قدمت د. هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية ممثلة عن جمهورية مصر العربية التقرير الطوعي الوطني الثالث وذلك بالمنتدى السياسي رفيع المستوى للأمم المتحدة المعني بالتنمية المستدامة والمنعقد بنيويورك هذا العام بشكل افتراضي عبر الفيديو كونفرانس.
جاء المنتدى بحضور د.أحمد كمالي نائب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، و إيلينا بانوفا الممثل المقيم للأمم المتحدة بمصر، إيرين جاكوب اقتصادي بمكتب الممثل المقيم، السفير حازم خيرت مدير مكتب التعاون الدولي بالوزارة، د.منى عصام رئيس وحدة التنمية المستدامة بالوزارة، د.ريهام رزق مدير وحدة النمذجة بالوزارة.
وأكدت وزيرة التخطيط، أن التقرير الوطني الطوعي الثالث لمصر جاء في إطار استراتيجيتها الشاملة للتنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، والتي تم إطلاقها في عام 2016 من خلال نهج تشاركي، بأبعادها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
وأضافت السعيد أنه منذ عام 2018، شرعت مصر في تحديث رؤيتها، نظرًا للحاجة إلى مواجهة عدد من التحديات والتي تتضمن ندرة المياه، والزيادة السكانية، وكذلك التطورات الجغرافية والسياسية العالمية والإقليمية، واستيعاب تداعيات فيروس كورونا.
وأشارت أن عملية التحديث تمت في إطار تشاركي مع شركاء التنمية كافة وبما يتسق مع أجندة أفريقيا 2063 وأهداف التنمية المستدامة الأممية.
وأكدت السعيد تركيز مصر على توطين أهداف التنمية المستدامة على مستوى المحافظات لمعالجة الفجوات التنموية وذلك من خلال التدخلات القائمة على الأدلة.
ونوهت إلى إصدار خطة المواطن لأول مرة في مصر والمنطقة والتي تتناول تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في كل محافظة من محافظات مصر وتحديد احتياجاتها والفجوات التنموية لها، فضلًا عن وضع مؤشر التنافسية على مستوى المحافظات.
كما أشارت إلى تطوير المعادلة التمويلية لتوزيع الاستثمارات على مستوى المحافظات، كذلك إلى التدخلات على أرض الواقع من خلال المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” مع التركيز بشكل خاص على القرى الأكثر فقرًا وذلك بمشاركة العديد من شركاء التنمية.
وأكدت السعيد أن التقرير الطوعي هو تقرير وطني وليس تقرير حكومي، وهذا هو المبدأ التوجيهي الذي تم الارتكاز عليه خلال عملية إعداد هذا التقرير، متابعه أن الحكومة المصرية عقدت سلسلة من ورش العمل الافتراضية مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني وشركاء التنمية لإعداد التقرير.
وأوضحت أن التقرير الطوعي الوطني الثالث لمصر يغطي جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، ويتضمن التحديات والفجوات بجانب الإنجازات وعوامل النجاح.
كما استعرضت السعيد عددًا من الأهداف الرئيسة للتقرير، حيث تطرقت السعيد بالحديث حول الهدف الأول المتعلق بالقضاء على الفقر، موضحة أن مصر شهدت مؤخرًا ولأول مرة منذ 1999 انخفاضًا في معدلات الفقر، حيث انخفضت إلى 29.7٪ في 2019/2020، مقارنة بـ 32.5٪ في 2017/2018، مما يعكس نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي وما رافقه من نجاح سياسات وبرامج الحماية الاجتماعية.
وأشارت السعيد إلى جهود الحكومة فيما يخص زيادة الاستثمار العام في رأس المال البشري وضمان توفير الخدمات الأساسية، توسيع وتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية ومنها برنامج تكافل وكرامة، وإطلاق مبادرة “حياة كريمة” التي تهدف إلى رفع مستوى المعيشة لنحو 57 مليون مصري بما يعادل أكثر من نصف السكان.
وحول الهدف الثالث والمتعلق بالصحة الجيدة، أكدت السعيد التزام مصر بضمان الصحة الجيدة والرفاهية لجميع مواطنيها وتطوير مرونة قطاع الرعاية الصحية لديها ضد أزمات الصحة العامة.
ولفتت إلى جهود الحكومة في مجال الرعاية الصحية والتي تضمنت إطلاق “مبادرة 100 مليون صحة” في عام 2018 للقضاء على التهاب الكبد الوبائي والكشف عن الأمراض غير المعدية، ليتضح نجاح المبادرة في انخفاض بنسبة 98٪ في حالات التهاب الكبد الوبائي، موضحة الدور المحوري للمجتمع المدني في دعم تحسين الصحة والرفاهية في مصر من خلال العديد من المبادرات الوقائية والعلاجية التي امتدت قبل جائحة كوفيد -19 وخلاله.
وحول الهدف الثامن والمتعلق بالعمل والنمو أوضحت السعيد تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2018/2019، وبلغ ذروته عند 5.6٪، بعد أن سجل أدنى مستوى له على الإطلاق عند 1.8٪ في عام 2011، إضافة إلى انخفاض معدل البطالة حتى أثناء الجائحة مسجلا 7.2٪ في الربع الرابع من عام 2020، على الرغم من ارتفاعه إلى 9.6٪ في المراحل الأولى من الوباء.
كما أشارت إلى جهود الحكومة في هذا الصدد مؤكدة تركيز الحكومة على الشمول المالي كأولوية، وذلك من خلال دعم الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، موضحة استفادة الحكومة المصرية من الشراكات الفعالة مع القطاع الخاص، خاصة من خلال الصندوق السيادي الذي تم إنشاؤه مؤخرًا.
وتطرقت السعيد إلى الهدف الثالث عشر والمرتبط بالعمل المناخي حيث أوضحت إحراز مصر مزيدًا من التقدم في التخفيف من آثار تغير المناخ من خلال تعزيز السياسات والأطر المؤسسية على مدى السنوات القليلة الماضية.
وأشارت إلى إطلاق “دليل معايير الاستدامة البيئية” بهدف الوصول إلى زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى 50٪ بحلول عام 2024/2025.
وتابعت السعيد الحديث حول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بهذا الشأن بإطلاق أول سندات مصرية خضراء بقيمة 750 مليون دولار، وإعداد “الاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي” التي سيتم إطلاقها أواخر عام 2021، وكذلك “الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين”.
كما أشارت السعيد إلى الهدف السادس عشر والمتعلق بالسلام والعدل والمؤسسات القوية موضحة أن مصر حققت في عام 2019 مستويات عليا في العديد من مؤشرات الحوكمة.
وأوضحت أن الحكومة بذلت العديد من الجهود بهذا الشأن تضمنت تقديم تقرير الآلية الأفريقية لمراجعة النظراء لمصر، وإنشاء المعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة والأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، والتي تهدف إلى بناء القدرات في مجالات الحوكمة الرشيدة والاستدامة.
وتناولت الحديث حول التحديات التي تعيق تنفيذ أهداف التنمية المستدامة موضحة أن تلك التحديات تضمنت الفجوة الرقمية، بين الذكور والإناث، والتي سيتم معالجتها من خلال إعطاء الأولوية لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من قِبل الحكومة كجزء من المرحلة الثانية من الإصلاحات الهيكلية، فضلًا عن زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة، وهو ما يمثل تحدي كبير يثقل كاهل العديد من أهداف التنمية المستدامة.
ونوهت أنه لمواجهة هذا التحدي، فلابد من مراعاة المحددات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الكامنة بالقرارات التي تخص المرأة.
وتابعت السعيد الحديث حول التحديات مشيرة إلى التحديات البيئية، مؤكدة أهمية المشروعات الخضراء والتعافي الأخضر.
وشددت السعيد في ختام كلمتها على التزام مصر بالاستمرار في اتخاذ خطوات واسعة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، موضحة أن هناك محفزان مهمان يمكنهما تسريع الوتيرة يتمثلان في نشر الرقمنة، وتوسيع الشراكات.
وأكدت أنه لا يمكن لأي حكومة أن تمضي قدمًا بمفردها، حيث يعد هذا التزام مشترك لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مشاركة جميع شركاء التنمية، متابعه أن التقدم التدريجي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة هو الذي يبني الزخم الذي يزيد الاحتياج له لتحقيق مستقبل أكثر ازدهارًا لشعب مصر.