فهد حسين _ في عرض مفصل تناولت ندوة نظمها بنك الإسكندرية، بالتعاون مع مركز SRM للبحوث الاقتصادية التابع لمجموعة أنتيسا سان باولو الإيطالية، الدور المحوري لقناة السويس في منطقة البحر الأبيض المتوسط وتعزيز الاقتصاد البحري العالمي والفرص الاستثمارية بالمنطقة الاقتصادية بالقناة.
شارك في الندوة التي تم تنظيمها افتراضيًّا عبر منصة زووم، جيامباولو كانتيني سفير إيطاليا في القاهرة، والفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، والمهندس يحيى زكي رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، واللواء رضا إسماعيل رئيس قطاع النقل البحري في وزارة النقل، والدكتور زياد بهاء الدين رئيس مجلس إدارة بنك الإسكندرية، ودانتي كامبيوني الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب بالبنك، وماسيمو دياندريس مدير عام مركز SRM للأبحاث الاقتصادية، وأليساندرو بانارو رئيس القسم البحري بالمركز، وسامر حليم رئيس مكتب البحوث ببنك الإسكندرية، وزينو داجوستينو نائب رئيس منظمة الموانئ الأوروبية ESPO .
40 % من تجارة إيطاليا تمر من قناة السويس قيمتها 82 مليار يورو
وكشف جيامباولو كانتيني، سفير إيطاليا في القاهرة، عن مرور نحو 40% من حجم التجارة الإيطالية عبر المجرى الملاحي لقناة السويس، لافتًا إلى أن نحو 30.6 مليار طن من البضائع الإيطالية تصل قيمتها إلى 82 مليار يورو تعبر من قناة السويس والتي تلعب دورًا محوريًّا في التجارة العالمية، وتعد أساسًا للبنية التحتية للنقل البحري عالميًّا وليس لمصر فقط.
اتفاق حكومي بين مصر وإيطاليا في يوليو لتعزيز التعاون بمجالات النقل البحري
وأشار كانتيني، إلى تعطل سلاسل التوريد العالمية وما تبعه من العديد من المشكلات الاقتصادية التي خلفتها أزمة جنوح السفينة البنمية إيفرجيفن في المجرى الملاحي في مارس الماضي، ما اعتبره تأكيدًا على أهمية القناة في تعزيز حركة التجارة العالمية.
وتطرق السفير الإيطالي، إلى مبادرة بنك الاسكندرية بإعداد دراسة حول قناة السويس والفرص التي تقدمها للتجارة العالمية، منوهًا بأنها ليست الوحيدة التي تناولت هذا الموضوع الهام، وأن هناك دراسات عدة تم إجراؤها من قبل اليابان وأستراليا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما يؤكد أهمية المجرى الملاحي لقناة السويس وموقعه الاستراتيجي لخدمة التجارة العالمية.
إيطاليا تستثمر 630 مليون يورو في موانيها لتعزيز مركزها في تجمع بلدان البحر المتوسط
وذكر أن بلاده تعمل على تحديث البنية التحتية لقطاع النقل البحري، مشيرًا إلى رصد الحكومة الإيطالية في هذا الصدد 630 مليون يورو بهدف تقوية مكانة إيطاليا في تجمع بلدان البحر المتوسط، والذي عده حجر أساس لكل من العمليات الملاحية الجديدة، بما يسهم في تطوير وتحسين الاقتصاد الإيطالي.
ونوه إلى مجالات التعاون مع الجانب المصري لا سيما في قطاع النقل البحري، مشيرًا إلى تعاون السفارة عام 2018 مع وزارة النقل المصرية في إطلاق عدد من ورش العمل لتحسين منظومة النقل البحري.
وأفصح السفير الإيطالي، عن قرب توقيع اتفاق حكومي بين مصر وإيطاليا فيما يخص الدور الذي يمكن أن تلعبه البلدان في النقل البحري لتحقيق الربط البحري بين أوروبا ومصر.
وأضاف أن هناك مبادرة أخرى سيتم توقيعها في يوليو المقبل، لتطوير العلاقات في مجال النقل البحري، وأفاد أن بلاده ترى إمكانات كبيرة في السوق المصرية لا سيما في قطاع الطاقة وفي المستقبل القريب ستشهد مصر استثمارات جديدة في قطاع النفط والطاقة المتجددة.
فيما أكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن مصر مساهم رئيسي في حركة التجارة بين دول إقليم البحر الأبيض المتوسط، ويتجلى دور قناة السويس شريان الرابط بين الشرق والغرب، في منتدى غاز شرق المتوسط الذي تم تدشينه مؤخرًا، الكيان الذي يهدف إلى إنشاء سوق إقليمية لإنتاج وتسويق الغاز والذي تستضيفه مصر وتساهم فيه إلى جانب العديد من دول حوض البحر المتوسط.
نمتلك الحلقة الأقوى والأكثر استقرارًا في سلاسل الإمداد والتموين العالمية
وتابع ربيع: في هذا المجال كانت قناة السويس إحدى أدوات الدولة المصرية الفاعلة في خدمة الملاحة والتجارة بين آسيا وأوروبا والممر الملاحي الذي تعبره ناقلات النفط والغاز بين مراكز الإنتاج ومناطق التوزيع، كما أنها الحلقة الأقوى والأكثر استقرارًا في سلاسل الإمداد العالمية الأمر الذي مكنها دائمًا من لعب دور مهم اقتصاديًّا وتجاريًّا على المستوى العالمي والمتوسطي بصفة خاصة.
وقلل رئيس هيئة قناة السويس من أثر جائحة كورونا على إيرادات القناة، موضحًا: إن الأثر السلبي للجائحة كان عند حده الأدنى لدى قناة السويس بفضل الاستراتيجية المتكاملة التي أعدتها إدارة القناة لمواجهة تداعيات الأزمة الوبائية.
استراتيجية من 4 محاور عبرت بقناة السويس من جائحة كورونا بأقل الأضرار
وأفاد بارتكاز استراتيجية مواجهة كورونا على أربعة محاور: أولها فتح خطوط اتصال مباشر على مدار الساعة مع الخطوط والتوكيلات الملاحية كافة، والثاني إطلاق حملة التسويق الأخضر لقناة السويس باعتبارها أقصر الوصلات الملاحية بين الشرق والغرب بما يسهم في تقليل استهلاك السفن للوقود ويحد من الانبعاثات الكربونية الضارة، والمحور الثالث تمثل في تبني سياسة تسويقية مرنة وإعلان حزم تخفيضات مختلفة لمختلف أنواع السفن، والرابع الدخول إلى أسواق جديدة وبعيدة جغرافيًّا لجذب سفن كانت لا تعبر القناة، والعمل على جذب سفن الحاويات وناقلات الغاز القادمة من الساحل الشرقي الأمريكي باتجاه آسيا.
أضاف ربيع، أن تلك الاستراتيجية كان لها بالغ الأثر في تقليل الآثار السلبية لجائحة كورونا حيث تشير الأرقام الختامية لعام 2020 إلى عبور 18.830 ألف سفينة بإجمالي إيرادات 5.6 مليارات دولار.
خطة لتوسعة وتعميق القطاع الجنوبي بجهود ذاتية لاختصار زمن العبور وتسهيل حركة الملاحة
ونوه بأنه خلال شهر أبريل الماضي سجلت القناة عبور 1814 سفينة بزيادة 4.8% على أساس سنوي، حيث بلغ معدل عبور السفن في أبريل 2020 نحو 1731 سفينة، كما زادت الإيرادت بنحو 15.8% لتصل 551.5 مليون دولار، من 476.2 مليون دولار لنفس الشهر من 2020.
وعن أزمة جنوح إيفرجيفن بعرض المجرى الملاحي ما عطل الحركة وكان له بالغ الأثر على سلاسل التوريد العالمية، قال رئيس هيئة قناة السويس، إن تلك الأزمة من أكبر أزمات الملاحة عالميًّا على مر التاريخ، لا سيما أن تعويم سفينة بهذا الحجم من ممر ملاحي ضيق في تلك المنطقة يستغرق عدة أسابيع على أقل تقدير وقد يصل إلى عدة أشهر.
وأشار إلى أن استعدادات الهيئة الفنية والبشرية عبر تجهيز عدة سيناريوهات للتعامل مع الأزمة مكنتها من النجاح في تعويم السفينة في وقت قياسي خلال 6 أيام فقط، ما جنب التجارة العالمية وقطاع النقل البحري بأكمله آثارًا بالغة الخطورة.
وأضاف أن الهيئة تمكنت من تسيير السفن المنتظرة على مداخل القناة على إثر أزمة إيفرجيفن، وعددها نحو 422 سفينة خلال أقل من 4 أيام بمعدل 100 سفينة يوميًّا.
وقال رئيس هيئة قناة السويس، إن الهيئة أطلقت مشروعًا متكاملًا لتوسعة وتعميق القطاع الجنوبي بمدخل قناة السويس بطول 30 كم، بالإضافة إلى تنفيذ ازدواج بطول 10 كيلومترات بمنطقة البحيرات المرة الصغرى، بدعم من القيادة السياسية، وبالاعتماد على الإمكانات الذاتية للقناة، بما يساهم في تسهيل حركة الملاحة واختصار زمن العبور وزيادة عدد السفن العابرة يوميًّا.
ولفت إلى أن المشروع سيتم تنفيذه بالإمكانيات الذاتية للهيئة من كراكات عملاقة ووحدات بحرية مساعدة ولوجيستيات، كما تشارك في تنفيذ المشروع شركة التحدي المتخصصة في مجال التكريك البحري (شركة مساهمة مصرية مملوكة بنسبة 51% لشركة القناة لأعمال الموانئ والمشروعات الكبرى -إحدى شركات هيئة قناة السويس- و49% لشركة الجرافات البحرية الإماراتية).
وفي سياق آخر، وجهت دينا عبد الفتاح مدير الندوة، سؤالًا إلى الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس حول كيفية تجنب حادث مثيل لجنوح السفينة البنمية إيفرجيفن.
ورد ربيع قائلًا: العام الماضي عبرت 18300 سفينة وعندما يكون هناك حادث واحد بين تلك السفن فهو معدل لا يذكر، ورغم ذلك تعمل الهيئة على تطوير آليات الإنقاذ عبر تزويد الهيئة باستمرار بكراكات وأوناش وروافع وسفن دعم الإنقاذ، والعمل على تطوير محطات المراقبة بطول القناة بعدد 16 محطة لدعم حركة السفن وتصحيح مساراتها وتوجيهها حال عبور المناطق الضيقة، ودعم الكوادر الفنية في الهيئة، والعمل على محاكاة المرشدين لجميع الحوادث التي تحدث عالميًّا للتدريب على حلها حال حدوثها في القناة، فضلًا عن أعمال التوسعة الجديدة التي تتم حاليًا في القطاع الجنوبي.
وبدأ عرض ومناقشة التقرير الثالث لقناة السويس والذي أعده مركز البحوث SRM بالتعاون مع إدارة بحوث بنك الإسكندرية، وأوضح ماسيمو دياندريس، مدير عام مركز SRM التابع لمجموعة أنتيسا سان باولو، أنه بالنظر إلى البدائل المختلفة لقناة السويس فلا يوجد أي بديل حقيقي حاليًا، مشيرًا إلى أن طريق الحرير الصيني لديه الإمكانية لمنافسة القناة مستقبلًا الأمر الذي يتطلب الانتباه والعمل على الحفاظ على تنافسية القناة وأهميتها لدول حوض المتوسط.
لا يوجد بديل حقيقي لقناة السويس حاليًا.. والمجرى سيعتلي المنافسة لفترة طويلة
وأضاف أن طريق الحرير الصيني أطول من مسار عبور السفن لقناة السويس كما أن به حدودًا دولية، على العكس من قناة السويس التي ستستمر في المنافسة كأقصر ممر ملاحي في العالم لفترة طويلة جدًّا، كما ستظل دائمًا أكبر تجمع استراتيجي للملاحة عالميًّا والربط بين الشرق الأقصى وأوروبا وأمريكا وإفريقيا.
طريق الحرير الصيني أبرز المنافسين ولكنه أطول وتعوقه الحدود الدولية والقصور الموسمي
ونبه إلى الحاجة العالمية للسيطرة على كل عمليات النقل، إلا أن تطورات السوق تضيف عوامل أخرى، فبعض المناطق الإقليمية مندمجة أكثر وعلى سبيل المثال هناك الولايات المتحدة التي تعتبر سوقًا للنفط، وفي آسيا توجد شراكات اقتصادية جديدة، وأوروبا أيضًا أصبحت سوقًا مهمة والقارة الإفريقية أصبح لها أهمية كبيرة في حركة التجارة العالمية.
ويعتقد مدير عام مركز SRM للأبحاث الاقتصادية، أن هذه المناطق الإقليمية ستصبح أكثر اندماجًا داخليًّا ولكنها ستصبح أكثر تنافسية فيما بينها، كما أن قناة السويس وسط ثلاث مناطق إقليمية هي آسيا وأوروبا وإفريقيا وسيكون لها أهمية متزايدة خلال الفترة المقبلة.
وذكر أن منطقة البحر المتوسط شهدت كثافة كبيرة لسفن الحاويات القادمة من كل القارات خلال الفترة من 2012 وحتى 2020 بدلًا من دول الحوض فقط، وأن شمال البحر المتوسط تحسن فيما يخص الأداء الملاحي.
أضاف مدير عام مركز SRM للأبحاث الاقتصادية، أن المركز طور معلومات مهمة خلال الأعوام الماضية حول تأثير قناة السويس على المنطقة كلها ودول حوض البحر المتوسط بشكل خاص، لا سيما أن 72% من الحاويات تمر من خلال البحر المتوسط الذي يطل عليه 18 ميناء ويعبره أكثر من مليار طن من البضائع والتي تمر من خلال قناة السويس.
وأشار إلى التنافسية الشديدة بين الموانئ الأوروبية، ولكن الموانئ في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا والموانئ الإفريقية حسنت من أدائها بشكل متواصل على مدار 15 عامًا الماضية، مقللة الفجوة مع البلدان الأوروبية ما يعد مؤشرًا مهمًّا لفاعلية الموانئ وجودة الخدمات اللوجيستية المقدمة هناك.
وأضاف: إذا نظرنا إلى بعض الموانئ الأساسية في فالنسيا بإسبانيا وطنجة في المغرب وبورسعيد في مصر، وبالتركيز على آخر 10 أعوام سنجد تحسنًا كبيرًا في مستوى الأداء استند في الأساس إلى التنافسية الشديدة بين تلك الموانئ، وزيادة حركة العبور في قناة السويس في الأساس.
وأكد على الأهمية الاستراتيجية والسياسية لقناة السويس ليس على مستوى دول البحر المتوسط فقط ولكن التجارة العالمية ككل، لا سيما أن منطقة البحر المتوسط تربط أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتابع أن تجمع بلدان حوض البحر المتوسط استنادًا إلى المصالح المشتركة يوفر ناتجًا محليًّا يصل إلى 16 تريليون دولار والذي يعد أكبر ناتج محلي في العالم، إذا ما نظر إلى حجم بلدان المنطقة المطلة على المتوسط كشبه بحيرة بالنسبة للبلدان المطلة على المحيط.
وقال مدير عام مركز SRM للأبحاث الاقتصادية، إن دول حوض المتوسط سيكون لديها إمكانية عبور مضيق جبل طارق والوصول إلى الولايات المتحدة، ما يتطلب من تلك الدول أن تأخذ بعين الاعتبار أن هناك 800 مليار دولار من الممكن استغلالها في هذا الصدد، معولين على قناة السويس في لعب دور محوري في ذلك.
وشرح مدير عام SRM، عددًا من الظواهر المؤثرة في حركة الشحن العالمية، أولها سيطرة شركات شحن قليلة كونت تحالفات عملاقة فيما بينها على السوق، والثانية زيادة سعة السفن التي كانت تحمل 10 آلاف حاوية قبل 15 عامًا وأصبحت الآن تحمل أكثر من 22 ألف حاوية.
ولفت إلى أن 30% من الطلبات الجديدة على شحن الحاويات تتجه صوب السفن العملاقة مثل كوسكو الصينية التي تسعى للتوسع في عمليات الاستيراد واللوجيستيات والنقل البري بجانب حصتها الكبيرة من سوق الشحن البحري.
القناة تعاملت بمرونة شديدة مع تداعيات الجائحة عبر سياسة الرسوم والحوافز والتخفيضات
فيما قال أليساندرو بانارو، رئيس القسم البحري بمركز SRM، إن قناة السويس تعاملت بمرونة شديدة مع تداعيات جائحة كورونا عبر سياسات الرسوم المرنة والحوافز الكبيرة.
وأضاف بانارو، في عرض قدمه حول الاتجاهات الخاصة بالملاحة في قناة السويس بعد توسيعها وأهمية المجرى للموانئ الإيطالية، أن حركة العبور من قناة السويس تخطت المليون حاوية في عام 2020 لتحقق دخلًا إجماليًّا بقيمة 5.6 مليارات دولار في هذا الوقت العصيب.
ولفت إلى أن أكثر من 20% من السفن القادمة إلى القناة كانت من مناطق تستخدم المجرى لأول مرة بفضل التعريفات المخفضة المرنة للعبور التي قدمتها إدارة القناة، لتمثل إيرادات تلك السفن نحو 17% من الدخل المحقق خلال عام 2020.
وأضاف أن نحو 16% من الدخل العام لقناة السويس خلال عام 2020 جاء من 4 آلاف سفينة تتبع أسواقًا جديدة من الولايات المتحدة وأستراليا وأمريكا الجنوبية، والتي لم تكن تستهدف العبور من قناة السويس قبل ذلك.
ولاحظ بانارو في دراسة SRM، أن الملاحة تأتي من البحر المتوسط وغرب أوروبا وتتجه نحو الشرق وأن هناك تغيرًا في حركة الملاحة خلال الأعوام الـ 10 الماضية، والعديد من الأمور التي تظهر أهمية قناة السويس كمنطقة ملاحية استراتيجية لكل البلدان المجاورة.
وأشار إلى الاستثمارات التي تتخطى 30 مليار دولار على الحدود الجنوبية من قبل روسيا والصين، فضلًا عن معدلات حركة تداول الحاويات في هولندا التي وصلت إلى 25 مليون حاوية والسعودية تقريبًا وصلت 13 مليون حاوية سنويًّا، فضلًا عن أهمية مراقبة قطاع الطاقة في ظل التكنولوجيا الجديدة وستكون مستقبل الملاحة والنقل.
وقال بانارو، إن أزمة جنوح السفينة إيفرجيفن بعرض قناة السويس، أخرت وصول البضائع إلى وجهاتها ما أثر على الطلب على الشحن عالميًّا، لتصل خسائر إغلاق قناة السويس إلى نحو 10 مليارات دولار على التجارة العالمية، الأمر الذي أبرز أهمية مجرى قناة السويس الملاحي للعالم أجمع.
وأضاف أن حادث الجنوح أوقف أكثر من 400 سفينة في الموانئ بسبب إغلاق المجرى الملاحي للقناة، ما سبب مشكلات كبيرة لمالكي السفن، مهنئًا هيئة قناة السويس ومصر على أدائها خلال تلك الأزمة، واصفًا ما تم بأنه عمل رائع فضلًا عن المساعدات الكبيرة التي قدمتها مصر للسفن في تلك الأزمة.
وأشار إلى تأثير جائحة كورونا على سلاسل الإمداد والتموين، والتي أخرت وصول الشحنات بنحو 7 أيام خلال 2020 مقارنة بأربعة أيام في عام 2018.
وقال بانارو، إن التجارة الثنائية لإيطاليا ترتبط بعشرة بلدان، خمسة منها تمر عبر قناة السويس التي تنقل نحو 40% من حجم تجارة إيطاليا سنويًّا، وأن نحو 18% من واردات إيطاليا يأتي من الشرق الأقصى والشرق الأوسط مرورًا بقناة السويس.
وأفصح عن آثار جائحة كورونا السلبية على الموانئ الإيطالية والتي انخفض معدل أدائها بنحو 10%، الأمر الذي عده معدلًا مقبولًا في ظل توقعات بانخفاض حركة التداول في الموانئ بنحو 25%.
5 أسباب تدعم تنافسية اقتصادية قناة السويس لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة
من جانبه عرض سامر حليم، رئيس مكتب البحوث ببنك الإسكندرية، الأسباب التي تشجع على الاستثمار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التي تم تأسيسها على مستوى عالمي بجانب توسيع المجرى الملاحي لتكون المنطقة على مساحة 461 كيلومترًا.
وأضاف حليم، أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تتكون من منطقتين تضم 4 موانئ ومنطقة صناعية وتتضمن مناطق مطورة في شتى المجالات الصناعية والتكنولوجية.
وأوضح حليم، أن هناك عدة أسباب للاستثمار في تلك المنطقة أولها الموقع الجغرافي بين آسيا وأوروبا والثاني أنها تعطي المستثمرين فرصة الوصول إلى أسواق كبيرة جدًّا بفضل اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة من مصر ودول العالم إلى نحو 1.8 مليار مستهلك في آسيا وأوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط و100 مليون مستهلك في مصر.
وأشاد حليم، بسهولة وسرعة الإجراءات المتبعة في المنطقة لخدمة المستثمرين، فضلًا عن الإعفاءات الضريبية لبعض الصناعات المستهدفة، وأخيرًا العمالة المدربة والماهرة في مصر بكل التخصصات.
ولفت رئيس مكتب البحوث ببنك الإسكندرية، إلى أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تضم 14 مطورًا صناعيًّا، كما وصل حجم الاستثمارات فيها إلى 17 مليار دولار، فضلًا عما تتمتع به من مشروعات بنية تحتية ومحطات طاقة وتحلية مياه كبيرة والعديد من مشاريع الكهرباء والغاز الطبيعي والمساعي الدؤوبة لتطوير كفاءة الموانئ.
أضاف حليم أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لديها مشروعا كبيرا بالتعاون مع الصندوق السيادي المصري لدعم المنطقة، في إطار استهداف الحكومة المصرية استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار لتوطين صناعات السكك الحديدية، فضلًا عن اتفاق آخر بقيمة 7.5 مليار دولار كاستثمارات بتروكيماوية في مصر لتقليل الفجوة في السوق المحلية.
وقال حليم، إن هذه المشروعات يمكن أن تساعد مصر في التحول إلى منطقة اقتصادية عالمية ويبرز أهمية المنطقة الاقتصادية لقناة السويس عالميًّا.
قناة السويس ستكون محركًا للاقتصاد المصري بمرور الوقت
وانتقل الحديث إلى الدكتور زياد بهاء الدين، رئيس مجلس إدارة بنك الإسكندرية، قائلًا إن الاقتصاد المصري كان واحدًا بين اقتصادات قليلة تمكنت من تحقيق نمو إيجابي خلال جائحة كورونا، لافتًا إلى تعاون بنك الإسكندرية مع الأطراف كافة لتقديم أفضل الفرص الاستثمارية في ملف قناة السويس والاستثمار في المنطقة الاقتصادية بهدف دعم الاقتصاد الوطني، مؤكدًا على قناعته بأن قناة السويس ستكون المحرك للاقتصاد المصري بمرور الوقت.
البنك يتعاون مع جميع الأطراف لتقديم فرص الاستثمار بالمنطقة الاقتصادية
وأشار بهاء الدين، إلى أن قناة السويس ستكون أحد أكبر المؤثرات الإيجابية في الاقتصاد المصري مستقبلًا، لما لها من دور كبير في حركة التجارة العالمية والربط بين قارات العالم عبر أقصر الممرات الملاحية، بما يعزز سلاسل الإمداد والتموين العالمية.
القناة حصلت على مكانتها المستحقة كأهم ممر ملاحي في العالم بعد أزمة إيفرجيفن
ولفت بهاء الدين، إلى حصول قناة السويس على الاهتمام الذي تستحقه عالميًّا، من خلال كفاءتها في التعامل مع حادث جنوح السفينة البنمية والخروج من عام 2020 بنتائج إيجابية وسط تداعيات جائحة كورونا، كما تمتلك من العوامل ما يؤهلها للنجاح وقيادة حركة التجارة على مستوى العالم.
فيما قال دانتي كامبيوني الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك الإسكندرية، إنه يرى إمكانات قوية لقناة السويس والمنطقة الاقتصادية وقدراتهم على جذب الاستثمار والتحول إلى بوابة حقيقية لإفريقيا.
إفريقيا واعدة بالفرص ومصر بوابة دخول الشركات الأوروبية لاغتنامها
وأضاف كامبيوني، ردًّا على سؤال لجريدة «حابي» حول الدور الذي يمكن للبنك أن يلعبه في تمويل المستثمرين العاملين في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أو المساعدة في استقطابهم، مؤكدًا أنه قبل أزمة كوفيد -19 شارك بنكه في فعالية إطلاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، استنادًا إلى اعتقاده بأهمية تلك المنطقة وإمكاناتها الكبيرة لتصبح بوابة إفريقيا للعالم، الأمر الذي يعول عليه البنك في خططه بشكل كبير من خلال تواجده في مصر.
وأشار كامبيوني، إلى بحث أعده بنك الإسكندرية خاص بالمستهلكين في إفريقيا، والذي وصفه بأنه غاية في الأهمية حيث أظهر إمكانية لعب مصر دورًا محوريًّا في تعزيز التجارة في إفريقيا الواعدة بالفرص، والتي من الممكن اغتنامها عبر دخول الشركات الأوروبية من البوابة المصرية.
بنك الإسكندرية منفتح على الترويج لفرص الاستثمار في مشروعات «اقتصادية» قناة السويس وتمويلها
أضاف كامبيوني، أن إطار العمل في المنطقة الاقتصادية يتسم بكثير من المرونة لا سيما أن الإجراءات كافة تتم من خلال إدارة المنطقة فقط باستثناء الاتفاقيات التي تتطلب موافقة البرلمان.
وأكد الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك الإسكندرية، انفتاح البنك تمامًا على ترويج تلك الفرص الواعدة التي يراها في المنطقة على عملائه من المستثمرين المحليين والأجانب أيضًا.
وقال المهندس يحيى زكي، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، إن الهيئة بدأت بالفعل في تنفيذ بعض المشروعات المتعلقة بتصنيع إطارات السيارات وعربات ومكونات قطارات السكك الحديدية في شرق بورسعيد، وكذلك مشروع آخر للبتروكيماويات في العين السخنة.
استراتيجيتنا تستهدف جذب استثمارات في 14 قطاعًا.. منها 11 صناعيًّا
وأضاف أن المشروعات التي تم ذكرها تأتي ضمن استراتيجية الهيئة الممتدة حتى عام 2025 والتي تركز على جذب استثمارات في 14 قطاعًا.
وأفاد رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بأن القطاعات المستهدف جذبها إلى المنطقة تتضمن 11 قطاعًا صناعيًّا تتمثل في الخدمات البحرية وتموين السفن، صب المعادن، مواد البناء والصناعات الهندسية، مراكز البيانات، اللوجيستيات، التصنيع الزراعي، اللوحات الشمسية، عربات السكك الحديدية، المنسوجات، المنتجات الدوائية، المادة الفعالة للمنتجات الدوائية، إطارات السيارات، المواد الكيماوية، وقطع غيار السيارات (البطاريات الكهربائية).
المنطقة الاقتصادية بات لديها خبرة متميزة في إبراز مقوماتها ومزاياها بعد جائحة كورونا
ولفت زكي، إلى مواصلة الهيئة العمل على تحسين البنية التحتية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ليتم تطوير 5 كيلومترات في شرق بورسعيد، بهدف توفير جميع الخدمات والمرافق التي يحتاج إليها المستثمرون.
وبالنسبة للجوانب القانونية والإجرائية، أشار رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، إلى عمل الهيئة أيضًا على تحسين الحوافز المقدمة للمستثمرين في المنطقة بهدف زيادة حجم الاستثمارات.
ونوه زكي، بما تتيحه الحوافز المقدمة من الهيئة للمستثمر والتي تمكنه الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين مصر والعديد من البلدان، وإذا تم استغلالها ستمنح المستثمرين المزيد من الأفضلية للوصول إلى الأسواق الخارجية.
المنطقة تضم 14 مطورًا صناعيًّا باستثمارات 17 مليار دولار
وأكد جاهزية الاستيراد بالمنطقة التي تم العمل على تحسينها مؤخرًا عبر اعتماد مجلس الوزراء الأربعاء الماضي، القواعد الخاصة بالاستيراد والتصدير من وإلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، كما وافق أيضًا على نظم الرقابة الصحية والبيئية والفنية المتعلقة بالاستيراد والتصدير، وذلك بعد التوافق عليها مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وأفاد المهندس يحيى زكي، في رده على سؤال لجريدة «حابي» حول كيفية استفادة المنطقة من اعتماد قواعد الاستيراد والتصدير في استقطاب مستثمرين جدد أو توسيع الاستثمارات القائمة، بأن المنطقة الاقتصادية خلال جائحة كورونا والاستعداد لمرحلة ما بعد الجائحة أصبح لديها خبرة متميزة جدًّا في إبراز مقوماتها والمزايا التي توفرها للمستثمرين.
وأشار زكي، إلى قدرة موانئ المنطقة الاقتصادية لا سيما شرق بورسعيد على تحقيق معدلات تداول إيجابية رغم تأثيرات الجائحة على حركة التجارة والملاحة عالميًّا.
وأضاف أن الهيئة عكفت مؤخرًا على استقطاب المصنعين في عدة مجالات لتوطين صناعاتهم في المنطقة مشيرًا إلى الاتفاقية الخاصة بتصنيع إطارات السيارات واتفاقية تصنيع عربات قطارات السكك الحديدية والاستثمارات في صناعة البتروكيماويات التي وقعت مؤخرًا.
وأكد اللواء رضا إسماعيل، رئيس قطاع النقل البحري بوزارة النقل، أن قناة السويس هي حجر الأساس في حركة الملاحة البحرية، مشيرًا إلى عمل هيئة القناة بالتعاون مع وزارة النقل على تسخير كل إمكاناتها لتسهيل حركة التجارة وتقديم التسهيلات بجميع الموانئ.
القناة حجر الأساس في حركة الملاحة البحرية ومصدر النمو للموانئ ومجالات النقل المصرية
وأضاف إسماعيل، أن قطاع النقل البحري يعمل على مدار الأسبوع لخدمة التجارة عبر تسهيل حركة التداول في الموانئ المصرية كافة، ومن المهم للقطاع أن يركز على قناة السويس ودعم حركة الملاحة فيها لما توفره من عوامل النمو لكل الموانئ ومجالات النقل والاقتصاد المصري.
استبعد زينو داجوستينو نائب رئيس منظمة الموانئ الأوروبية ESPO، تأثير الممرات الملاحية والطرق البديلة لقناة السويس على تنافسية المجرى الملاحي المصري الذي سيظل الممر الأقصر والأكثر سهولة لحركة التجارة العالمية.
وقال داجوستينو، إن هناك العديد من العوامل المهمة التي يتم النظر إليها الآن، في ظل مسيرة التعافي الاقتصادي من تداعيات جائحة كورونا التي ستستمر لفترة طويلة للأسف، بما يدعو إلى اتخاذ الإجراءات الملائمة للتعاطي مع المستجدات باستمرار.
وأضاف داجوستينو، أن حادث جنوح إيفرجيفن أظهر مدى اعتماد سلاسل التوريد والإمداد العالمية على الممر الملاحي لقناة السويس، وهذا يعني أن هناك عملًا محليًّا مكثفًا في قطاع النقل البحري واللوجيستيات.
تأثير الممرات البديلة مستبعدً حاليا.. وقناة السويس ستظل الممر الأقصر والأكثر سهولة لحركة التجارة العالمية
وأشار إلى معاناة العديد من الموانئ الأوروبية والعالمية من ضغوط القائمين على سلاسل التوريد والإمداد، متوقعًا أن يشهد العام القادم مزيدًا من العمل على حل المشكلات لإعادة هيكلة سلاسل التوريد، الأمر الذي يدعم دور المناطق الاقتصادية مثل اقتصادية قناة السويس لما لها من مميزات جغرافية هامة وارتباطها بأهم الممرات الملاحية في العالم.
وقال نائب رئيس منظمة الموانئ الأوروبية، إن تغير المناخ يخلق العديد من المشكلات في قطاع النقل البحري، لا سيما أن هناك أنهارًا في أوروبا تتعرض لانخفاض منسوب المياه خلال فصل الصيف ما يحجم الحمولة المنقولة عبرها.
وأضاف أن هذا الأمر قد يكون تهديدًا، ولكن لفهم أهمية قناة السويس ستبرز أكثر بالنسبة لإيطاليا وأوروبا في تسهيل حركة التجارة مع الشرق والغرب.
وتابع داجوستينو: بالنظر إلى قناة بنما سنجد اعتمادًا كبيرًا من منظمات النقل الدولية عليها رغم قدرتها المحدودة، لا سيما أنها تستوعب سفنًا بحمولات لا تتعدى 12 ألف حاوية مكافئة فقط على العكس من قناة السويس التي تتسع لعبور أكبر السفن في العالم بحمولات تتخطى 22 ألف حاوية.