شركات الأسمنت تترقب مكاسب قرار خفض الإنتاج

بأكثر من 10% من طاقة المصانع

aiBANK

إسلام فضل _ عانت شركات الأسمنت العاملة في السوق المصرية خلال السنوات الماضية من زيادة المعروض عن المطلوب وارتفاع تكاليف الإنتاج، مما تسبب في تكبدها خسائر فادحة.

وبدأت الشركات بتنفيذ قرار جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية منذ 15 يوليو الماضي بتطبيق خفض إنتاج الشركات أساسيًّا بنسبة 10.69%، مع إمكانية السماح بخفض إضافي بنسبة 2.81% من الطاقة الإنتاجية لكل خط إنتاج، واعتماد تخفيضات أخرى للمصانع الأقدم فى السوق بنسبة 0.96% لمدة 12 شهرًا، وذلك بعد طلب 23 شركة من الشركات العاملة في قطاع الأسمنت البورتلاندي الاتفاق على تخفيض الطاقات الإنتاجية من الأسمنت البورتلاندي بكل أنواعه والموجهة للبيع بالسوق المحلية.

E-Bank

اختلفت آراء مسؤولين بشركات أسمنت ومحللين خلال حديثهم مع جريدة «حابي»، حول قرار الجهاز بخفض الطاقة الإنتاجية لمدة 12 شهرًا بأكثر من 10%، الذي يساهم في تناسب الطلب والعرض بالسوق.

وأوضحوا أن شركات الأسمنت تحتاج إلى تخفيض في الطاقة الإنتاجية يصل إلى 30% لتبدأ الشركات من جديد في تحقيق أرباح بدلًا من الخسائر والمعاناة التي استمرت في السوق نحو 5 سنوات.

وذكر الجهاز أنه بعد فحص سوق صناعة الأسمنت البورتلاندي في مصر تبين أن الاتفاق محل القرار تنطبق عليه شروط الاتفاقات الأفقية في الأزمات في ضوء تداعيات أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، والتي يكون الهدف منها تقييد عمليات التصنيع عن طريق الحد من حجم الإنتاج لتفادي أي أزمات بهيكل السوق.

مدحت إسطفانوس: ضخ استثمارات جديدة في صناعة الأسمنت حاليا أمر مستحيل
مدحت إسطفانوس رئيس شعبة صناع الأسمنت في اتحاد الصناعات المصرية

إسطفانوس: نطالب الجهات التنظيمية بوضع قرارات تحافظ على قطاع الأسمنت

قال مدحت إسطفانوس، رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات، والعضو المنتدب لمجموعة تيتان للأسمنت، إن قطاع الأسمنت في السوق المصرية يعاني منذ أكثر من 5 سنوات، نتيجة أن 40% من إنتاج المصانع فائض عن حاجة السوق.

أضاف إسطفانوس، أنه يجب على الجهات التنظيمية وضع قرارات تحافظ على قطاع الأسمنت، مشيرًا إلى أن التكلفة الإنتاجية للأسمنت أصبحت مرتفعة وفقًا للسعر المعروض، ويجب التدخل لحماية القطاع.

وأوضح أن خفض الإنتاج إلى أكثر من 10% قد يساهم في ضبط الأسواق، وتعويض الخسائر التي تتكبدها مصانع الأسمنت في مصر والتآكل الذي يحدث في رأسمالها.

وذكر أن الطاقة الإنتاجية المتاحة لدى شركات الأسمنت العاملة بالسوق المحلية تصل لنحو 83 مليون طن، فيما يصل الاستهلاك إلى قرابة 50 مليون طن سنويًّا، بما يعني وجود فوائض إنتاجية تصل لنحو 33 مليون طن.

وأشار إلى أن المشروعات القومية التي تنفذها الدولة خلال الفترات الحالية تعد المستحوذ الرئيسي على إنتاج الشركات الموجه نحو السوق المحلية.

وارتفعت الطاقة الإنتاجية للأسمنت المصري إلى ما بين 85 و87 مليون طن سنويًّا خلال السنوات الثلاث الماضية، بعد افتتاح مصنع بني سويف، بطاقة 13 مليون طن سنويًّا، فيما استقرت المبيعات لتدور حول 40 مليون طن، أي ما يعادل نصف الإنتاج.

وتعد صناعة الأسمنت في مصر من الصناعات كثيفة العمالة، وهي إحدى المحركات الرئيسية لصناعة التشييد ومواد البناء؛ حيث تسهم صناعة الأسمنت وحدها بنحو 1% من إجمالي الناتج المحلي، ونحو 10% من الإنتاج القومي الإجمالي للصناعة المصرية، بحسب بيانات الشعبة.

فاروق مصطفى عضو شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات ورئيس شركة بني سويف للأسمنت

مصطفى: التأثير لن يظهر حاليًا على مستويات الأسعار السوقية

ومن جانبه قال فاروق مصطفى عضو شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات، ورئيس شركة بني سويف للأسمنت، إن تأثير قرار خفض إنتاج الأسمنت في السوق المصرية على الأسعار لن يظهر حاليًا، مشيرًا إلى أنه يجب الانتظار لمدة شهرين أو أكثر لظهور نتيجة ذلك القرار على السوق.

وأكد أن ذلك القرار سيساهم في ضبط أسعار الأسمنت في السوق، كنتيجة لتقليل المعروض بما يتناسب تقريبًا مع المطلوب، موضحًا أن المشروعات القومية التي تنفذها الدولة المصرية دعمت القطاع بشكل كبير نتيجة سحبها المستمر من الإنتاج.

وأشار إلى أنه يجب التوسع في زيادة التصدير إلى الأسواق الخارجية خلال الفترات المقبلة، موضحًا أن قطاع مواد البناء ومنها الأسمنت يحظى بفرصة قوية لتصريف جزء من الإنتاج إلى الأسواق الخارجية مع الإعلان عن خطط إعادة تعمير ليبيا والعراق، ولكن تظل مشكلة ارتفاع تكلفة الانتاج محليًّا عائقًا أمام الشركات المصرية.

وتوقع أن يساهم القرار في إنقاذ المصانع من عثرتها ومساعدتها على تحقيق ربحية بعد خسائر استمرت لأكثر من خمس سنوات، مضيفًا أن القطاع ظل لفترة طويلة يحظى بتقييمات سلبية في ضوء الخسائر التي لحقت بالشركات، ولكن الآن نرى بادرة إيجابية من الحكومة لانقاذ المصانع من عثرتها.

وعلى صعيد متصل قال رئيس أحد المصانع رافضًا ذكر اسمه، إن سوق الأسمنت يحتاج إلى المزيد من الخفض في الطاقة الإنتاجية وليس 10% فقط، كاشفًا عن أن الشركات تقدمت إلى الحكومة بمقترح خفض الإنتاج بنحو 20%.

وأضاف أنه يجب خفض الإنتاج أكثر من المقترح حاليًا ليتناسب العرض مع الطلب، مشيرًا إلى أن قطاع الأسمنت عانى بشكل كبير خلال الـ 5 سنوات الماضية مما أثر على ربحية الشركات نتيجة تراجع مبياعتها في السوق.

وتراجعت مبيعات الأسمنت السنوية إلى 41.7 مليون طن في 2020 من 43.8 مليون في 2019، وفقًا لأحدث إحصائيات رسمية، فيما بلغت المبيعات 49.5 مليون طن في 2017، وهو العام الأخير قبل تشغيل مصنع بني سويف، بينما تضررت مبيعات العام الماضي من جائحة فيروس كورونا.

وارتفعت صادرات الأسمنت خلال العام الماضى بنسبة 13% عن 2019، لتصل إلى 175 مليون دولار، وفقًا لأحدث تقارير الصادرات عن المجلس التصديري لمواد البناء.

مريم رمضان محلل القطاع الصناعي بشركة إتش سي

مريم رمضان: الخفض 10% يقلل الإنتاج 24 مليون طن سنويًّا

وفي سياق متصل قالت مريم رمضان، محلل القطاع الصناعي بشركة إتش سي، إن تفعيل نظام الكوتا سيؤدي إلى زعزعة الحصص السوقية للشركات ولكنه سيحسن بيئة الأسعار للجميع بشكل كبير. وبموجب الصيغة المقترحة، سيخفض كل صانع أسمنت طاقته الإنتاجية بمقدار أساسي قدره 10.69%، بالإضافة إلى خفض قدره 2.81% لكل خط إنتاج، وخفض آخر مرتبط بعامل عمر الأصول، اعتبارًا من 15 يوليو الماضي.

وترى أن ذلك المقترح يمكن أن يقلل نحو 24 مليون طن سنويًّا (أو 32% تقريبًا) من الطاقة في السوق، ليقلص السعة الفعلية إلى 50 مليون طن سنويًّا، بما يتماشى مع مستويات استهلاك ما قبل كوفيد-19، والذي يتيح لجميع الشركات الاستخدام الكامل لحصصهم المعدلة، في حين أن الحصص المفروضة ستؤدي إلى إعادة توزيع حجم المبيعات، مما يؤدي إلى مبيعات إضافية للبعض ومبيعات أقل للبعض الآخر، إلا أن السعر المرتفع الناتج سيسهم في زيادة الأرباح لجميع الشركات.

وأضافت رمضان: «ديناميكيات سوق التصدير تبقى دون تغيير كبير على الرغم من زيادة حجم فائض الإنتاج: وفقًا لحساباتنا، فإن جميع المنتجين الذين سيحتاجون إلى تخفيض إنتاجهم (وبالتالي يواجهون زيادة أكبر في الكميات المتراكمة) هم بالفعل مصدرون، وبافتراض عدم وجود تغيير كبير في كفاءة التكلفة لديهم (وبالتالي قدرتهم على التصدير) بعد التخفيضات، فهذا يشير إلى زيادة في الكميات التي تحتاج إلى تفريغ في أسواق التصدير، حيث هوامش الربح ضئيلة في الأصل.

واستطردت: «العديد من الاعتبارات المؤثرة لا تزال مبهمة، وتشكل كل منها مخاطر صعود وهبوط: على الجانب السلبي، حددت الحكومة صلاحية للقرار لمدة عام واحد فقط في البداية، ولكننا نفترض التمديد حتى يتم تحقيق التوازن الطبيعي بين العرض والطلب، مع تأرجح محتمل للتخفيضات تماشيًا مع الطلب حتى ذلك الحين، كذلك، بطبيعة الحال، فإن السماح بالواردات سيتعارض مع منطق التدخل الحكومي بشأن الحصص.

كما أنه لم يتم نقاش حظر الاستيراد، في حين أن الاستيراد يمكن أن يصبح مربحًا (وفقًا للأسعار في تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي)، على الجانب الإيجابي، تظل قابلية الطاقات للتجزئة عاملًا فارقًا، حيث من المحتمل أن يختار بعض المنتجين التخلي عن الخط (الخطوط) الأقل كفاءة في حالة ما إذا كانت إمكانية التشغيل المربح لجميع الخطوط لا ترقى إلى الحصص المخصصة.

محمد مجدي محلل لقطاع الصناعة في بلتون

مجدي: الشركات تحتاج إلى خفض الطاقة الإنتاجية بين 20-30%

وفي سياق متصل قال محمد مجدي، محلل لقطاع الصناعة في بلتون، إن القرار إيجابي لكل الشركات رغم أنه سيؤثر على الطاقة الإنتاجية لشركات الأسمنت الكبرى ويخفض إنتاجها.

وأضاف أن ذلك القرار سيسهم في عودة ربحية شركات الأسمنت في السوق المصرية من جديد، وذلك نتيجة خفض المعروض، مشيرًا إلى أن ذلك القرار حل مؤقت، ويجب وضع حل جذري مستمر للشركات يضمن ربحيتها وتواجدها في السوق.

وأكد أن شركات الأسمنت تحتاج إلى خفض يتراوح ما بين الـ 20-30% وذلك لتوازن المعروض وفقًا للمطلوب، مؤكدًا أنه يجب استمرار ذلك القرار للشركات وليس عامًا فقط.

وأِشار إلى أن ذلك لو استمر لمدة عام فقط في السوق المصرية يجب على الشركات عمل اندماجات، أو أن بعض الشركات قد تتخذ قرار الخروج من السوق نتيجة زيادة خسائرها.

وأوضح أن قطاع الأسمنت من السلع القليلة التي كان سعرها أعلى قبل قرار تعويم الجنيه، وانخفض بعد التعويم مع زيادة المعروض، متوقعًا أن ترتفع الأسعار بعد القرار.

وتوقع مجدي أن ذلك سيدعم زيادة أسعار الأسمنت في السوق، وسيساعد القرار السوق على ضبط أموره ليصبح المعروض يكفي الطلب وهو ما يرفع الأسعار لتعود الشركات للربحية.

ويرى أن قرار خفض الإنتاج يحتاج لأن يستمر مدة أطول ليكون داعمًا لصناعة الأسمنت في مصر، مشيرًا إلى أنه يحتاج إلى أن يجدد 4 أو 5 سنوات لاعتقاده بأن الطلب لن يرتفع كثيرًا في الفترة المقبلة ليغطي الطاقة الإنتاجية الحالية.

ريهان حمزة: السوق تحتاج إلى 50 مليون طن أسمنت سنويًّا

ومن جانبها قالت ريهان حمزة محللة قطاع الصناعة لدى شركة العربي الإفريقي الدولي لتداول الأوراق، إن قرار الحكومة بخفض الطاقة الإنتاجية لمصانع الأسمنت بأكثر من 10% يتناسب مع الطلب خلال الفترة الحالية، مشيرة إلى أن السوق المصرية تحتاج نحو 50 مليون طن سنويًّا، وهي الكمية التي سيتم إنتاجها بالفعل بعد الخفض.

وأكدت أن قطاع الأسمنت كان يحتاج إلى ذلك التخفيض منذ فترة كبيرة لحل مشكلة الخسائر لدى الشركات المستمرة منذ أكثر من 4 سنوات، موضحة أن القرار سيساعد الشركات في تحقيق ربحية بدلًا من الخسائر خلال الفترة المقبلة.

وأوضحت أن الحكومة لن تستطيع خفض الطاقة الإنتاجية للشركات أكثر من 10.69%، لأن ذلك سوف يزيد من الأسعار بشكل كبير نتيجة قلة المعروض، وسيفتح باب الاستيراد من الخارج، مشيرة إلى أن الحكومة تنظر أيضًا لتأثير ذلك الخفض على الاقتصاد المصري.

وذكرت أن الشركات يجب أن تتوجه خلال الفترة المقبلة إلى التصدير للخارج خاصة في إعادة إعمار ليبيا والعراق.

وكانت شركة العربية للأسمنت قد أوضحت في بيان صادر للبورصة المصرية، تأثير موافقة جهاز حماية المنافسة على تخفيض الطاقات الإنتاجية للأسمنت بكل أنواعه والموجهة للبيع بالسوق المحلية على أعمالها.

وتوقعت خفض مبيعاتها من الأسمنت بالسوق المحلية بنسبة 26% طبقًا للمعادلة الحسابية المنصوص عليها بالقرار، وتحسن بأرباح الشركة في ضوء ارتفاع أسعار الأسمنت المتوقعة في الفترة المقبلة.

وحققت الشركة خسائر بلغت 23.28 مليون جنيه خلال الأشهر الستة الأولى من 2021، مقابل خسائر بقيمة 5.63 ملايين جنيه في الفترة المقارنة من 2020، مع الأخذ في الاعتبار حقوق الأقلية.

وتراجعت إيرادات مبيعات الشركة خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 964.8 مليون جنيه، مقابل إيرادات بلغت 1.32 مليار جنيه في النصف المقارن من العام الماضي.

وشلمت قائمة الشركات التي تضمنها قرار جهاز حماية المنافسة كلًّا من: شركة أسمنت أسيوط، لافارج للأسمنت، إنترسمنت العامرية للأسمنت، أسمنت بني سويف، الإسكندرية لأسمنت بورتلاند، أسمنت العامرية، العربية للأسمنت، الشركة الوطنية للأسمنت بني سويف، السويس للأسمنت، مصر للأسمنت قنا، شركة بورتلاند المنيا للأسمنت، وأسمنت سيناء، النهضة للصناعات، شركة صناعات مواد البناء، أسمنت المصريين، السويدي للأسمنت، أسمنت وادي النيل، مصر بني سويف للأسمنت، النهضة للأسمنت، أسمنت طرة، أسمنت حلوان، جنوب الوادي للأسمنت، بالإضافة إلى شركة العريش للأسمنت.

وتضم البورصة المصرية نحو 5 شركات مقيدة تعمل بالقطاع متمثلة في شركات «العربية للأسمنت»، و«مصر للأسمنت – قنا» و «مصر بني سويف للأسمنت» و «جنوب الوادي» و«أسمنت سيناء».

الرابط المختصر