شاركت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية بالمؤتمر السنوي 27 لمنتدى البحوث الاقتصادية، والمنعقد بشكل افتراضي، حيث شاركت السعيد بالجلسة المنعقدة تحت عنوان: “نظام اقتصادي عالمي في حالة اضطراب: ما هو الحال فيما يخص منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
ووفق بيان الوزارة شارك في الجلسة، الدكتور إبراهيم البدوي مدير المنتدي ووزير مالية السودان السابق، والدكتور محمود محيي الدين المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي ومبعوث الأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، بروفيسور سمير مقدسي وزير الاقتصاد اللبناني الأسبق، والدكتور منير تابت نائب الأمين التنفيذي للإسكوا، والدكتور كاميار مُحدث أستاذ الاقتصاد بجامعة كامبرديج.
وتناقش النسخة الحالية من المؤتمر أهداف التنمية المستدامة ومدى تأثرها بالصدمات الخارجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في ضوء الحاجة: متغيرات مرحلة ما قبل وما بعد كوفيد ١٩.
وخلال مشاركتها قالت الدكتورة هالة السعيد إن العالم يشهد حاليًا أزمة غير مسبوقة مع انتشار جائحة كورونا وما لها من آثار صحية واقتصادية واجتماعية واسعة المدي، موضحة أن تلك الآثار تتجلي نتائجها على تحقيق خطة الأهداف الأممية للتنمية المستدامة لعام 2030.
ولفتت السعيد إلي ما اتخذته مصر من سياسات قبل انتشار أزمة كوفيد 19 والتي ساهمت في تعزيز قدرة الاقتصاد المصري على التخفيف من الآثار السلبية للوباء، وكانت أبرز تلك السياسات المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، الذي أطلقته الحكومة في عام 2016، والذي يتسق مع “رؤية مصر 2030”.
وأوضحت أن التنفيذ الناجح لبرنامج الإصلاح ساهم في تحسين جميع المؤشرات الاقتصادية التي ظهرت في الزيادة الملحوظة في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي والذي وصل إلى 5.6٪ حيث كان علي وشك الوصول إلي نسبة 6٪ في النصف الأول من العام المالي عام 2019/2020، قبل الجائحة وتراجع معدل البطالة من 13.3٪ إلى 7.2٪.
وأضافت السعيد أن برامج الحماية الاجتماعية الحالية ساهمت في الحد من تأثير الأزمة على الفئات الأكثر فقرًا، مشيرة إلي برنامج “تكافل وكرامة” ومبادرة “حياة كريمة” التي تستهدف القرى الأكثر احتياجًا، وتحسين مستويات المعيشة لأكثر من 50 مليون مواطن بما يعادل نصف السكان.
كما أشارت السعيد إلى الاستراتيجية الاستباقية التي اعتمدتها الحكومة المصرية في وقت مبكر للغاية، لتتخذ جميع التدابير اللازمة للتخفيف من الآثار السلبية لتفشي الوباء على الشرائح الأكثر فقرًا من السكان.
ولفتت إلى أن تلك الاستراتيجية ركزت على الحاجة إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على صحة الناس والنشاط الاقتصادي في الوقت ذاته، وهما بطبيعتهما هدفان صعبان، لا سيما إعطاء الأولوية للصحة العامة وحماية الأعمال والوظائف في وقت واحد.
وأشارت السعيد إلى تكثيف الحكومة المصرية لجهودها وإطلاق بشكل استباقي حزمة مالية شاملة بقيمة 100 مليار جنيه بما يعادل 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمواجهة الأزمة، ومعالجة المحاور الرئيسية المتمثلة في الاقتصاد الحقيقي بتخفيف العبء عن القطاعات الاقتصادية الأكثر تضررًا كالصحة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقطاعات الصناعة والسياحة، من خلال تعزيز الأنشطة الاقتصادية وزيادة الطلب المحلي.
كما لفتت إلي محور الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر ضعفًا كالنساء والشباب والعمالة غير المنتظمة، من خلال إطلاق سلسلة من المبادرات الرئاسية لدعم تلك الفئات، متابعه أن الحكومة ركزت كذلك علي ترتيب كلتا الأولويتين من خلال توجيه المزيد من الاستثمارات العامة إلى القطاعات المهمة والمرنة والقادرة على الصمود، بما يتماشى مع احتياجات ما بعد الجائحة.
وأكدت أنه تحقيقًا لذلك الهدف، تركز خطة الحكومة للعام المالي الحالي 2020/2021 على زيادة الاستثمارات العامة في رأس المال البشري مع زيادة الاستثمارات في قطاعي البنية التحتية والتحول الرقمي لتسهيل ميكنة الخدمات الحكومية.
وأشارت وزيرة التخطيط كذلك إلي إطلاق مبادرة “حياة كريمة” لمساعدة القرى الأكثر احتياجًا في ظل الفقر المتزايد، موضحة أن المبادرة مُنحت من قبل الأمم المتحدة كأحد أفضل الممارسات الدولية لأهداف التنمية المستدامة.
ولفتت السعيد إلي توطين الصناعة المحلية للمنتجات الرئيسية كالأدوية والسلع الغذائية، من خلال التوسع في بناء المناطق الصناعية، ودعم تطوير سلاسل التوريد، فضلًا عن توطين أهداف التنمية المستدامة على مستوى المحافظات لمعالجة الفجوات التنموية والاستفادة من المزايا النسبية لكل محافظة.
وأكدت على حرص وزارة التخطيط على تطوير مؤشر التنافسية الإقليمية، بما يتسق والهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة، متابعة أن الخطة تركز كذلك علي مواءمة الاستثمارات العامة مع مبادئ الاقتصاد الأخضر.
وأوضحت السعيد أن الحكومة المصرية تلتزم بمتابعة المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح بإطلاق “البرنامج الوطني للإصلاح الهيكلي” ، والذي يركز على زيادة القدرة الإنتاجية والتنافسية للاقتصاد ويهدف إلى تحقيق نمو شامل متوازن ومستدام.
وتابعت أن البرنامج يتسق كذلك مع رؤية مصر 2030 التي تمت إعادة النظر فيها وتحديثها لضمان مواءمة أفضل للأهداف الوطنية مع أهداف التنمية المستدامة والأجندة الإفريقية 2063، وكذلك لضمان تكامل الركائز الثلاث للاستدامة بالإضافة إلى تمكين الدولة من التكيف مع المتغيرات مثل تفشي وباء كورونا.
وأضافت السعيد أن نتائج تلك الاصلاحات انعكست لتصبح مصر إحدي الدول القليلة في العالم القادرة على تحقيق النمو في عام 2020 ليصل إلي 3.6٪، متابعه أنه وعلى الرغم من التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا فإن توقعات صندوق النقد الدولي للنمو الاقتصادي في مصر تبلغ 2.5٪ بنهاية عام 2021 ومن المتوقع أن ترتفع إلى 5.7٪ في عام 2022.
وأكدت وزيرة التخطيط أن مصر على استعداد لمشاركة أفضل ممارساتها في التخفيف من آثار جائحة كورونا، وبناء القدرات في تخطيط ومتابعة وتقييم أهداف التنمية المستدامة.
وفيما يتعلق بما سيبدو العالم عليه فيما بعد جائحة كورونا ودور منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أشارت الدكتورة هالة السعيد إلى ضرورة تعزيز قدرة أنظمة الرعاية الصحية على تقديم خدمات صحية متكاملة، من الوقاية والرعاية الأولية، مع إعطاء الأولوية للرعاية الطبية العاجلة المنقذة للحياة لضحايا جائحة كورونا، إلى جانب أهمية زيادة الاستثمارات وتحويل الموارد نحو المجالات الحاسمة للتنمية المستدامة، بما في ذلك التغطية الصحية الشاملة، وبرامج الحماية الاجتماعية، والمعاشات، والحصول على تعليم ميسور التكلفة، فضلًا عن ضرورة دعم آليات التمويل المبتكرة، موضحة أن مصر هي أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تطلق سندات خضراء.
ولفتت إلى قيام الحكومة المصرية بإنشاء صندوق مصر السيادي لتحقيق شراكات أكثر فاعلية وذات قيمة مضافة مع القطاع الخاص ، والتعاون مع شركاء محليين ودوليين لخلق فرص عمل للشباب في مصر، والمساهمة في التنمية المستدامة والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة.
كما أكدت السعيد علي ضرورة دعم آليات تخفيف أعباء الديون، مثل مقايضة أسهم الديون لتمويل الاستثمارات المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة ، وإنشاء صندوق تضامن عالمي أو إقليمي لدعم الدول المتأثرة بشدة بالوباء، مع العمل علي معالجة عدم المساواة في النوع الاجتماعي والصحة والتعليم وغيرها من المجالات لتعزيز التنمية الشاملة والمستدامة طويلة الأجل باستخدام أهداف التنمية المستدامة كإطار للتعافي.
وأكدت على أهمية مراجعة الاستراتيجيات الوطنية للشباب لضمان مزيد من الإدماج والمشاركة، وتعزيز رؤية جديدة للتعليم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وضمان إعادة دمج الشباب في نظام التعليم وسوق العمل، مع تعزيز الاستثمارات العامة في ثلاثة مجالات استراتيجية تتمثل في القطاعات الاقتصادية التي تحقق قيمة مضافة للاقتصاد، والاقتصاد الأخضر، ورأس المال البشري والبنية التحتية الشاملة، ذلك إلي جانب ضرورة تجديد الالتزام بأهداف التنمية المستدامة.
واختتمت وزيرة التخطيط موضحة أن إعادة البناء بشكل أفضل وتعزيز مرونة المجتمع بأسره في مواجهة الصدمات المستقبلية يتطلب نهجًا يدعم ويوسع من المشاركة، من خلال الالتزام الحقيقي والتضامن بين مختلف أصحاب المصلحة عبر الحكومات والمؤسسات المالية الدولية والشركات والمجتمع المدني مما يمكن العالم من الخروج من مرحلة الوباء بشكل أقوى.