عاكف المغربي: المنافسة بين البنوك تنحصر قريبا في الخدمات الرقمية
جاذبية القطاع في تزايد مستمر بدعم من برنامج الإصلاح ومعدلات الربحية العالية
أمنية إبراهيم _ يعد عام 2021، عامًا استثنائيًّا لبنك مصر، ثاني أكبر بنك حكومي بالبلاد، حيث تعد الفترة من يوليو 2020 وحتى ديسمبر المقبل، فترة انتقالية يتحول فيها لإصدار القوائم المالية بنهاية ديسمبر من كل عام بدلًا من يونيو.
ويواجه القطاع المصرفي كغيره من القطاعات الاقتصادية ظروفًا غير عادية وتحديات عدة، نتيجة لاستمرار تداعيات جائحة كورونا التي تلقي بظلالها على مختلف الأصعدة، إلا أن ذلك لم يمنع بنك مصر من تحقيق أهداف خطته واستراتيجيته لهذا العام الاستئناثي، وفقًا لما أكد عاكف المغربي، نائب رئيس مجلس الإدارة، في حوار مع “حابي”، مشيرًا إلى أن مصرفه نجح في تحقيق معظم أهداف النصف الأول من 2021، ويتوقع استمرار نمو حجم الأعمال ومحافظ الائتمان كما هو مخطط له في النصف الثاني.
ويرى المغربي، أن المنافسة بين البنوك في مصر ستنحصر قريبًا جدًّا في التوسع في تقديم الخدمات المصرفية الرقمية، وأن التحدي الأكبر أمام القطاع يتمثل في مدى القدرة على تغيير ثقافة الأفراد في التعامل مع المنظومة المصرفية وإزالة حواجز الخوف والرهبة من التعامل مع البنوك.
ويراهن البنك الحكومي في اسراتيجيته على تنمية محافظ التمويل المختلفة التقليدية والإسلامية، وخاصة قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر كما يركز على التوسع في تقديم المنتجات والخدمات المتطورة للشركات لاستهداف جذب شرائح جديدة منها.
2021 عام استثنائي لبنك مصر للتحول لإصدار القوائم المالية بنهاية ديسمبر بدلًا من يونيو
وقال عاكف المغربي، إن الفترة من يوليو 2020 وحتى نهاية 2021، تعتبر فترة انتقالية لبنك مصر، للتحول لإصدار القوائم المالية بنهاية ديسمبر من كل عام، ولأول مرة بدلًا من يونيو، مثلما كان في الفترات السابقة.
وأشار المغربي، إلى أن المؤشرات المالية الأولية لأداء أعمال بنك مصر أظهرت تحقيق معدلات نمو في جميع قطاعات الأعمال، وذلك على الرغم من استمرار تداعيات جائحة كورونا والتحديات الراهنة وانعكاساتها على الجهاز المصرفي ككل، لافتًا إلى أن البنك نجح في تحقيق معدلات نمو ملحوظة في جميع مجالات العمل المصرفي، وأظهرت المؤشرات المالية العديد من النتائج الهامة، أبرزها ارتفاع إجمالي الأصول -المركز المالي- بنحو 114 مليار جنيه، ليصل لنحو 1.3 تريليون جنيه مقارنة بنحو 1.2 تريليون جنيه في نهاية يونيو 2020.
وأكد نائب رئيس بنك مصر، أن نتائج أداء النصف الأول تطابقت مع توقعات وأهداف البنك، حيث استطاع تحقيق المطلوب وفقًا للاستراتيجية المعتمدة في ظل تداعيات جائحة كورونا، وتم تحقيق معظم الأهداف المخطط لها بعد اتخاذ الإدارة التدابير اللازمة لإدارة أصول البنك لقيامه بدوره في دعم الاقتصاد الوطني.
وأوضح نائب رئيس بنك مصر، أن جائحة كورونا واستمرار تداعياتها حتى الآن تعتبر التحدي الأكبر الذي يلقي بظلاله على جميع النواحي اقتصاديًّا واجتماعيًّا وصحيًّا، إلا أن البنك استطاع التعامل مع جميع التحديات وحقق نموًّا ملحوظًا على كل الأصعدة، مؤكدًا أن بنك مصر من أكبر البنوك الوطنية الرائدة في تمويل جميع المشروعات بمختلف القطاعات، ويحرص على تلبية الاحتياجات والمتطلبات التمويلية المختلفة لكل شرائح المجتمع، بما يحقق النمو والربحية المطلوبين والمستهدفين.
الإصلاحات مكنت مصر من الوقوف في موضع قوة في مواجهة الآثار السلبية لجائحة كورونا
فيما لفت نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، إلى أن الإصلاحات الاقتصادية القوية والجريئة التي نفذتها الحكومة منذ عام 2016، وكذا الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي تمكنت مصر من تكوينه خلال هذه السنوات والتي شهدت تطبيق العديد من الإجراءات المالية والنقدية المهمة، مكنت مصر من الوقوف في موضع قوة في مواجهة الآثار السلبية لجائحة كورونا، وما خلفته من تباطؤ الاقتصادين الدولي والإقليمي.
واستطرد المغربي: ساهم برنامج الإصلاح الاقتصادي في تعزيز صلابة الاقتصاد القومي في مواجهة الآثار السلبية للجائحة، بجانب ما قامت به الحكومة من إطلاق مجموعة من الإجراءات التي من شأنها تعزيز بيئة الأعمال، واعتماد نموذج للنمو بقيادة القطاع الخاص من أجل زيادة الوظائف وإيجاد فرص العمل. مضيفًا: لعل أهم هذه الإجراءات تخفيض ضرائب البورصة وأسعار الطاقة للمصانع، وتأجيل سداد الضرائب العقارية للمصانع والمنشآت السياحية، وصرف المساندات التصديرية.
وأشار نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، إلى مبادرة دعم القطاعات الاقتصادية التي أطلقتها الحكومة لمواجهة تداعيات الجائحة ورد حزمة تصل إلى 100 مليار جنيه، والتي جاءت بالتوازي مع اتخاذ البنك المركزي المصري مجموعة قرارات داعمة منها تأجيل سداد الأقساط والمستحقات الائتمانية لمدة ستة أشهر، وكذا تخفيض معدلات الفائدة على التسهيلات الائتمانية لكثير من القطاعات لتصل إلى 8% عبر المبادرات التمويلية، فضلًا عن تخفيض سعر العائد على الودائع والإقراض بواقع 400 نقطة أساس في إطار تطبيق سياسة التيسير النقدي خلال عام الأزمة 2020.
وقال المغربي، إن هذه الإجراءات أسهمت في خفض معدل البطالة إلى 7.2% خلال الربع الأخير من عام 2020، وانعكست كذلك في التراجع الملحوظ لمعدلات الفقر من 32.5% عام 2017/2018 إلى 29.7%.
وحول نقاط القوة التي يراهن عليها بنك مصر في النصف الثاني من العام، قال المغربي، إن التواجد القوي والاسم العريق لبنك مصر، أحد أبرز نقاط قوة البنك بالسوق المصرفية المصرية والتي تعزز من قدراته وإمكاناته لاقتناص فرص النمو.
وأوضح المغربي، أن البنك يستند إلى عدة مراكز قوة للحفاظ على مكانته وريادته بالسوق المحلية، منها الاستحواذ على حصة سوقية مؤثرة من ودائع ومدخرات القطاع المصرفي بمصر تقارب 20 %، وكذا الاستحواذ على نسبة كبيرة من ودائع سوق العملة المحلية، وأيضًا معدلات النمو المرتفعة التي يحققها البنك بصفة مستمرة في كل من: محفظة التسهيلات الائتمانية والودائع، بالإضافة إلى توافر قاعدة رأسمالية مستقرة، وانتشار جغرافي واسع على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.
خطة الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام 2021/2022 تخلق فرصًا واعدة للنمو
وقال المغربي، إن استراتيجية بنك مصر تراهن على عدة محاور على مستوى الاقتصاد القومي أهمها خطة الدولة الطموح للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2021/2022 وما تنطوي عليه من أهداف تنموية قوية منها تحقيق معدلات نمو اقتصادية تصل إلى 5.4%، واستثمارات كلية تصل إلى 1.3 تريليون جنيه.
وعن التحديات التي يتحسب بنك مصر من مواجهتها خلال النصف الثاني من 2021، قال المغربي، إنه على صعيد القطاع المصرفي فإن التطور التكنولوجي قد غيّر من مفهوم المخاطر التي تواجه المؤسسات المصرفية على المستويين العالمي والمحلي، حيث تُعد مخاطر العمليات من أهم التحديات التي تواجه القطاع المصرفي محليًّا وعالميًّا.
تغيير ثقافة الأفراد تجاه التعامل مع البنوك التحدي الأكبر أمام القطاع المصرفي المصري
وأضاف المغربي، أن التحدي الأكبر أمام القطاع المصرفي المصري يتجسد في القدرة على تغيير ثقافة الأفراد تجاه التعامل مع البنوك سواء من الناحية الشرعية، أو من ناحية إزالة الخوف والتردد من التعامل من البنوك لمحدودية الدخول المادية لشريحة واسعة من الأفراد.
سرعة مواكبة المتغيرات المصرفية الدولية ضرورة في ظل التحول إلى العملات الرقمية
وأكد نائب رئيس بنك مصر، ثاني أكبر البنوك الحكومية بالبلاد، أن السرعة المطلوبة من القطاع المصرفي المصري، لمواكبة المتغيرات المصرفية الدولية تعتبر من أبرز التحديات التي تواجهها الصناعة المصرفية محليًّا، في ظل التحول بداية من عام 2021 إلى العملات الرقمية التي تعتبرها العديد من الدول أنها البديل الآمن للنقود الورقية، لافتًا إلى أنه بالفعل بدأت تشهد بيئة العملات المشفرة نشاطًا مكثفًا في الفترات الأخيرة بعد الأزمة التي خلفتها جائحة فيروس كورونا.
فيما أوضح المغربي، أنه على مستوى التحديات التي يتحسب منها البنك وكذا المؤسسات المالية كافة فيما يخص الاقتصاد المصري ككل، فيتصدرها المخاطر الجيوسياسية، والتقلبات الاقتصادية العالمية والتي تؤثر بدورها على الاقتصاد القومي.
زيادة عوامل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر والحفاظ على قيمة العملة والسيطرة على الدين.. تحديات يواجهها الاقتصاد بجانب المخاطر الجيوسياسية
واستطرد المغربي، أن الاقتصاد المصري يواجه عددًا من التحديات الهامة تتمثل في زيادة عوامل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، إلى جانب الحفاظ على قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، والسيطرة على الدين المحلي والديون الخارجية في الحدود الآمنة.
ولفت إلى أن هناك أيضًا مخاطر متعلقة بالسفر إلى مصر نتيجة الإجراءات الاحترازية التي تتخذها بعض الدول، مما قد يؤثر بدوره على قطاع السياحة والذي يعد مصدرًا هامًّا من مصادر الدخل القومي للبلاد بالعملة الأجنبية.
وأكد المغربي، أن استراتيجية عمل بنك مصر تستهدف بشكل رئيسي تعظيم الإيرادات والربحية، كما تهدف إلى التوسع في جميع الأنشطة وبمختلف محاور عمل المؤسسات المالية، مشيرًا إلى أن البنك يهدف إلى مزيد من التواجد سواء داخليًّا أو إقليميًّا أو عالميًّا، وذلك عن طريق نشر الفروع والوحدات المصرفية بمختلف أنواعها وآلات الصرف الآلي، وكذلك التطبيقات الإلكترونية والتكنولوجية المختلفة.
نركز على التوسع في تقديم المنتجات والخدمات المتطورة للشركات لاجتذاب شرائح جديدة
وقال المغربي، إن بنك مصر يركز كصرح اقتصادي عريق على تنمية العنصر البشري، بجانب اجتذاب القوى العاملة الماهرة لتدعيم كوادر البنك، مع استمرار خطط الاهتمام بالعاملين الحاليين وتدريبهم وتطويرهم مما يساعد على رفع كفاءة الموارد البشرية التي تمثل الثروة الأساسية للبنك.
وأضاف المغربي، أن خطة البنك تستهدف الحفاظ على استمرارية واستدامة النمو والتوسع في منح الائتمان بنوعيه التقليدي والإسلامي، إلى جانب الاستمرار في تنشيط وتشجيع عملاء قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتمويل متناهي الصغر على زيادة اعتمادهم على المنظومة المصرفية.
وتابع نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر: نركز أيضًا على التوسع في جميع منتجات وخدمات التجزئة المصرفية والشركات المطورة واجتذاب شرائح جديدة من العملاء، بما يساهم في تعظيم الإيرادات والربحية، دون إغفال الدور الريادي للبنك كأحد البنوك الوطنية في دعم الاقتصاد القومي واستهداف القطاعات التي تركز عليها خطط الدولة لتحقيق التنمية الشاملة.
وحول وضع وأسلحة المنافسة في القطاع المصرفي، لفت المغربي، إلى أن السوق تضم نحو 38 بنكًا، وأن جاذبية القطاع أصبحت في تزايد مستمر بعد تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي ومعدلات الربحية العالية المحققة بالبنوك، إضافة إلى الجهود المكثفة لتعزيز الشمول المالي، وكذا الجهود المبذولة لدمج القطاع غير الرسمي مع القطاع الرسمي بالدولة، وخاصة أنه يمثل نحو 53% من حجم المنشآت الاقتصادية بمصر.
التنافس بين البنوك سيتجه نحو الأنشطة التكميلية ذات العوائد المستقرة
وتابع نائب رئيس بنك مصر، أن التوسع في استخدام التكنولوجيا المصرفية داخل القطاع لتقديم الحلول المصرفية المبتكرة، بجانب وجود قانون جديد يستهدف تحقيق عدد من الأهداف منها مسايرة أفضل الممارسات والأعراف الدولية والنظم القانونية للسلطات الرقابية المناظرة على مستوى العالم بما يكفل المحافظة على الاستقرار النقدي والمصرفي وتفادي حدوث الأزمات المالية.
أضاف أنه يهدف أيضا إلى رفع مستوى أداء الجهاز المصرفي وتحديثه وتطويره ودعم قدراته التنافسية بما يؤهله للمنافسة العالمية وتحقيق تطلعات الدولة نحو التنمية والتقدم الاقتصادي، مؤكدًا أن كل ما سبق ذكره من شأنه تعزيز فرص النمو بالقطاع المصرفي المصري وتعزيز تنافسيته ليصبح أكثر جذبًا لدخول منافسين جدد، فضلًا عن تبوء مراكز متقدمة على المستوى الإقليمي.
ويرى المغربي، أن المنافسة بقطاع البنوك في الفترة الراهنة وفي القريب العاجل ستنحصر في التوسع في تقديم الخدمات المصرفية الرقمية، ويستتبع ذلك التوسع في البنية التكنولوجية للبنوك، وكذلك التوسع في سياسة استبدال الفروع التقليدية بنظيرتها الإلكترونية.
وقال: نرى أن التنافس بين البنوك في الفترة المقبلة سيتجه نحو الأنشطة التكميلية التي تحقق عوائد مستقرة، ويتضح ذلك من خلال توسع البنوك للاستثمار والتوسع في أنشطة الخدمات المالية غير المصرفية لما لها من تحقيق عوائد مستقرة من جانب، وتحقيق هدف الشمول المالي من جانب آخر.
المراجعات الدورية لكل ما يتعلق بالقطاع الخاص نابع من إيمان الدولة بأهميته كشريك رئيسي في التنمية
وبسؤاله عن الإجراءات الداعمة للقطاع الخاص التي يترقبها مجتمع الأعمال من الحكومة، قال المغربي: القطاع الخاص حاليًا يشهد أزهى عصوره، في ضوء الاهتمام المتزايد وجهود الدولة لمساندته والتي برزت في المبادرات التي يطلقها البنك المركزي لمساندة مختلف القطاعات والاقتصاد القومي، وبرامج دعم الصادرات، وبرامج إحلال الواردات، علاوة على المراجعات المستمرة لأسعار الطاقة للمصانع، والتيسيرات الجمركية والضريبية وتخفيض أسعار الفائدة على التسهيلات الائتمانية، وكل هذه عوامل دعم للقطاع الخاص.
وأضاف: تجري مراجعات دورية حكومية لكل ما يتعلق بدعم القطاع الخاص، لإيمان الدولة بأهميته كشريك رئيسي في التنمية الاقتصادية.