السيولة عبر الدخول في رؤوس أموالها سيحافظ ذلك على العمال ويتوجه بها إلى الربحية ويقبل عليها المستثمرون وبالتالي تنشط السوق.
وأجاب أيمن سليمان الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، موضحًا أن الغرض من الصندوق أن يكون شريكًا في جذب رؤوس أموال من القطاع الخاص ودمجه بشكل أكبر، بما يخلق شراكات جديدة على مجموعة أصول مختلفة، وهذه الأصول ليست فقط مبنى أو قطعة أرض ولكن تشمل أيضًا تأسيس شركات، مبينًا أن هذا الغرض يهدف إلى تعظيم دور القطاع الخاص وخلق مشاركات مميزة وموثوقة مع مستثمرين يدخلون السوق المصري لأول مرة أو فتح مجالات جديدة للاستثمار ، لا سيما أن الطرفين يهدفان للربح.
البورصة بحاجة إلى أوراق مالية جديدة.. ولا نخطط للاستثمار المباشر فيها
وأردف سليمان: «هناك تصنيفات مختلفة من الممكن للصندوق طرحها كمنتجات استثمارية جديدة تتاح لأول مرة في مصر، ونحن كصندوق نحاول التفرد بهذه الفرص كمساهم ومستثمر وليس كمروج لها فقط، مثل مجموعة الأصول المتميزة المطروحة من قبل جهاز مشروعات الخدمة الوطنية».
وأضاف سليمان: «الصندوق نظر إلى مجموعة أصول جهاز مشروعات الخدمة الوطنية كمستثمر ونستهدف حصة أقلية ويتم ترويج حصة أغلبية لمستثمر استراتيجي يكون المشغل لهذا الأصل لتعظيم قيمته وخلق شراكة مربحة».
وانتقل سليمان لتوضيح علاقة الصندوق السيادي بالبورصة، قائلًا: الصندوق لا يستهدف البورصة كمستثمر، وأن كل الشركات التي يتستثمر فيها يدخلها كمستثمر من القطاع خاص ومن المحتمل رفض الشريك المرتقب طرح الشركة الجديدة في البورصة، مشيرًا إلى إمكانية التخارج من بعض الاستثمارات القائمة عبر طرح حصة الصندوق في البورصة.
وأضاف سليمان، أن تغذية البورصة بأوراق مالية جديدة أو نوعيات جديدة من الشركات يعتبر في حد ذاته إضافة للبورصة المصرية ويساعد على توسيع قاعدة ملكية بعض هذه الشركات.
وفيما يخص الصندوق، أوضح سليمان أن رأسماله المرخص به 200 مليار جنيه، ومن المستهدف وصوله إلى تريليون جنيه وفق توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، مضيفًا أن الوصول إلى هذا المبلغ يتطلب توسيع قاعدة أصول الصندوق، وبشكل خاص يستهدف الصندوق أصول البنية الأساسية لأن قيمتها عالية جدًّا مما يفقز برأس المال.
وقاطع مدير الجلسة رئيس الصندوق السيادي متسائلًا حول القطاعات أو نصيب الشريك المرتقب للصندوق، ليجيبه سليمان قائلًا: لا يوجد أي حد أدنى لحجم الشريك المرتقب ولكن الطاقة الاستيعابية لفريق العمل يحددها اللجوء إلى مدير أصول واستثمار متخصصين في بعض القطاعات.
وضرب الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي مثالًا بالتحالف مع «EFG Herms» التي تمتلك صندوق استثمار متخصص في التعليم، مشيرًا إلى أن بعض القطاعات يتم الاستثمار فيها مباشرة عن طريق صناديق فرعية مثل الاستثمار العقاري بما لا يزاحم القطاع الخاص بإعادة استغلال الأصول العقارية للصندوق أو إدارة المناطق السياحية.
ووجه هاني توفيق سؤاله إلى كريم عوض الرئيس التنفيذي للمجموعة المالية هيرميس القابضة، حول دور بنوك الاستثمار خلال الفترة المقبلة لا سيما فيما يخص تنشيط الاستثمار المباشر أو سوق المال وطرح شركات جديدة، وهل تجد بنوك الاستثمار استجابة لتذليل المعوقات، مشيرًا إلى إعلان الرئيس السيسي منذ عامين طرح شركات الدولة في البورصة، وإذا كان قد تم التواصل مع هيرميس حول طرح تلك الشركات، مع النظر إلى شكوى المستثمرين من مزاحمة الدولة لهم في قطاعات كالأسمنت والذي كان ضرورة في وقت سابق ولا حاجة لذلك الآن، وتساءل أيضًا حول رؤية المستثمرين العرب والأجانب لدخول السوق المصري وفقًا للمجموعة المالية هيرميس التي تعد من أكبر بنوك الاستثمار في المنطقة.
عزوف الأجانب عن الاستثمار في البورصة المصرية السبب في الأداء الباهت مؤخرًا
وأجاب كريم عوض، مؤكدًا أن الترويج للاستثمار في مصر دور رئيسي للمجموعة المالية هيرميس رغم تواجدها في 13 دولة أخرى، وأن الفترة الماضية تلقت المجموعة استفسارات عدة من المستثمرين العرب خاصة الإمارات والسعودية حول الفرص المتاحة في مصر.
وأكد أن المستثمرين العرب يرون في السوق المصري مجالًا واعدًا للاستثمار لعدة أسباب أبرزها التعداد السكاني الكبير وحجم الاقتصاد نفسه، مشيرًا إلى دخول بنوك عربية السوق المصرية مؤخرًا.
مكاسب وزارة المالية من «ضريبة الدمغة» أعلى من «الرأسمالية» حال تطبيقها
وبرر رئيس المجموعة المالية هيرميس عزوف بعض المستثمرين لا سيما الأجانب منهم عن البورصة المصرية بأن حجم الشركات المدرجة ليس كبيرًا بالدرجة الكافية، وحاليًا البنك التجاري الدولي نحو 4.5 مليار دولار وهي الشركة الوحيدة التي ينظر إليها الأجانب ويستثمرون في أسهمها، ومؤخرًا بزغت شركة فوري لحجمها الكبير في مجال مهم مثل المدفوعات.
وتأسف رئيس المجموعة المالية هيرميس على صغر الطروحات الجديدة التي تصل 50 و60 مليون دولار، موضحًا أن الحل الوحيد لتلك المشكلة طرح بعض الشركات الحكومية نظرًا لحجمها الكبير.
مصر لديها أعلى سعر حقيقي للفائدة
وقاطعه مدير الجلسة، بالإشارة إلى مشكلتين، الأولى في الاستثمار الأجنبي المباشر، والبورصة المصرية، فبمقارنة العقد السابق مع الحالي نجد انخفاضًا في عدد الشركات المقيدة، وحجم التداول، ويجب أن نستنسخ فترة بداية الألفية الثالثة ومقارنتها بالأوضاع الحالية للوصول إلى إجابة «ماذا حدث؟».
نوه توفيق إلى مفارقة بين مطلع الألفية الذي شهد تقديم حوافز ضريبية للقيد في البورصة، تم حذفها حاليًا، وبين ما أصبح الوضع عليه من ارتفاع تكلفة التداول، وفرض ضرائب الدمغة، والحديث عن ضريبة الأرباح الرأسمالية، وتساءل عما إذا كانت المتعاملون في السوق يملكون آليات للتواصل مع الجهات الحكومية بشأن مخاوفهم، خاصة بعد انخفاض حجم التداول اليومي 90% خلال الـ20 عامًا الماضية.
الترويج للفرص المصرية دور رئيسي للمجموعة واهتمام عربي كبير مؤخرًا
وقال عوض، إنه وقت الحديث عن ضريبة الأرباح الرأسمالية، دعا «وزير المالية» عددًا كبيرًا من المتعاملين في سوق المال وطلب منهم الاجتماع لإبداء الرأي في هذا الشأن، وكان الرأي الغالب هو أنها ستنعكس سلبًا على السوق، ليس بسبب دفع الضريبة على الشركات، ولكن لصعوبة تطبيقها في السوق المصري.
أضاف الرئيس التنفيذي للمجموعة المالية هيرميس القابضة: أبدى وزير المالية التعاون، وأشار إلى تأجيلها 3 سنوات والاكتفاء بتطبيق ضريبة الدمغة، وكان ذلك حلًّا وسطًا بين الطرفين.
رد هاني توفيق على ذلك، بأن مكاسب وزارة المالية من ضريبة الدمغة أعلى مما كانت ستجنيه من ضريبة الأرباح الرأس مالية، إذ سيتم تحصيل الأخيرة حال المكسب فقط، وباعتبار أن أغلب الشركات تتكبد خسارة، فضريبة الدمغة ستُحصل حال المكسب أو الخسارة.
وقال عوض: على المستوى الشخصي، أرى أن المشكلة الأساسية في البورصة المصرية الفترة الحالية هي عزوف الأجانب، ومهما ارتفعت قيمة السيولة من المستثمرين الأفراد، فاستثمارات الأجانب تستطيع تغيير الوضع بقوة.
ثم انتقل هاني توفيق إلى سؤال يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس البنك الأهلي المصري، عن تأثير أزمة تفشي فيروس كورونا على أعمال البنك، سواء عن طريق الديون المتعثرة في قطاعات السياحة والصحة بالأخص، والقطاعات الأخرى بشكل عام، وأيضًا تأثير المبادرات التي يطلقها البنك ضمن إجراءات الدولة للحد من تبعات الفيروس، وما دور البنك في المشروعات الجديدة، هل سيقتصر على التمويل فقط، أم يمكن المشاركة في رؤوس الأموال إذ إن البعض بالتأكيد سيحتاج إلى مشاركة؟
القطاع المصرفي لا يملك رفاهية تركيز التمويل على قطاع دون غيره
وأضاف: أرى شخصيًّا أن مصر لديها أعلى سعر فائدة حقيقي، وحال تخفيض سعر الفائدة لتشجيع الاستثمار، نجد أن فئة كبيرة في مصر تعتمد على الفوائد المرتفعة.
وتابع: الفرد الطبيعي يقترض بسعر فائدة 12 و13%، في حين أن التضخم 4% فقط، وهو فارق معوق للاستثمار بالتأكيد.
وقال يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس البنك الأهلي، إن دور القطاع المصرفي كان متواجدًا في الفترة الماضية وسيظل متواجدًا الفترة المقبلة، ليس على مستوى المشروعات الكبيرة، لكن على القطاعات كافة، ولا يملك القطاع المصرفي رفاهية التركيز على قطاع دون آخر.
وأكد أبو الفتوح أن المبادرات التي أطلقها البنك المركزي الفترة الماضية، بداية من مبادرة الـ5% فائدة للمشروعات الصغيرة، و8% لقطاعات السياحة والصناعة والزراعة والمقاولات غطت نسبة كبيرة من القطاعات الاقتصادية المختلفة، وبالتالي قللت من حدة الأزمة، فالاقتراض بفائدة 8% وتوفير عائد للأفراد 11% تمثل معادلة صعبة يتحملها حتى الآن البنك المركزي عن طيب خاطر، لكن بالنظر إلى البنك الأهلي سنجد أن الأرقام بها نمو في المجالات كافة باستثناء الربحية.
100 مليار جنيه حصة مشروعات الـ«SME’s» في محفظة «البنك الأهلي»
وقدر أبو الفتوح حجم محفظة تمويلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبنك الأهلي بنحو 100 مليار جنيه، وستبلغ محفظة التمويلات الإجمالية إلى تريليون جنيه للمرة الأولى بالقطاع خلال شهر أو أكثر، حاليًا 950 مليار جنيه.
وأضاف أن نسب التعثر الناتجة عن تأجيلات سداد القروض لمدة 6 أشهر ضمن إجراءات كورونا الاحترازية ليست ضخمة كما يظن البعض، لكن توجد تأجيلات للسداد أو تأخر، وليس تعثرًا.
وتابع نائب رئيس البنك الأهلي: الوقوف بجانب القطاعات الإنتاجية مثل الحديد والأسمنت اللذين حصلا على خفض في تكلفة أسعار الطاقة وانخفاض أسعار الفائدة من 20 إلى 8% لن يظهر في 2020 بالتأكيد، وحاليًا نرى تحسنًا في نتائج قطاعات عدة، ومنها الأسمنت، وحاليًا نقسط أسعار الغاز لقطاع السيراميك.
وأكمل أبو الفتوح حديثه معربًا عن أمله في تحسن الوضع العام المقبل مع انقضاء أزمة فيروس كورونا، وعودة القطاع السياحي للانتعاش، لكن في الوقت نفسه أشار إلى العمل على خطة التنمية، خاصة على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتصل المساهمات إلى المشاركة في رؤوس الأموال، ما دعا البنك للعمل مع الصناديق، وبالفعل أبرم اتفاقًا مع صندوق يهتم بالتكنولوجيا المالية.
أضاف: شاركنا في أكبر استثمار أجنبي مباشر في مصر بمحافظة المنيا على مساحة 180 ألف فدان، ومشروع أكبر مصنع سكر في العالم، وهو مشروع شجع الكثيرين على المشاركة به، وأيضًا مشروع مستقبل مصر الزراعي على مساحة 1.5 مليون فدان في الضبعة، والمشاركة في مشروعات الري الحديث.
وقال إن متوسط معدل توظيف الودائع في مصر والبنك الأهلي يبلغ 50%، وذلك له مزايا وعيوب، والقطاع يمر باختبارات ضغط منذ 2008، لكن السيولة جيدة في مثل هذه الأوضاع، رغم أنها لا تُساعد على الربحية، وبالمقارنة بدول مثل الإمارات التي تصل فيها النسبة 120% تتضح الصورة.
وأضاف: رغم ذلك لدينا فرصة قوية للوصول إلى 65 أو 70% الفترة المقبلة، ونأمل في إيجاد الكثير من المستثمرين والمشروعات لزيادتها.
وعبر هاني توفيق، عن آماله في انخفاض سعر الفائدة الحقيقي، ما سيغير الاستثمار في أدوات الدين.
وجه توفيق حديثة إلى الدكتور شريف الخولي، الشريك والرئيس الإقليمي لمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط بشركة أكتيس للاستثمار المباشر، عن القطاعات المحفزة للمجموعة، وما هي أبرز المشروعات التي يمكن أن تشارك بها بعد الدخول في شركة «فوري» ثم الخروج منها، وهل لديها مخاوف من المشاركة مع الحكومة، أو مطالب مُحددة تحتاج لرؤيتها على أرض الواقع قبل الدخول.
دخلنا مصر قبل 19 عامًا بسبب الحوافز الاستثمارية التي قُدمت وقتها
وقال الخولي: الشركة تعمل في مصر منذ 19 عامًا، كشركة متخصصة في الاستثمار بالأسواق الناشئة في دول العالم، وتواجدت بشكل قوي في مصر منذ 2002 بسبب الجدوى الاستثمارية التي رأتها وقتها، وبلغت استثمارات الشركة نحو مليار دولار في مصر بقطاعات عدة منها الخدمات المالية والأغذية والطاقة والصناعات الثقيلة.
أضاف: الفترة الحالية، مصر تُقدم فرصًا استثمارية واعدة، وأعتقد أن أبرز الدروس المستفادة من أزمة فيروس كورونا هو الحاجة للمزيد من التطوير في مشروعات البنية الأساسية والاجتماعية، وتحديدًا مشروعات الطاقة والمياه فيما يتعلق بالبنية التحتية.
تابع الشريك والرئيس الإقليمي بأكتيس للاستثمار المباشر: الاستثمار ناجح في المشروعات الخاصة بالبنية الاجتماعية خاصة الخدمات الصحية والتعليم، فمع النمو السكاني في مصر سيكونان قطاعات جاذبة للاستثمار بشكل قوي.
وأشار إلى الضغوط التي شهدها قطاع الصحة منذ بداية أزمة كورونا، ولن يكون الحل الأفضل هو إضافة مستشفيات جديدة فقط، بل يجب الاهتمام بالمؤسسات العلاجية الحكومية القائمة حاليًا، وإتاحة الفرص لذوي الخبرة من القطاع الخاص للتطوير.
نوه الخولي، بالطفرة التي شهدتها البنية الأساسية في قطاع مثل الكهرباء في الـ5 سنوات الماضية، ليس فقط على قدرات الإنتاج، ولكن في تنويع مصادر الإنتاج، ومصر ضربت مثالًا يحتذى به عالميًّا في الإنتاج من الطاقة الشمسية بقدرة 1500 ميجا وات في بنبان بأسوان، كأكبر محطة طاقة شمسية مجمعة في العالم.
وأضاف: فتح الباب أمام استثمارات القطاع الخاص في تطوير محطات الرياح التي تستخدم تكنولوجيا قديمة منذ عشرين عامًا تقريبًا، سيجذب الكثير من الاستثمارات، وسيدعم قدرة الدولة على توفير الطاقة من مصادر متنوعة.
وثمن دور الصندوق السيادي كهمزة وصل بين الحكومة والقطاع الخاص، لإتاحة الفرص المناسبة والدخول فيها كشريك رئيسي مع باقي المستثمرين.
ثم وجه هاني توفيق تساؤلًا عن أبرز المشاكل التي تواجهها الشركة، أو كمستثمر مباشر في مصر؟
ليجيب الخولي قائلًا، إنه مما لا شك أن بعض الأوقات تشهد تغيرات للقواعد المنظمة للسوق، تُسبب تخوف المستثمرين من دخول السوق، لكن نسبيًّا اعتادت الشركة على ذلك نظرًا لتواجدها القديم في مصر.
وأوضح: حاليًا نحن في حاجة لتطوير التعليم العالي خارج نطاق القاهرة الكبرى، بإتاحة الفرصة أمام الجامعات الخاصة في مناطق الصعيد ومحافظات الدلتا، لكن قانونًا جديدًا وضع إجراءات احترازية على الدخول في هذا الاستثمار بسبب الإلزام بالحصول على الموافقة المسبقة لتنفيذ الخطة، وهذا لا يبعث رسالة إيجابية عن انفتاح السوق ورغبة الدولة في دخول المستثمرين الأجانب، فوجود التغيرات الجوهرية بتلك الصورة ليس الأفضل.
ولفت الخولي إلى أن أسرع طريق لرفع كفاءة القطاع الصحي والاستثمار في تطويره ليس فقط إضافة مستشفيات جديدة، وإنما هناك ما يعرف بالمؤسسات العلاجية، فإتاحة الفرصة لتطويرها وإشراك القطاع الخاص فيها سيكون له دور كبير لتدوير عجلة الاستثمار في هذا القطاع.
وأوضح أن هناك طفرة في قطاع الكهرباء بالسنوات الخمس الماضية ليس فقط من القدرة الكهربائية التوليدية وإنما في تنويع مصادر الطاقة ومصر ضربت مثالًا ممتازًا عن طريق مجمع بنبان والذي يتضمن أكبر محطة طاقة شمسية مجمعة في العالم، مشيرًا إلى ضرورة الاستمرار في تنويع مصادر الطاقة وإشراك القطاع الخاص في رفع الكفاءة أيضًا وليس في المشروعات والمحطات الجديدة فقط، مثل تطوير مشروعات مزارع الرياح خاصة وان التكنولوجيا التي تعمل بها مر عليها 15 أو 20 عامًا وفي خلال هذه الفترة شهد العالم طفرة كبيرة في ذلك المجال، ما يفتح الباب أمام مستثمري القطاع الخاص للدخول إلى ذلك القطاع والمساعدة في رفع الكفاءة، ما سيكون له جدوى استثمارية وعائد كبير للدولة.
وتابع: هنا يأتي دور الصندوق السيادي والذي يعتبر همزة الوصل بين المستثمرين والدولة، لإتاحة تلك الفرص والدخول كشريك رئيسي إلى تلك المشروعات.
وعاد الحديث موجهًا حديثه إلى المهندس أحمد السويدي رئيس مجموعة السويدي إلكتريك، أن السويدي يعمل في الكهرباء وخرج إلى إفريقيا وتوسع بالخارج والشركة أداؤها رائع ولكن نحتاج إلى التعرف على المعوقات التي تواجه الشركة وما الذي يمكن أن يقدمه للمشروعات الكبرى، وما إذا كانت هناك مشكلات تواجهه؟
المجموعة تصدر أكثر من نصف إنتاجها لأوروبا
وقال السويدي، إن الشركة القابضة في مصر وتستثمر في الصناعة المقاولات والكهرباء والطاقة الشمسية في نحو 50 بلدًا حول العالم في إفريقيا وأوروبا والخليج، ومصر هي الأفضل في الاستثمار كأداء وربحية، نظرًا للموقع الجغرافي والعمالة وتوافر الكهرباء وطفرة البنية الأساسية بالسنوات الأخيرة، وهذا ما سمح لنا بتصدير نحو 50% من الإنتاج، وما شهدته الطرق والبنية التحتية من تطور قضى على المشكلات التي تواجهنا في تلك الزاوية.
وأشار إلى أن المشكلة الأساسية تتمثل في الضرائب ونحن لا نتحدث عن مشكلة دفعها على الإطلاق وإنما أن يكون هناك بعض الضرائب التي تعوق الاستثمار فهنا تكمن المشكلة، مثل مساهمة التأمين الصحي والتي يتم فرضها بنسبة 2.5 في الألف ، وفي صناعات مثل الحديد والنحاس والأسمنت فإن الرقم يكون ضخمًا وربحية العمل به ضعيفة جدًّا وتصل إلى 1% أو 1.5%، وعند فرض الضريبة عليها فإنها تمثل 50% من الربحية ككل قبل التوزيعات، وهي صناعات صعبة.
وتابع أن الضريبة المركبة في التوزيعات تمثل تحديًا كبيرًا، وهناك بلاد نعمل بها ليس بها ازدواج ضريبي، ولكن في مصر فإننا نواجه ازدواج الضريبة في الشركة الواحدة، ومن الممكن أن تصل الضريبة إلى 47% على مستوى الشركة الواحدة.
وتدخل مرة أخرى مدير الجلسة، بقوله إن هناك مشكلات تواجه الاستثمار بشكل عام أولها تعدد الجهات الرقابية وفساد في المحليات، وسعر الطاقة والأراضي والعمالة غير المدربة وعدم استقرار السياسة الضريبية، ومزاحمة الدول للمستثمرين في بعض القطاعات، وهو ما يستوجب وجود شباك موحد ومفوضية تتبع رئاسة الجمهورية لمواجهة هذه التحديات.
وتوجه توفيق بحديثه إلى أسامة بشاي الرئيس التنفيذي لشركة أوراسكوم كونستراكشون، قائلًا إن الدولة ركزت على المقاولات والبنية التحتية وهو ما أفاد كثيرًا الشركات العاملة في هذا القطاع، ومن هنا نريد أن نعرف وجهة نظركم حول ذلك وهل ستكون موجودًا أكثر في تلك المشروعات؟
المشكلة ليست في الفرص وإنما بطء وتيرة تكرار الفرص
وقال بشاي إن الدولة مستمرة في مشروعات البنية التحتية وتمويلها ونحن كأي شركة أخرى نستفيد من ذلك، ونحن في أوراسكوم لا نعمل في المقاولات فقط وإنما نستثمر في البنية التحتية، ومع وجود 100% من المشروعات يتم تمويلها من الدولة فإننا كشركة وغيرنا من الشركات المثيلة لن يكون لدينا فرصة أن تستثمر في ذلك، ونحن لدينا أول محطة مياه بنظام P.P.P منذ عام 2010، وهو المشروع الوحيد، ونحن نستثمر في الطاقة المتجددة وخاصة مشروعات مزارع الرياح، ونريد تكرار ذلك الأمر واستمراريته.
وأشار إلى أن المشكلة ليست في الفرص وإنما في تكرار تلك الفرص، لأنه من غير المعقول هو وجود شركات تستثمر في البنية التحتية وقطاعات أخرى ولا تنظر إلى مشروع إلا كل 5 سنوات أو 10 سنوات، موضحًا أن تلك النوعية من الشركات سواء محلية أو أجنبية تريد أن تنظر إلى مشروع جديد كل 3 أشهر، لأنه سيكون لديها الفريق الذي يمتلك القدرات الخاصة بتنفيذ مثل هذه المشروعات.
التغير المفاجئ في القوانين أكبر المخاطر ضد الاستثمار
وأشار إلى أن هناك حديثًا مستمرًّا عن الاستثمار في المياه وتحليتها ومعالجتها في ظل وجود خبرات بالسوق المصرية، كما أن التمويل متاح ولو أتيحت تلك الفرص أمام القطاع الخاص فإن ذلك سيحدث طفرة استثمارية، مع رغبة شركات من الخارج في الدخول إلى ذلك القطاع، وهو ما سيساعد في نقل التكنولوجيا.
وأشار إلى أن تكاليف الخدمات في مصر مرتفعة جدًّا سواء الأراضي أو الترفيق وأيضًا الكهرباء، موضحًا أن إحدى الشركات التابعة لأوراسكوم تعمل في السوق الأمريكي، ووجدنا من خلال ذلك أن أسعار الأراضي المرفقة في أمريكا على سبيل المثال أقل من الأراضي غير المرفقة في مصر.
وأكد أنه لا بد أن نعمل على أساس أن مصر ليست الدولة الوحيدة في العالم وإنما هناك وجهات استثمارية أخرى في أمريكا وأوروبا وإفريقيا والخليج، والجميع يبحث عن الفرص التي تناسبه في كلفة الدول، من خلال وجود رؤية لمدة 10 سنوات والتكلفة تكون معروفة والخدمات متوفرة، موضحًا أن مصر تمتاز بأن العائد بها جيد جدًّا، كما أن مصر دولة شابة يمكنها رفع كفاءة المقبلين على سوق العمل بها.
وما نطلبه في شركتنا أن يكون هناك رؤية واضحة لفترة مقبلة، ولا يمكننا أن ننتظر قطاعات بعينها يمكن طرح فرص بها، ونحن لا نتحدث على قطاع المقالات فقط وإنما هناك مشروعات نعمل بها كان من الممكن أن يتم طرحها على القطاع الخاص للاستثمار بها، مع وجود تعادل في المخاطر بحيث لا تطلب الدولة أن يكون المستثمر مسؤولًا عن مخاطر الاستثمار كافة إنما تحصل هي على جزء منها، حتى يمكننا جذب المستثمرين.
وقال إن المستثمرين الأجانب وصناديق الاستثمار عندما يضخون أموالًا في أذون الخزانة، فإنهم على يقين بأن ذلك هو استثمار آمن دون مخاطر وخاصة مع وجود عائد بنحو 6 أو 8% فإن ذلك يؤثر على استثمار هؤلاء المستثمرين أو الصناديق في أسهم الشركات، موضحًا أن هناك عدة آليات لجذب أموال مباشرة للشركات يجب التركيز عليها.